مسؤولية تطوير لغة زارع القوقعة تعود للأولياء
•  الجزائر تتفوق على الدول المغاربية وإيطاليا في العمليات
اعتبر  مختصون في علم الأرطوفونيا ــ المهتم بدراسة وعلاج اضطرابات اللغة والكلام، البرامج المحددة في منهاج المدارس الخاصة لاستقبال هذا النوع من المتمدرسين بالمتخلف نوعا ما، مقارنة مع آخر التطورات في تلقين المولودين بتشوهات على مستوى النطق والسمع، محملين المسؤولية أيضا للأولياء في  عدم القدرة  على مرافقة الابن بعد عملية الزرع، لتدريبه على الأصوات والكلام، لكن الأرطوفونيون يؤكدون أن التقنية تعرف تقدما كبيرا ببلادنا، وتحديدا من جانب تصليح القوقعات المزروعة، ليظل المشكل  في وجود خبير واحد في المجال الالكتروفيزيولوجي بـ48 ولاية.
رصدها: فاتح خرفوشي
  «النصر» جمعت آراء عدد من المختصين في ندوة النصر  ، للحديث عن هذا المجال الهام، وغير المعروف بشكل واضح للجزائريين، وكشف خبايا التربية الأرطوفونية وما يحتاجه الطفل الصغير سواء زارع القوقعة أو الواضع للسماعة، إلى جانب ميكانزمات اللغة الصحيحة لتطوير مهارات أشخاص يسمعون لأول مرة بحياتهم ما يعتبرونه ضجيجا، بدل أصوات واضحة المصدر، كما هو الحال لدى الغالبية.

نادية فراطسة من مدرسة صغار الصم ببرج بوعريريج
عملية زرع القوقعة لا تعني بالضرورة فهم اللغة مباشرة
ربطت المختصة في علم التربية الأرطوفونية، نادية فراطسة، سرعة تطور اللُّغة والكلام لدى الأطفال الذين ولدوا بعاهات في الجهاز السمعي وكذا النطق، بمحاولات الأولياء تعليم أبنائهم منذ الصغر طرق التعبير عن حاجياتهم، ومعرفة محيطهم، أو ما أسمته تحديدا التربية المبكرة، معترفة في هذا السياق بالتصادم مع حقيقة تخلف كبير لدى الأطفال من ناحية الإشارة لاحتياجاتهم والتعبير عنها، سواء جسديا وحتَّى عبر بعض الأصوات المكتسبة، وخاصة تطوير لغة تواصلية مع الأولياء، وعرجت ذات المختصة للإشارة إلى نقطة مهمة وهي ،أن عملية رزع القوقعة لا تعني بالضرورة فهم اللغة مباشرة، ما يقود للحديث مرة أخرى عن تعليم الطفل الصغير مهارات التواصل مع الوالدين، لفهم ما يدور حوله وفي بيئته.
وعرجت نادية فراطسة على المراحل الاساسية للتربية السمعية، كما حددت علميا، وهي الوعي بعالم الأصوات، أولا، أي الاستماع الخام لكل الاصوات وضجيج الحياة، وثانيا التمييز الصوتي بين الضعيف والقوي، حتى تتشكل لدى الصغير ثقافة السمع والتمييز بين درجات هذا الصوت، وعدم اعتباره مصدر ازعاج، وثالثا الأصوات المحيطة، مثل إسماع زارع القوقعة صوتا معينا والإشارة إلى مصدره، في شاكلة أصوات الحيوانات والآلات.
كما لم تغفل المتحدثة مبادئ التربية الصوتية لهذه الفئة، وإيلاء الاعتناء لزارع القوقعة حتى بعد العملية، والمحددة بثلاثة، أيضا، وهي المحافظة على القدرة السمعية، تقديم البرامج التربوية الفردية، وأخيرا توفير خدمات التَّربية السمعية.
المتحدثة وإلى جناب أكادميين شاركوا  في يوم دراسي حول حداثة طرق التكفل وتطور التقنيات الإلكترونية والرقمية بالإعاقة السمعية انعقد بقسنطينة مؤخرا ،  شددوا على منح المختص الكمَّ النظري اللاَّزم للتعامل مع الحالات المطروحة للنقاش  ، معترفين في السياق ذاته بنقص البرامج العلمية المدروسة في بلادنا والعالم بأسره.

