الحراك الشعبي  يرفع بورصة الراية الوطنية
ساهم الحراك الشعبي الذي تعيشه الجزائر منذ 22 فيفري الماضي، في انتعاش تجارة الأعلام الوطنية بشكل كبير ، لتتحول إلى مصدر رزق للكثير من الشباب البطال ، و مع تواصل المسيرات السلمية ، يتزايد الطلب على الرايات الوطنية التي تحولت إلى جزء لا يتجزأ من يوميات الجزائريين و الجميع يتوشح بها أو يحملها .
طاولات بيع الرايات الوطنية تكتسح الشوارع ، و زبائن من مختلف الفئات العمرية يحرصون على اقتنائها لاستعمالها خلال المسيرات السلمية ، بالمقابل استقطبت هذه التجارة الكثير من الشباب البطال و أصبحت تدر عليهم الكثير من المال.
الإنتاج الصيني يهزم  المحلي
اللافت أن أغلب الرايات التي تباع على الطاولات و المحلات هي صينية المنشأ، و تفوقت كما و نوعا على الإنتاج المحلي، نظرا للاعتماد على الطباعة الإلكترونية التي تضمن تقديم سلعة مميزة و بكميات كبيرة.
بالمقابل نسجل يدا عاملة محلية  ، تعمل في بعض الورشات بالجزائر ، و غالبا ما تعمل بشكل مناسباتي،  و لا يمكنها تلبية الطلب المتزايد على الرايات التي ارتبطت بالحراك الشعبي.  كما أن نوعيتها لا ترقى للمنافسة، بسبب انعدام الإتقان و الدقة في الصنع، و رداءة المادة الأولية ، ناهيك عن بعض الأخطاء التي يتم ارتكابها عند خياطة الأعلام، سواء في ما يتعلق بالحجم أو الشكل، و حتى أخطاء في الأشكال الهندسية.
في جولة قامت بها النصر بوسط مدينة قسنطينة، و تحديدا قرب قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة، التي تعد أهم نقطة لبيع الراية الوطنية وكذا بعض الرايات و الأكسسوارات الرياضية ، سألنا الباعة عن مدى الإقبال على اقتناء الرايات الوطنية، فأكدوا لنا أن نسب البيع تضاعفت بشكل خيالي،  و قال لنا البائع علي الذي يمتهن بيع الراية الوطنية منذ 14 سنة ،  أن الإقبال أضحى منقطع النظير و يتعدى نسبة 200 بالمئة، على حد تعبيره .
و منذ  سنوات لم تشهد هذه التجارة هذا القدر من  الانتعاش و الحجم الكبير من المبيعات ، إذا استثنينا ما حدث خلال المقابلة الشهيرة بين المنتخب الوطني و نظيره المصري بأم درمان، و كذا مشاركة المنتخب الجزائري بنهائيات كأس العالم لأكثر من مرة ، و مع اتساع رقعة الحراك الشعبي،  ترتفع نسب مبيعات الأعلام الوطنية من جمعة لأخرى.
زيادة الطلب يقابله نقص العرض
يقابل تزايد الطلب على الراية الوطنية  ، قلة العرض، نظرا لنقص المنتوج بالسوق ، و أرجع الكثير من الباعة السبب إلى النقص الكبير في المصانع الوطنية المتخصصة في صناعة الرايات، باستثناء بعض الورشات المحلية التي تصنع هذا المنتوج حسب الطلب، أو تزامنا مع بعض المناسبات ، و رغم توفر المنتوج الصيني الذي يكتسح السوق الوطنية، إلا أنه يبقى غير كاف لتغطية الطلب المتزايد.
 علما بأنه يوجد قطب  تجاري وحيد لبيع الأعلام بالجملة على مستوى سوق دبي بالعلمة، يقصده التجار و الباعة من كل أنحاء الوطن.
الملاحظ أن سوارات صوفية طبع عليها علم الجزائر، و قبعات بالألوان الوطنية تحمل عبارة «وان توثري فيفا لالجيري» ، تباع هي الأخرى إلى جانب الأعلام، و تلقى هي الأخرى رواجا كبيرا ، خاصة من قبل فئة الشباب و الأطفال لارتدائها خلال المسيرات السليمة .
باعة يطالبون بتقنين هذا النوع من التجارة
أكد عدد من باعة الأعلام الذين تحدثنا إليهم وسط مدينة قسنطينة ، أن الراية الجزائرية ساهمت كثيرا في إنجاح الحراك الشعبي ، نظرا للارتباط الروحي الكبير بين الشعب الجزائري و رايته الوطنية و تاريخه ، فأغلب الذين يشاركون  في المسيرات، يمنحهم  العلم الوطني الشجاعة و الدفع القوي للتعبير عن الانتماء لهذا الوطن و حبه.
حتى الباعة لم يبق هاجسهم الوحيد هو الربح، فهم يعتبرون أنفسهم طرفا في هذا التغيير من خلال بيع الرايات الوطنية ، فحتى هامش ربحهم  قليل، مقارنة بالأسعار المرتفعة التي يقتنون بها الأعلام من سوق الجملة، و دافعهم الأول حب الوطن .
و لا تخلو طاولات بيع الأعلام الوطنية من راية فلسطين، فالطلب عليها متزايد إلى جانب العلم الجزائري، و هي حاضرة بقوة خلال الحراك الشعبي، نظرا للعلاقة الأبدية بين الجزائر و فلسطين و الامتداد الروحي للقضية الفلسطينية عند الجزائريين.
و يرى باعة الأعلام، خاصة المتواجدين بالساحة المتاخمة لقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة، بأنه من الضروري تخصيص فضاء لممارسة تجارتهم، فرغم أنها مناسباتية، و غالبا ما ترتبط بالأحداث الرياضية قبل أن تصبح رمزا للحراك الشعبي، إلا أنهم يتعرضون إلى مضايقات كبيرة من قبل رجال الأمن، كما قالوا، لأنها تصنف كتجارة فوضوية غير مقننة .
هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى