فتيـــات مـسعفـــات يتـألقـــن على حلبـــات الـملاكمــة

إنهن فتيات في عمر الزهور، شاءت الأقدار أن ينشأن في دار الطفولة المسعفة إناث بقسنطينة، غير أن ذلك لم يمنعهن من تحقيق هدفهن، في ظرف وجيز، بفضل مدرب ملاكمة  شاب متطوع، أبى إلا أن يخصص جزءا كبيرا من وقته لتقديم يد المساعدة و الدعم لهذه الفئة، التي وجد فيها ما لم يكن يتوقعه من مؤهلات عالية، إذ حققن بعزيمتهن القوية ما لم تحققه الكثيرات طوال مشوارهن الرياضي ، و قد تحدثن للنصر عن شغفهن بالفن النبيل الذي يعتبرنه  متنفسهن الوحيد و أملهن في تأمين مستقبل أفضل .
أسماء بوقرن
أماني . خ  ملاكمة صنف أواسط
تلقيت دعوة من الفريق الوطني للملاكمة  و فزت بميداليتين في أول موسم
انتقلنا إلى دار الطفولة المسعفة إناث 2 بقسنطينة، بعد حصولنا على ترخيص من مديرية النشاط الاجتماعي للولاية، و هناك التقينا بأماني، التي تمكنت خلال أقل من ثلاث سنوات من التتويج بميداليتين، تحدثت إلينا بخجل و الابتسامة تغمر وجهها الجميل البريء الذي يخفي الكثير من المشاعر ، قالت لنا بأنها لم تكن تتوقع طيلة حياتها أن تمارس الرياضة ، إلى أن جاء اليوم الذي  اقترحت عليها المديرة رفقة مقيمات المؤسسة، فكرة ممارسة رياضة الملاكمة، فاستحسنتها أماني و وجدت فيه ما يخرجها من رتابة  الحياة التي تعودت عليها، و يضفي روحا جديدة لحياتها، فقبلت الفكرة ليس من باب حبها لهذه الرياضة، و إنما لاعتبارها المتنفس الوحيد لها، غير أنها و بعد التقائها بالمدرب فوزي لعجل الذي قدم لها و لزميلاتها شرحا مفصلا عن رياضة الملوك، ما جعلها تحب هذه الرياضة الذي تعلقت بها من أول حصة تدريبية.
محدثنا البالغة من العمر 17 سنة أجابتنا عن أسئلتنا بحياء و باختصار، و لم تصوب عيناها نحونا طيلة حديثنا معها، و أوضحت بأن الحصص التدريبية التي  تقوم بها منذ نحو ثلاث سنوات، بمعدل يصل خمس مرات في الأسبوع على مستوى المركز، و كذا بدار الشباب بالمدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، غيرت كثيرا حياتها، مؤكدة بأن الملاكمة ساهمت كثيرا في تغيير نظرتها للحياة و جعلتها تتطلع للمستقبل بنظرة ايجابية و الفضل يرجع لمدربها فوزي لعجل الذي لم يكتف فقط بتدريبها هي و زميلاتها، بل قدم لهن دروسا تشجيعية و تحفيزية ، مؤكدة بأنه أكسبها الثقة بنفسها و منحها الشجاعة للتمكن من اعتلاء  الحلبة، و وضعها على السكة الصحيحة ، معتبرة بأن الملاكمة تساعدها و بشكل كبير جدا على تفريغ كل الطاقة السلبية و تجعل تفكيرها منشغلا بها و بالمنافسات التي تجريها ، و كذا بدراستها التي تطمح لإكمالها، فهي تدرس في السنة الرابعة متوسط،  و تحلم منذ طفولتها بدخول سلك الأمن لتصبح شرطية محترفة.
حلمي أن أصبح شرطية    
اعتلاء أماني الحلبة و خوضها أول منافسة وطنية، و عمرها لم يتجاوز آنذاك 15 سنة، كان بمثابة إنجاز عظيم ، لأنه لم يمر عام واحد على دخولها مجال الملاكمة، و تمكنت في أول مشاركة لها في الموسم الكروي 2016 /2017 من الظفر بميدالية برونزية عن فئة الأواسط في البطولة الوطنية للملاكمة التي نُظمت بقسنطينة، كما فازت في نفس الموسم بميدالية فضية في كأس الجمهورية للملاكمة ، مؤكدة بأن خوضها التجربتين و حديثها لملاكمات من صنفها،  جعل تعلقها بهذه الرياضة يزداد قوة،  خاصة بعد تلقيها دعوة من قبل المنتخب الوطني للملاكمة.  و تسعى الآن للالتحاق به لتحقيق مزيد من الانتصارات على المستوى الإفريقي و العالمي ، و ختمت حديثها بالقول بأن شغفها بالفن النبيل لن يمنعها من مواصلة دراستها، و تحقيق حلم طفولتها بأن تلبس بذلة شرطية و تسهر على سلامة المواطنين.

هند  ملاكمة من  صنف أكابر
بروز من أول منافسة وطنية     
هند . ف البالغة من العمر 20 سنة، قالت للنصر بأن الرياضة غيرت تفكيرها و نظرتها للأشياء و كذا تطلعها للمستقبل، و رسمت لها طريقا نحو النجاح، مؤكدة بأن مبادرة المدرب فوزي لعجل و تطوعه لتدريبها هي وزميلاتها بالمؤسسة، تستحق الشكر و الامتنان حيث أعطى منحى آخر لحياتهن، و جعلهن كغيرهن من أقرانهن، حاضرات في منافسات وطنية، رغم تجربتهن القصيرة، مرجعة سر نجاحها للمدرب الذي خلق فيها العزيمة و الثقة بالنفس و الإصرار على النجاح، بفضل حماسه و صرامته و دروسه التحفيزية، مشيرة إلى أنها لم تتمكن من المشاركة في أول موسم رياضي لها 2015/ 2016، بسبب تحضيراتها لشهادة البكالوريا تخصص آداب و لغات أجنبية، غير أنها شاركت في الموسم الثاني 2017/2018، فئة أكابر و فازت بميداليتين برونزيتين في منافستي بطولة الجزائر في الملاكمة و كأس الجزائر في الملاكمة، مؤكدة بأنها تتمنى أن تنجح  في البكالوريا ، و أضاف مدربها قائلا بأن هند تتميز بالجرأة و بإمكانات بدنية عالية، جعلتها تفوز على منازلات،  لهن أكثر من 6 سنوات خبرة في الملاكمة .
و بخصوص الملاكمة الثالثة إكرام التي تبلغ من العمر 17 سنة، و التي  برمجنا إعداد بورتريه لها ، نظرا لفوزها بكأس الجمهورية في الملاكمة ، في أول منافسة لها، و التي أكد مدربها بأنها حققت نتائج جيدة ، و توقع أن تحقق ألقابا دولية، لم نتمكن من الحديث إليها ، لأنها عادت لأسرتها ، وانقطع الاتصال بها.

فوزي لعجل مدرب  متطوع
الفتيات  حققن نتائج ممتازة رغم ضعف الإمكانيات
المدرب فوزي لعجل،رياضي مختص في الملاكمة بجمعية مولودية علي منجلي، قال بأن بداية تدريبه لهذه الفئة كانت باقتراح منه، في سنة 2015، كمتطوع، معتبرا بأن هذه الفئة من الفتيات حساسة و تحتاج لهذا النوع من الرياضات، التي تساعدها على تخفيف الضغط و إزالة الخوف و التوتر ، باعتبارها تعتمد على القوة و وسيلة لتفريغ الطاقات الكامنة، كما تعزز الثقة بالنفس، مضيفا بأنه كان متخوفا في البداية من تلقي صعوبات مع الفتيات، لكن ما وجده في الواقع عكس ذلك تماما، حيث أنهن ينفذن أوامره و يحترمنه، كما يتميزن عن غيرهن من الملاكمات اللائي يلتقي بهن في المناسبات بالخجل و التخلق و الرصانة.  
و أضاف المتحدث بأنه يركز كثيرا على الجانب النفسي و الدروس التحفيزية ، لتشجيعهن أكثر و خلق حافز قوي لديهن، حيث يتبادل معهن أطراف الحديث حول أهدافهن المستقبلية و كيفية التخطيط الأنجع لحياتهن ، و ذلك لتحقيق النجاح على المستوى التعليمي و الرياضي،  مشيرا إلى أنهن و بالرغم من  عدم خوضهن لمنافسات من قبل، إلا أنهن حققن ما عجزت عن تحقيقه ذوات الخبرة في المجال، مؤكدا بأن الصعود فوق  الحلبة للمرة الأولى و في منافسة وطنية انجاز في حد ذاته ، فما بالك بالتتويج، هذا بالرغم من نقص الإمكانيات المادية ، موضحا في هذه الخصوص، بأنه يعمل بإمكانيات جد بسيطة، بالرغم من ما تتطلبه هذه الرياضة من وسائل، داعيا السلطات المحلية و على رأسهم والي الولاية، لتقديم إعانات مالية لجمعيته التي تدعم هذه الفئة بإمكانياتها المادية الخاصة،  و توفر لهن كل الظروف لتحقيق الأفضل ، مشيرا إلى المساندة التي تلقاها من قبل مديرة النشاط الاجتماعي سامية قواح، التي رحبت بفكرته لتدريب هذه الفئة و قدمت له تسهيلات كبيرة .         
أ . ب

