يؤكد حرفيون مختصون في الخزف الفني الموجه للديكور، بأن هذا المجال الإنتاجي قادر على أن يتحول إلى ثروة اقتصادية هامة إذا تم الاستثمار فيه كما يجب، خصوصا و أن المنتج الجزائري ذو بصمة خاصة و علامة فارقة في السوق الإفريقية، كما أن الطلب عليه يتزايد حتى في بلدان رائدة كإسبانيا، غير أن العائق الحقيقي وراء عدم تطور هذا المجال الحرفي، هو نقص المادة الأولية، فضلا عن بعض التصنيفات الجمركية التي تعرقل كل مساعي التصدير نحو الخارج.
حسب حميد هبري، حرفي في مجال الخزف الفني من العاصمة، التقته النصر مؤخرا خلال معرض للصناعات التقليدية بقسنطينة، فإن هذا المنتج بات مطلوبا جدا، خصوصا ما يتعلق بقطع الديكور من مزهريات و أباجورات و خزفيات متنوعة، نظرا لتطور تصاميمها التي تمتزج فيها اللمسة العصرية بالطابع التقليدي للمنمنمات الجزائرية التي تعكس تنوعنا الحضاري و خصوصيتنا الثقافية، إذ لا يقتصر الأمر فقط على الزخارف ذات الأشكال النباتية العاصمية، بل نجد أيضا الطابع البربري و طابع الطاسيلي، وهو ثراء يعزز ، كما عبر، خاصيتي  الجمالية و التميز و يزيد من اهتمام الأجانب بهذا المنتج.
و أكد الحرفي بأن المشاركات الجزائرية في المعارض الحرفية التي تقام في الخارج كثيرا ما تثمر طلبيات استيراد هامة من قبل أفارقة و أوروبيين، لكن المشكل يكمن في صعوبة تسويقها الفعلي، نظرا لصرامة الإجراءات الجمركية التي لا تقدم استثناءات للحرفين، حيث أن القانون ينص على أن أي ، عملية تصدير لابد وأن تتم عن طريق شركة تملك رخصة في هذا المجال، أي مؤسسة ذات طابع اقتصادي و تجاري، وهو ما يفتقر إليه الحرفيون، بالمقابل يعد تصدير المنتجات الحرفية و الخزفية آخر اهتمامات المصدرين الجزائريين، كما عبر، وهو حسبه، الأمر الذي يعرقل فعليا كل جهود تطوير الحرفة و إعطائها طابعا اقتصاديا منتجا للثروة.
الدفع الإلكتروني العائق الآخر
نفس المشكل طرحته الحرفية سليمة من البليدة، مشيرة إلى أنها استطاعت أن تروج لمنتجها الخزفي الموجه للديكور عن طريق حسابها على انستغرام، وتلقت عددا من العروض لتصدير بعض إبداعاتها إلى مصر و الكوت ديفوار، لكنها اصطدمت بالعائق الجمركي، و حتى عملية البيع بالتجزئة لم تنجح، بسبب مشكل  افتقار بلادنا لنظام الدفع المالي الإلكتروني عن طريق البنوك.
و أضافت المتحدثة بأن مشكلة هذه الحرفة لا تكمن فقط في التسويق، بل أيضا في  عدم توفر المادة الأولية المتمثلة في الطين البيضاء، بالإضافة إلى الألوان المستخدمة في التزيين، و التي يتم استيرادها عادة من إيطاليا و إسبانيا ، وهو نفس المشكل الذي طرحه  ناصر  حرفي من بومرداس، موضحا بأن المادة الأولية موجودة في بلادنا، لكن الاستثمار في استخراجها و تحويلها محدود جدا و لا يغطي الطلب، الأمر الذي ينعكس سلبا على أسعار المنتجات المصنوعة منها و التي تنطلق عموما من 300 دج لأبسط و أصغر قطعة، و تصل إلى 120 مليون سنتيم للقطع الفاخرة و الكبيرة.
منتج فاخر تحتكره الفنادق و البنوك والشركات
و أكد من جهته الحرفي حميد ، بأن  هذه الأسعار  حدت من نطاق السوق المحلية لخزف الزينة، فالمواطن البسيط ، حسبه، يهتم بالمنتج و يقبل عليه، لكنه كثيرا ما يصطدم بأسعاره المرتفعة و هو ما يدفعه للبحث عن المنتج المستورد الأقل سعرا و جودة ، مع ذلك يتم تسجيل إقبال متزايد من قبل أصحاب الشركات و البنوك و الفنادق و حتى بعض الهيئات الرسمية، على هذه القطع الخاصة بالديكور و الزينة، إذ يمكن القول حسبه، بأنهم يشكلون نسبة 80 بالمئة من زبائنها.
منع الاستيراد يهدد مستقبل الحرفة و يفرمل طموح التصدير
محدثونا أجمعوا أن مستقبل الحرفة مهدد و طموح التصدير قد يصطدم بواقع وقف الإنتاج نهائيا، بسبب انخفاض مخزون المواد الأولية لتصنيع الخزف، وذلك بعد إدراج مادتي «دهن الفخار» و»المساحيق المزججة»، ضمن قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد، والتي لم تراع، حسبهم، ضعف الإنتاج المحلي في تزويد السوق بالمواد الأساسية، والذي لا يغطي سوى ربع الطلب المحلي.
وشدّد المهنيون على ضرورة مراجعة قائمة المواد  الممنوعة من الاستيراد بالشكل الذي يضمن عدم توقف نشاطهم و غلق مؤسساتهم المصغرة و ورشاتهم التي باتت مهددة بسبب نفاد مخزونها من المواد الأولية ، خصوصا وأن المؤسسات الجزائرية المختصة في استخراج  ومعالجة الطين الأبيض لا تغطي  حاجات السوق المحلية من المواد الأولية، وهو ما سبب خللا كبيرا بين نسبة العرض و الطلب، كما عبروا، و ذلك على اعتبار أن هذا الإنتاج ليس موجها فقط لحرفيي الديكور، بل لمصنعي مواد البناء من بلاط و سيراميك كذلك.      
هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى