اضطر الفقهاء في الجزائر وفي سائر بلاد المسلمين إلى إصدار فتاوى وقرارات تحث  المسلمين على أداء صلاة العيد في البيوت؛ سواء فرادى أو جماعات أسرية؛ تكيفا وظروف جائحة كورونا وحفظا للأنفس جراء الاختلاط المعتاد في الأعياد والمناسبات، كما دعوا المسلمين إلى ترك عادات المصافحة والتقبيل والاحتضان لبعضهم البعض والاكتفاء بالتهنئة الشفوية عند اللقاء.
وفي هذا الصدد سبق للجنة الإفتاء بوزارة الشؤون الدينية أن أصدرت فتوى تطالب بإقامة صلاة العيد في البيوت، حيث رأت تعذر أداء صلاة العيد في المصليات والمساجد بسبب الأوضاع المتعلقة بفيروس كورونا، وأفتت بأدائها في البيوت جماعة بين أفراد الأسرة الواحدة أو فرادى، ويمكن أداؤها لأصحاب المداومات في أماكن العمل في حدود المتاح لهم، وذلك تعظيما لهذه الشعيرة. وهي ركعتان؛ يكبر في الأولى سبع تكبيرات، بما فيها تكبيرة الإحرام، وفي الثانية ست تكبيرات بما فيها تكبيرة القيام، ويقرأ في كل ركعة بالفاتحة وسورة جهرا، ولا تشرع خطبة العيد في البيوت، وهي الفتوى ذاتها التي صدرت عن الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين؛ الذي قال أمينه العام القرداغي: (ففي ظل هذه الجائحة يجوز أداء صلاة العيد داخل البيوت والأفضل الأصح أن تقام جماعة، بحيث يتقدم أحسنهم قراءة من أهل البيت فيصلي بهم صلاة العيد فيكبر في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام ست تكبيرات، ثم يقرأ الفاتحة وسورة، وفي الركعة الثانية يبدأ بخمس تكبيرات ثم الفاتحة وسورة، ثم بعد الركعتين خطبة مؤجرة؛ فقد جاء في مختصر الأم للمدني نقلاً عن الإمام الشافعي: (ويصلي العيدين المنفرد في بيته، والمسافر، والمرأة. .)، وكذلك بقية الفقهاء المالكية، والحنابلة على أنه إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام أن يصليها جماعة أو منفرداً، وقال ابن قدامة: (وهو مخير إن شاء صلاها وحده، وإن شاء صلاها جماعة)، ولم تشترط اللجنة الوزارية خطبة العيد فيما قال الاتحاد يمكن أداء خطبة قصيرة، فهي ليست إجبارية في البيت إلا من باب التذكير لمن شاء، وهي الفتوى التي ستطبق في شتى أقطار العالم الإسلامي في الدول المسلمة التي لم تفتح بعد مساجدها؛ بل حتى في تلك التي فتحت؛ إذ يمكن للمسلمين أداؤها في البيوت لمن خاف الاختلاط والزحام على المسلمين.
 ع/خ

مساجد الجزائر تزينت لاحتفائية لم تحدث


عكفت اللجان الدينية والخيرون خلال شهر رمضان على إعادة ترميم وتحسين وتزيين مساجد الجزائر وتفريشها بما هو أحدث؛ بعد أن ألفوا القيام بذلك عشية رمضان؛ ثم قاموا بتعقيمها بأمر من وزارة الشؤون الدينية عشية العيد؛ وكانوا يأملون أن تفتح أبوابها لأداء صلاة العيد؛ حيث يحضر فيها الرجال والنساء والأطفال، وتتزين كعادتها بحضورهم وابتهالاتهم وتكبيراتهم؛ لكن وباء كورونا حال دون ذلك، حيث استمر الغلق، ولم تحدث هذه اللحظة.
ع/خ