مديرة النشاط الإجتماعي و التضامن سامية قواح
نسعى لتقديم الدعم للملاكمات و متابعة المتفوقات منهن
مديرة النشاط الاجتماعي و التضامن سامية قواح و في حديثها للنصر ، أكدت بأنها قدمت التسهيلات اللازمة لهذه الفئة، بغية إدماجها في عالم الرياضة، نظرا لأهميتها البالغة ، مشيرة إلى أنها تتابع عن كثب تمدرس الرياضيات، كما تحرص على إدماج أخريات في التكوين المهني الذي يعتبر من بين سبل التكفل الأمثل لهن، و أوضحت بأنها لمست تجاوبا كبيرا من خلال إدماجهن في رياضة الملاكمة، حيث حققن تتويجات كثيرة رغم نقص خبرتهن،  مؤكدة بخصوص البعض منهن اللائي حققن نتائج جيدة ، بأنهن تم تغيير مؤسسات إقامتهن أو أدمجن في وسط عائلاتهن أو تم التكفل بهن من قبل بعض العائلات، مؤكدة بأنها تسعى للاتصال بهن و متابعتهن، بالتنسيق مع مديرية الشباب و الرياضة  لمواصلة مشوارهن في الملاكمة .
أ . ب

مديرة دار الطفولة المسعفة إناث 2 بقسنطينة وهيبة مخلوف
إدماج مقيمات في الرياضة ساهم في تحقيق الاستقرار داخل المؤسسة
مديرة دار الطفولة المسعفة إناث 2 بقسنطينة وهيبة مخلوف حرم عميرش، قالت بأنها عند توليها منصب مديرة للمؤسسة، اتصل بها المدرب فوزي لعجل و الذي سبق و أن درب في موسم سابق المقيمات، و حدث نوع من الانقطاع لموسم واحد، بسبب حركة التغييرات التي مست المديرين، غير أن التدريبات استأنفت فور عودتها بفضل مبادرة فوزي لعجل ، و الذي طلب منها تسطير برنامج لإدماج الفتيات في رياضة الملاكمة، لتقترح بعدها الفكرة على المقيمات من بينهن جديدات و لمست في بعضهن الرغبة في ذلك، و بعد إجراء الترتيبات اللازمة مع مديرة النشاط الاجتماعي التي دعمت الفكرة، و المدرب المتطوع فوزي لعجال الذي حضر الوسائل اللازمة، انطلقت حصص تدريبية على مستوى المؤسسة و أيضا  بقاعة الرياضة الموجودة على مستوى دار الشباب بعلي منجلي و التي تفتقر للإمكانيات، إلا أن الفريق حقق نتائج مبهرة في ظرف قصير جدا .
و أضافت المسؤولة بأن ذلك ساهم و بشكل كبير في تحقيق الاستقرار داخل المؤسسة بعض أن أصبح اهتمام الفتيات منكبا على التدريبات و المنافسات و كذا الدراسة، كما قامت المؤسسة بإدماج مقيمتين من ذوي الاحتياجات الخاصة في ألعاب القوى، و تم تسجيل 3 مقيمات  لتعلم فن الرسم، و أخريات فن الخياطة، و لم  تعد تجد صعوبات كبيرة في التعامل معهن.                     
أ . ب

 

الرجوع إلى الأعلى