رافقت النصر جمعية كافل اليتيم الخيرية لولاية البليدة في قافلة شتاء دافئ لأرامل وأيتام الجنوب، وشملت هذه القافلة عدة ولايات و ولايات منتدبة هي الأغواط، غرداية، المنيعة، تميميون، أدرار، وقدم أعضاء القافلة مساعدات مختلفة للأرامل والأيتام التي تم توزيعها بالتنسيق مع ممثلي المكاتب الولائية لجمعية كافل اليتيم الوطنية بهذه الولايات، وتمثلت هذه المساعدات في أغطية، مواد غذائية، مدافئ، ألبسة، بحيث تم تخصيص 04شاحنات ذات مقطورة لنقل هذه المساعدات للولايات المذكورة من ولاية البليدة إلى هذه الولايات.
روبورتاج: نورالدين عراب
وقدمت هذه القافلة التي تنظم للمرة الثانية بعد تلك التي نظمت في سنة 2017، صورة جملية للتضامن بين الجزائريين في كل ربوع الوطن، وعلى الرغم من بعد المسافة، بحيث قطعت القافلة مسافة 1500كيلومتر، إلا أن ذلك لم يمنع العشرات من الشباب المتطوعين من الوصول إلى مناطق مختلفة بصحرائنا الجميلة لتقديم مساعدات مختلفة، وعلى الرغم من أن هذه المساعدات كانت موجهة للأرامل والأيتام، إلا أنها حملت أبعادا مختلفة، بحيث رسمت هذه القافلة لوحة فنية جميلة عن وحدة وتضامن الجزائريين الذين لم يكن بعد المسافات ومشقة الطريق عائقا أمامهم في تقديم هذه الصورة الجميلة.
وحسب نائب رئيس جمعية كافل اليتيم بالبليدة وقائد القافلة خالد عاشوري فإن عدد العائلات التي استفادت من هذه المساعدات قد يتجاوز ألف عائلة بالولايات الجنوبية المذكورة، كما كشف عن إرسال قافلتين إلى كل من ولايتي سوق أهراس وأم البواقي، مضيفا بأن الرسالة الني يريدون تقديمها من خلال هذه القوافل هي رسائل التضامن والتآخي بين أبناء الوطن بشماله وجنوبه وشرقه وغربه، وتبادل الزيارات بين كل الجزائريين، مضيفا بأن إشراك الشباب المتطوعين في هذه القافلة الهدف منه غرس هذه القيم المختلفة لديهم.
انطلاق القافلة كان في حدود التاسعة صباحا من مقر جمعية كافل اليتيم بولاية البليدة ببني مراد، بعد أن تجمع أعضاء المكتب وعدد من المتطوعين من الذكور والإناث، أغلبهم من عنصر الشباب الذين ساهموا في جمع هذه المساعدات من خلال حملات التوعية والتحسيس التي شملت الفضاءات التجارية الكبرى بالولاية، ومساهمات المحسنين.
 وكانت أول محطة حطت بها القافلة هي مدينة الأغواط أين كان في استقبالهم أعضاء المكتب الولائي لجمعية كافل اليتيم بهذه الولاية، وبعد أن أخذ أعضاء القافلة قسطا من الراحة، توجهوا إلى المكتب الولائي، وتم توزيع مجموعة من المساعدات على أرامل وأيتام، ويذكر في هذا الإطار رئيس فرع كافل اليتيم بالأغواط عبد الحليم بوبرين بأن هذه القافلة على الرغم من رمزيتها، لكنها تحمل دلالات عدة، وترسخ قيم التضامن والتآخي بين الجزائريين، مشيرا في ذات السياق إلى أن عائلات الأرامل والأيتام بهذه الولاية بحاجة إلى مساعدات في شتى المجالات، مضيفا بأن بعض هذه العائلات عديمة الدخل، ومعيشتهم تتوقف على مساعدات المحسنين فقط، وقال بأن فرع كافل اليتيم يقدم مساعدات دورية لهذه العائلات، منها بعض الأرامل تتلقى منح شهرية، لكن يبقى ذلك حسبه غير كاف حسبه لتغطية كل حاجياتهم.
أزمة غرداية لم تقطع التعاون بين الاباضيين والمالكيين في خدمة اليتيم
يذكر رئيس فرع كافل اليتيم بغرداية أحمد النايلي بأن الأزمة التي شهدتها مدينة غرداية منذ سنتين لم تقطع التعاون بين الاباضيين والمالكيين في خدمة اليتيم، مشيرا إلى أن هناك تنسيق وتعاون بين أعيان المالكية والاباضية في مجال خدمة اليتيم والأرملة.
وفي السياق ذاته يذكر عدد من سكان غرداية بأن الحياة عادت من جديد إلى طبيعتها، واختفت معها التفرقة، وتشهد سوق مدينة غرداية إقبالا كبيرا للسياح من كل جهات الوطن.
أما فيما يخص المساعدات التي تقدم للأيتام يذكر رئيس فرع غرداية بأن جمعية كافل اليتيم تضمن الحد الأدنى من الحاجيات لهذه الفئة منها الكفالة التربوية، تقديم المساعدات المادية، الأدوات المدرسية، تنظيم الرحلات، الزواج الجماعي وغيرها
وفي هذا السياق يذكر أحد أعيان مدينة غرداية الشيخ الحاج موسى بأن اليتيم بحاجة إلى الحنان أكثر من حاجته إلى المساعدات المادية والمال، مضيفا بأن اليتيم بحاجة إلى كفالة عاطفية، والتوجيه والنصح والإرشاد، ويحتاج حسبه من يمثل عنده جانب الأبوة التي فقدها بفقدان والده.
أرامل وأيتام يقيمون في منازل طوبية تفتقد لدورات المياه بأدرار
يذكر رئيس فرع أدرار لجمعية كافل اليتيم عبد القادر بهيدي بأن وضع الأرامل والأيتام بهذه الولاية سيئ بالنسبة للعديد من العائلات، مشيرا إلى أن بعض العائلات تقيم في منازل طوبية لا تتوفر على دورات المياه، كما أنها تفتقد لأدنى شروط العيش الكريم، ويذكر نفس المتحدث بأن جمعية كافل اليتيم بأدرار قسمت فئة الأرامل والأيتام إلى 03أصناف، بحيث الصنف» أ» يضم العائلات التي لا تتوفر على أي دخل مادي، ويضيف بأن العائلات المصنفة في هذا التتريب أوضاعها جد سيئة، وبعض أبنائها غير متمدرسين، وتسعى الجمعية بما تملكه من إمكانيات لمساعدتها، من خلال توفير منحة شهرية لهم بحسب عدد أفراد العائلة، بحيث تتراوح المنحة ما بين 10آلاف إلى 20ألف دينار، أما التصنيف الثاني « ب» فيضم عائلات الأرامل والأيتام المتوسطة الحال، وتمنح لهم منح شهرية تصل إلى08آلاف دينار، أما الصنف» ج» فيضم عائلات الأرامل والأيتام التي تملك دخلا، في حين يحتاج الأيتام في هذا الصنف إلى الدعم المعنوي، كدروس الدعم المدرسي، الرحلات، المخيمات الصيفية وغيرها .
وخلال مرافقتنا للقافلة توجهنا إلى مدينة رقان، أين تم توزيع عدد من المساعدات التضامنية على عائلات الأرامل والأيتام، وقفنا على حالات مأساوية، منها أرملة مع أيتامها الخمسة، انهار منزلها كليا، ولم تجد من مأوى بعد ذلك إلا أن تتوجه إلى منزل شققيها الذي تقيم معه حاليا، في انتظار مساهمات المحسنين لبناء منزلها أو منحها سكنا جديدا من طرف السلطات المحلية.
وهذه الوضيعة السيئة التي وقفنا عليها على هذه الأرملة تشبه حالة مماثلة وقفنا عليها في القافلة الأولى في سنة 2017 بتمنطيط بأدرار، والمتعلقة بأرملة مع أبنائها يقيمون في سكن هش يفتقد لدورة مياه، ولما عدنا هذه المرة سألت عن حالتها، فتفاجأت بإحدى اليتيمات المدعوة» مبروكة» التي وجدناها في الرحلة السابقة على فراش المرض في هذا السكن الهش، لكنها اليوم هي إحدى المتطوعات في جمعية كافل اليتيم بأدرار والتي كانت من بين الذين استقبلوا القافلة هذه المرة، كما سألتها عن حالة العائلة، ووضع المسكن، فكانت إجابتها وهي تحمد الله على تحسن وضعها، وبشرتنا بأنه تم تشيد لهم مسكن من غرفتين، كما أن وضعها الصحي تحسن، وهي تعمل اليوم متطوعة في جمعية كافل اليتيم وتسعى لخدمة الأرامل والأيتام، وكانت هذه الفتاة طيلة تواجدنا في أدرار حريصة على خدمة أعضاء القافلة، وعينها لا تغفل عن كل صغيرة وكبيرة، ولم ينقطع اتصالها بأعضاء القافلة حتى عودتهم إلى البليدة، كما لم يتمالك شاب آخر متطوع في كافل اليتيم بأدرار نفسه وذرف الدموع أثناء مغادرة القافلة هذه المدينة.
