«الريال» شريان الحياة و البرنابيو دجاجة تبيض ذهبا

رحلتنا إلى مدريد كانت فرصة لاكتشاف واستكشاف سحر هذه المدينة، التي تعد قبلة السياح من كل أصقاع العالم، كما كانت مناسبة للتقرب من النادي الملكي، الذي يعتبر معشوق الجماهير العربية والجزائرية على وجه الخصوص. وفضلنا خلال هذه الزيارة القصيرة، الاستمتاع بجمال العاصمة مدريد، التي تعد رابع أكبر مدن الفضاء الأوروبي، وتحتل نفس الرتبة من حيث عدد السياح في القارة العجوز، وكذا لمتابعة أحد أقوى مباريات «الليغا» الإسبانية، ويتعلق الأمر بـ «الكلاسيكو» المصغر، الذي جمع ريال مدريد بإسبانيول برشلونة، وهي المواجهة التي حسمها أشبال لوبيتيغي لصالحهم بهدف وحيد من تسجيل الأيقونة ماركو أسينسيو.
مـــروان. ب
وقامت النصر، قبيل شد الرحال صوب عاصمة «الماتادور» بكافة الإجراءات اللازمة، من خلال اقتناء تذكرة اللقاء بشكل مسبق، لتفادي أي مفاجآت غير سارة، خاصة إذا ما علمنا بأن مثل هذه المواجهات تلعب بشبابيك مغلقة، والراغب في التواجد بمدرجات ملعب سانتياغو برنابيو قد يضطر لشراء التذكرة بأسعار ملتهبة من السوق السواء، التي هي ناشطة بقوة، رغم محاولات إدارة «الميرنغي» القضاء على هذه الأمور، التي تعطي صورة قاتمة عن نادي القرن في أوروبا.
إسبانيا تواصل جذب السياح  من كل بقاع العالم
وكانت سفريتنا مثيرة وشيقة ومرهقة وممتعة في نفس الوقت، عندما قررنا زيارة العاصمة الإسبانية واقتحام معقل «الريال»، الذي يقع في وسط مدريد، وهو من أكبر الملاعب في إسبانيا وأوروبا، ويتسع لأزيد من 80 ألف متفرج.
ورغم أننا قضينا يومين فقط بمدريد، إلا أننا استطعنا اكتشاف عبق وسحر إسبانيا، التي تواصل جذبها للسياح، فالملايين يقبلون عليها سنويا للتمتع بما تحمله هذه البلاد، من مؤهلات حقيقية لكافة أنواع السياحة، فإذا كنت من عشاق جمال الطبيعة الساحر والحياة الصاخبة ومن محبي زيارة القصور الملكية والمتاحف التاريخية العريقة والساحات الواسعة، التي تعد من أفضل الأماكن السياحية في أوروبا، فلن تجد أفضل من مدينة مدريد، فهي تحتوي على كل ما ذكرناه، فضلا عن مراكز التسوق ذات العلامات التجارية العالمية .
لقد تجولنا على مدار يومين، بمختلف المعالم الأثرية بمدريد، ولم نجد صعوبة في الذهاب لأي مكان نريده، حيث تتوافر جميع أنواع وسائل النقل المريحة مثل «الميترو» والحافلات العمومية التي تعمل على مدار اليوم، إلى جانب الحافلات السياحية، بالإضافة إلى سيارات الأجرة، كما أنه يمكنك حتى استئجار سيارة خاصة.
وكانت النصر، قد حلت بمدريد صبيحة 21 سبتمبر الماضي، انطلاقا من برشلونة التي تبعد ب750 كلم، حيث توجهنا مباشرة صوب الفندق الذي حجزنا به سلفا (سيناتور باراخاس)، والمتواجد بمنطقة لا تبعد كثيرا عن العاصمة، وتدعى ألمييدا أوساسونا، حيث تحصلنا على غرفتنا التي وضعنا بها أمتعتنا، لنشرع بعدها مباشرة في تجهيز أنفسنا لزيارة أبرز معالم مدينة مدريد، ولكن قبل ذلك توجهنا للاستقبال في الفندق، وكان لدينا بعض الاستفسارات بخصوص بعض الأمور، لنقرر بعدها حجز تذكرة “الميترو”، الذي اختير مسلكه بعناية ووفق دراسة راعت الطابع التجاري، كونه يمر على كل الأماكن السياحية في مدريد، بهدف القيام بجولة تقودنا إلى أبرز المواقع الأثرية والمعالم التاريخية في المدينة، التي تعد من بين أحدث مدن القارة العجوز وأكثرها استقطابا للسياح.
جولتنا انطلقت من المعالم الأثرية والتاريخية
وكما خططنا له قبل الوصول إلى مدينة مدريد، فرحلتنا السياحية انطلقت في ساعة مبكرة جدا (الثامنة صباحا)، وبقدر ما استمتعنا بها، بقدر ما استفدنا منها كذلك، بعد تلقينا شروحات وافية من طرف بعض الجزائريين المقيمين هناك، حول أدق تفاصيل المدينة، التي تحاكي جدرانها وقصورها الماضي العريق لمدينة تاريخية والحاضر العصري لمتروبول آخذة في التوسع.
وبما أننا كنا نود اكتشاف أكبر قدر ممكن من المعالم الأثرية في مدريد، اخترنا في بادئ الأمر، التوقف بشارع «غران فيا»، الذي يوجد بوسط العاصمة ، حيث توجد مطاعم «حلال»، اثنين منهما تركية والآخران عربيان، لنذهب لتناول وجبة الغداء في مطعم سوري، وكان الأكل لذيذا وأسعاره معقولة، فقيمة الوجبة تقريبا بين 6 إلى 7 أورو.
وهنا حدث ما لم نكن نتوقعه، حين فاجأنا “نادل” تقرب منا مباشرة بعد تعرفه على جنسيتنا الجزائرية من خلال لهجتنا، أين أكد لنا بأنه سبق له العيش بالجزائر التي يمتلك بها ذكريات جميلة:” مرحبا بكم وبكل الشعب الجزائري الذي أكن له محبة خاصة، باعتبار أنني عاشرته خلال تجربتي بالجزائر العاصمة، أين عملت لأكثر من خمس سنوات في سطاوالي، قبل أن أقرر الهجرة نحو إسبانيا، للبحث عن تحد آخر”.
«غران فيا» وساحة بوابة الشمس والقصر الملكي قبلة الزوار
بعد فراغنا من تناول وجبة الغداء التي كانت عبارة عن «شوارمة»، سارعنا لاستكشاف  شارع «غران فيا» أو الشارع العظيم باللغة الإسبانية،، الذي كان يعج بالسياح، وهو أهم شارع في العاصمة مدريد، ويوجد به العديد من الفنادق وقاعات السينما والمطاعم والأسواق والمعالم التي تستحق الزيارة، وقد صمم ليربط بين بوابة «ألكالا» أو القلعة وساحة إسبانيا كما يتوسطه ساحتي «ديل كلاو» و»سيبليس».
وتستعرض النصر « أهم الأماكن السياحية في مدريد، والبداية بالقصر الملكي، الذي تركنا مذهولين لهندسته المعمارية، فهو واحد من أجمل وأكبر القصور الملكية في أوروبا، وبني على الطراز المعماري الإيطالي، ويحتوي على أكثر من ألفي غرفة حسب محدثينا، دون نسيان ساحة «بوابة الشمس» التي كانت لنا الفرصة لزيارتها، حيث تتوسط مدينة مدريد القديمة وتتقاطع في هذه النقطة عشر طرق رئيسية، وهذه النقطة هي نقطة الانطلاق، التي تبدأ منها جميع شوارع مدريد، وتعتبر هذه المنطقة من أهم مناطق التسوق في مدريد، كما يوجد فيها العديد من متاجر بيع التذكارات والمطاعم والمستعرضين والموسيقيين المتجولين والرسامين.
الموعد المنتظر.. «البرنابيو» لمتابعة الريال وإسبانيول
بعد ذلك، بدأ الاستعداد لزيارة صرح شامخ من حيث التاريخ والانجازات، والعراقة والفخامة والأساطير إنه «السانتياغو برنابيو» ملعب ريال مدريد الذي يحمل اسم أهم شخصية أثرت في تاريخ النادي الملكي، حيث توجهنا صوب محطة «الميترو» بساحة إسبانيا، التي لا تبعد كثيرا عن شارع «غران فيا»، لنمتطي رفقة عدد كبير من مشجعي «الميرنغي» الخط رقم 10، كونه المسلك المؤدي نحو “القلعة الملكية البيضاء”.
ولم يدم تواجدنا ب”الميترو” سوى ربع ساعة فقط، لنجد أنفسنا أمام أسوار الملعب العتيق ‘’سانتياغو بيرنابيو’’، الذي يعد أحد أكبر الملاعب في العالم، لقد انبهرنا عندما وضعنا أقدامنا بساحته، فالأمر لا يختلف تماما عن المعالم التاريخية والأثرية التي تزخر بها العاصمة الإسبانية، كون ملعب ‘’الفريق الأبيض’’ كما يحلو لعشاقه تسميته تحفة معمارية رائعة، يقصدها الزوار والسياح الإسبان القادمين من مختلف المدن الإسبانية، إلى جانب الأجانب لالتقاط صور تذكارية بالجملة، إنه بالمختصر المفيد، معلم داعبت أقدام عدة أساطير المستديرة الكرة فوق  أرضيته، بداية ب ألفريدو دي ستيفانو وخوانيتو وراؤول غونزاريس والنجم ذو الأصول الجزائرية زين الدين زيدان ووصولا إلى كريستيانو رونالدو الذي غادر مؤخرا نحو جوفنتوس الإيطالي.
30 دقيقة بساحة الملعب لالتقاط صوّر تذكارية
وكانت لحظة تاريخية بالنسبة لنا عند التواجد بساحة هذا الصرح العظيم (البرنابيو)، حيث وقفنا هناك لقرابة نصف ساعة لالتقاط الصور التذكارية، وتأمل المكان، وكنا نردد هنا لعب زيدان وسجل رونالدو وتألق راوول ونقش بوتراغوينيو اسمه بأحرف من ذهب، هنا تاريخ من البطولات، وهنا ولد النجوم وهنا كسرت كافة الأرقام وهنا سطر التاريخ لهذا النادي العريق، ولكم أن تتخيلوا الموقف، حيث وصلنا للملعب بكل سهولة، ودخلنا وقمنا بكل الإجراءات بسلاسة، وقبل المباراة بدقائق معدودات الكل جاهز، وفي انتظار صافرة البداية، ولكم أن تعودوا بذاكرتكم إلى مباريات بطولتنا الوطنية بقسميها الأول والثاني أو حتى مقابلات منتخبنا الوطني، فالمباراة تنطلق في حدود الساعة 19مساء والملعب مكتظ عن آخره منذ الساعة العاشرة صباحا، فشتان بين ظروف التنظيم وحالة الهياكل الرياضية في نادي بحجم ريال مدريد وفرقنا الوطنية، التي لا تزال بعيدة كل البعد عن الاحتراف، الذي ولجته منذ أكثر من ثماني سنوات، غير أن الأمور التنظيمية كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
بطاقات الاشتراك الوجه الخفي «لتربح» المغاربة  
وبمجرد التواجد بساحة ملعب سانتياغو برنابيو، شدت انتباهنا تحركات غير عادية لمجموعة من المهاجرين العرب، ينحدر غالبيتهم من بلدان شمال إفريقيا، وخاصة من المغرب، التي تمتلك جالية كبيرة مقيمة في إسبانيا بعضها بطريقة غير شرعية، حيث يسعون جاهدين لإقناع السياح القادمين من مختلف بقاع العالم والراغبين بمشاهدة الريال ولا يمتلكون تذاكر باستئجار بطاقات اشتراكهم، مقابل مبالغ مالية في حدود 100 أورو للمقعد الواحد، وبعد استفسارنا بعض العرب القاطنين بمدريد، أكدوا لنا بأن بطاقات الاشتراك تعد دجاجة تبيض ذهبا بالنسبة للمهاجرين، الذين ينضمون لعضوية النادي، قبل انطلاق المنافسة بمبلغ لا يتجاوز 700 أورو نظير حضور كل مواجهات الريال في “الليغا”، على أن يبيعوا أماكنهم خلال كل مباراة بمبالغ معتبرة قد تصل إلى أرقام كبيرة خلال “كلاسيكو” العالم بين الريال والبرصا، إذ تشير آخر المعطيات إلى أن سعر التذكرة الواحدة الموسم الماضي، في السوق الموازية فاق 2500 أورو، وهو يمثل ربحا كبيرا بالنسبة للمغتربين، الذين يكافحون في كافة المجالات، بغية الحصول على لقمة العيش، وكذا توفير مبالغ إضافية يقومون بإرسالها إلى عائلاتهم ببلدانهم الأصلية، من أجل استثمارها في بعض المشاريع التي قد تفيدهم في المستقبل، أو في حالة إعادتهم إلى دولهم، لا سيما أولئك الذين لا يحوزون على الوثائق ويقطنون بطرق غير شرعية في أوروبا.
