*
مخبر يتحول إلى شركة عالمية متعددة الجنسيات
توج الدكتور جمال لكحل، الخبير الدولي في مجال ميكانيك الموائع الحسابية، بجائزة  وسام العالم الجزائري في طبعتها الـ 11 لسنة 2018، في حفل ضخم احتضنته قاعة الأوبرا بوعلام بسايح، بالجزائر العاصمة، بحضور مستشار رئيس الجمهورية، محمد علي بوغازي،  وعدد من العلماء الذين سبق وأن تم تتويجهم في الطبعات السابقة.
وفي تصريح للصحافة عقب تكريمه، بصواع نحاسي يعود تاريخ صناعته إلى حوالي 200 سنة، سهرة أول أمس السبت أعرب البروفيسور لكحل الأستاذ حاليا بالمدرسة المتعددة التقنيات بزيوريخ السويسرية، والخبير أيضا في الشؤون الطاقوية، عن تشريفه بهذه الجائزة داخل أرض الوطن، مثمنا هذه المبادرة التي قال أنها ‘’ تحفز العباقرة والباحثين الجزائريين على المزيد من العطاء، كل في مجال بحثه’’.
وبحسب منظمي الجائزة فقد جاء اختيار الدكتور جمال لكحل لتتويجه بطبعة 2018 من جائزة وسام العالم الجزائري نظير مساره العلمي الحافل وبحوثه الهامة التي أجراها في العديد من بلدان العالم وقدم من خلالها حلولا هامة للبشرية جمعاء في مختلف المجالات العلمية والتقنية، سيما في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكذا نظير ارتباطه الوثيق بالجزائر وحرصه على تلبية دعوات كل الجامعات الجزائرية والمؤسسات البحثية داخل أرض الوطن لعرض خبرته.
من باتنة إلى العالمية
البروفيسور لكحل المولود عام 1965 في باتنة، زاول دراسته بين جامعتي باتنة وبومرداس في تخصصين مختلفين وهما، الالكترونيك والطاقة على التوالي، حقق أولى أعماله البحثية في باتنة قبل 30 سنة وهي عبارة عن مشروع محرك نفاث إلى جانب عدة أعمال أخرى، عبارة عن مشاريع في مجالات ‹›ديناميكا المدينة›› والهندسة الكيميائية والأجهزة الطبية وكذلك التطبيقات الأمنية في حقول الطاقة النووية.
وبانتقاله لمواصلة الدراسة في فرنسا ‹›بحثا عن نفس جديد وأفق أرحب›› استقر المطاف بالبروفيسور لكحل ضمن مغامرته الأولى، بالمدرسة المركزية المرموقة بمدينة نانت بفرنسا وتخرج منها بشهادة الماجستير في تخصص ميكانيك الموائع سنة 1991 ثم على شهادة الدكتوراه في 1994 .
وفي الفترة ما بين 1995 و1997 تحصل الطالب على منحة من المفوضية الأوروبية للدراسة والبحث في ألمانيا ، حيث التحق بواحد من أشهر مخابرها وهو مخبر  كارلسلوه، المختص في البحوث الحربية والذي كان يعد بحوثا لفائدة الجيش الألماني.
وبعد جولة علمية أخرى في ألمانيا كانت المدرسة المتعددة التقنيات بزيوريخ السويسرية فرصة للباحث جمال لاختبار أفكاره أكثر، وهناك أجرى بحوثا برهن من خلالها على قوة أفكاره، حيث قام وفريقه البحثي الذي كونه باكتشاف أمور جديدة حول علاقة ميكانيك الموائع بـ « ميدان الطاقة: البترول، الطاقة النووية والموائع المجهرية».
وتشير سيرته الذاتية إلى أنه بعد تلقيه عدة عروض للعمل في عديد المراكز والمؤسسات البحثية في كل من فرنسا وسويسرا ، فضل الدكتور كمال لكحل في البداية تأسيس شركته الخاصة / أسكومب / وكانت في البداية عبارة عن مخبر للبحث داخل المدرسة المتعددة التقنيات بزيوريخ، قبل أن تتحول إلى شركة تشتغل في البحوث التطبيقية، تهتم بالبحث وتطوير منتجات ديناميكا الموائع الحسابية، لتتطور فيما بعد وتصبح شركة كبرى متعددة الجنسيات وتحت دائرته طبعا.
يتابع 47 مشروع استشارة عالمي بقيمة 14 مليون دولار
 شغل المتوج بوسام العالم الجزائري، منصب استاذ زائر في العديد من الجامعات من بينها معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وبالمعهد الملكي للتكنولوجيا باستكهولم في السويد وجامعة نيويورك، سانتا باربارا، والمدرسة العليا بباريس فضلا عن جامعة لندن.
ويعد الدكتور جمال لكحل – حسب سيرته الذاتية، ‹› المسؤول على تقييم المشاريع البحثية الخاصة بالمديرية العامة للطاقة التابعة للاتحاد الأوروبي والمشاريع البحثية الخاصة بوزارة الطاقة الأمريكية.
نشر الدكتور جمال لكحل حوالي 100 ورقة بحثية في مجلات علمية ودراسات واكثر من 120 ورقة علمية في مجالات عديدة لها صلة بالموائع والتوصيل الحراري.
وقام بمتابعة 47 مشروع استشارة في كل أنحاء العالم عبر شبكتي ‹›أسكومب ‹› وبقيمة تبلغ 14 مليون دولار أمريكي في مجالات عديدة منها، النفط والغاز، أنظمة الطاقة، الهندسة البيئية وهندسة العمليات كما قام بجمع تمويلات بحوث لـ 22 مشروع بحث لشركته فقط وحوالي 8 مشاريع أخرى في فترة تواجده بجامعة زيوريخ .
من جهة أخرى قام البروفيسور لكحل بإجراء محاكاة افتراضية لما يحدث للموائع التي تستعمل للتبريد داخل الأنابيب في المحطة الفضائية الأوربية وتوصل وفريقه البحثي إلى نتائج وظواهر لم تكن في الحسبان، حيث قاموا بنشرها فحققت شهرة واسعة.
أول باحث غير مقيم يحصل على منحة في أمريكا
ومن أهم التحديات التي ربح رهانها عندما أطلق الرئيس الأمريكي أوباما عام 2011 مجموعة من المشاريع الثورية في جميع المجالات، منها قطاع الطاقة النووية وذلك بإنشاء محطة للطاقة النووية الحرارية.
وقد طلب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من الدكتور جمال لكحل وفريقه المساعدة للفوز بهذا المشروع، غير أن العراقيل واجهت العالم الجزائري لانه غير مقيم في الولايات المتحدة ، وعندما فازت شركته بالصفقة كان الوحيد الذي قدمت له منحة للبحث في مشروع وطني أمريكي لغير مقيم، وقد تمكن  من إنجاز المهمة الموكلة بنجاح.
«النجاح الحقيقي يكون في أرض الوطن»
وعن علاقاته بالجزائر أكد أنها علاقة حب مواطن لوطنه وقال أنه يتردد على أرض الوطن بمعدل 6 مرات في السنة، سواء للعمل أو في إطار الزيارات العائلية.
وأكد للنصر بالماسبة بأنه يلبي منذ 20 سنة وإلى اليوم دعوة مختلف الجامعات والمعاهد والمدارس الوطنية العليا في أرض الوطن سواء من أجل المشاركة في الملتقيات والأيام الدراسية أو لتقديم محاضرات .
ويؤكد الخبير أن على الشباب والخريجين الجامعيين الجزائريين أن يقتنعوا بأن النجاح الحقيقي  هو ذلك الذي يحققونه داخل أرض الوطن وليس في الخارج.
تجدر الإشارة إلى أن ‹›وسام العالم الجزائري›› هي مؤسسة تنشط في المجال العلمي والثقافي، تأسست في 2007، وتهتم هذه المؤسسة حسب رئيسها الدكتور فوزي طه بتكريم الهيئات والشخصيات العلمية والثقافية، تنظيم التظاهرات الثقافية، والعامية (أيام إعلامية، معارض، ملتقيات، ندوات، برامج تكوينية، مسابقات...) إلى جانب نشر التراث الثقافي، والنتاج العلمي والفكري للعالم الجزائري. كما تهتم المؤسسة بإصدار نشريات، مطبوعات، ومجلات ثقافية.
وعن المقاييس التي تشترط لنيل هذه الجائزة يقول رئيسها ‹› تُسلم الجائزة لعالم جزائري خدم وطنه، فترك آثاراً علمية أو بحثية أو تربوية أو فكرية طبية، نفع بها البلاد والعباد، وهو تشريف للعالِم الجزائري، الذي برز بإبداعاته في مجال من مجالات المعرفة والعلم، وكان شرفاً لوطنه، ومنارة عالمية أعلت من شأن الجزائر، في المحافل العالمية والدولية. وسبق أن توج بجائزة وسام العالم الجزائري في طبعاتها العشر السابقة، كلّ من الدكاترة الأعلام،  شيخ المؤرخين «د. أبو القاسم سعد الله» (رحمه الله) والأديب الشاعر «د. محمد ناصر» والفيزيائي الفلكي «د. جمال ميموني»، والفيلسوف «د. عبد الرزاق قسوم» والأديب الصحفي «أ. محمد الهادي الحسني» وكذا «د. سعيد بويزري». والعالم الرياضي ‹›د. محمد بولنوار زيان›› والعالم العالمي البروفيسور ‹›د. كمال يوسف تومي›› والفقيه ‹›عبد الرحمن بعموري›› كما شمل التكريم بذات الجائزة على التوالي  البروفيسور «د. أحمد جبار» والبروفيسور «د. بلقاسم حبة» والمربي «د بن عيسى عبد النبي» وكذا رائد النشر في العالم الإسلامي «أ. محمد عدنان سالم».
ع / أسابع

الرجوع إلى الأعلى