ورشات لتكوين الأرامل في الحرف وتحويلهن إلى منتجات
يركز فرع جمعية كافل اليتيم بأدرار على تحويل الأرملة إلى امرأة منتجة، ولا تعتمد على المساعدات التي تصلها، بحيث سطرت الجمعية عدة ورشات تكوينية لفائدة الأرامل في مجال الخياطة وصناعة الحلويات، بهدف اكتسابهن هذه الحرف، إلى جانب مساعدتهن في الحصول على قروض من وكالة القرض المصغر ومحلات تجارية، حتى تتمكن الأرملة من توفير حاجياتها مما تنتجه، وهو نفس ما ذهبت إليه جمعية كافل اليتيم بالبليدة التي ركزت كثيرا ضمن أهدافها على تكوين المرأة لتتحول إلى منتجة، وعرف هذا المشروع تقدما ونجاحا كبيرا، ويشير في هذا الإطار أحد أعضاء القافلة بأن الأغطية التي سلمت كمساعدات ضمن قافلة الجنوب هي من إنتاج أرامل بالبليدة، بحيث تكفلت الجمعية باقتناء لهن أقمشة ثم خياطتها، لتكون ضمن المساعدات التي قدمت في هذه القافلة، وبالمقابل تحصلت الأرامل المنتجات بالبليدة على مستحقاتهن المادية، وتحولت بذلك الأرملة ضمن هذا المشروع إلى منتجة ومساهمة في نفس الوقت في فعل الخير ومساعدة أرامل وأيتام.
مواهب تكتشف لأول مرة في القافلة
كانت هذه القافلة التضامنية التي قطعت مسافة 1500كلم، فرصة لاكتشاف المواهب بين عدد من الشباب المتطوع في كافل اليتيم بالبليدة، خاصة في الإنشاد والغناء وترتيل القرآن، وتميز في هذا المجال الشابين يوسف وعبد الرحمان من فرع كافل اليتيم ببوفاريك، اللذين أمتعا أعضاء القافلة طيلة الرحلة بوصلات إنشادية وغنائية وتلاوة القرآن الكريم، ولم يكن أعضاء القافلة بعد بروز الشابين الموهوبين في حاجة لراديو أو شاشة تلفاز الحافلة لقضاء أوقات مريحة، كما استغل قائد القافلة خالد عاشوري موهبة الشابين يوسف وعبد الرحمان لتقديمهما في كل المحطات التي نزلت بها القافلة لتقديم وصلات إنشادية.
والمفاجأة التي اكتشفها أعضاء القافلة في مجال المواهب، ما برز به سائق الحافلة الذي يملك هو الآخر قدرات كبيرة في الإنشاد والغناء، كما أنه حافظ للقرآن الكريم كاملا، وتحول السائق الذي كان سريع الاندماج مع المجموعة إلى عضو نشيط وفعال، طيلة الرحلة، وفي الوقت الذي استسلم أغلب الأعضاء للتعب خلال العودة، كان السائق يتمتع بكل حيويته ونشاطه، وأثناء وصولنا إلى مشارف البليدة أمتع أعضاء القافلة بوصلات إنشادية بصوته الجميل الذي ينافس به الشباب، وفي نفس الوقت خلق الشاب إيهاب جوا متميزا بطرافته، خاصة قصته مع وجبة العشاء التي سقطت في اليوم الرابع من الرحلة
جلسات وسط الصحراء لشحن طاقة الشباب المتطوّع
استغل أعضاء جمعية كافل اليتيم هذه القافلة التي استمرت خمسة أيام لتكوينهم وتدريبهم في ميدان التطوع والإيثار، وغرس فيهم قيم التعاون والتضامن والاحترام، كما استغل قادة القافلة في اليوم الثاني الطريق الرابط بين المنيعة وتيميمون لأخذ قسط من الراحلة وتناول وجبة الإفطار، ثم جمع الشباب المتطوع في جلسة وسط الصحراء وكثبان الرمال لشحن طاقتهم في مجالات عدة، خاصة التطوع والانضباط وروح الجماعة، لاسيما وأن جمعية كافل اليتيم لولاية البليدة موردها الأساسي يتمثل في هذه الطاقة من الشباب الذين يشرفون على كل الأعمال الخيرية التي تقوم بها، خاصة حملات التحسيس والتوعية، وبذلك كانت هذه القافلة والرحلة الطويلة فرصة لشحن طاقتهم أكثر.
ليعود في الأخير أعضاء القافلة نحو البليدة في اليوم الخامس، وهم يحملون صورة جميلة عن تضامن وكرم أهلنا في الصحراء، بحيث حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة أنستهم الإرهاق والتعب وبعد المسافة، وتم الإجماع قبل الوصول إلى البليدة على ضرورة التكثيف من هذه القوافل من أجل تقوية جسور التواصل بين الشمال والجنوب، وجعل الجزائر عصية على كل من يريد قطع وحدتها.
ن -ع

 

الرجوع إلى الأعلى