إدارة الملكي ترد بتجميد عضوية المتورطين
وأمام تفشي ظاهرة السوق السوداء، أصدر نادي ريال مدريد تعليمة، وذلك من أجل الإعلان عن سحب عدد معتبر من البطاقات من جماهير الملكي، وذلك بسبب الإساءة في استخدمها خلال الموسم، وقال محدثو النصر، بأن ريال مدريد أشار الموسم الماضي عبر بيان رسمي، إلى أن هناك العديد من المشجعين، قاموا باستغلال البطاقات الموسمية، لتحقيق ربح غير شرعي، رغم أن النادي يمنع بيع أو تسويق التذاكر وبطاقات الاشتراك دون ترخيص، ولهذا تم سحب العضوية من عديد الأشخاص، ويحظر ريال مدريد بيع التذاكر أو نقلها في مزاد أو حتى استخدامها لأغراض تجارية، دون إذن من الفريق، كما أن إدارة الملكي فتحت ملف عدة أعضاء من أجل طردهم من النادي، بسبب إعادة بيع تذاكر الموسم، وستواصل هذا العمل من أجل مكافحة هذه الأمور غير الشريفة.

أقل من  10دقائق تجد نفسك جالسا بمقعدك !
وكنا قد اقتربنا أكثر من قلعة “البرنابيو”، ونحن نحمل بطاقة اشتراك لأحد المشجعين، قمنا بتأجيرها، بفضل أحد معارفنا مقابل 100 أورو، وهو المبلغ الذي يمكنك من متابعة رفاق سيرجيو راموس عن قرب، باعتبار أنك ستجلس في الطابق الثاني على أقصى تقدير، وكانت كافة الأمور تسير بشكل جيد، خاصة خارج أسوار الملعب، فأفواج من الجماهير كانت تحتفل وتغني قبل الدخول إلى المدرجات، ولما تشاهد عددهم تقول في نفسك، كيف ستدخل هذه الجموع من شدة الزحمة !!، ولكن النظام نظام وخلال أقل من عشر دقائق فقط، وجدنا أنفسنا في مقعدنا داخل الملعب، لقد كانت توجد الكثير من البوابات للدخول، وكل تذكرة مكتوب فيها من أي بوابة تلج المدرجات، ورغم العدد الكبير للجمهور لم نر أي طابور، وكل شيء كان يسير بسلاسة وبنظام ودون تعقيد، فعند البوابة تعرض تذكرتك على جهاز «السكانير»، وعند الدخول تجد الكثير من العاملين في الملعب وهم يخبرونك بمقعدك .. أول ما دخلنا أصابنا الذهول لروعة اللحظة، والتواجد بالملعب العتيق، الذي أصبح ينافس القصر الملكي في شهرته.
التجانس بين «أبناء» الريال و «الأجانب» لا يحتاج بروتوكولات
ومع اقتراب انطلاق اللقاء، استوقفتنا التصرفات الحضارية، التي بلغتها الجماهير الأوروبية في أكبر وأبرز المباريات، حيث لاحظنا التنظيم العالي ليس لأعوان الملعب فحسب، بل للأنصار المتواجدين بالمدرجات لمشاهدة المباراة، التي جمعت بين الريال والغريم إسبانيول، فرغم أن عددا كبيرا من الجماهير كان السياح القادمين من شتى بقاع العالم لمشاهدة فريقهم المحبوب، إلا أن التناغم والانسجام كان موجودا بينهم، إلى درجة أن هناك التزام منقطع النظير من طرف الجميع، فكل شخص أو مناصر يجلس برقم الكرسي الموجود على تذكرته الخاصة، وحتى لو وجد كرسيا شاغرا، أمامه فلا أحد سيجلس فيه، فالنظام نظام... وتوجد أيضا في الملعب خدمة «الويفي» المجاني، فقط عليك إدخال كلمة السر الموجودة في تذكرتك واستمتع بانترنت سريع التدفق، رغم أن في الملعب 80 ألف متفرج.
الأجواء خيالية و زيدان لا يزال حاضرا !
