حذر أمس مختصون و مهندسون في مجال الصحة و المدينة، من خطورة المدن الجزائرية على فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدين بأن البيئة الحضرية، لا تتوفر بها أدنى المقومات التي تساعد على «الوصولية» بالنسبة للفرد المعاق، مطالبين الجهات الوصية بتكوين المنتخبين و التقنيين في هذا المجال الذي بات ضروريا، حسبهم، من أجل حماية هذا الجزء من المجتمع.
و نظمت مديرية النشاط الاجتماعي و التضامن بقسنطينة، بالتنسيق مع معهد تسيير التقنيات الحضرية و مخبر المدينة و الصحة، يوما دراسيا، بعنوان «المدينة الجزائرية و إمكانية الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة»، و ذلك على مستوى المركز الوطني لتكوين المستخدمين المختصين بمؤسسات المعاقين، حيث حضره عدة مختصين في مجال الهندسة المعمارية و البيئة و الصحة، و عرضت مداخلات في هذا المجال، معظمها دراسات أعدت سابقا، هدفها منح حلول لجعل فئة ذوي الاحتياجات الخاصة تعيش و تتنقل في أريحية داخل البيئة الحضرية، أي ما يسمى علميا بـ «الوصولية»، و هي أمور لا تتوفر في المدن الجزائرية، أو تنعدم تماما، حسبما أجمع عليه المتدخلون.
و تحدث المحاضرون عن نقص كبير في المراكز أو الهيئات التي تعمل في مجال التكوين أو إعداد دراسات حول الوصولية، و من بين هذه الهيئات القليلة مخبر المدينة و الصحة، الذي أسسه عدة خبراء و مهندسين جزائريين سنة 2005، حيث عملوا منذ ذلك الحين على تطوير بحوث و دراسات في هذا المجال، من خلال تنظيم أيام دراسية و ملتقيات وطنية و دولية، و من بين مؤسسيه الدكتورة بجامعة قسنطينة سهام بسطانجي، و الدكتور يوسف صائغي الذي أوضح في تصريح للنصر، بأن مفهوم الوصولية، يقصد به قدرة المعاق على الوصول إلى ما يريده دون الحاجة إلى مساعدة الآخر، أي يكون له القدرة على الخروج من منزله و استعمال وسائل النقل، و الدخول إلى العمل أو الجامعة، و حتى الإدارة العمومية، و التنقل بداخلها بحرية، و ذلك من دون أن يطلب المساعدة من أي شخص كان، و هو أمر مستحيل في الوقت الحالي، حسبما يضيف الدكتور.
و أشار محدثنا بأن البيئة الحضرية الجزائرية، لا تتوفر على أدنى شروط الوصولية، انطلاقا من العمارات التي لا تضم مصاعد أو سلالم  كهربائية، و مداخلها غير المتوفرة على المستوى المنحدر، و الأرصفة الضيقة، و الحافلات و سيارات الأجرة غير المهيأة لصعود المعاقين، و حظائر الركن التي لا تحتوي على أماكن مخصصة لركن سيارات أصحاب الإعاقة، و غير ذلك من العراقيل التي يواجهها المعاق في حياته اليومية الصعبة، حسبما يؤكد صائغي، الذي طالب الجهات المسؤولة بضرورة تكوين المنتخبين و كذا التقنيين، و كل من له علاقة بإعداد دراسات البناء و تهيئة المدن، باعتبارهم المسؤولين المباشرين على توفير الوصولية، مؤكدا بأن الجزائر تتوفر على ترسانة قانونية في هذا المجال، غير أن تفعيلها غائب تماما.
عبد الرزاق.م

الرجوع إلى الأعلى