منار بوالكرشة ــ رئيس الاتحاد الوطني لزارعي القوقعة وضعاف السمع
المراكز كافية لكن البرامج بحاجة إلى تطوير
اعتبر رئيس الاتحاد الوطني لزارعي القوقعة وضعاف السمع، منار بوالكرشة، عدد الجمعيات المهتمة بشأن الطفل المحتاج للتربية الأرطوفونية وتصحيح السمع بالنسبة للكبار، وحتى مراكز إجراء عمليات الزرع في الجزائر كافية إلى حدٍّ ما، لكن يجب تطوير البرامج للتكفل بالفئة، معتبرا تجربة الجمعية التي يرأسها ويتابع أخرى محلية وهو مركز علي منجلي، بقسنطينة، كفيلا لمتابعة ومرافقة الأطفال المولودين بعاهات في النطق والسمع، حيث يضم المركز المحلي أكثر من 70 صغيرا يتكفل بهم بشكل تامّ، إلى جانب برمجة عمليات زرع لأربعة من الأطفال بها خلال العام الجاري.
كما أضاف منار بوالكرشة أنه وإضافة للـ15 مركزا لزرع القوقعة والموزعة عبر التراب الوطني، فسيفتتح مركز متخصص أبوابه بالمستشفى الجامعي ابن باديس، قريبا، لاستقبال المرضى والمحتاجين لهذا النوع من العمليات، بمعدل عام في الجزائر يصل لأكثر من 800 عملية تجرى سنويا.
وعموما، أجمع المختصون على ضرورة تدريب ومتابعة التمارين والمناهج المتبعة من قبل الأولياء بمتابعة طفلهم الذي يعاني من مشاكل في التربية الأرطوفونية، سواء قبل عملية زرع القوقعة أو بعدها، وهو ما سيأتي بنتائج حسنة تمكِّن الطفل مستقبلا من الاندماج في مجتمعه بصورة عادية، تدريجيا، وإلا سنعزله عن البيئة العامة والاكتفاء بـ"سور العائلة"، وهو ما سيصدمه بعدما يكبر ويحاول الخروج إلى العالم الفسيح.

عزيز مالكي ــ خبير إلكتروفيزيولوجي
المختص الوحيد في تصليح القوقعات وضبط الأجهزة
لا يعرف الكثيرون أن الجزائر تعُدُّ مختصا واحدا فيما يسمى تقنيا الإلكتروفيزيولوجيا المتعلقة بالقوقعات الإلكترونية المزروعة للصغار المولودين بعاهات في السمع والنطق، وهو عزيز مالكي، الذي يتنقل عبر 48 ولاية للاطلاع على الأعطاب التي تصيب هذا الجهاز الحساس، بعد تكوين أكاديمي وتقني بفرنسا، بعدما كانت بلادنا تنتظر خبراء أجانب ضمن برنامج محدَّد وضيق للاطلاع على الآلات المتوقفة عن العمل، تجمَّع كلها في العاصمة.
وقال عزيز مالكي أنه بصدد تكوين المكونين على مستوى المراكز الاستشفائية الجامعية لمعرفة الأعطاب الخفيفة بالآلات، وفي حال كانت الأمور أكثر تعقيدا فسيتم الاتصال به شخصيا للقدوم، مصرحا بأن الجزائر تعدُّ بلدا رائدا في مجال زراعة القوقعة والتصليح، وأحسن من الجارتين تونس والمغرب وحتى إيطاليا.
كما أشار الخبير الإلكتروفيزيولوجي إلى مهمة أخرى يضطلع بها وهي تقديم تقرير نهائي إلى الطبيب الجراح المختص في زرع القوقعات بشأن القوقعات التي تعرَّضت لأعطاب، وبالتَّالي النظر فيما كانت تالفة ويجب استبدالها أو الاستمرار في استعمالها.

أمل مخلوفي  من جامعة الحاج لخضر ــ باتنة 1
 يمكن تصحيح مسار لغة المصاب بمرحلة ثانية من التربية الأرطوفونية  
على الرغم من التأكيد لدى المختصين مثلما أسلفنا الذكر في الخلاصة الأولى، على ضرورة منح الطفل الصغير المحتاج إلى التربية الأرطوفونية،  كمٍّ هائل من البرامج، فإن المختصة أمل مخلوفي من جامعة باتنة 1 ترى أنه بالإمكان إعادة التربية الأرطوفونية للصغار الذين يعانون هذا النوع من الاضطرابات، عبر خطوات بسيطة ومدروسة من كبار الأكاديميين والمختصين في المجال، على المستوى العالمي، بالبدء أولا بملاحظة الطفل، منحه دورا هاما في التعبير عن نفسه واحتياجاته، وأخيرا التفاعل معه وتصحيح مسار لغته، معتبرة في الوقت ذاته الطفل الذي يعبر عن احتياجاته سواء باستعمال الأصوات، الإيماءات وحتى النظرات المحددة التي يتعرف عليها الأولياء دافعا وعلامة إيجابية على المسار الصحيح للغة الصغير الذي يعاني مشاكل في التربية الأرطوفونية، مشيرة إلى إلزامية عملية مراقبة الطفل ومراقبة تطور لغته بعد عملية زرع القوقعة، مستدلة بقول أحد أشهر المختصين في المجال إن لم نقل أول المؤسسين لهذا العلم (م. موتو) بأن «المرافقة هي تعلم وليس إعادة التكييف».

البروفيسور منيرة بن شاوي ــ المستشفى الجامعي قسنطينة
من 3 إلى 6 سنوات أنسب فترة لزرع القوقعة
وحسب ما ردَّت به على مجموع أسئلة الحاضرين، قدمت البروفيسور بالمستشفى الجامعي ابن باديس، بقسنطينة، توضيحات حول مختلف نقاط الظلِّ لدى الحاضرين، سواء الطلبة أو أولياء الأطفال الذين زرعوا أو بانتظار زرع القوقعة، فقالت أن السنَّ المناسبة لزرع القوقعة ــ وهو أمر تقني وطبي بات متاحا بسهولة في بلادنا ــ يتراوح بين 3 إلى 6 سنوات على أقصى تقدير، لأسباب متعددة يأتي في مقدمتها تأقلم الجهاز المتحكم في الجسم وكل وظائف، المخ، مع هذه التقنية المتطورة، وتقديم مساحة كبيرة فيه لتعلُّم الأصوات واللغة وفهم ما يدور من الطفل حوله وفي بيئته، معتبرة المخ بطاقة للذاكرة يجب تخزين هذا النوع من المعلومات والمهارات الفطرية، بالنسبة للآخرين، في مساحة ملائمة، قبل تشبع بطاقة الذاكرة.
أما بالنسبة لكبار السن الذين توجهوا لهذا النوع من الحلول لتصحيح ضعف السمع، فأكدت عدم وجود أي إشكال، نظرا لتلقي المسنين كل أبجديات اللغة ومهارات السمع والرد في وقت سابق من حياتهم، ولا يحتاجون لهذا النوع من التكييف.

ليليا سماني ـ مختصة  ممثلة عن الجمعية الولائية لزارعي القوقعة
هدفنا الإدماج المدرسي
لقد أسس أولياء الأطفال الذين يعانون من صعوبات أرطوفونية وتأخر السمع والنطق، بقسنطينة، جمعية تهتم بمشاكل أبنائهم والفئة بشكل عام، وهذا عام 2012، لتبدأ فكرة الزرع بعدها بثلاث سنوات كاملة. وحسب ليليا سماني، فإن الهدف الرئيسي من تأسيس الجمعية هو إعادة الإدماج المدرسي والمرافقة في تطوير اللغة، بعدما شاركت الجمعية الولائية لزارعي القوقعة في مختلف النشاطات المتعلقة بتطوير قدرات زارعي القوقعة على الاندماج وإعادة تصحيح اللغة والفهم العام، والتعرف على الأصوات المحيطة بهم.
واعتبرت المختصة الأرطوفونية إعادة التكييف الجيد للأطفال الزارعين للقوقعة أهم شيء في عملية الزرع، مع أن الأمر يتطلب وقتا كبيرا وجهدا مضنيا ــ حسبها ــ نظرا لتعلم الطفل إشارة تعبيرية واحدة خلال 2 إلى 3 أسابيع، زيادة على عدم السماح للمختص في الأرطوفونيا باستعمال الإشارات المتعامل بها مع الطفل المتعلم، حتى يتحول إلى البحث عن المزيد من طرق التواصل وبلوغ اللغة العادية المستعملة من الجميع.
فاتح/خ

الرجوع إلى الأعلى