وقبل بداية المباراة بدقائق، بدأ جمهور ريال مدريد يغني نشيد الفريق والكل بصوت واحد، وكانت الأجواء خيالية والكلمات تعجز عن وصف ما عايشته النصر، في تلك المباراة التي انتهت بفوز ريال مدريد بهدف لصفر من تسجيل ماركو أسينسيو، الذي قاد الملكي لاحتلال الصدارة مؤقتا، قبل أن يتقاسمها الريال في اليوم الموالي مع الغريم التقليدي نادي برشلونة المتعثر فوق أرضية ميدانه أمام الجار جيرونا بهدفين لمثليهما.
وكانت المباراة مثيرة وممتعة كما كنا نتصور، واستوقفتنا بها العديد من الأمور الرائعة، على غرار الحب الذي تكنه جماهير «الميرنغي» لمدرب فريقها السابق زيدان، الذي لا يزال محور نقاشاتهم، رغم مغادرته الملكي قبل عدة أشهر، فلا أحد استطاع تجاوز صدمة رحيل «زيزو»، الذي استطاع في فترة وجيزة، أن ينقش اسمه بأحرف من ذهب في سجلات هذا النادي العظيم، الذي أهداه ثلاثة ألقاب تاريخية في مسابقة رابطة الأبطال الأوروبية.
فزيدان رغم تواجده خارج أسوار البيرنابيو لا يزال حاضرا في قلوب «المدريستا»، الذين يأملون في عودته إلى بيته في يوم من الأيام، رغم اعترافهم بالعمل الجبار الذي يقوم به المدرب الجديد جولين لوبيتيغي، الذي يحاول جلب فلسفة كروية مغايرة لقلعة «الميرنغي» لا تعتمد على الفرديات اللامعة وتقوم بالأساس على اللعب الجماعي والسيطرة المطلقة على الكرة، وهو ما لاحظناه في لقاء إسبانيول، الذي انتهى بفوز ضئيل للملكي، ولكن باستحواذ رهيب للكرة.
رونالدو يقسم المدريديين ومودريتش المدلل الجديد
وعلى عكس زيدان الذي لا يزال حاضرا في قلوب عشاق الملكي، فإن هناك انقسام كبير بخصوص الأسطورة الثانية، التي غادرت الفريق هذه الصائفة، ويتعلق الأمر بالبرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي فضل أن يحط الرحال بإيطاليا عبر بوابة جوفنتوس، بعد أن قضى تسعة مواسم متميزة مع الريال الذي قاده لتسيد أوروبا والعالم، ولقد اختلفت ردود الأفعال بخصوص مغادرة رونالدو، فخلال تواجدنا بملعب «البرنابيو» شد انتباهنا إلى أن مجموعة كبيرة من جماهير «الميرنغى» تطالب بنسيان النجم البرتغالي، في ظل امتعاضها من الطريقة التي وضع بها حدا لمشواره مع نادي القرن، فالسواد الأعظم من محبي الريال لم يقتنعوا بمبررات رحيله، ويطالبون بطي صفحته بشكل نهائي، في وقت لم تتنكر مجموعات أخرى لما فعله مع الملكي، بقيادته لأربع بطولات رابطة أبطال، دون نسيان تربعه على عرش الهداف التاريخي للنادي، وغيرها من الإنجازات الفردية والجماعية التي حققها، ولا يزال اسم رونالدو حاضرا في قلعة «البرنابيو» ولو بسوء، رغم مرور أكثر من شهرين عن مغادرته، ما يؤكد بأنه كان ولا يزال نجما كبيرا.
ويأتي هذا في الوقت الذي، حصل اتفاق لدى جماهير الملكي بأحقية النجم الكرواتي لوكا مودريتش نجم خط وسط الريال بجائزة أفضل لاعب في العالم، خاصة وأنهم ضد رونالدو الذي طعنهم في الظهر، حسب أحاديث غالبية الأنصار.
إخلاء الملعب لا يحتاج سوى لربع ساعة
وبعد نهاية المباراة الأجواء كانت احتفالية، وكان جمهور ريال مدريد خارج الملعب يحتفي بهذا الفوز، الذي منح الفريق الريادة المؤقتة، لنتوجه بعدها مباشرة لمحطة «الميترو» للعودة إلى الفندق الذي نقيم به، حيث تمت الأمور بسلاسة، وغادر الجميع في ظرف وجيز، إلى درجة جعلتنا في حيرة من أمرنا، وبقينا نردد كيف لقرابة 75 ألف متفرج يغادرون قلعة البرنابيو دون زحمة وأي خسائر؟، لتعود إلى ذاكرتنا مجددا ملاعبنا الوطنية، التي تفتقد لأدنى المعايير، فكيف لجماهيرنا أن تغادر بسهولة في وجود بوابتين أو ثلاث فقط، على عكس البرنابيو الذي تفاجأنا بامتلاكه قرابة 70 بوابة، تساعد الجماهير على الخروج بسلاسة وفي ظروف جد مريحة.
كيان الريال تعدى مصطلح النادي
ووصلنا إلى قناعة، وهي أن ريال مدريد أبعد بكثير من فريق كرة قدم همه الوحيد الفوز بالمباريات، بل هو مشروع اقتصادي ضخم يكسب مدريد وإسبانيا الملايين يوميا، كما أن ملعب سانتياغو بيرنابيو الذي يقع في قلب العاصمة الاسبانية مدريد بشارع خوان بيريز، دجاجة تبيض ذهبا للملكي، فهو قبلة للسياح الإسبان والأجانب طوال أيام الأسبوع، حيث تمتد طوابير الراغبين في القيام بجولة بأرجائه مئات الأمتار، فملعب النادي معلم حضاري، ينشط قطاع السياحة من فنادق ونقل وغيرها من خدمات تابعة، والريال هو «الدينامو» الذي يحرك التجارة في مدريد، فمنتوجاته من أقمصة وشعارات لا تخلو من أي محل في العاصمة مدريد، والإقبال عليها لا يتوقف لدقيقة واحدة بفضل اسم ريال مدريد، إنه أكبر من مجرد ناد، فالريال هو علامة تجارية مميزة وناجحة تمنح الاقتصاد الاسباني الحياة، فالريال مدريد هو حديث الناس في مدريد ومحور الحياة بمعناها الشامل.
جزائريون من قلب «البرنابيو»
وفي ختام زيارتنا لهذا الصرح العظيم، كان للنصر حديث مع بعض الجزائريين ممن سجلوا تواجدهم بملعب سانتياغو برنابيو، من أجل متابعة مباراة فريقهم المفضل ريال مدريد والضيف إسبانيول، على غرار عبد الجليل من ولاية قسنطينة، الذي قال بأنه حقق أخيرا حلمه بمتابعة الملكي من معلقه، مضيفا في هذا الخصوص:»منذ صغري، وأنا أحلم بالتواجد بمدرجات ملعب سانتياغو برنابيو لمتابعة فريقي المفضل ريال مدريد، لقد تحمّلت عناء السفر إلى مدريد لا لشيء سوى لمشاهدة رفاق سيرجيو راموس، لقد كانت تجربة رائعة، ولن تمحى من مخيلتي ما حييت، وسأسعى لتكرارها في أقرب فرصة ممكنة».
كما كان لنا فرصة الحديث، مع شاب آخر يدعى حمزة قدم من الجزائر العاصمة للسياحة والتجارة، أين أكد بأنها ليست المرة الأولى التي يتابع فيها الريال من ملعب البرنابيو، على اعتبار أنه سبق أن تواجد الموسم الماضي في إحدى مباريات رابطة الأبطال الأوروبية، وهنا أضاف:» سبق لي متابعة ريال مدريد من ملعب البرنابيو، إنها متعة لا يمكن وصفها، ولن يشعر بها إلا من عايشها، لقد تابعت لقاء الريال وبايرن ميونيخ الموسم الماضي، في مسابقة رابطة الأبطال، حيث اقتنيت التذكرة بضعف السعر الذي اقتنيت به تذكرة مباراة إسبانيول والأمور عادية، باعتبار أن بطولة رابطة الأبطال، تختلف عن مواعيد الليغا».أما أحمد وهو تاجر من ولاية قسنطينة، فقد أكد أن شغفه وحبه لفريق ريال مدريد، وخاصة لاعبه المفضل كريم بن زيمة، جعله يجتهد كثيرا للحضور كل موسم إلى مدريد وملعب «البرنابيو» لمتابعة على الأقل إحدى مواجهاته، ويحرص أن تكون لقاءات متميزة، على غرار «الكلاسيكو» أو مباريات رابطة الأبطال الأوروبية.                       
م.ب

الرجوع إلى الأعلى