الشيخ محمد الصالح بن طيار.. الإصلاحي المعتدل الذي عشق الرياضة
ركز المتدخلون في يوم دراسي حول مسيرة وأعمال العلامة الراحل الشيخ الإمام محمد الصالح بن طيار، على أخلاقه العالية، و شموخه و عفته و مساعيه في التيسير و الترغيب في الدين الحنيف، و ابتعاده عن التطرف و التزمت ، مؤكدين بأن الابتسامة كانت تعلو دائما محياه، و كان وسطيا معتدلا و ديمقراطيا في تصرفاته، يتمتع  بذوق فني رفيع و يمارس التمارين الرياضية يوميا.  
أول المتدخلين في اللقاء  الذي نظمته أول أمس مديرية الشؤون الدينية و الأوقاف لولابة ميلة، تزامنا مع الذكرى 34 لوفاته، كان المؤرخ نور الدين بوعروج، فسلط الضوء  على البيئة التي نشأ فيه الشيخ و نشاطه الإصلاحي والتربوي، باعتباره من أبناء جمعية العلماء المسلمين والجهد الذي بذله في بعث الحركة التربوية والإصلاحية في المدن التي عاش وعمل بها، بدءا  بسوق أهراس، وصولا إلى ميلة، مرورا بعزابة بولاية سكيكدة،  وكذا دوره في تثمين المنشآت التربوية وتفعيل أدائها، ناهيك عن نشاطه الكشفي .                                                              
  ابن الراحل خالد بن طيار في شهادته عن والده، استعرض جوانب من شخصية الرجل داخل بيته، و معاملته  لزوجته وأولاده بإضفاء الحب والتشجيع على تحمل المسؤولية.
  أما وقته فكان مقسما بين المطالعة نهارا والتدوين والكتابة ليلا والإصرار عليهما، بالرغم من ضياع 9 من 10 من حدة بصره، حيث كان يعتمد في ذلك، على مكبر للحروف ، مع حفاظه على ممارسة التمارين الرياضية كل صباح في حديقة بيته والمشي في شوارع المدينة بعد صلاة العصر، مما كان يتيح له الفرصة اليومية للوقوف على ظواهر ومظاهر يتناولها بالنهي أو التحبيب في خطب الجمعة التي يلقيها بالمسجد الكبير في المدينة الذي أسسه العلامة مبارك الميلي وعمل به كذلك.
 أما عن فتاوى العلامة، قال ابنه خالد، أنها كانت تتميز بالتيسير والترغيب، فعندما كان في الخدمة الوطنية اشتكى لوالده صعوبة نزع الحذاء العسكري (رانجارس) في الوضوء ، فقال له يكفي المسح عليه دون نزعه ، كما أفتى لرجل لم يصم لمدة 50 سنة، بالوضوء الأكبر حالا، ثم اعتبار نفسه كأنه دخل لتوه في الإسلام، مع عقد النية والعزم بعدم التهاون مستقبلا في الدين.
   شهود آخرون اعتلوا المنصة وتحدثوا عن جوانب أخرى عن سيرة الشيخ بن طيار ، و منها رفضه للامتيازات التي تعرض عليه وعدم انشغاله بصغائر الأمور و تفضيله الجلوس في مؤخرة المسجد، حتى يتابع المصلين و يعاين الأخطاء التي قد يقعون فيها أثناء أداء هذه الشعيرة الهامة في حياتهم، ليوجههم ويصحح لهم أخطاءهم، كما كان يأبى السير و هو يحمل الطعام أو الحلوى في الشارع دون إحكام الغلق عليها، لمنع رائحتها من الانتشار، حفاظا على مشاعر الناس.
 أفراد من عائلة الشيخ وإن تأسفوا لحالة التجاهل والنسيان التي طالت الرجل طيلة المدة المنقضية، إلا أن الفرصة لا تزال مواتية للغوص في شخصية العلامة و المصلح الاجتماعي الرجل وآثاره وتسجيل وتوثيق شهادات الرجال الذين عايشوه وعاصروه.
إبراهيم شليغم 

الرجوع إلى الأعلى