الجزائر زمن الوباء.. بين صحة الأبدان وصحة الأديان


من نقاط الضوء التي أشعلتها أزمة وباء كورونا للإنسانية جميعا،نقطة انفتاح قيم الإسلام ومرونته وتفاعلها مع المستجدات في المجتمع،ومن ثمةالعودة لمبدأ أو تصور مشهور،هو صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان.
وعرفنا،مع كورونا وخطره، أن صحة الأبدان من صحة الأديان،وتعاليم الدين تأتي لكي تخدم الإنسان وتربطه بخالقه. ولكي تمنحه السعادة، وليس لكي تقسو عليه أو تعذبه وتمنحه الشقاوة.
ومن هنا كان لزاما على المسلمين عبر العالم غلق المساجد،والصلاة في المنازل لتجنب التجمعات والازدحام،ونشر الفيروس الخبيث،وشاهدنا كيف أغلق الحرم المكي في وجه رواده وأوقفت العمرة، في مشهد تألمت له القلوب وأدمعت العيون، لكن حفظ النفس البشريةهو من جوهر الإسلام ومن مقاصده الرئيسة.
وعندما نتأمل المجتمع الجزاىري،فسنجده يعلم أن  الدعاء هو من طرق ومسارات الدين في رفع البلاء والوباء،لكن بعضه يتجاهل أن اتخاذ الأسباب والسعي لتجنب العدوى،هو من حفظ النفس وحمايتها،فمتى تصل الرسالةللغافلين عن أذاهم وضررهم ضد شعبهم، أقصد الذين يتسكعون في الشوارع من دون هدف،ويتزاحمون في كل موضع تجاري وفي كل مرفق عمومي، بل ويسألون كل يوم عن عدد الإصابات في الجزائر والعالم،فأي وعي هذا؟ وأي منطق معكوس؟
لكن يبدو أن الحل هو تفعيل قوانين العقاب، ورفع الغرامات المالية أكثر،قصد الحماية الفعلية للمجتمع، فبعد كل التحسيس والتعريف والتنبيه،يبقى الوباء يلاحقنا،ورغم التضحيات الجسام لأهل الطب وقطاع الصحة،ورغم أخبار إصاباتهم ووفاتهم،ورغم توسلاتهم لنا بالحجر المنزلي،لكن الغرور والكبر واحتقار الآخر كلها حاضرة،ولم يفهم بعضنا بعد أن تهاونهم في الوقاية هو نشر للوباء ويمنحه التواصل في يوميات الجزائريين،وهنا تكون الصرامة والتدخل الأمني القانوني هي الفيصل بين مشهد فشلنا أو مشهد نجاحنا.

التهنئة بوسائل الاتصال الحديثةمن الازدراء إلى الإشادة


شجب وانتقد الكثير من الوعاظ والموجهون التربويون خلال السنوات الماضية  اكتفاء البعض بوسائل الاتصال الحديثة في تهنئة ذوي الأرحام؛  بالهاتف والرسائل القصيرة والتواصل الاجتماعي، ولم يلتفتواحينها لبعض إيجابياتها من حيث كونها توسع دائرة المهنئين وطنيا وعالميا في لحظات واحدة بحكم سرعة التواصل والتفاعل، وظل التركيز فقط على الجانب السلبي بكونها مقوضة للأعراف والعادات الحسنة التي دأب عليها المجتمع، لدرجة أن بعض الرسوم الكاريكاتورية نشرت لانتقاد مثل هكذا طريقة في التهنئة؛ لكن جائحة كورونا أعطت لهذه الوسائل والوسائط أهميتها؛ بل أخلت لها الساحة لتكون الوسيلة الوحيدة تقريبا للتهنئة في ظل الحجر الصحي، لدرجة أن لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية قالت ينبغي الاكتفاء بالتهاني وصلة الرحم بوسائل الاتصال الحديثة للجمع بين تجسيد القيم الأخلاقية الدينية والاجتماعية وبين ضمان التباعد الاجتماعي وتجنب الاحتكاك، مع الاحتفاظ بآداب العيد من الاغتسال والتطيب والتكبير والتسبيح والتهليل والتهنئة دون أن نجعل من المغافرة وصلة الأرحام سببا في انتشار العدوى؛ لذا ينبغي مستقبلا أن لا نتعجل بذم أي وسيلة حديثة قد تقذف بها التكنولوجيا لمجرد أنها خالفت المألوف، فلكل جيل خصوصياته.                                 ع/خ

تونس تدشن أول صندوق زكاة منذ الاستقلال
دشنت السلطات التونسية، الثلاثاء، أول صندوق للزكاة في البلاد منذ الاستقلال عام 1956.وتم تدشين الصندوق في مدينة «الكرم» التابعة لولاية تونس، بغرس شجرة زيتون داخل مقره، للدلالة على ديمومة العمل.وقال رئيس بلدية «الكرم» فتحي العيوني، في تصريحات صحفية، إن الصندوق له مزايا عديدة، «فهو يؤمن شريعة إسلامية مغيبة في قوانين الدولة ومؤسساتها مند سنوات».وذكر أنه يريد للشعب «أن يستعيد كرامته من خلال منظومة الزكاة»، على حد تعبيره.وجاء اختيار تاريخ تدشين أعمال الصندوق، بالتزامن مع ليلة القدر التي يتم إحياؤها في تونس ليلة الـ 27 من شهر رمضان، بحسب المنظمين.ووضعت البلدية حسابا مفتوحا أمام الأشخاص لإيداع الأموال، كما وضعت ثلاث هيئات للإشراف على الصندوق، إدارية وشرعية ورقابية.

مقاصد فعل الخير


إن من يمعن النظر في مقاصد فعل الخير فإننا نجزم أنه يحقق المقاصد التالية على مستويات ثلاثة
(أولا): على مستوى الفرد: ففعل الخير تزكية للنفس وتعويدها على الخير والفضيلة وإبعادها عن الرذيلة والانحراف والفساد مصداقا لقوله تعالى: ((فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقى وَصَدَّقَ بالحسنى. فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى)) .قال ابن عباس: (اليسرى فعل الخير)، فإذا تطهرت النفس من أدرانها وحظوظها وآثامها ارتقت إلى مدارج السالكين في حب وعبادة رب العالمين .
(ثانيا):على مستوى الجماعة: فعل الخير بتعليم الجاهل وإطعام الجائع، ومدواة المريض، وإغاثة اللهفان، وسد خلة المحتاج، وغيرها من وجوه البر والإحسان وضروب الخير تُؤَمِّن الجبهة الداخلية للمجتمعات الإسلامية من غوائل التطرف وسائر الانحرافات الفكرية والسلوكية وغيرها من الآفات الاجتماعية، وتعزز لحمة التماسك الاجتماعي، مما يمنع تسلل المغرضين والمتربصين بالأمة لتمزيق النسيج الاجتماعي، وتقل الجريمة التي يكون دافعها العوز؛ بل إن التعليم في بدايات العمر الذي تمارسه روضات العمل الخيري فيه من الخير حيث تغرس قيم الخير والإيمان والفضيلة وحب الأوطان في قلوب الناشئة فتظل مركوزة في الوجدان وستظل فطرة الإنسان سليمة ومعدنه أصيل، ومكامن الخير مفطورة في سويداء الفؤاد تنتظر لحظة استفاقة أو وخز ضمير فتعود إلى ما تربت عليه في تلك الرياض .
وإذا غلب الخير وعمت الفضيلة وتعاون الناس على البر والتقوى، ونبذوا الإثم والعدوان وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر بالفعل والممارسة، فسوف تغلق جميع أبواب الشر،أو على أقل تقدير تضييق مداخل الشر.
(ثالثا): على مستوى البشرية: قد ثبت بالاستقراء التام لنصوص الشريعة أن الإسلام دين الرحمة ، وهو رحمة للعالمين ، ولئن كانت هذه صفة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم فهي صفة لتعاليمه وهديه وهي تعاليم الإسلام الحنيف.وفعل الخير لا يقتصر على المسلمين فقط ، بل يتعدى الأمر إلى كل بني البشر، ولو نظرنا إلى أعداد الفقراء في العالم وبحسب الإحصاءات الرسمية حيث بلغ عدد الفقراء 1.3 مليار شخص، وهذا حسب إحصاءات سنة 2019م، مما أدى إلى تفشي الجريمة بمختلف أنواعها، بل والجريمة العابرة للقارات، كما لا ننسى الحروب الآثمة وما يترتب عليها من اختلال في ميزان العدالة الاجتماعية وانتشار الأوبئة الفتاكة ،والاتجار بالبشر والمخدرات ، وغيرها من مظاهر العدوان البشري على أخيه الإنسان بغض النظر عن الجنس واللغة والدين. والحق أنّ هذه الصور المروعة مناقضة لمقصد الشارع الحكيم من الاجتماع البشري والذي هدفه التفاعل الحضاري بين الأمم والشعوب ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا )).فالمقصد الأسمى للوجود الإنساني التعاون والتعارف والتكافل والتراحم ، ولن نجد هذا المقصد متجسدا إلا في فعل الخير بكل صوره دون مساومة لأحد على دينه أو عقيدته، بل يترك لقناعته الشخصية ، فمن شاء دخل في دين التوحيد ، ومن شاء بقي على ملته وعقيدته ولو كان وثنيا عملا بقوله تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا".
ولو رجعنا إلى العمل الخيري اليوم في أماكن شتى من المعمورة لرأينا كيف استطاع المسلمون من خلال فعل الخير سواء في إطاره الرسمي أو الشعبي أن يميطوا اللثام عن حقائق الإسلام الغائبة على الكثير من الناس، وأظهروا صورته المشرقة ونشروا صفحاته ناصعة البياض، وأزالوا الصورة النمطية العالقة في أذهان كثير من سكان المعمورة الذين تعرضوا لمغالطات ثلة من المستشرقين. مما أكسب المسلمين تعاطفا في كثير من القضايا العادلة رسميا وشعبيا وظهرت نخبة من المفكرين والساسة والمثقفين من مختلف المشارب والأمم تدعوا إلى وجوب التعايش مع المسلمين والتعاون معهم على كل ما يخدم البشرية باعتبارهم أصحاب رسالة خالدة، وتعاليم سامية تدعو إلى التسامح. بل واعتبار المسلمين مظلومين في كثير من بقاع الأرض وجبت نصرتهم والتضامن معهم حتى تعود حقوقهم المسلوبة وخيراتهم المنهوبة.

الرجوع إلى الأعلى