يؤكد منتخبون من مجالس شعبية بلدية مختلفة، في ندوة النصر، بأن العلاقة المتأزمة بين منتخبي البلديات والمواطنين تعود إلى عدة عوامل، تسببت في خلق حالة متفاوتة من انعدام الثقة في الأشخاص الذين منحوهم أصواتهم لتمثيلهم، وفي طرح مطالب مبالغ فيها تخرج في كثير من الأحيان عن صلاحيات البلدية، التي تظل رغم كل المشاكل المسجلة القناة الأولى التي يلجأ إليها السكان لحل مشاكلهم، كما أنها الهيئة الإدارية العمومية التي يترددون عليها أكثر من غيرها لأسباب مختلفة.
ندوة من إعداد: سامي حباطي
النصر التقت بمجموعة من المنتخبين على هامش اختتام التكوين الوطني لإطارات الجماعات المحلية حول الديمقراطية التشاركية بقسنطينة ونقلت آراءهم.
حسين قروش منتخب ببلدية عين عبيد
ثقة المواطن تنبع من شخصية المنتخب
يرى نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي لعين عبيد بقسنطينة ورئيسه الأسبق، حسين قروش، بأن الثقة بين المواطن والمنتخب المحلي ترتكز أساسا على ثقة المنتخب في نفسه وقدراته على إقناع الآخرين، حيث أوضح بأن توفر العاملين المذكورين يجعلان منه قادرا على التكفل بانشغالات المواطنين والتعامل معهم بشكل جيد.
وأضاف محدثنا بأن انتهاج أسلوب الكذب وإخفاء الحقائق، هو أكثر ما يقود إلى تأزم العلاقة بين عضو المجلس الشعبي البلدي و المواطنين الذين سيكتشفون الأمر في النهاية، مشيرا إلى أن الصدق سيسمح بتدارك غضبهم مهما كان كبيرا، في حين اعتبر بأن محاولة المراوغة والتعامل بطرق ملتوية لا تؤدي إلا إلى توسيع الهوة بين الطرفين والوصول إلى الانسداد التام. ونبه نفس المصدر بأن أخطاء المنتخبين الآخرين أدت أيضا إلى تشويه صورة البلدية وخلفت أفكارا سلبية ونمطية عنهم، حيث قال إنه شهد محاولات مراوغة من طرف بعض المنتخبين خلال العهدة التي كان فيها “ميرا” على عين عبيد وقام بمنعهم من ذلك.
من جهة أخرى، قال نائب رئيس مجلس عين عبيد إن التحدي الأصعب بالنسبة لأي رئيس بلدية، يأتي من عدم قدرته على اختيار الأشخاص الذين سيقاسمونه التسيير، معتبرا بأن لكل منتخب ذهنيته الخاصة، كما أن المُرشح لترأس المجلس ليس مسؤولا عن القوائم التي تشارك بها الأحزاب الأخرى، وقد يجد نفسه مضطرا إلى انتقاء منتخبين منها لتكليفهم بمهام تتجاوز ما يتمتعون به من مؤهلات وقدرتهم على الإلمام بها لضمان التوازن.

جميلة ضيف الله منتخبة من عين تيموشنت
الديمقراطية التمثيلية أصبحت محدودة ويجب إشراك المواطن
اعتبرت المنتخبة جميلة ضيف الله من بلدية أغلال بولاية عين تيموشنت، بأن الديمقراطية التمثيلية أصبحت محدودة في المجالس المحلية ما يستوجب إشراك المواطن في عملية التسيير، بعد أن فقد، بحسبها، الثقة في الإدارة.
وأضافت محدثتنا بأن المجالس المحلية بكل هياكلها، مسخرة لتلبية مطالب المواطنين ولخدمتهم، لكن ثقة الأخيرين في الإدارة قد فُقدت، فأصبح المواطن، بحسبها، لا يُعرف من طرف المنتخبين المحليين إلا في المواعيد الانتخابية من أجل التصويت. وأوضحت المنتخبة بأن قانون الميزانية التشاركية قادر على إعادة خلق الحلقة المفقودة، فضلا عن أنها تستطيع تقريب المواطن المعزول من مركز صنع القرار ببلديته.
ويتجسد انعدام الثقة بين المواطن والبلديات، بحسبها، في الكثير من الممارسات السلبية، على غرار تخريب المشاريع العمومية التي تجسدها البلدية لخدمته، كالملاعب وساحات الأطفال، حيث نبهت بأن السؤال حول سبب قيامه بمثل هذه الأمور لا يُطرح أبدا. من جهة أخرى، قالت المنتخبة إن الديمقراطية التمثيلية أصحبت محدودة وهو من أسباب فقدان الثقة، ما يستوجب، بحسبها، إعادة المواطن كعنصر مشارك في التنمية المحلية للمنطقة التي يعيش فيها.

