إعادة الاعتبار و تهيئة كاف الزوابق.. الشاهد الشامخ  على جرائم فرنسا
لو أخذنا كاف الزوابق بمنطقة حمام أولاد عاشور ببلدية العياضي برباس في ولاية ميلة، لوحده ، لكان أقوى شاهد على فظاعة جرائم فرنسا الاستعمارية ضد الإنسانية، فقد كان جنودها يلقون من علوه الشاهق بالمجاهدين و عموم الجزائريين، دون أن تتحرك ضمائرهم  الميتة و ذلك بعد تسليط أقسى أنواع التعذيب عليهم في السجن الأحمر.  
          عمد جلادو فرنسا و قتلتها خلال الحقبة الاستعمارية إلى تحويل الأسرى والموقوفين من جنود ثورة التحرير و بقية الجزائريين حال الانتهاء من تسليط أنواع التعذيب النفسي والجسدي عليهم ، قبل و أثناء وبعد استنطاقهم بالسجن الأحمر بفرجيوة، إلى كاف الزوابق ، في آخر مشهد درامي لسلسلة التعذيب و التنكيل ، حيث يدفع بهم الطغاة و أياديهم مكبلة إلى  الخلف من علو الكاف الشاهق، نحو هاوية أسفل الوادي، بغية التخلص منهم في سرية، دون أن يتركوا شواهد إدانتهم،  ودون أن تترك لضحاياهم أية فرصة للنجاة أو يسمح لإخوانهم باستخراج جثامينهم من أسفل الوادي لدفنها، فلا تنهشها الحيوانات أو تجرفها المياه، كما كان يحدث لمعظم الشهداء.
فروع الأشجار أنقذت بعض الضحايا
الملفت أن بعض الضحايا علقت أجسادهم، قبل وصولها إلى الهاوية، بفروع بعض الأشجار التي كانت مغروسة على جوانب الكاف،  فكتبت لهم الحياة مجددا بعدما تمكن إخوانهم من سكان المنطقة، حسب الشهادات التاريخية المسجلة والموثقة، من نجدتهم وإخراجهم بعد مغادرة القتلة لعين المكان، دون أن يتفطنوا بأنهم لا يزالوا على قيد الحياة.
و قد عمدت السلطات المحلية في إطار الحفاظ على الذاكرة الجماعية و الحرص على توريث محطات خالدة في ثورتنا المباركة من جيل لآخر، لكي لا ينسى الجزائريون ما فعلته فرنسا الاستعمارية بالعباد في هذه المنطقة التاريخية بالذات،  عمدت السلطات المحلية ببلدية العياضي برباس في إطار مخطط التنمية البلدية، إلى تخليد الموقع بصفته من مآثر ثورة التحرير ومعالمها البارزة، فقامت بتهيئته و إضفاء حلة جديدة له ليصبح مقصدا للدارسين و الباحثين و مسلكا مهما للزوار والسياح.

تهيئة الموقع التاريخي لاستقطاب الباحثين و السياح
لقد أقامت السلطات مشاريع استثمارية قرب الموقع، و فتحت محلات تجارية، و مقهى و  نزل مساحات مهيئة ومواقف للسيارات، لتشكل دخلا معتبرا لخزينة البلدية، و تثمن أكثر ممتلكاتها ومواردها مستغلة في ذلك الحمام الطبيعي الذي يقصده الناس يوميا من كل مكان، طلبا للراحة وللعلاج بمياهه المعدنية المتوفرة في أحواض فردية وجماعية  و التي ينصح بها الأطباء لعلاج أمراض العظام والمفاصل  .
المعلم التاريخي كاف الزوابق أعيد له الاعتبار مؤخرا، فتمت تهيئته و بني به  مدرج يسمح للزائرين بالوقوف على حقيقة علو الكاف الشاهق، وهو العلو الذي لا يترك أية فرصة لمن يسقط منه للنجاة، إلا إذا تدخلت إرادة الله وأبطلت كيد الكائدين، كما حصل مع أحد المجاهدين في الحقبة الاستعمارية.
و قد تم ربط ضفتي الوادي الذي يوجد أسفل الكاف ببعضهما البعض، وهو ما سهل حركة مرور سكان الضفتين وتواصلهم اليومي ،  بعدما كانت مياه الوادي و الأوحال إلى وقت قريب تمنع مرورهم و تواصلهم.
إبراهيم شليغم

الرجوع إلى الأعلى