ارتفاع الأسعار وسوء الخدمات يفسدان عرس بونة الصيفي
تسمح المقومات الطبيعية التي تزخر بها مدينة عنابة، بأن تكون من أهم الوجهات السياحية  في الجزائر،   لكن و إن تعدد الوصف في جمال "بونة" المعروفة بعروس المتوسط  أو لؤلؤة الشرق، غير أن الاستقطاب السياحي بها لا يزال رهينة   الخدمات المقدمة والمرافق والهياكل الفندقية والترفيهية و كذا فرص وظروف النزهة التي توفرها الولاية،  والتي تبقى  دون مستوى  ما يتوقعه  زوار بونة.
روبورتاج/ حسين دريدح
ضعف الخدمات و سوء المعاملة يشوهان صورة المدينة الجميلة
يسعى القائمون على قطاع السياحة بالولاية لاستكمال مشاريع وبعث أخرى من شأنها جعل بونة منطقة استقطاب، وإحدى الوجهات السياحية الأولى في الجزائر، لكن مستوى الخدمات حسب الناشطين في قطاع السياحة،  لا يزال بعيدا عن ما يرغب فيه الزائر إلى بونة، وبعض الممارسات تُسيء للمدينة، وفي الشأن تحدث أحد الناشطين في قطاع السياحة للنصر، عن حادثة وقعت لسائحة ألمانية كانت برفقة زوجها قبل نحو أسبوعين، اشتكت رفض مسيري شاطئ خاص بالكورنيش، الدخول لاستكشاف المكان قبل الحجز، طالبوها بدفع مبلغ 4000 دج مسبقا مقابل المشي على الشاطئ، ما أثار دهشتهما وفضلت مغادرة المدينة إلى ولاية ساحلية أخرى، وهي سلوكات تضر بالقطاع حسب مصادرنا، لغياب التكوين والعشوائية في منح تراخيص استغلال الفضاءات السياحة وكذا النزهة.
مؤسسات فندقية جديدة أعطت جرعة أوكسجين
وبإغفال السلوكات السلبية والعقليات التي تسير القطاع، وهي  رأس المال الحقيقي لاستقطاب السياح وفقا للمختصين في المجال السياحي، هناك مشاريع أنجزت مؤخرا وأعطت جرعة أكسجين للقطاع، و زادت من خيارات السائح أو الزائر الراغب في  القدوم إلى عنابة، على غرار فندق الشيراطون، الذي يتعامل باحترافية في الحجوزات خاصة بالنسبة للسياح الراغبين في الحصول على التأشيرة، كانت تطرح إشكالية الإقامة والحجز بالنسبة للأجانب، حسب منسق مواقع ومتاحف الشرق ومدير متحف هيبون عمار نوارة، يفضل السياح النزول في العاصمة، بدل عنابة لزيارة المدينة الأثرية هيبون، لعدم قبول وكالات عنابة التعامل معهم، رغم مراسلة إدارة المتحف والتقرب منهم لتشجيع السياحة واستقطاب الزوار للمدينة، بحجة الضرائب التي تفرض عليهم لدى استقبال الأجانب، كما يجدون صعوبة في الحجز على مستوى فنادق الشريط الساحلي ، وبافتتاح فندق الشيراطون أصبح الحجز والاستقبال يتم بسهولة.
كما يوفر فندق الشيراطون في موسم الاصطياف خدمات مميزة للمصطافين وبأسعار مدروسة، لاستغلال المسبح المفتوح على الهواء الطلق،  و يُتيح الفندق ثلاثة عروض، يوم الاثنين السباحة من الساعة الخامسة والنصف مساء، إلى غاية الحادية عشرة ليلا، بـ 1200 دج للشخص واستهلاك الأطعمة أو المشروبات على حساب الزبون، العرض الثاني يوم الخميس، سباحة  مع وجبة عشاء كاملة بمبلغ 3800 دج، من الساعة السابعة والنصف إلى غاية الحادية عشرة ليلا، أما يوم الجمعة والسبت يومي عطلة نهاية الأسبوع، فيوفر الفندق خدمة المطعم المفتوح على مسبح من الساعة 12.30 إلى غاية السادسة مساء بمبلغ 3800 دج.
