عودة الاهتمام بالحدائق المنزلية
ازدهرت ثقافة غرس الأشجار المثمرة و نباتات الزينة في حدائق المنازل، بعد أن اجتاحها الإسمنت في السنوات الأخيرة، و هو ما لمسناه خلال موسم الغرس الحالي الممتد من شهر ديسمبر إلى أواخر شهر فيفري، حيث تعرف حاليا عديد مشتلات ولاية قسنطينة إقبالا كبيرا من المواطنين الراغبين في اقتناء شتلات لغرسها ، كما أكد مسيروها للنصر،  فيما يحذر مهندسون في الفلاحة من تلك التي تباع بشكل عشوائي على الأرصفة ، لأنها، حسبهم، غير مطابقة للشروط المطلوبة و لا تتوفر على بطاقة تقنية، مقدمين جملة من النصائح و التوجيهات بخصوص عملية الغرس و المؤشرات التي تدل على مرض الشتلة.  
موسم الغرس لهذه السنة تميز بعودة القسنطينيين للاهتمام بالمساحات الخضراء و بحدائق منازلهم ، خاصة بغرس أشجار اللارنج التي تشتهر بها قسنطينة المعروفة بتقطير الزهر ، يحدث هذا بعد أن فضل البعض في السنوات الأخيرة،  تحويل المساحات الخضراء المحيطة بمنازلهم إلى مستودعات و محلات لاستغلالها في أنشطة تجارية مربحة.
و في هذه السنة لاحظنا إقبال أصحاب المنازل الفردية ، على اقتناء شتلات لمختلف أنواع الثمار و الحمضيات و كذا أشجار الزينة من مشتلات معتمدة، أو لدى فلاحين يستغلون قارعة الطريق لبيع منتجاتهم.
و هو ما أكده كهل التقيناه بالمؤسسة الجهوية للهندسة الريفية أوراس،  مشتلة حامة بوزيان ، الذي قال بأنه قدم لاقتناء أشجار اللارنج و بعض شجيرات الزينة لإضفاء لمسة جمالية على البناية التي يقيم بها، موضحا بأنه لم يكن يهتم بحديقة بيته طيلة سنوات، نظرا لانشغالاته اليومية ، فامتلأت بالأعشاب الضارة ، لكنه قرر هذه السنة تنظيفها، و وضع الغدار «السماد» عليها، و تهيئتها لغرس عدد من الأشجار، بعد أن أعجب بما يقوم به جيرانه في هذا المجال، مشيرا إلى أنه فضل اقتناء شجيرات من المشتلة، لكونها تخضع للتحاليل من قبل مختصين، وبالتالي هي خالية من الأمراض و سعرها أقل من تلك التي تباع في الطرقات بنسبة تتجاوز 50 بالمئة، حيث يبلغ سعر الشتلة في المشتلة 300 دينار ، فيما يصل في السوق الموازية إلى 1200 دينار.
 هذه مؤشرات تدل على مرض الشجرة
 انتقلنا إلى المعهد التقني لزراعة أشجار الفواكه و الكروم بحامة بوزيان، المكلف بإنتاج شتلات الأشجار المثمرة، و فقالت المديرة المتخصصة في مجال الهندسة الفلاحية آمال بن زغبة  للنصر،  بأن عدد الطلبيات المقدمة على مستوى المعهد فاقت كمية الشتلات المنتجة، وذلك بمقدار 800 طلب، موضحة بأن هذه السنة تم تسجيل نقص في الإنتاج، و بالمقابل زاد و بشكل ملفت عدد الطلبيات، مضيفة بأن هذا الموسم مخصص للغرس، لأن الشجيرة تكون في مرحلة سبات، موضحة بأن الإنتاج الذي يوفره المعهد مضمون، كما أنه مطابق للمعايير المعمول بها .

و تحذر  المهندسة المهتمين بهذا المجال، من اقتناء الشتلات التي تباع في الأرصفة ، لكونها لا تخضع للتحاليل من قبل مراكز مختصة، كما أن هناك شتلات مغشوشة ، تباع دون جذور، داعية إلى اقتناء الشتلات من مشاتل معتمدة لضمان نوعيتها و صلاحيتها ، موضحة بخصوص العلامات التي تدل على مرض الشجرة ، بأنه من الضروري النظر إلى جذورها، فإذا  كانت بها مادة بيضاء تشبه العلك، مع بعض الحبيبات بجذعها، فإنها من بين مؤشرات مرضها.
من جهته أكد عبد الرحمن بوقندورة مهندس في الفلاحة في المعهد التقني، أن المعهد مختص في إنتاج الأشجار الوردية ذات النواة ،كشجيرات المشمش و الخوخ و حب الملوك و النكتارين و اللوز و الفستق الحلبي و الحمضيات و أشجار الزيتون، مؤكدا بأن المعهد لا يقوم ببيع أية شتلة دون أن تحمل بطاقة مطابقة يمنحها المركز الوطني للمصادقة على البذور و الشتلات بعد معاينتها و إخضاعها للتحاليل،  ويقدم نتائجها للمفتشية الولائية للصحة النباتية التابعة لمديرية المصالح الفلاحية،  و بعد الاطلاع عليها ، تقدم تقرير عن الحالة الصحية للشجرة، كما تحمل الشتلة اسم المشتلة وعنوانها   وكذا اسم الصنف  وتاريخ الإنتاج.
شجيرات مضمونة بأسعار رمزية في المشتلات المعتمدة
و بخصوص إنتاج شتلات الأشجار المثمرة قال المهندس بأنه يخضع لجملة من الشروط، في مقدمتها حجم الكيس الذي توضع فيه الشتلة، و على كل راغب في غرسها أن يلتزم بشروط الغرس، كترك مسافة 4 أمتار بين كل شجرة و أخرى، لتجنب تشابك جذورها، كما ينصح  المواطنين المهتمين بالغرس في الحدائق المنزلية بالامتناع عن غرس شجرة التين و التوت، و كذا الأشجار الغابية ، كالكاليتوس و الصنوبر و غيرها، لتميزها بجذور تمتد للأعماق و بإمكانها أن تلتف حول أساسات البيت و تلحق بها أضرارا، و ينصح المواطنين  بالاكتفاء بغرس الأشجار المثمرة .
محدثنا قال بأن مهام المعهد لا تتوقف عند الإنتاج، فهدفه الأسمى الدعم التقني، كالاستثمارات طويلة المدى، حيث يشرف التقنيون و المهندسون الفلاحيون على دراسة التربة و المناخ لمعرفة  مدى ملاءمة المنتوج لهما، بالإضافة إلى دراسة السوق، للتأكد من أن هذا النوع من المنتجات  يشهد استهلاكا واسعا بالمنطقة ، من أجل تغطية تكاليف الاستثمار .
المختصة في بيولوجيا النبات و المكلفة بالشؤون الإدارية و البيع في المؤسسة الجهوية للهندسة الريفية بمشتلة حامة بوزيان سارة قارة علي، قالت للنصر من جهتها، بأن هذه السنة تم تسجيل إقبال كبير من المواطنين على اقتناء الشتلات، خاصة شتلات اللارنج و الزيتون،  و يقدر سعر الشتلة بـ 250 دينارا، بالإضافة إلى الشتلات الغابية، كالصفصاف و الكاليتوس و الدردار و يقدر سعر كل شتلة منها 50 دينارا، و كذا شجيرات الزينة كالإكليل و الخزامى، موضحة بأن المؤسسة سجلت هذا الموسم ارتفاعا كبيرا في المبيعات بعد أن عرفت نوعا من الركود في السنوات الماضية.
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى