المرأة القبائلية تتمسّك بعادة جلب المياه من الينابيع
لا يزال جلب المياه الصالحة للشرب من الينابيع الطبيعية في قرى تيزي وزو، يشكل جزءا من العمل اليومي للمرأة القبائلية منذ سنوات طويلة و إلى غاية اليوم على مدار أيام السنة، فبعد انتهاء ربة البيت من أشغال البيت كالطبخ و الغسيل و غيرها من الأعمال اليومية، تقوم بحمل أوان فخارية، أو ما يسمى محليا «أساقوم» أو القارورات البلاستيكية ، و تتوجه بها إلى الينابيع الطبيعية التي لا تزال منذ القدم موجودة في كل قرية و ذلك من أجل جلب الماء للشرب و الطبخ.
في السنوات الماضية كانت المرأة تقوم بذلك ، بسبب انعدام هذه المادة الحيوية في البيوت، إلا أنها استمرت إلى غاية اليوم، رغم أن الحنفيات لا تجف في معظم البيوت،  و لا تزال المرأة تواظب على مهمة جلب الماء من الينابيع طوال أيام السنة، و تعتبر هذه المهمة من بين أعمالها اليومية الضرورية التي لا بد من القيام بها و لا يمكن التخلي عنها ، مهما كانت الظروف، و رغم أنه عمل شاق و متعب، إلا أنها تنتظر بلهفة موعد ذهابها إلى الينابيع، خاصة إذا تعلق الأمر بالنساء الماكثات في البيوت، حيث يعتبرن الأمر نزهة بين أحضان الطبيعة و تسلية و ترويح عن النفس، لأنهن لا يلتقين عموما إلا في هذا المكان الذي يتم فيه أيضا اختيار عرائس لأبنائهنّ. و لأجل تفادي الاكتظاظ في الينابيع و انتظار الأدوار في طوابير طويلة، أو اختلاط الرجال بالنساء، تقوم لجان القرى أو ما يسمى «ثجماعث» بتنظيم مواعيد الذهاب إلى هذه الينابيع و على الجميع احترام التوقيت، فعلى سبيل المثال تذهب النساء في قرية قمودة ببلدية تيزي وزو إلى  «ثالا» أو الينبوع،  في الفترة الصباحية قبل الساعة العاشرة، أما الرجال فيذهبون ابتداء من الساعة الواحدة بعد الظهر.
أما في منطقة إيعكوران، فتجد المارة يصطفون أمام الينابيع التي كسبت شهرة واسعة و أصبح الجميع يتهافت على مياهها العذبة، خاصة و أن بعضها لها خصائص علاجية أهمها تفتيت حصى الكلى، و يزدحم حولها المارة و الزوار من أجل ملأ القارورات، خاصة سكان قرى المنطقة الذين يعانون من أزمة المياه الشروب و جفاف حنفياتهم عن السيلان على مدار العام، و يعتمدون بشكل أساسي على مياه الينابيع للشرب و مختلف الاستعمالات اليومية.
نفس الشيء بالنسبة ل «ثالا نزاوش»، الكائنة على مستوى الطريق الوطني رقم 12، الرابط بين ولايتي تيزي وزو و بجاية ، حيث لا يمكن للمارة ، خاصة أصحاب السيارات، المرور أمامها ، دون أن يتوقفوا لتذوق عذوبة مياهها الطبيعية الباردة التي تتدفق بغزارة، دون انقطاع، كما يقصدها سكان تيزي راشد، كونها غير بعيدة عن المنطقة.من جهتها تشتهر قرية جمعة صهاريج في دائرة مقلع،  بينابيعها ال 99 ، على غرار ينبوع مزيان و  ثلا مومن  و  ثالة ماذل و ثالة مقرن، و  بعضها تعود إلى العهد الروماني، و تعتبر هذه الينابيع المصدر الأول للمياه لسكان القرى المجاورة للقرية منذ مئات السنين، و تقصدها النساء لجلب الماء يوميا، و يقمن بغسل الثياب هناك، و هي عادة لا تزال تحافظ عليها نساء المنطقة و اعتادت عليها منذ زمن بعيد إلى غاية اليوم.كما تعتبر هذه الينابيع بالنسبة لنساء القرية فرصة لقضاء وقت ممتع، خاصة و أنهنّ  يساعدن بعضهن البعض في غسل الثياب، حتى لا يشعرن بالتعب أو الملل، و يعدن بعد الانتهاء من هذا العمل معا إلى بيوتهنّ.
سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى