رمضان شهر الانتصارات، ولكن أعظم تلك الانتصارات على الإطلاق، و أولها وأسبقها كان يوم السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة، إنه انتصار غزوة بدر، ومعركة الفرقان، التي خلد الله تعالى ذكرها في القرآن: (وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير). (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة، فاتقوا الله لعلكم تشكرون). وهذه المعركة أجمع معارك الإسلام للدروس والعبر، التي يجدر بنا أن نقف عليها بالدراسة والبيان، عسى أن نستثمرها في واقعنا المعاش، وإذ أحيلكم على مطالعة تفاصيل الحادثة في كتب السير والتواريخ، أقف معكم على ما تيسر من دروسها:
أولها أن الإسلام لا يتشوف للحرب، بل يتشوف لإطفائها: قال تعالى: (كلّما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله)، ولا يسوِّغ الحربَ في الإسلام إلاّ اعتداء المعتدين، وصدُّهم عن سبيل الله، لم يقاتل المسلمون يوم بدر كفّار قريش إلا بسبب اعتدائهم، وظلمهم، (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا)، لا يرفع الإسلام سيفًا في وجه مُسَالِم أبدا.
وثانيها: أن ما أُخذ بالقوّة لا يُستردّ إلا بالقوة: نعم الإسلام لا يعتدي على مسالم، ولكنه لا يعطي خدّه للمعتدين يصفعونه كما يشاؤون، لقد نكّلت قريش بالمؤمنين، وألحقت بهم صنوف الأذى والتعذيب، وأخرجتهم من ديارهم وأموالهم، وصادرت ممتلكاتهم، لا لجُرم اقترفوه، ولا لذنب اجترحوه، إلاّ أنّهم قالوا ربّنا الله وحده لا شريك له، فخرج المسلمون يستردون أموالهم المنهوبة، وأملاكهم المسلوبة باعتراض قافلة أبي سفيان، إنّها سنة كونية، وشرعةٌ ربانية: أنّ ما غُصب بالقوة لا يُستردّ بالكلام الفارغ، تلك السنة التي فهمها جيدا آباؤنا وأجدادنا المجاهدون في حرب التحرير، قال شاعر ثورتنا:
لم يكن يُصغى لنا لمـّا نطقنا .. فاتخذنا رنّة البارود وزنا .. وغزفنا نغمة الرشاش لحنا.
وقال: يا فرنسا قد مضى وقتُ العتاب.. وطويناه كما يُطوى الكتاب
يا فرنسا إنّ ذا يوم الحساب.. فاستعدّي وخُذي منّا الجواب إن في ثورتنا فصل الخطاب
ثالثها: عاقبة الظالمين الخسران المبين والهزيمة على أيدي المؤمنين الصادقين، طال الزمان أو قصر؛ فقد خرجت قريش بكبرها وخيلائها، (خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله، والله بما يعملون محيط). (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم، وقال لا غالب لكم اليوم من الناس)، وكان في وسعها أن ترجع ولا تحارب بعد علمها بنجاة القافلة، ولكن أبا جهل قال: (والله لا نرجع حتى نرِد بدراً فنقيم فيها ثلاثا، فننحر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقى الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبد الدهر). فكانت الدائرة على المتجبرين المتكبرين، ولقي أبو جهل حتفه على يد غلامين صغيرين: معاذٍ ومعوذ، واحتزّ رأسه رويعي الغنم عبدُ الله بن مسعود، ولقي صناديد قريش مصارعهم: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، وغيرهم حتى دفنوا في قليب، وخاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (يا أهل القليب هل وجدتم ما وعد ربكم حقا، فإني وجدت ما وعدني ربي حقا).  فكم في هذا العصر من أبي جهل، وعتبة، وشيبة، وأمية، لعلّ مآلهم يكون كمآل أهل القليب.
رابعها: النصر له شروط؛ فنحن لا ننتصر على أعدائنا بعدة وعتاد –وإن كان الأخذ بالأسباب واجبا، ولكن ننتصر عليهم بالإيمان الصادق، والنية الصالحة، والعمل الصالح. كان أهل بدر ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا لم يخرجوا أصلا بنية الحرب كما قال تعالى: (وتودّون أن غير ذات الشوكة تكون لكم)، ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا بأقدام حافية، وثياب بالية، وبطون خاوية، ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا يتعاقب كل ثلاثة منهم على بعير، حتى قال المشركون (غرّ هؤلاء دينهم)، انتصروا على ألف رجل من المشركين، وأيّدهم الله بألف من الملائكة منزلين، ومسوّمين، ومردفين، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته يوم بدر: (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض)، وإن أمتنا التي تبحث اليوم عن النصر مدعوة لأن تتخلّص من الوهن، من حب الدنيا والركون إليها، من الضعف والتخلف والانهزامية، إن أمتنا مدعوة لأن ترجع وتؤوب إلى دينها. ومن أعظم أسباب النصر وحدة الصف، وتآلف القلوب، وصلاح ذات البين، لا نصر مع الفرقة والتمزق، لا نصر مع التنازع والاختلاف، لا نصر ونحن نتقاتل، ونتباغض، ونتحاسد، ويأكل بعضنا بعضا، (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

غـزوة بدر بالأرقـام
التاريخ 17 رمضان السنة 2 للهجرة؛ الموافق 13 مارس 624م
عدد المقاتلين من المسلمين: 314 مقاتلا، منهم فارسان فقط
عدد المقاتلين من المشركين 1000 مقاتل؛ منهم 200 فارس
الشهداء من المسلمين: 14 شهيدا؛ منهم: 06 من المهاجرين،
 و08 من الأنصار
القتلى من المشركين: 70 قتيلا
الأسرى من المسلمين: 00
الأسرى من المشركين 70 أسيرا

تكريـس مبدأ الشورى من أهـم دروس بـدر
إن من بين أهم دروس غزوة بدر الكبرى؛ إضافة إلى كل ما ذكر؛ أن الحاكم المسلم في أي موقع كان من مواقع المسؤولية لا يستغني عن مشورة عموم المواطنين وأهل الخبرة قبل اتخاذ القرارات الكبرى في حياة الأمة؛ فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أول عمل قام به بالمدينة استشارة الناس بالخروج لاعتراض عير أبي سفيان. فقال: (أشيروا عليَّ أيها الناس)،كما ورد في صحيح مسلم، فأشاروا عليه بذلك، ثم أخذ بمشورة الحباب بن المنذر فغير خطة المعركة حسب ما ورد في كتب السير، ثم استشارهم بعد المعركة بشأن الأسرى فقال: (ما ترون في هؤلاء الأسارى)؟.كل هذه الاستشارات وهو رسول الله ليعلم من يأتي بعده ضرورة الشورى لتحقيق كل انتصار وكل نجاح في الدنيا والآخرة؛ بخلاف الاستبداد بالرأي الذي يفضي للهلاك والخسران
ع/خ

رمـضان شـهر الانتصـارات
رمضان شهر الانتصارات، ليالي هذا الشهرِ وأيامُه؛ تحكي لنا كم صنعت أمتنا فيه من أمجاد، وكم سطّرت من بطولات، وكم جسّدت من قيم العدل والرحمة بالإنسانية، في رمضان من السنة الثامنة كان أعظمُ فتح في تاريخ الإسلام؛ فتحُ مكة، وفي رمضان من السنة الثالثةِ عشر انتصر المسلمون في معركة البويب ضدّ الفُرس، وفي رمضان من السنة الخامسةِ عشر انتصر المسلمون في معركة القادسية، وفي رمضان من عام ثلاثةٍ وتسعين فتح المسلمون الأندلسَ بقيادة طارق بن زياد، وفي رمضان من عام أربعةٍ وتسعين فتح المسلمون بلاد الهند والسند، وفي رمضان من عام ثلاثةٍ وعشرين ومائتين فتح المسلمون عمّورية؛ أهم مدن الإمبراطورية البيزنطية، وفي رمضان من عام ثلاثة وثمانين وخمسمائة حرَّر صلاح الدين الأيوبيُّ مدينة صفد، وفي رمضان من عام ثمانيةٍ وخمسين وستمائة انتصر المسلمون في معركة عَين جالوت، وفي رمضان من عام ستةٍ وستين وستمائة فتح المسلمون أنطاكية إحدى أهم مدن الشام، وغير ذلك
 من الانتصارات.                                                             م.ه