ومن جانب الإيواء دخلت 3 مؤسسات فندقية حيز الاستغلال بوسط المدينة العام الماضي، رغم هذا يؤكد وزير السياحة في أخر زيارة له إلى عنابة، بأن المدينة تحتاج لتعزيز حظيرتها الفندقية، فهي غير كافية حاليا لاستقطاب المزيد من الوافدين، حيث تضم الحظيرة الفندقية 75 مؤسسة، بطاقة استيعاب تقدر بـ 4500 سرير، وأشار الوزير إلى وجود 61 مشروعا سياحيا يوفر عدد منها على المدى المتوسط 2500 سرير، كما يعرف فندق سيبوس الدولي، عملية إعادة التأهيل والترميم، ليكون في مستوى فندق 5 نجوم، منتظر عودته للخدمة في 2020.
وحسب مديرية السياحة، توجد عدة مشاريع قيد الانجاز، على غرار مخيم عائلي بواد لغنم في بلدية شيطايبي، يضم 220 بيتا خشبيا "شالي" ، تقرر استغلال 25 بيتا انتهت بها الأشغال، بطلب من والي الولاية، إلى جانب توسيع فندق صبري  و إعادة تأهيله بانجاز مسبح صحي مغلق مع مركز للتدليك، ينتظر دخوله الخدمة قريبا، هناك أيضا حديقة للتسلية بمنطقة عين عشير تسير بوتيرة بطيئة، وأخرى بمدخل مدينة عنابة بسيدي عاشور، تعرف استثمارا كبيرا لصاحبها بإعادة تأهيلها، غير أن العائلات تشتكي من غلاء الأسعار، ومسيرها يرجع ذلك إلى ارتفاع تكلفة استيراد الألعاب من الخارج، حيث تتربع الحديقة على مساحة إجمالية تتجاوز 6 هكتارات، وبمدينة ذراع الريش جاري انجاز حديقة ضخمة تضم فندقا ومرافق خدماتية، وفي مجال النزهة والترفيه أيضا تم افتتاح الحديقة المتوسطية بعين عشير، موقعها فقط أثار إعجاب الزائرين، غير أن طبيعية الانشغال فيها كارثية، بشهادة وزيرة البيئة التي كانت لها زيارة قبل أشهر.
وبوسط مدينة عنابة يعد مشروع المحطة البحرية وميناء النزهة أحد أهم المشاريع التي ستُغير وجه المدينة، وتجعلها نقطة استقطاب ينتظر دخول المحطة البحرية الخدمة شهر أفريل المقبل، لتكون فضاء للنزهة أيضا مع وجود مطاعم وشرفات مطلة على الميناء، أما ميناء النزهة فبرمج ليأخذ موقع ميناء الصيد الحالي، مع التوسعة التي يعرفها رصيف الميناء لاستقبال سفن الصيد،  إلى جانب مشاريع أخرى من شأنها إعطاء دفع لقطاع السياحة، منها مشروع مستثمر خاص لانجاز " مارينا" مدينة للألعاب المائية، غير أنه اصطدم برفض السلطات المحلية الموقع المقترح بالكورنيش، ويؤكد مصدر مسؤول للنصر، بأن هذا النوع من المشاريع يجب أن يكون بعيدا عن شواطئ السباحة، والتي تكثر فيها حركة المصطافين، يمكن تجسيده بخليج واد بقراط إلى غاية رأس الحمراء.
