العرس الجزائري يكلّف ما لا يقل عن 300 مليون سنتيم
عاد الصالون الوطني للعروس في طبعته السابعة، حاملا معه جديد و آخر صيحات الموضة، في كل ما يتعلق بيوم العرس، ضاربا بعرض الحائط ما ينادي به المختصون و الأئمة في تيسير الزواج، بعروض و منتجات و متطلبات حولت الزفاف الجزائري إلى أضخم مشروع أجمع عارضون على أن  كلفته  تتجاوز    300 مليون سنتيم على أقل تقدير.
"زواج ليلة تدباروا سبعة أيام" شعار تبناه منظمو تظاهرة الصالون الوطني للزواج في هذا الموسم ، و جاء بعروض أدهشت الزوار، بديكورات فخمة، خرجت عن الطابع التقليدي، و ملابس أفخم، تجعل كل من يراها يتخيل بأنه في بلاد الجن و الملائكة، لا بلاد القندورة الفرقاني و الشدة التلمسانية، و بين الأروقة، إنتشرت الروائح و زينت الأضواء أرجاء خيمة عملاقة بالمركز التجاري أرديس بالعاصمة الذي يحتضن التظاهرة الأضخم للعروس الجزائرية من الـ25 أفريل الجاري و إلى غاية الفاتح من ماي المقبل.
150 عارضا يتنافسون لخطف الأضواء

تسجل الطبعة السابعة للصالون إنزالا مكثفا للعارضين في مختلف المجالات، الذين عج بهم المكان على الرغم من أن مساحته تجاوزت 3400 متر مربع بحسب المنظمين، حيث أكد السيد هاني زرقاط المنظم الرئيسي بأن 150 عارضا من مختلف ولايات الوطن يشاركون في الحدث، بالإضافة إلى عارضين قدموا من تونس، سوريا و فلسطين، و جزائريين مقيمين في الخارج.
و أوضح المنظم بأن العارضين حملوا معهم منتجات تنوعت بين اللباس التقليدي، لباس الزفاف، الحلويات التقليدية و العصرية، ديكورات الأفراح، التصوير، الحلي و كل ما يهم العروس الجزائرية، مضيفا بأنهم عارضين جاؤوا بآخر الصيحات كل في مجال تخصصه، من أجل التميز و المشاركة في التظاهرة التي تتضمن عروض أزياء، حفلات، و مسابقات لفائدة العارضين و الزوار على حد سواء.
ماكياج وتسريحة بستة ملايين سنتيم
قدم الصالون السابع للعروس كل ما هو جديد، حيث  حرص العارضون على تقديم آخر الصيحات في شتى المجالات، فكانت الألبسة جديدة، الديكورات حديثة، فضلا عن لمسات   غير مألوفة  في  العرس الجزائري كالزهور الطبيعية مثلا، حيث أكد بعض العارضين ممن تحدثنا إليهم، أنهم حملوا منتوجات أكثر عصرية لإطلاع الجمهور على الجديد و التقرب منه بشكل أكبر عبر الإتصال المباشر و الإعلان عن خدماتهم.
غير أن الطبعة و بقدر ما أبهرت الزوار و أثارت إعاجبهم خاصة في ما يتعلق باللباس و الديكور، بقدر ما أسكتتهم عند سماعهم بالأسعار التي تخصها، حيث قالت إحدى الشابات المقبلة على الزواج بأنها صدمت لتكلفة كراء فستان زفاف من أحد العارضين، و الذي قدر بـ48000 ألف دينار ليوم واحد فقط، ما أرجعه صاحب الفساتين إلى جودتها و عصريتها و اعتبرا الثمن معقولا.
و يمكن لأي زائر أن يقف على ارتفاع الأسعار و فخامة أغلب المعروضات، بما فيها الحلاقة التي غالبا ما تشغل كل عروس، و على الرغم من أن صالونات الحلاقة المشاركة نجحت في تقديم عرائس في أبهى حلة أمام الزوار، إلا أنها خدمة قدرها أهلها بالملايين، إذ بلغت تكلفة مكياج مع تسريحة للعروس 6 ملايين سنتيم بحسب احدى الحلاقات.
 الشموع والزهور الطبيعية لمسات جديدة  
 ما شد إنتباهنا و نحن نتنقل في أرجاء الصالون وسط تزاحم كبير للزوار لم تنقطع أرجلهم حتى ساعات متأخرة من الليل،  سيارات الليموزين المركونة بمدخل المعرض، و تلك الديكورات المتميزة لقاعات الأفراح التي زينت الصالون من الداخل بألوان بيضاء ملكية و إنارة متميزة مزجت بلمعان ديكورات ذهبية هنا، و عربات تقليدية هناك، جمعت حولها العشرات من الزائرين الذين لم يفوتوا فرصة التقاط صورة بجانبها أو حتى التقرب من أصحابها و لو كان ذلك من باب الفضول.
و قالت السيدة سارة قورصو، منظمة حفلات من ولاية تلمسان، بأنهم يقدمون خدمات تلبي طلبات الزبائن، مؤكدة بأنها تحرص على الجديد الذي يبحث عنه الجميع عند طلب الخدمة أو الاستشارة، و بشأن التكاليف، أوضحت السيدة سارة بأن تنظيم العرس يكلف ما بين 5 ملايين إلى 100 مليون سنتيم دون احتساب الطعام، بحسب الزبون الذي يطلب في بعض الأحيان ديكورات متميزة أو أفكار خاصة تكلف مبالغ إضافية، خاصة الشموع و الزهور الطبيعية التي تكلف الباقة الواحدة منها و التي يتم وضعها على طاولة العشاء 4000 دينار جزائري، أما استئجار الأضواء فقد يكلف مبلغ 40 مليون سنتيم في أبسط الحالات.
 و عن التكلفة الإجمالية للعرس الجزائري الذي يرتفع من سنة لأخرى، لم تنف السيدة سارة ذلك، و أكدت بأن أبسط عرس يكلف اليوم 300 مليون سنتيم على الأقل، و هي التكلفة التي تعد كبيرة بالنسبة للغالبية الساحقة من الجزائريين، إلا أنهم يحرصون على تغطيتها بأية طريقة و إن اضطروا إلى الاستدانة أو بيع ممتلكات ما.
 محلات تتخصص في كراء فساتين «التصديرة»

حطت الكثير من محلات كراء فساتين الأعراس بثقلها في صالون العروس السابع،  و زاحمت حرفيي اللباس التقليدي بكل ثقة، ما شد انتباه الكثيرات حولها أكثر ممن تجمعوا حول من يبيعون الألبسة التقليدية، حيث أكدت مسيرة متجر "دانيا للكراء" بالجزائر العاصمة، بأنها تستقبل زبائن كثر يتزايد عددهم من يوم لآخر، و اعتبرت بأن مثل هذه المحلات قد قلص من تكاليف لباس العروس، معتبرة كراء مجموعة فساتين من أجل ما يعرف بالتصديرة بمبلغ 7 ملايين سنتيم أفضل من شراء فستان واحد بـ11 مليون سنتيم.
و أضافت مسيرة المحل بأنها تستقبل العروس و أقاربها في الكثير من الأحيان، و بأنهن يسشتأجرن فساتين بالجملة، فيما تستأجر العروس كل ما يخصها و تقول بأن أغلبهن لا يقمن سوى بشراء فستان سهرة واحد، معتبرات شرائها جميعا تبذير خاصة و أنها لا تلبس بشكل دائم و بأن الموضة تتجدد بحسب من تحدثنا إليهن.
و ترى مصممة الأزياء السيدة حمودي خولة من ولاية وهران بأن تكلفة لباس العروس زادت بنسبة 70 بالمائة، ما يدفع العرائس للاعتماد على الكراء عوض الشراء، خاصة و أن التصديرة باتت متنوعة و تفرض ارتداء ألبسة من مختلف مناطق الوطن.
القسنطينيات الأكثر تمسكا بطواقم « القنادر»

أكدت السيدة صفية بلحاج متخصصة في اللباس التقليدي القسنطيني، أن ارتفاع تكاليف اللباس التقليدي في الوقت الراهن و تنوعه، دفع بغالبية العرائس إلى الاعتماد على كرائها دون شرائها، مستثنية من ذلك العروس الشرقية بشكل عام و القسنطينية بشكل خاص، أين أكدت بأنها ما تزال تحافظ على تقاليد الأجداد في صناعة لباسها الخاص و إن كلفها مبالغ مالية كبيرة.
و أوضحت السيدة بلحاج بأن تصديرة العروس تكلف اليوم 50 مليون سنتيم على الأقل، و هو المبلغ الذي يعتبر ضخما خاصة بالإضافة إلى مستلزمات كثيرة فرضها العصر، مؤكدة في ذات السياق بأنه و بالاضافة إلى مختلف الألبسة التقليدية لولايات الوطن، تحافظ القندورة الفرقاني القسنطينية على مكانتها خاصة لدى العروس القسنطينية.
و بينما مثل الصالون فرصة مميزة للإطلاع على الجديد و قدم أفكارا لبعض العرائس، شكل بالنسبة للكثيرات خيبة أمل سببها ارتفاع التكاليف مقابل بساطة دخل، بات اليوم غير كاف لإقامة عرس يليق بما يعتبره أهل الإختصاص تتطورات و تحضر يفرض نفسه، أين يحتفض الضيوف بذكرات خيالية عبر صور و فيديوهات، بينما يعيش أهل العرس مع ديون خانقة قد يستغرق تسديدها سنوات، في انتظار تظاهرة جديدة قد تضع حدا لما بات يعرف ببذخ الأعراس الجزائرية و ترسخ لمبدأ التيسير.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى