يحتفي العالم اليوم باليوم العالمي للعمال؛ في مبادرة إنسانية تعترف لهذه الفئة بأهميتها ودورها المحوري في الحياة واستمرارها، وتعترف للعمل كقيمة حضارية وضرورة حياتية لا يمكن بحال الاستغناء عنها في أي عصر أو مصر؛ وفي خضم هذا الاحتفاء الإنساني يبرز الإسلام بشريعته وعقيدته وأخلاقه كأهم دين حظي فيه العمل والعامل بمكانة مركزية؛ باعتباره مناط الوجود وعلة المسؤولية في العاجل والآجل؛ فظهرت قيم الإسلام ومبادئه المؤسسة حرية العمل ومسؤولية العامل والمكرسة لحقوقه وكرامته.
فقد ذكر لفظ العمل ومشتقاته في القرآن الكريم قرابة 400 مرة إشادة بأهميته وثماره وثوابه في الدنيا والآخرة، ولا يوجد كتاب سماوي أو شريعة أكثرت من ترديد هذا اللفظ كما ردده القرآن الكريم، وما ذاك إلا لأن معيار التفاوت بين الخلق في الدنيا وفي الآخرة إنما مرده العمل بالأساس؛ فبقدر الكد والاجتهاد والإخلاص والإتقان ترتفع درجة العامل في الدنيا والآخرة؛ يقول الله تعالى: ((لِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ))، ويقول تعالى: ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً))، ويقول أيضا: ((وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى)). وقد أمر الله تعالى بالعمل فقال تعالى: ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ))، وأطلق للعامل حرية العمل فقال الله تعالى: ((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ)) وبين أنه علة الخلق والاستخلاف في الأرض؛ فقال: ((يَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ))، ثم يرد الناس لخالقهم ليسألهم عن عملهم الذي كلفوا به؛ لتعمير الأرض، تسخير ما فيها من مقدرات جعلها الله تعالى للإنسان، هل أحسنوا أم أساءوا؛ فقال تعالى: لأن العمل و إن كان مطلوبا شرعا إلا أنه ينبغي أن يكون عملا صالحا وفق شريعة الله تعالى، عملا يكسب بموجبه صاحبه مالا طيبا ورزقا حسنا غير مشوب بسحت أو حرام جراء تقصير أو غش أو تدليس أو كذب أو انتهاك لحدود الله تعالى أو استغلال أو اختلاس أو احتكار؛ فمن سلك هذه الطرق ضل سعيه في الحياة الدنيا وانقل بعمله من الإحسان المطلوب إلى الإساءة المهلكة.
وينبغي أن لا يعتقد الإنسان أن العمل في الدنيا مجرد أمر مباح يمكنه الاستغناء عنه في أي مرحلة من مراحل العمل؛ بل هم واجب وضرورة حياة وحتمية حضارية للأفراد والأمم، يثاب فاعله ويعاقب تاركه، وكل فرد أو أمة لا تعطي للعمل قيمته فلتعلم أن مصيرها الذل والهوان بين الناس، ولا يتحجج المرء بضعف أو تعب ليزهد في العمل لأنه مطالب بالعمل وفق ما يستطيعه دون تكلف؛ ومن كل حسب جهده، ولو كان ضئيلا، وانظر كيف أمر الله تعالى مريم بنت عمران وهي في المخاض؛ بأن تعمل بجهدها حتى تأكل فقال الله تعالى: }وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ْ{، لقد كان الله تعالى قادرا على أن يسخر لها من الريح ما يسقط عليها الثمار دون حاجتها للحركة وهي في لحظات عسيرة؛ لكنها سنة الله تعالى في خلقه وفي الحياة فالسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.
وبقدر ما أوجب الإسلام العمل فقد حرص على حفظ كرامة العامل وحقوقه؛ سواء ما تعلق منها بالأجر الذي ينبغي أن يكون مناسبا للعمل مرافقا له؛ أو بالمعاملة الإنسانية للعامل وعدم امتهانه؛ وتلك هي القيم التي ينبغي الالتزام بها حتى تعود الأمة أمة العمل كما هي أمة العدل في نظر الإسلام.                                                        ع/خ

م (17) من البيان العالمي عن حقوق الإنسان  في الإســـــــــــــــــــلام 1981م
«العمل»: شعار رفعه الإسلام لمجتمعه: «وقل اعملوا» (التوبة: 105)، وإذا كان حق العمل: الإتقان: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» (رواه أبو يعلى، مجمع الزوائد، جـ 4) فإن حق العامل:
-1 أن يوفى أجره المكافئ لجهده دون حيف عليه أو مماطلة له: «أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه» (رواه ابن ماجة بسند جيد).
2- أن توفر له حياة كريمة تتناسب مع ما يبذله من جهد وعرق: «ولكل درجات مما عملوا» (الأحقاف: 19).
 3 -أن يمنح ما هو جدير به من تكريم المجتمع كله له: «اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» (التوبة: 105). «إن الله يحب المؤمن المحترف» (رواه الطبراني، مجمع الزائد، جـ 4).
-4 أن يجد الحماية التي تحول دون غبنه واستغلال ظروفه قال الله تعالى: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه حقه» (رواه البخاري (حديث قدسي).

م (13) الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  في الإسلام 1990م
العمل حق تكفله الدولة والمجتمع لكل قادر عليه، وللإنسان حرية اختيار العمل اللائق به مما تتحقق به مصلحته ومصلحة المجتمع، وللعامل حقه في الأمن والسلامة وفي كافة الضمانات الاجتماعية الأخرى. ولا يجوز تكليفه بما لا يطيقه، أو إكراهه، أو استغلاله، أو الإضرار به، وله -دون تمييز بين الذكر والأنثى- أن يتقاضى أجرا عادلا مقابل عمله دون تأخير، وله الإجازات والعلاوات والفروقات التي يستحقها، وهو مطالب بالإخلاص والإتقان، وإذا اختلف العمال وأصحاب العمل فعلي الدولة أن تتدخل لفض النزاع ورفع الظلم وإقرار الحق والإلزام بالعدل دون تحيز

*فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة*
ليس هناك وضوح في هذا الأمر أكثر من الآية القرآنية الكريمة التالية، والتي تتحدث عن «عقبة» أو حائل يقف بين الإنسان وبين دخول الجنة، وتصف الآية الرائعة كيفية اجتياز هذا المانع أو اجتياحه، (أو كما وصفت الآية الكريمة اقتحامه )فقالت في سورة البلد:  فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ... وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ... فَكُّ رَقَبَةٍ... أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ... يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ... أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ... ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ... أُولئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ .
ويا له من وصف ونسج أدبي رائع، (فأول عقبة) تعيق الإنسان عن دخول جنات الفردوس الأعلى يكون «اقتحامها» من خلال فك رقبة (أي تحرير إنسان من العبودية أو الرق).
والأمر بفك الرقاب في القرآن كان واضحا كالشمس أيضا، في قوله تعالى:  إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ  وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ..وهي الآية التي تحدد مصارف الزكاة.
قد يتساءل البعض: وكيف لنا اليوم بأن نفك الرقاب وليس هناك عبيد؟
وهنا يأتي التأويل بأن الإنسان في زماننا الحالي قد يكون عبدا للفقر والجوع، أو الظلم والهوان، وأن إنقاذ البشر وانتشالهم من ذل العوز والاحتياج والقهر، هو أفضل فك لرقابهم من ذل العبودية لمثل هذه الأمور.
أما العقبة الثانية ؟وهذا كما ذكرت الآية الكريمة بإطعام في يوم ذي هول شديد
والقرب قد يكون في قرابة الدم، أو قرب المكان، أو في مفهوم الإنسانية عامة، وقد يكون بـ»إطعام مسكينا» في قمة ضعفه وقلة حيلته، حتى أنه عجز عن إزالة التراب عن جلده، فاكتسى بصورة البؤس والهوان كما وصفه القرآن بأنه أي المسكين:  ذا متربة
وكما نلحظ هنا أن القرآن ذكر تعبيرات «يتيما، و»مسكينا» ومن قبلهما «رقبة»، من دون استخدام أي أدوات تعريف مثل استخدام «ال» قبل الكلمة، حتى يعمم المعنى على الجميع، أيا كان دينهم أو عقيدتهم؛ فلم يقل القرآن : يطعمون اليتيم المسلم، أو المسكين المسلم بل قال بصيغة النكرة:  أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ... يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ... أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ كي يسري المعنى على أي يتيم، أو أي مسكين!! وليس هذا الأمر بمستغرب في القرآن، والذي قال أيضا: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا». ثم يصف لنا القرآن بعد ذلك كيفية اقتحام العقبة الأخيرة، لدخول جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب، فكان ذلك بالتحلي بالصبر، وبأن يكون الإنسان في قلبه رحمة «وتواصوا بالمرحمة.

فتاوى
rعندي دين 21 يوما من السنة الماضية لأني كنت مريضة ولم أتمكّن من صومه قبل حلول شهر رمضان للسنة الموالية. الآن صمت لكن لا أعلم كم المبلغ الذي يجب علي دفعه و كذا طريقة إخراجه؛ هل أقدم المبلغ كله لشخص واحد أو أكثـر أم يجب أن أعطيه لـ 10 أشخاص مختلفين؟
- قضاء صيام رمضان بالنسبة للمريض يجب عليه بعد الشفاء أما من دخل عليه رمضان الموالي دون أن يقضي ما عليه من الصيام. وجب عليه القضاء والفدية معا . وهي إطعام مسكين عن كل يوم أفطره في رمضان : وهي إطعام مسكين عن كل يوم أفطره في رمضان، أما بخصوص سؤالك وقد صمت 21 يوما قضاء، فبقي الإطعام (إطعام 21 مسكينا) .
كيفية الإطعام: الأصل في الإطعام هو وجبة كاملة مشبعة لكل مسكين ، أما من تعذر عليه ذلك أو لم يسعفه الحظ في ذلك، فله أن يتصدق بقيمة من المال حسب عدد المساكين ، فيعطيهم لشخص واحد. أو لعدة أشخاص.
rأكلت يوم ثالث رمضان في النهار الخبز من دون عمد، فما هو الحكم ؟
إن الذي أكل أو شرب في يوم رمضان ناسيا يجب عليه أن يستمر في صيامه بقية يومه ويقضي يوما بدله بعد رمضان ولا إثم عليه.
موقع وزارة الشؤون الدينية

كتبه وصلت الجزائر في الثمانينيات وانتشرت في المساجد
وفاة المفكر الإسلامي الهندي وحيد الدين خان
توفي في العاصمة الهندية نيودلهي، الأربعاء، الماضي المفكر الإسلامي «وحيد الدين خان» مؤسس المركز الإسلامي في نيودلهي،عن 96 عاما، تاركا خلفه مكتبة علمية كبيرة. وللراحل عشرات الكتب، بعضها باللغة العربية وبعضها الآخر بالإنجليزية، فضلا عن مؤلفاته التي تمت ترجمتها إلى العديد من اللغات. وكانت عونًا وسندًا كبيرًا للصحوة الإسلامية.
واستنادا لمواقع الكترونية فإن وحيد الدين خان، جمع بين المنهج الإسلامي والمنهج العلمي والفلسفي، وبرز بمحاورة الملحدين واللادينيين في مؤلفاته.
ومن أقواله المأثورة «إذا كان الظمأ إلى الماء يدل على وجود الماء.. فكذلك الظمأ إلى العدل لابد أنه يدل على وجود العدل ..ولأنه لا عدل في الدنيا ..فهو دليل على وجود الآخرة مستقر العدل الحقيقي.». ومجلته «الرسالة» أحدثت ثقافة علمية إسلامية رهيبة في موطنها. ومن المؤسف أن تكون له كتب أخرى جليلة لم تترجم بعد إلى العربية، مثل تفسيره «تذكير القرآن».. ويشكل مجموع مؤلفاته أكثـر من (50) كتابًا، إضافة إلى آلاف المقالات.لوحيد الدين خان الكثير من المؤلفات باللغة الإنجليزية منها:
Religion and Science
God Arises: Evidence of God in Nature & Science
Islam and Modern Challenges
The Moral Vision : Islamic Ethics
The Prophet Muhammad : A Simple Guide to His Life
وله عدد من المؤلفات المترجمة إلى العربية منها: الإسلام يتحدى الذي يعد أشهر كتبه، حيث انتشر في الثمانينيات في دول إسلامية كثيرة ومنها الجزائر، والدين في مواجهة العلم، وحكمة الدين، وتجديد علوم الدين، والمسلمون بين الماضي والحاضر والمستقبل، وخواطر وعبر.

الرجوع إلى الأعلى