يــوم الفــرقــــان
شهر رمضان هو شهر الفتوحات والمعارك الكبرى في تاريخ الإسلام، ومن أيام الله العظيمة في هذا الشهر هو يوم الفرقان يوم بدر أول معركة في الإسلام بين الحق والباطل.
كانت الدعوة قبل بدر باللسان والبرهان، فجاءت غزوة بدر لتحميها بالسنان من كيد الشيطان، وكان الجهاد قبل بدر بالقرآن فجاءت غزوة بدر لتنصر الإسلام بالسلطان، وكانت الدعوة قبل بدر بالكلام فجاءت غزوة بدر لتدفع عنها العدوان بالحسام.
إن غزوة بدر هي أم المعارك فلولاها لما كانت ما بعدها، ولولا بدر ما قامت للإسلام قائمة وإلى هذا المعنى كان يشير رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما نادى ربه في أوج غزوة بدر قائلا « يارب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا »
لقد وعى المسلمون الأوائل دروس بدر، فحققوا نصرا إثر نصرا للإسلام، وما أحوجنا اليوم لهذه الدروس البدرية والاعتبار بنتائجها؛ فالتاريخ ليس أحداثا تسرد  ولا قصصا تحكى فقط؛ بل هو دروس تستنبط وعبر تنفذ على أرض الواقع، فإذا ما أردنا التمكين والعودة إلى القيادة فعلينا الأخذ بأسباب النصر وشروطه كما أخذ بها البدريون فنصرهم الله. يقول الإمام محمد البشير الإبراهيمي عن غزوة بدر « في غزوة بدر مواقف للاعتبار والإنكار، ومواطن للتأمل والاستبصار وقد تتجلى العبرة في بعض الأزمنة دون بعض، فإذا وجدت من يستشفها كانت له واعظا فانتفع بها ونفع....»
فعلينا أن ننتفع بدروس بدر، وأن نغير من واقعنا، ونأخذ بأسباب النصر والتمكين، حتى يغير الله من حالنا إلى أحسن حال؛ فإذا علمنا بماذا انتصرت الفئة القليلة يوم بدر، فعلينا أن نعلم لماذا انكسرت الفئة الكثيرة من المسلمين اليوم؛ فلابد أن نعقل ونعي ونأخذ الدروس والعبر ونجسدها في واقعنا حتى ننتصر كما انتصر الأولون .

طالبة في الصف السادس تسأل أينشتاين هل يصلي العلماء؟
في 19 يناير سنة 1936، قامت التلميذة “فيليس؛ وهي طفلة في الصف السادس الابتدائي بمدرسة “الأحد” في نيويورك، بكتابة رسالة إلى العالم الشهير آينشتاين في مدينة برينستون بتشجيع من مُعلمتها وبالنيابة عن حصة الدين في المدرسة، تسأله فيها: “هل يصلي العلماء؟ وإذا كانوا يصلون، فما الذي يصلون من أجله؟”. وقد رد “آينشتاين” على رسالة الطفلة في 24 يناير من ذات العام، أي بعد أسبوع فقط جاءت رسالة الطفلة فيليس على النحو التالي: نقلا عن موقع إسلام أونلاين (عزيزي الدكتور آينشتاين، طرحنا في حصة الدين المدرسية ليوم الأحد سؤالا: هل يصلي العلماء؟. وقد بدأ الأمر عند سؤال أحدهم ما إذا كان باستطاعتنا أن نؤمن بالعلم والدين في الوقت ذاته.نحن نكتب الآن لعدة علماء وأشخاص مهمين في محاولة منا للحصول على جواب شاف لسؤالنا. نحن سيكون لنا شرف كبير في حال أجبتنا عن سؤالنا: هل يصلي العلماء؟ وإذا كانوا يصلون، فما الذي يصلون من أجله؟ نحن في الصف السادس، صف الآنسة “إليس”. لك كل احترام، فيليس.)
وقد جاء رد “آينشتاين” في 24 يناير 1936على النحو التالي: عزيزتي فيليس حاولت الرد على سؤالك ببساطة بقدر ما أستطيع. وهاك ردي: يستند البحث العلمي على فكرة أن كل شيء يحدث محكوم بقوانين الطبيعة، وهذا ينطبق بالتالي على أفعال البشر. ولهذا السبب، سوف يكون من الصعب على الباحث العلمي أن يميل إلى الاعتقاد بأن الحوادث يمكن أن تتأثر بالصلاة، أي عن طريق رغبة موجهة إلى كائن خارق. ومع ذلك، يجب أن نعترف بأن معرفتنا الفعلية بهذه القوانين ما زالت ناقصة ومجزأة، بحيث أن الاعتقاد بالقوانين الشاملة الأساسية في الطبيعة يستند أيضا في الواقع على نوع من الإيمان. هذا الإيمان – على حد سواء – مبرر حتى الآن إلى حد كبير بنجاح البحث العلمي. لكن، من جهة أخرى، كل شخص منغمس في متابعة البحث العلمي بشكل جدي، يغدو مقتنعا بأن ثمة روحا تتجلى في قوانين الكون، هي روح تفوق بشكل كبير روح الإنسان، ونحن بقدراتنا المتواضعة يجب أن نشعر أمامها بالضآلة. وبهذا الشكل، فإن متابعة البحث العلمي تقودنا إلى شعور ديني من نوع خاص؛ شعور هو في الواقع مختلف تماما عن تدين أي شخص أكثر سذاجة)..

الرجوع إلى الأعلى