نساء قرى جرجرة يحافظن على عادة غسل الصوف في الينابيع
لا تزال الينابيع المائية، مقصد العديد من نساء قرى تيزي وزو من أجل غسل الثياب والصوف و الأفرشة منذ سنوات طويلة، على غرار ينابيع قرى مشطراس، الواقعة جنوب تيزي وزو، و قرية 99 ينبوعا جمعة صهاريج في دائرة مقلع، شرق عاصمة الولاية، أو عين الحمام و بوزقان و تيزي راشد وغيرها من قرى جرجرة الشهيرة بكثرة ينابيعها.
حافظت النساء على هذا التقليد، رغم توفر الماء و الغسالات الكهربائية في أغلب البيوت القبائلية لتخفف على النساء عناء غسل الملابس بالأيادي، إلا أنّ هذه الينابيع المنتشرة في المنطقة، تشكل بالنسبة لهؤلاء النسوة المكان المفضل للترويح عن النفس و التحرر من مكبوتاتهنّ وكل ما يختلج في صدورهن بكل حرية.
تلتقي نساء القرى من مختلف الأعمار في هذه الينابيع لغسل الثياب، و لو كانت كميتها قليلة جدا، المهم بالنسبة إليهن أن يكسرن الروتين اليومي و يغيرن الأجواء التي يعشنها داخل البيوت، لقضاء ساعات من المرح و العمل في وقت واحد، و كذا الاستمتاع بهدير مياه ينابيع قرى جرجرة، على غرار ثلا مزيان وثلا مومن وثلا ماذل وثلا مقرن وثلا نسلام وثلا أوقليذ وغيرها، التي تتيح لهؤلاء النسوة فرصة اللقاء بين أحضانها للترفيه عن الذات و قضاء أوقات من المتعة ليشعرهنّ بالراحة النفسية.
بالرغم أنّ غسل الثياب و الأفرشة و الصوف في الينابيع من الأعمال الشاقة التي كانت تقوم بها المرأة القبائلية في السنوات الماضية، لعدم وفرة المياه في البيوت، إلا أنها تعتبر هذا العمل من الأمور التي لا تستغني عنها و جزء من أشغالها اليومية، و لا تزال تواظب عليها إلى غاية اليوم و لا يمكنها التخلي عنه مهما كانت الظروف ، فالخروج إلى الينابيع بالنسبة إليها هو وقت للاسترخاء والتسلية والاستمتاع بجلسات حميمية في الطبيعة والاستماع إلى خرير المياه التي تتدفق بغزارة من العيون و بين الصخور العالية لتنعش القلب والعين.
السيدة ليندة التي وجدناها بإحدى ينابيع مشطراس، رفقة مجموعة من النساء من مختلف الأعمار، قالت للنصر ، بأنها ماكثة بالبيت منذ انقطاعها عن الدراسة في المرحلة الابتدائية، و أسعد الأوقات بالنسبة إليها هي التي تقضيها في الينبوع الذي يبعد عن بيتها بحوالي 1 كلم، حيث تنتظر بلهفة موعد ذهابها إليه، لتلتقي بالنساء الماكثات في البيت مثلها، و يساعدن بعضهن البعض في غسل الثياب لإضفاء الحيوية و النشاط و خلق أجواء من الفرح و الراحة النفسية، لأنهن لا يلتقين كثيرا، إلا في مثل هذه المواقع التي تزين قرى جرجرة منذ قرون، فالينابيع ملجأ للنساء اللائي تضيق بهنّ الحياة ، و كاتمة لأسرارهن و مصدر سعادتهنّ و راحتهن النفسية.
سامية إخليف
يعتبرنها أيضا المكان المفضل للترويح عن النفس و الترفيه
- التفاصيل
-
الذكاء الاصطناعي..هل سيخدم البشرية؟
في ربيع عام 2023 وبعد أشهر قليلة من صدور روبوت الدردشة "شات جي بي تي"، نشر الرئيس التنفيذي لمنصة "إكس"، إيلون ماسك،...
هل سقط المجتمع الدولي في اختبار غزة؟
انتقد الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة في نيويورك،عمار بن جامع، في شهر فبراير، فشل مجلس الأمن في المصادقة على...
التنمية البشرية هل هي بيع للوهم؟
"أيقظ العملاق الذي بداخلك"، "كيف تصبح مليونيرا بثلاث خطوات؟"، "أطلق قواك الخفية".. لا شك أن العديد منكم سمع عبارات من...
كيف تحوّلت الجامعة إلى محرك للمقاولاتية؟
اتخذت الجزائر في السنوات الأخيرة إجراءات لإدماج المقاولين الشباب وحاملي الأفكار، في النسيج الاقتصادي النظامي ضمن...
الزراعة الذكية في الجزائر: كيف تحولت إلى خيار استراتيجي؟
تخوض الجزائر خلال السنوات الأخيرة تجارب نموذجية في مجال الزراعة الذكية مناخيا، فقد قدّم باحثون ومبتكرون وشركات متخصصة، حلولا مبتكرة...
زيارة الطبيب النفسي: هل ما تزال من الطابوهات؟
تقول منظمة الصحة العالمية إن شخصا واحدا من بين كل ثمانية أشخاص في العالم، يتعايش مع اعتلال من اعتلالات الصحة النفسية،...
هل يصنع العمل التطوعي فرص التوظيف؟
يُصنَّف العمل التطوعي كقطاع ثالث فاعل بعد القطاعين الحكومي والخاص، بالنظر لدوره الهام في تعزيز التنمية الاقتصادية، حيث أن...
كيف يُحقٍّقُ الوطن العربي أمنه الغذائي؟
حذّر تقرير أممي صدر شهر مارس، بأن مستويات الجوع وسوء التغذية قد وصلت إلى أرقام حرجة في المنطقة العربية، لاسيما بعد أن...
كيف يُنقذ جيل الأوزون قطاع الزراعة؟
أدى التغير المناخي وما يشهده من ظواهر طبيعية متطرفة أبرزها الجفاف، إلى زيادة مستويات الإجهاد المائي، في مقابل ذلك، زاد...
كيف نحمي أنفسنا من أمراض القلب؟
بحوالي 18 مليون شخص يموت كل عام، تُصنِّف منظمة الصحة العالمية، الأمراض القلبية الوعائية بأنها السبب الرئيسي للوفاة في...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)