  إطعام رديء و  أسعار مرتفعة
وفي مجال الإطعام بدأت بعض الاستثمارات، غير أن الزائرين إلى عنابة وحتى سكانها يشتكون من عدم وجود مطاعم في المستوى بالشريط الساحلي والمناطق السياحية، و من نوعية و جودة الأطباق، وحتى الأسعار تكون مرتفعة جدا بالمقارنة مع مستوى الاستقبال والأطباق المقدمة مثلا طبق الكسكس أو الشخشوشة في مطعم عادي في سرايدي يقدر بـ 800 دج، وأمام النقص الكبير في مجال الإطعام والاستقبال، ركز فندق شيراطون عنابة حسب مديره المدير العام " غايتانو بيتروزال" استثماره في خدمة المطاعم، حيث يتوفر الفندق على 6 مطاعم منها افتتاح نهاية الأسبوع الماضي المطعم الإيطالي " ال بيستو" ويؤكد مدير الفندق بأن شيراطون عنابة يركز على تحقيق مداخيل من خلال المطاعم، وحفلات الاستقبال وتنظيم الملتقيات، كون حركة توافد المقيمين غير مستقرة.    
مسار سياحي فريد   
واستنادا لأصحاب وكالات سياحية وناشطين في قطاع السياحة، تملك عنابة مسارا سياحيا فريدا من نوعه لا يوجد في الولايات الساحلية الأخرى، يستطيع السائح أو الزائر للمدينة، أن يقضي 5 أيام كاملة وفق برنامج سياحي مختلف كل يوم، ومن بين المواقع السياحة الأبرز بالولاية زيارة المدينة الأثرية هيبون، التي تروي حضارة المدينة من عهد الفينيقيين إلى الرومان، ومشاهدة التحف الأثرية النادرة الموجودة في المتحف.
وذكر مدير المتحف للنصر، بأن الموقع الأثري أصبح قبلة للسياح في الثلاث سنوات الأخيرة من مختلف دول العالم، تُشير الأرقام التقريبية، إلى استقبال 150 سائحا في الأسبوع دون احتساب الرحلات المنظمة، يصل المجموع في الشهر إلى نحو 600 أجنبي قادم من مختلف البلدان الأوربية والأسيوية، وهي حصيلة كانت تُحقق في سنة كاملة، لكن حاليا أصبحت تسجل في شهر واحد فقط، خلال فصل الربيع . وأشار المصدر إلى أن المدينة الأثرية هيبون، دخلت ضمن المسار الثقافي الأثري العالمي، في موقع منظمة اليونسكو، وهو ما سمح باستقطاب لأول مرة سُياح يابانيين.

 الكورنيش يزخر أيضا بشواطئ خلابة و فضاءات للراحة والتسلية منها الحديقية المتوسطية، غابة عين عشير، نادي الفروسية، أماكن للاعب الأطفال، حفلات وسهرات، و تتميز سرايدي لوحدها كمنطقة غابية وسياحية بامتياز،  إذ تتوفر على أحسن الشواطئ بالولاية على غرار شاطئ جنان الباي المعروف " بواد بقراط"، وهي تعد الوجهة الأكبر استقطابا للمصطافين والسياح صيفا، رغم محدودية الإمكانيات، كما سيخلق افتتاح مركز تحضير المنتخبات الوطنية حركة بسرايدي كونه يتوفر على مرافق مهمة تجعله يستقطب مختلف الفرق الرياضية للتحضير بمرتفع جبلي مطل على البحر.  
وعن الحجوزات واستقطاب المصطافين والسياح، قال مدير وكالة الوطنية للسياحة والسفر " أونات" بعنابة سليم فروم، بأنه تصلهم طلبات واستفسارات حول المعالم التي يمكن زيارتها في عنابة، وكذا طلب عناوين الفنادق التي تقوم بتخفيض الأسعار. وأكد فروم بأن فريق الوكالة  بدوره يقدم للمتصلين البرامج التي تعدها الوكالة للموسم الصيفى، وكذا الرحلات اليومية التي تُجريها، للترويج أكثر لمدينة عنابة.
وكشف فروم عن إعداد برنامج خاص  ومسار سياحي للإقامة في مدينة عنابة 4 أيام و3 ليالي، لزيارة مختلف المواقع السياحية وأبرز الفضاءات التي تزخر بها المدينة. وفيما يتعلق بالمشاكل التي تعيق تطور القطاع السياحي بالولاية اعتمادا على ملاحظات السياح وزوار المدينة،  فتتعلق بنقص الهياكل والفنادق ما  اثر على المدينة بشكل كبير، خاصة  ارتفاع الأسعار فهي تضم 8 فنادق   أكثر من 3 نجوم، لا تلبى متطلبات المجال السياحي والتنافسي المرغوب فيه، " مقارنة بمدينة في البلد المجاور مع الحدود مباشرة، فهي تضم أكثر من 45 مركبا سياحيا و 35 فندقا، مما يسمح بتنافس كبير وتقديم الأفضل للزبون، لكن تبقى وجهتنا تدعيم السياحة الداخلية، حتى نبقى في سياق المنافسة".
بونة تحتل ذيل الترتيب
في استقطاب المصطافين
وبلغة الأرقام، كشفت مديرية السياحة بالولاية الصائفة الماضية، حول عدد المصطافين حتى وإن كانت غير دقيقة، لأنها تعتمد على تقديرات مصالح الحماية المدنية حول توافد المصطافين على الشواطئ من الساعة التاسعة إلى غاية السابعة مساء، دون احتساب الشواطئ غير المحروسة التي يقصدها المصطافون، والأوقات التي ينسحب فيها أعوان الحماية المدنية، فعنابة شهدت توافد 2.4 مليون مصطاف، وهو رقم ضعيف بالمقارنة ما حققته ولاية جيجل التي وصل فيها عدد المصطافين إلى 11 مليون مصطاف، رغم هذا فبونة  تزخر بمؤهلات تجعلها تنافس حتى الجارة تونس، لكن مختصين وفاعلين في قطاع السياحة، يؤكدون للنصر بأن رفع حجم الإقبال مرتبط بالترويج الجيد، وتحسين ظروف الاستقبال منها الأسعار المدروسة، وخلق فضاءات جديدة غير موجودة في الولايات الأخرى تجعل الزوار يفضلون عنابة كوجهة جديدة لاكتشاف المنتج السياحي الجديد، على غرار ما حدث في سكيكدة، حيث استطاع الفندق الجديد بشاطئ العربي بن مهيدي المعروف " بجان دارك" استقطاب المصطافين وحتى السواح من دول أخرى، من خلال  الحديقة المائية " مارينا" والشاطئ المجهز المفتوح على الفندق.
مقاهي ساحة الثورة تصدم الزوار
وفي ساحة الثورة وكالعادة فاجأ أصحاب المقاهي الزبائن و زوار المدينة بتعاملات غريبة وغير قانونية، تجاوزت هذه المرة قضية رفع الأسعار، والتوقف على تقديم القهوة والشاي بداية من العاشرة صباحا، إلى فرض شُرب كأس عصير مقابل تقديم فنجان قهوة، تصرف أرجع الجزائريين حسب تصريح مواطنين للنصر، إلى سنوات التعامل " بالتحتام" لشراء مواد الأساسية.
من جهتهم أعوان مصالح مديرية التجارة، وقفوا على تجاوزات مقهى بساحة الثورة، مقدمين أنفسهم على أنهم زبائن، وتقدم منهم النادل لتلبية طلبهم، ولدى طلبهم شرب القهوة، ابلغهم مباشرة أنها تقدم مع العصير، وكأس العصير لوحده بـ 400 دج، وهو ما جعل أعوان مصالح التجارة يدونون استدعاء لصاحب المقهى، لاتخاذ الإجراء المناسب في حقه، وحسب ما لمسته النصر ، فإن نفس المقهى لا يزال يعتمد نفس المعاملة، لفرض شرب العصير مقابل تقديم القهوة، حتى أسعاره مبالغ فيها جدا، يقدم كوب مثلجات صغير بسعر 600 دج.
ح.د

الرجوع إلى الأعلى