علي  بن نجوع..مغترب كسر الحواجز ليحقق حلم دراسة الطب في أمريكا
علي بن نجوع شاب عصامي هاجر إلى أمريكا لكنه رفض أن يبقى ذلك المهاجر المعدم الذي يعيش على الهامش، فقد قرر ابن مدينة نقرين في تبسة مواصلة دراسته  إلى أن بلغ مرحلة الجامعة وتخصص في الطب ، كما انخرط في العمل الخيري و كرس جهوده لمساعدة أبناء الجالية على الزواج و الإستقرار، كما كان بمثابة المرشد للراغبين في الهجرة إلى أمريكا.
 علي عاد إلى الكتابة ويرى أن صفة مهاجر لا تعني الاكتفاء بحياة معدمة أو الانعزال عن المجتمع، بل على من يختار الغربة أن يكون فاعلا حتى يقدم صورة مشرقة عن بلده.
كان الفراق عام 2011 ، عندما غادر علي بن نجوع مسقط رأسه نقرين بولاية تبسة ، للعمل والدراسة في أمريكا، و لم يخطر في باله آنذاك و لو  للحظة أنّه عليه أن يودّع كل شارع، وكل زاوية له فيها ذكريات بحلوها ومرها، وكل موقع اعتاد أن يجلس فيه مع أحبابه وخلانه، لأن الفراق سيطول.
يقول أن ألم فراق الوطن من أصعب الآلام ومن أشدّها، فمن لا يبكي لفراق الوطن؟ و من لا يشتاق لأرض وطنه؟ فلو لم يكن الوطن غاليا لهذه الدرجة، لما سُمّي بـ”الوطن الأم”، فهو تماما كالأم الحنون، التي تحتضن أطفالها وتمنحهم الشعور بالأمان والسكينة، ومهما سافر الإنسان، ومهما جاب بلدان حول العالم، فلن يجد أحنّ من حضن وطنه ولا أدفأ منه.
مواهب في الشعر والرسم وتصميم الفيديوهات
علي بن نجوع ، شاب  متعدد الهوايات، فهو يقرض الشعر، و يرسم، و يبدع في الخط العربي، و تصميم المنتديات و المواقع و  المدونات و كذا تصميم الفيديوهات و الأفلام القصيرة، و قنوات اليوتيوب، كما أنه عارف بعلم الأنساب، و كان يطلق عليه زملاؤه في الثانوية «الموسوعة».
ألف المتحدث ديوان شعر اسمه ديوان « ابن النجوع» و يضم مجموعتين شعريتين: «عناقيد النقمة» و «لوركا يخرج ليلا» و كذا كتابا في فن المقام، لكن للأسف لم يتم طبع إبداعاته لظروف خاصة، كما قال للنصر، مضيفا» بدأت حياتي في بادية صحراء غيسران ببلدية نقرين، في أقصى جنوب ولاية تبسة، و تدرجت بعدها إلی القرية ثم المدينة، إلى أن بلغت  ناطحات سحاب نيويورك و أنا الآن مقيم بنيوجرسي «.
زاول عدة أعمال في الصغر، إلى أن تحصل على وظيفة بمقر الولاية، ونال ترقية ، لكنه لم يكن راضيا بواقعه المعيش، الذي رفضه ليس لربح المزيد من المال ، كما أكد، وإنما لهدف أسمى، يتعلق بالدراسة و العيش في عالم مغاير لواقعه، حيث تكون الأخلاق هي السيدة، فاستقر رأيه على الهجرة إلي بلاد العم سام ، وشارك عدة مرات في قرعة « الغرين كارد» إلى أن وفق سنة 2009، و شد الرحال ويسافر إلي أمريكا في أكتوبر 2011، ليبدأ حياته الجديدة، وكانت الانطلاقة من أسفل السلم، حسبه، حيث كافح طويلا للحصول على فرصة عمل و تحسين وضعه المعيشي و المادي، في عالم لم يجده كما كان يتصور، لأن الحياة كلها تعب و شقاء و من الصعب أن يحافظ  المرء على كرامته خارج وطنه، كما عبر.
اشتغل في أماكن عديدة حتى استطاع أن يعثر على عمل في شركة طيران في المطار بدخل جيد، ولأن شغفه وحبه لطلب العلم ليس له حدود، فقد انخرط في الدراسة وكانت البداية من المرحلة الأولى، و كان دوما في المركز الأول في الصف، حيث درس العلوم الصحية بمعهد «يونيون كونتي» بمدينة إليزابيت، التي يعيش فيها الآن، بغية الالتحاق بكلية الطب، و بالرغم من ارتفاع التكاليف لتحقيق غايته، لكن محدثنا  لم يفشل و صمم على تحقيق الهدف الذي سطره ، فشعاره في الحياة «لا خوف ولا فشل»، فحظي بتكريمات كثيرة في المعهد.
عرج المغترب علي بن نجوع للحديث عن نمط الحياة في أمريكا في ظل الرأسمالية، حيث يرى أنها مختلفة تماما عن العالم الذي كنا نعيش فيه، فالعمل مقدس، و الجهد مضاعف، و لا مكان للكسالى والخاملين و الطفيليين، لقد واجه عدة عقبات و صعاب، لكنه نجح في تجاوزها، خاصة بعد حصوله علی الجنسية الأمريكية الْعام الفارط .
صفحة على فيسبوك لمساعدة الشباب على الهجرة
زار الجزائر والأهل مرة واحدة فقط منذ أن هاجر إلى أمريكا، لأسباب لم يفصح عنها، والجميل أنه لم يفكر في العيش لنفسه فقط، بل يسعى لجمع  أبناء الجالية الجزائرية هناك في جماعة، ليتمكنوا من مساعدة بعضهم البعض في مجتمع صعب، الغلبة فيه للقوي، لكنه لم يتمكن من تحقيق ما تمناه بهذا الشأن، خاصة أن الغيرة والحسد لا تتركان مجالا للم شمل الإخوة في أي مكان، حسب تعبيره. يقول عن الوضع في أمريكا أنه مختلف عن الكثير من بلدان العالم ، فهم  يعتمد علی الذاتية،  أي أنك إذا أردت النجاح تنجح وحدك، فالنظام هناك مثل عالم رعاة البقر  «الواسترن» الذي شاهدناه في الأفلام.
و أكد أن الأخلاق واحترام حرية الآخرين و الإنسانية تطغی علی كل شيء هناك، و يرى أن الشعب الأمريكي من أطيب شعوب العالم وأكثرهم مساعدة و تفهما للآخرين، ولديهم قابلية لقبول الآخر،  عكس المجتمعات الأوربية.
و أضاف علي بن نجوع بأنه إلى جانب العمل و دراسة الطب في الولايات المتحدة، يواصل رحلة الإبداع، فهو بصدد إكمال كتابة  رواية عنوانها « الطريق إلی الإمبراطورية»، التي يسرد من خلالها قصة حياته  منذ ولادته إلى غاية اليوم، لكنه يجسدها بشخصيات و أسماء أخری. انخرط المتحدث أيضا في العمل الخيري في أمريكا، لكن ضيق الوقت جعل مهمة  المراقبة والمتابعة  اليومية صعبة، و أشار إلى أنه أنشأ صفحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمساعدة الراغبين في الهجرة و إسداء النصائح لهم، و أشركها مع موقع يوتيوب، كما كون مجموعات للمساعدة علی الزواج وأ خرى لمساعدة الجالية الجزائرية في نيويورك و نيوجرسي، انطلاقا من فلسفته في الحياة، و هي مساعدة الآخرين، كلما سمحت له الفرصة،  رغم صعوبة المهمة كما يؤكد خاصة مع  الجزائريين.
و تابع علي بأنه احتك في أمريكا بأساتذة و مؤرخين و دكاترة من مختلف الجنسيات و الديانات ، و استفاد منهم و أعجبوا بالجزائريين و ذكائهم، مشيرا إلى أن إحدى نشريات «نيويورك تايمز» الأمريكية»، كتبت أن الجزائريين يأتون في مرتبة متقدمة عن اليابانيين والإسرائيليين في درجة التحصيل و التفوق العلمي في المعاهد و الجامعات الأمريكية.و ختم حديثه قائلا « فلنتعلّم أنّ فراق الوطن لا يعني بالضرورة التوقف عن العمل والإنتاج وفقدان الأمل، فلنتعلّمُ أنّ علمنا وعملنا وجهودنا لا بدّ أن يصل تأثيرها إلى الوطن، و نتعلّم أنّ الهجرة ليست النهاية وأنّ السفر لا يعني الانشقاق عن الوطن، بل كلّما اشتقنا لوطننا أكثر، نعمل ونتعلّمُ لكي نعود إلى وطننا وفي يدينا ما يعمّره و يفيده، فالهجرة ليست النهاية، بل ربما تكون البداية لكل شيء».      
      عبد العزيز نصيب

الرجوع إلى الأعلى