إقبال على لعبة "الكورة" و تحضير كسرة البيض و "البراج"
لا يزال عمي السعيد شعبي، أحد شيوخ بلدية عين عبيد بولاية قسنطينة، و أحد أبرز المحافظين على تراث المنطقة ، يربط شهر مارس بعادات  و تقاليد قديمة، و يعتبره موسم لعبة «الكَورَة» التقليدية، و حلويات «البراج» و كسرة البيض المزينة بمختلف الرسومات البربرية،
قبل حلول موسم جني المحاصيل الزراعية.  
عمي السعيد الذي التقته النصر أول أمس وهو يتوكأ على عصاه و قد تقدمت به السنون، قال لنا أن شهر مارس كان قديما موسما للترفيه، قبل حلول موسم الجد و الكد و التحضير لموسم جني مختلف المحاصيل الزراعية ، و موسم الحصاد.
 نسخة محلية من لعبة الهوكي
من بين الألعاب التي يمارسها الشباب في مارس ، أفضل شهور الربيع ، حسبه، لعبة «الكَورَة» و هي تشبه لعبة «الهوكي» الأمريكية، ولكنها تمارس في الحقول ، قبل أن تصبح الأعشاب كثيفة و تحصد مستقبلا لتستعمل ككلأ للمواشي.
و قال المتحدث أن موسم «الكَورَة» الذي يدوم على مدى شهر مارس، يبدأ بإحضار جذور «الجدرة « و هي نبتة برية تنمو من الجبال، ثم شراء عصى معقوفة الطرف تباع في هذا الموسم، في حين  يتخذ البعض من جريد النخيل أداة للعب.
يتشكل بعد ذلك فريقان، كل فريق يضم 8 لاعبين ، و يتم التنافس بين أبناء نفس القرية أو بعض المداشر من أعراش مختلفة، في أجواء تسودها البهجة و الحماس، و ذلك  كل مساء ربيعي إلى غاية غروب الشمس.
و أكد عمي السعيد أن لاعبي «الكَورَة»الذين تنشب بينهم بعض الخلافات أثناء المنافسات ، تنتهي عادة بالصلح حول قصعة الكسكسى أو «الشخشوخة» التي تعلوها قطع اللحم و مختلف خضر الربيع الطازجة.
نقوش  بربرية على رغيف موائد «مغرس»
تستغل ربات البيوت شهر مارس، لتحضير مختلف أنواع الكسرة المزينة بالبيض والمنقوشة بمختلف الرموز البربرية التي تزين عادة بها الأواني الفخارية التقليدية.
و في الأيام التي يكثر فيها اللبن والحليب والزبدة ، تحضر  النساء «البراج» الذي يطلق عليه البعض «كسرة الغرس»، باعتباره حلوى الموسم، الذي يتم تناوله مع اللبن الطازج، و لا تزال هذه الحلوى صامدة تتحدى الزمان و المكان، كرمز للربيع، رغم اندثار أغلب العادات والتقاليد الربيعية الأخرى.
و في أول ليلة من شهر مارس، تبادر العائلات  بإخراج المواشي و مختلف الحيوانات الأخرى التي تربيها ، من الإسطبلات إلى الزرائب، حفاظا على صحتها،  و ذكر مثلا شعبيا يدعم هذا التقليد و مفاده « هذا مغرس سري وعري «، أي  أن هواء هذا الموسم دواء و علاج للإنسان و الحيوان.
البراج  لا يزال صامدا

و  قبل انطلاق في التحضير لموسم الحصاد يحضر الفلاحون مكانا منبسطا «طرحة» لكي يتم فيه درس المرمز، ثم الفريك و الشعير والقمح لاحقا، بواسطة الحيوانات، بالموازاة مع جمع الكلأ.
و ذكر عمي السعيد أن الفلاحين كانوا يخرجون أبقارهم فجرا إلى الحقول، معتقدين أن نسيم الصباح مفيد لحيواناتهم التي تغير وبرها، فيما تنهض النساء باكرا من أجل تحضير اللبن و الكسرة لأفراد عائلاتهم، و تنظيف وكنس الزرائب الحيوانات، و هن يرددن
" الربيع شعشع نوارو ما أحلى حليبو و دهانو "
وبانتهاء موسم الربيع يدخل موسم الجد و الكد ، تحضيرا لجني مختلف المحاصيل الزراعية.
ص. رضوان

الرجوع إلى الأعلى