الأيكيدو .. رياضة تقاتل لاستعادة عصرها الذهبي في الجزائر
يُجمع ممارسون وخبراء جزائريون في فن “الأيكيدو” القتالي، على أن هذه الرياضة اليابانية قد وجدت موطئا لها بالجزائر منذ حوالي 60 سنة، لتتحول إلى مدرسة إقليمية وقارية تكوّن فيها مدربون وخبراء من دول الجوار، قبل أن تتقهقر ويتراجع وجودها لحسابهم، في وقت غلبت عليها داخل الوطن، الفنون القتالية الأخرى لغياب الجانب التنافسي فيها ونقص المبادرات من الجهات الوصية. النصر التقت عددا من ممارسي هذه الرياضة ، على هامش التربص الدولي الذي نظم بقسنطينة
من طرف النادي القسنطيني للفنون القتالية، ونقلت طموحاتهم وتصوراتهم عن مستقبل الأيكيدو في الجزائر، لتعود إلى احتلال مكانتها القديمة في هذا المجال، الذي ساهمت فيه خلال السبعينيات كعضو مؤسس للاتحاد الدولي “للأيكيدو”.
جمعها : سامي حباطي
عميد ممارسي الأيكيدو  كربوز حاج بن علي
أتمنى رؤية كنفدرالية إفريقية مقرها الجزائر
أعرب أقدم ممارس لرياضة الأيكيدو في الجزائر، كربوز حاج بن علي، عن أمنيته بأن تنشأ كنفدرالية إفريقية لهذه الرياضة القتالية، ويكون مقرها بالجزائر، نظرا لتجربتها الرائدة في المجال.
وأوضح محدثنا، البالغ من العمر 80 سنة، قضى 55 منها في ممارسة رياضة الأيكيدو وتدريب الأجيال عليها ويحمل الدرجة السادسة من الحزام الأسود، بأن الجزائر تملك تجربة فريدة في هذه الرياضة، مقارنة بدول المغرب العربي وإفريقيا، مشيرا إلى أنها انطلقت في الجزائر العاصمة سنة 66، بدفعة كان عدد المنخرطين فيها لا يتجاوز العشرة، لكنهم توقفوا جميعا، فيما فضل هو المواصلة وقام بإنشاء أول مدرسة بولاية تقرت، في الصحراء الجزائرية.
وأضاف كربوز بأن الاستعمار الفرنسي كان يمنع الجزائريين من ممارسة الرياضات القتالية، باستثناء بعض من كانت لهم علاقات وطيدة مع فرنسيين، في حين توجه معظم الرياضيين إلى الجيدو بعد الاستقلال، قبل أن تنشأ أولى الفدراليات الخاصة بالرياضات القتالية في السبعينيات على يد أحد الرياضيين القدماء يدعى، عاشور رابح، وتتطور  بعد ذلك لتشمل عددا أكبر من المدارس، من ضمنها مدرسة الأيكيدو.
المجاهد و الممارس مخلوفي أحمد
التهميش منعنا من تطوير مستوانا لعشرين سنة
اعتبر مخلوفي أحمد الممارس للأيكيدو منذ السبعينات والحامل للحزام الأسود بدرجة سادسة، بأن التهميش منعه رفقة عدد آخر من رواد هذه الرياضة من تطوير مستواهم لحوالي عشرين سنة، مستنكرا عدم تقديم دبلومات لهم من طرف الفدرالية الجزائرية للفنون القتالية.
وقال عمي أحمد، المجاهد البالغ من العمر 76 سنة، الذي تكون على يديه 397 حاملا للحزام الأسود على مستوى الوطن، بأن المشكلة الأساسية في الجزائر تكمن في تهميش ممارسي رياضة الأيكيدو، وغياب مراكز التربص ذات المستوى الدولي، حيث أكد بأنه تحصل على دبلوم الدرجة السادسة من إيطاليا، ويعتبر واحد من 5 آخرين في الجزائر ممن يحملونه، لكنه لما تقرب من الفدرالية الجزائرية للفنون القتالية من أجل الحصول على شهادة معادلة، لم يتلق أكثر من شهادة ممارسة وتلقى وعودا بأن يسلم دبلوما منذ سنة، معتبرا بأنه أمر غير مقبول، ومشيرا إلى أنه سيقوم بإعادتها لرئيسها.
