امرأة أطلقت شرارة مظاهرات 11 ديسمبر بمدينة قسنطينة
أكد أمس، المجاهد محمد بن سبع بأن فتاة شابة هي من بدأت مظاهرات 11 ديسمبر بمدينة قسنطينة من أمام المقبرة المركزية، فيما انتقد عدم توافد الفئات الشابة على الندوات التاريخية.
ولم يكبح المجاهد محمد بن سبع البالغ من العمر 83 مشاعره وهو يتحدث عن الثورة التحريرية ومعاناة الشعب الجزائري من قمع فرنسا الاستعمارية في الندوة التي احتضنتها جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، حيث ألقى شهادة عن مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي شارك فيها، وأوضح بأن فتاة شابة كانت أول من بدأ المظاهرات في مدينة قسنطينة بعد أن رفعت العلم الجزائري أمام المقبرة المركزية، ليقتلها جنود الاستعمار. ونبّه المجاهد إلى ضرورة أن يبحث الأكاديميون في الوثائق والأرشيف من أجل كشف هوية هذه البطلة التي مازالت مجهولة إلى غاية اليوم، مثلما قال.
وسار الحديث بالمجاهد محمد بن سبع إلى محطات أخرى في مشواره الثوري الذي انطلق فيه مراهقا، فقد تحدث عن العملية التي نفذها المجاهدون في حي رحبة الصوف بقلب قسنطينة، وقاموا فيها باغتيال محافظ الشرطة الفرنسي سان مارسيلي، مضيفا بأنه كان يهوديا وعنصرا نشطا في المنظمة المتطرفة التي أنشأها اليهود وسميت بـ”اليد الحمراء”، حيث كان أفرادها يقومون بعمليات اغتيال في حق الجزائريين في الفترات الليلية، فضلا عن استهدافهم للثورة، في حين كان سان مارسيلي يستغل صفته كواحد من أبناء رحبة الصوف ويختلط بالجزائريين لجمع المعلومات عن الثوار. وقد نبّه المتحدث إلى أن الشهيد زيغود يوسف هو من أعطى الأمر بقتل المحافظ المذكور، في حين أوضح بأن رد السلطات الاستعمارية كان قاسيا، وقام جنودها بالقبض على حوالي 400 شخص من سكان المدينة القديمة ومنهم من قتلوا في الحادثة.
وانتقد محمد بن سبع عدم إقبال فئة الشباب من جيل اليوم على الندوات التاريخية حول الثورة التحريرية، حيث عبر عن الأمر قائلا “من المؤسف أن نجد أنفسنا في كثير من الأحيان أمام قاعات فارغة ونحن ندلي بشهاداتنا”، فيما استعرض على الحضور نسخة مصورة عن البطاقة التعريفية التي أعدها بوليس المستعمر له عند القبض عليه بتهمة الانتماء إلى جبهة التحرير الوطني خلال الثورة، مشيرا إلى قسوة التعذيب التي تعرض له، بتهشيم جميع أسنانه وتعريضه للصعقات الكهربائية.
وذهب المجاهد إلى القول أن أحفاد المستعمرين مازالوا يكنون الحقد للجزائريين ويبغضونهم استقلالهم، مشددا على ضرورة العمل على المحافظة على الجزائر مستقلة في المستقبل، ليعود إلى مظاهرات 11 ديسمبر 1960، حيث أشار إلى أن فرنسا الاستعمارية قابلت المتظاهرين من أبناء قسنطينة بالدبابات ووضعتها بالقرب من مقر البريد المركزي، موضحا بأنها جاءت ضد مبادرة ديغول التي حاول من خلالها مواربة الشعب الجزائري بشعار “الجزائر جزائرية” والأقدام السوداء أصحاب شعار “الجزائر فرنسية”. وقد رفع الجزائريون شعارا واحدا، بحسبه، وهو أن “الجزائر مستقلة”.  
سامي .ح

الأستاذ عزيز حداد من جامعة الأمير عبد القادر يصرّح
فرنسا الاستعمارية حاولت التفاوض  مع جبهة موازية من العملاء
صرّح الأستاذ عزيز حداد من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة أن فرنسا الاستعمارية حاولت التفاوض خلال الثورة مع جبهة موازية من العملاء، فيما شدد على ضرورة كتابة التاريخ بعيدا عن التعظيم والمبالغة.
وألقى الأستاذ عزيز حداد محاضرة بعنوان “مظاهرات 11 ديسمبر بين النوفمبرية والاستقلال”، أشار فيها إلى أنها كانت أول مظاهرات جزائرية يرفع فيها العلم الجزائري في عين تيموشنت عند انطلاقها يوم التاسع من شهر ديسمبر من السنة المذكورة، فيما أكد على أنها تندرج ضمن محطات الثورة الجزائرية التي كانت جميعها مرتبطة بعضها ببعض، وتنبثق من بيان أول نوفمبر، الذي اعتبره المحطة المفصلية في دخول العمل الثوري المضاد للاستعمار مرحلة جديدة، تتمثل في الحرب بالسلاح والسياسة، بعد 125 سنة من الاستعمار، عرفت فيها العقود الأولى من القرن العشرين بداية النشاط السياسي ضمن الحركة الوطنية الجزائرية.
وأوضح الأستاذ حدّاد أن مظاهرات 11 ديسمبر استمرت لحوالي أسبوع، بعد أن جاءت ردا على ديغول ومعارضيه من دعاة “الجزائر فرنسية”، فيما قال إن الثورة الجزائرية كانت تتكيف مع السياقات التي تدخل فيها، ليبقى بيان أول نوفمبر خطة العمل المستندة إليها دائما، في حين لفت إلى أن مظاهرات 11 ديسمبر قد نقلت الثورة إلى منبر الأمم المتحدة، بعد أن مهدت لها سبيل التدويل عدة محطات من قبل على غرار مؤتمر “باندونغ”.  
واستعاد المُحاضِر في حديثه عن ضرورة الالتزام بالروح الوطنية في كتابة التاريخ واجتناب التعظيم والمبالغة، مقولة للمؤرخ الجزائري أبو القاسم سعد الله تصب في نفس المنحى، موضحا بأن جمع الوثائق والشهادات والأرشيف لا يكفي لوحده، وإنما يجب التفكير في طريقة استغلال هذه القرائن التاريخية، “حتى لا تضيع الحقيقة”، مثلما قال. وأكّد رئيس قسم التاريخ بالجامعة في تدخل له خلال النقاش الذي جاء في آخر مرحلة من الندوة على ضرورة جمع الوثائق التاريخية الموجودة لدى الأفراد، مشيرا إلى أن الكثير منهم يفضلون الاحتفاظ بها لأنفسهم فضلا عن أن البعض منهم يرفضون حتى منح نسخ عنها للباحثين والجامعيين حتى يتمكنوا من القيام بأبحاث من خلالها.
وطرحت متدخلة سؤالا خلال النقاش حول رد فعل قيادة الثورة الجزائرية بعد القمع الذي تعرض له الجزائريون في مظاهرات 11 ديسمبر، حيث قال الأستاذ حداد إن الحكومة الجزائرية المؤقتة أصدرت آنذاك بيانا شجبت فيه العنف الذي مارسته السلطات الاستعمارية، وأوصت فيه الشعب بالالتفات حول جبهة التحرير الوطني والحكومة المؤقتة، فالسلطات الاستعمارية سعت دائما إلى العمل مع الطابور الخامس من الخونة وما سمّاه بـ”القوة الثالثة” وهي “جبهة أخرى لا تنتمي للجيش الفرنسي والمعمرين ولا لجبهة وجيش التحرير، وإنما هم عملاء، لكنها قوبلت برفض قاطع”، مثلما قال.
وقد طرحت قضية الجزائر بقوة على المستوى الدولي في عشرين ديسمبر من نفس السنة بعد المظاهرات وكانت الغلبة للطرف الجزائري، بحسب ما أكده نفس المصدر. وتخلل الندوة حديث عن الشاعر مفدي زكريا، حيث تأسف أحد المتدخلين لاتهامه بعدم الوطنية بعد الاستقلال، في حين اعتبر الأستاذ حداد أن إلياذته تتفوق على إلياذة هوميروس ويفوق حجمها الألف بيت، فضلا عن العشرات من الأبيات التي كتبها ولم تنشر بعد.
سامي .ح

المؤرخ عبد الستار حسين يؤكد
انتفاضة 11 ديسمبر لم تكن عفوية
نظم المتحف المركزي للجيش, أمس الاثنين احتفالية خاصة بإحياء الذكرى ال58 للذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960, بحضور مجاهدين وتلاميذ أتوا من مختلف الولايات.
وفي كلمة له خلال افتتاح هذه التظاهرة, أوضح مدير المتحف المركزي للجيش العقيد شوشان مراد أن الهدف من هذا الاحتفال هو «ابقاء جيل الاستقلال موصولا بقيم ومبادئ الثورة التحريرية وبالتاريخ الوطني الغني بالأحداث, حتى تبقى العبر راسخة في الذاكرة الجماعية للأمة « داعيا الشباب الى «التمعن في الدروس والعبر المستخلصة من ملاحم ثورة نوفمبر 1954 «
وبهذه المناسبة ألقى المؤرخ عبد الستار حسين محاضرة تاريخية حول انتفاضة ديسمبر 1960 , أبرز خلالها أن هذه المحطة التاريخية «لم تكن عفوية بل تندرج في صميم خطط جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني* مستدلا بـ « تأسيس قيادة الثورة أسابيع قبل هذه المظاهرات للجنة سرية عليا أعدت تقريرا بخصوص مدى قابلية الشعب للخروج الى الشارع والانتفاض ضد المخططات الاستعمارية».
و تم خلال هذه الوقفة التاريخية عرض فيلم وثائقي بعنوان (نوفمبر الطريق الى نصر), وعرض المجاهد بوروبي عبد القادر شهادته الحية حول التحضير لهذه المظاهرات والمواجهة «الوحشية « للاستعمار الفرنسي للمتظاهرين في أحياء مدينة الجزائر , مؤكدا أن هذه المظاهرات «عمقت من التفاف الشعب الجزائري حول ثورته وقيادتها» الامر الذي عجل - كما أضاف -» برضوخ الاستعمار الفرنسي الى الأمر الواقع وقبول مفاوضات مع جبهة التحرير الوطني باعتبارها ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الجزائري».
كما تم بالمناسبة تدشين معرض للصور والوثائق التاريخية التي تتناول مظاهرات 11 ديسمبر 1960 , وسيدوم هذا المعرض أسبوعا كاملا لتمكين زائريه من التعرف على تفاصيل هذا الحدث التاريخي الهام في مسار الثورة التحريرية.
وأج

الرجوع إلى الأعلى