المنتخب صهيب بن جاب الله من بلدية ديدوش مراد
الصراعات السياسية تؤثر على السير الحسن للمجلس
اعتبر نائب رئيس بلدية ديدوش مراد بقسنطينة صهيب بن جاب الله، بأن الصراعات السياسية تؤثر على السير الحسن لنشاط البلدية، لكنه نفى وجود انعدام للثقة بين المنتخبين والمواطنين.
وقال محدثنا إن للصراعات السياسية تأثيرا سلبيا كبيرا على نشاط المجالس البلدية، وتؤدي في كثير من الأحيان إلى التشويش على صورتها وخلق حالة من انعدام الثقة، ما يعرقل، بحسبه، عمل اللجان ويحط من قيمة اقتراحاتها في مختلف المجالات. وأضاف نفس المصدر بأن المداولات تهدف إلى التكفل قبل كل شيء بمطالب المواطنين، لكن البلدية قد لا تتمكن من التكفل ببعض المطالب رغم أنها مشروعة، نافيا وجود انعدام للثقة بين المنتخبين والممثلين بهم، لأن الباب الأول الذي يطرقه المواطن دائما بحثا عن الحلول هو البلدية وفي مجالات مختلفة، كالسكن أو التزويد بالمياه أو المشاكل الإدارية، فضلا عن الأعداد الكبيرة من الذين ينتخبون ممثليهم في المحليات، لأن البلدية هي همزة الوصل مع الإدارة، على حد تعبيره.
وقال المنتخب أيضا إن المشكلة الأكبر تتمثل في ضعف الموارد المادية والميزانيات المخصصة للكثير من البلديات، مشيرا إلى أن عدد البلديات المكتفية على المستوى الوطني لا يتجاوز 400، في حين لا يمكن للقاطنين بتلك الفقيرة تغيير مساكنهم وليس ذنبهم أن تكون بلديتهم فقيرة، ما يجعلهم يلقون باللوم على “المير” والعاملين معه. وأضاف محدثنا بالقول إن البلدية هي الهيئة العمومية التي تستقبل العدد الأكبر من المواطنين، لكن بعض المطالب تخرج أحيانا عن نطاق صلاحياتها، أو يقع جزء بسيط منها في مسؤوليات البلدية، ما يجعلها غير قادرة على التكفل بها.

مدير مركز تكوين الجماعات المحلية بقسنطينة
يجب تعزيز حضور المواطنين في دورات المجالس البلدية
قال مدير المركز الوطني لتكوين مستخدمي الجماعات المحلية بقسنطينة، محمد خراجي، إنه يجب تعزيز حضور المواطنين لدورات البلدية لإعادة الثقة المفقودة نتيجة غياب المصداقية.
وأوضح المسؤول بأن إعادة الثقة بين المواطن والمنتخبين، يجب أن تبدأ من إعادة الاعتبار للنصوص القانونية التي تنص على حضور المواطنين لدورات المجالس البلدية، فضلا عن نشر برنامج الدورات والمحاور التي ستدور عليها بشكل علني، من أجل تحقيق تواصل دائم، فكثير من البلديات تنظم، بحسبه، دوراتها دون أن يعلم أحد من سكان البلدية بالأمر، في حين أكد  أنه ينبغي على المواطنين أيضا احترام القانون بالتزام الصمت وعدم التعليق خلال سير أعمال الدورة.
وقال محدثنا إنه لا يمكن إنكار وجود انعدام للثقة بين المنتخب و المواطن، مضيفا بأن السلطات العمومية تسعى إلى القضاء على هذا الأمر من خلال الدورات التكوينية المختلفة، بالإضافة إلى إرادتها في إنجاح مسعى الديمقراطية التشاركية، حيث اختيرت مجموعة من البلديات كنماذج، في حين أوضح بأن المشروع المذكور نجح في بلدان أوروبية وفي بلدان أخرى من العالم. وعزا نفس المصدر انعدام الثقة بين طرفي المعادلة في مجالس التمثيل المحلي إلى غياب المصداقية والحوار، مشيرا إلى أن الثقة لا تُفقد بشكل عشوائي، كما أن المواطن يتجاوب بشكل حسن مع المسؤول الذي يعطي نموذجا جيدا، لكن يبقى الأمر الأصعب في إعادة اكتساب ثقة السكان بعد فقدانها.      
س.ح

الرجوع إلى الأعلى