وأكد عمي أحمد، بأنه يدرب منذ ثمانينات القرن الماضي، ويعمل كحكم وطني دون أن يتلقى أي أجر على ذلك، موضحا بأنه قدم الكثير من التضحيات في سبيل تطوير نفسه، لكن عدم توفر الظروف المناسبة لم يسمح له ولرفقائه بتطوير أنفسهم وتجاوز مستوى الدرجة السادسة، فضلا عن حديثه عن تراجع هذه الرياضة في الجزائر مقارنة بدول المغربي العربي، الذين يوجد فيهم من يحملون الدرجة السابعة.
وتأسف محدثنا أيضا لعدم وجود مركبات تربص رياضية بالجزائر برغم توفر العديد من المناطق التي يمكن إنشاؤها بها، مشيرا إلى أنه خضع لتربصات بكل من تونس وفرنسا والإمارات العربية والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا ومناطق أخرى من العالم، كإسطنبول التي شارك فيها بتربص السنة الماضية رغم تقدم سنه، وجعلته رحلاته يتأكد من أن الجزائر تزخر بالمناطق الطبيعية الصالحة لإنشاء المراكز، لكن الأمر لم يتحقق بعد.
الممارس  نور الدين بورفع
رياضتنا ستحدث مفاجأة كبيرة في الجزائر
قال نور الدين بورفع ممارس الأيكيدو بالنادي القسنطيني للفنون القتالية، بأن انتشار هذه الرياضة سيشكل مفاجأة على مستوى الجزائر، مشيرا إلى أنها تساعد الجانب الصحي بشكل كبير.
وأوضح محدثنا، الذي يعمل ضابطا بالحماية المدنية أيضا، بأن “الأيكيدو” لا يتطلب طاقة كبيرة ويمكن لمختلف فئات المجتمع ممارسته، وخاصة العنصر النسائي، مؤكدا على أنه من أكثر الفنون القتالية فعالية، في حين أشار إلى أن النادي الذي شارك في إنشائه يعرف توسعا في نشاطه، حيث من المرتقب أن يتوجهوا إلى طوكيو، أصل هذه الرياضة.
رئيس اللجنة الوطنية للأيكيدو رويبح ناصر
لا يمكننا التعايش مع الفنون القتالية الأخرى بسبب غياب الجانب التنافسي
أوضح رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية “للأيكيدو”، رويبح ناصر، بأنه سيتم قريبا إنشاء فدرالية خاصة بهذه الرياضة، بسبب عدم قدرتها على التعايش مع الفنون القتالية الأخرى، لغياب جانب التنافس عنها.
ونبه محدثنا، الذي يحمل الدرجة السادسة من الحزام الأسود، بأن رياضة الأيكيدو في الجزائر تعرف زيادة من ناحية عدد المنخرطين والممارسين و المؤطرين، حيث توجد اليوم في 39 ولاية، بحوالي 25 ألف ممارس، والمئات من حاملي الأحزمة السوداء، مشيرا إلى أن الجزائر عضو مؤسس للاتحاد الدولي “للأيكيدو” سنة 1975، فيما أنشئت اتحادية وطنية خاصة بها سنة 92 قبل أن تُضم مرة أخرى إلى مدارس فنون قتالية أخرى، تحت لواء فدرالية واحدة، لكن عدم احتوائها على جانب المنافسات الرياضية يحتم إنشاء فدرالية خاصة بها، وهو ما وافق عليه وزير الشباب والرياضة مبدئيا وسيتم إيداع طلب بذلك في آجال قريبة.
وأضاف عضو لجنة الخبراء الأفارقة رويبح ناصر، بأنه تم إنشاء كنفدرالية إفريقية لهذه الرياضة منذ شهرين، حيث تعتبر الجزائر نائب رئيس فيها، في حين قال أن بعض الرياضات القتالية في الجزائر تلقى ترويجا وإشهارا، على عكس الأيكيدو الممارس في هدوء تام، فضلا عن أنه لا يتلقى أية إعانة مالية من الدولة ويتكفل المدربون فيه والممارسون بجميع التكاليف الخاصة بنقلهم والوسائل التي يحتاجونها، كما ستشارك الجزائر في المنتدى المتوسطي الذي سينعقد قبل نهاية السنة الجارية.

رئيس النادي القسنطيني للفنون القتالية هوام برهان
يجب على الجهات الوصية أن تدعمنا حتى نستطيع الاستمرار
شدد هوام برهان، رئيس النادي القسنطيني للفنون القتالية، على ضرورة توفير دعم السلطات الوصية لرياضة الأيكيدو حتى يتمكن ممارسوها من الاستمرار، مشيرا إلى أن الجمعيات تجد صعوبات كبيرة في العمل.
ونبه محدثنا، الذي يحمل الدرجة الثانية من الحزام الأسود، إلى أن المدرسة الخاصة للأيكيدو التي أسسها، تعمل بموارد خاصة وتغطي جميع نفقاتها بشكل مستقل، بالرغم من أنها منظمة وتنشط بصورة قانونية، في حين تواجه الكثير من الجمعيات مشاكل وتنتهي بالتوقف عن النشاط بسبب عدم قدرتها في كثير من الأحيان على الانخراط بالرابطة الوطنية للفنون القتالية، ومواجهتها لصعوبات مالية وعجز عن تأمين الرياضيين.
وأشار محدثنا إلى أن نادي الأيكيدو كالعائلة الواحدة، معتبرا إياها رياضة مفتوحة للجميع دون استثناء ولا يتطلب لياقة بدنية خاصة، أو قدرات خارقة، وهو يساعد أيضا في ضبط النفس والتخلص من التوتر والقلق.

عزوزة سهام مشرفة على نادي جيجل
عدد النساء الممارسات للأيكيدو في تزايد مستمر
أشارت المشرفة على نادي الأيكيدو لولاية جيجل، عزوزة سهام، بأن عدد الإناث المقبلات على ممارسة هذه الرياضة في تزايد مستمر، موضحة بأنها رياضة مسالمة وتدعو إلى نبذ العنف.
وذكرت سهام، بأنها أصبحت اليوم تلتقي بعدد كبير من الإناث الممارسات للأيكيدو في التربصات المنظمة بمختلف الولايات مقارنة بما كان عليه الوضع في السنوات السابقة، حيث لم تكن تجد أكثر من واحدة أو اثنتين، مشيرة إلى أن ممارسي الفنون القتالية الأخرى أيضا باتوا أكثر انفتاحا على الأيكيدو، من خلال تعلم تقنياته للمشاركة في البطولات، على غرار مجموعة من الفتيات الممارسات للكاراتي قصدنها لتعلم تقنيات السقوط تحضيرا لبطولة.
من جهة أخرى ذكرت محدثتنا أن العنف وصل لقاعات الرياضة أيضا، حيث باتت بعض المنافسات تشهد شجارات بين الممارسين، في حين نبهت إلى أن الأيكيدو من أكثر الرياضات سلما، لكونها رياضة دفاعية، واستدلت على كلامها بالفئات العمرية المختلفة التي تشرف على تدريبها في الصالة، لكنها مع ذلك تؤكد بأنه على المدرب أن يفرض الانضباط على الرياضيين أيضا.

الرجوع إلى الأعلى