لقد شرّع الإسلام نظام الخلع للزوجة مقابل ما بيد الزوج من حق الطلاق، وفي ذلك تحقيق للعدل والمساواة التي كثيرا ما أكدت عليها نصوص وأحكام الشريعة الإسلامية؛ ورفع للضرر الذي قد يطال الزوجة.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
 فقال الله تعالى:} وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ { [البقرة: 229]. ففي صحيح البخاري عن عِكرمة عن ابن عباس، أن امرأة ثابت بن قيس قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: “يا رسول الله، زوجي ثابت بن قيس ما أعيب عليه في خلُق ولا دِين، ولكن أكره الكفْر في الإسلام؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتردِّين عليه حديقته))، وهي المهر الذي أمهَرَها، فقالت: نعم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثابت: ((اقبل الحديقة، وطلِّقها تطليقة)).لكن هذا الحق المعطى للزوجة فهم خطأ من قبل الكثير من الزوجات اللواتي رحن يستعملنه بشكل تعسفي أضر بالأسرة كاملة وليس فقط بالأزواج؛ مستغلين في ذلك الانحياز الإيجابي الذي سلكه المشرع الجزائري فيما يخص النفقة والحضانة والسكنى، حيث يبادرن لاستعماله بمجرد شعورهن بالاستغناء عن الزوج بسبب تقدم السن أو استقلالية الذمة المالية، لينسفن بذلك عشرة عمر في لحظات.إن الوضع المادي والاجتماعي الذي بلغته المرأة حاليا شيء إيجابي ينبغي أن يثمن؛ لأنه كسر أنساقا تقليدية وعادات سيئة كثيرا ما حشرت المرأة في وظيفة نمطية جعلت منها كائنا دونيا يقتصر دوره على الحمل والإنجاب والخدمة، [رغم شرف هذه الوظائف لو لم تصطبغ بصبغة الذل والهوان]، بما جعلها تابعة تتقوض أحيانا تحت نير الذل، وهي صابرة لا لشيء إلا لأن حياتها مرهونة بقرار ممن هي تابعة له، الذي قد يحيلها إلى كائن مشرد في الطرقات منبوذ اجتماعيا، قلت رغم ما بلغته المرأة إلا أن هذا لا يبرر لها التعسف في استعمال حق الخلع، إذ ينبغي لها أن تمارسه ضمن أطر مبررة، ومعللة، فالجزائر تحصي سنويا حوالي 05 ألاف حالة خلع لأسباب تافهة، والرابط المشترك بين المختلعات أنهن موظفات مستقلات في الجانب المالي وتقدم بهن السن فلم يعدن في حاجة إلى الأزواج؛ لقد نسيت هؤلاء النسوة العشرة ومستقبل الأبناء الذين سينشأون في ظل تفكك أسري وقد ترحل الزوجة فجأة فلا يجد هؤلاء الأبناء مأوى لهم بعد أن يكون أبوهم قد شق حياته مع زوجة أخرى،إن الحياة الزوجية مبنية على التواصي بالصبر والمعاشرة الحسنة، وليست علاقة عمل تنبني على مصالح ما، تزول بزوالها؛ لذلك قد تنفر الزوجة من زوجها بسبب سلوك؛ لكنها ستجد في حياتها تصرفات ومواقف كثيرة حسنة، تحجب هذا السلوك، لأن كمال الرجل ليس له جود إلا في عالم الافتراض. وعلى المشرع أن يتدخل للحد من هذه الظاهرة كما يسعى للحد من ظاهرة الطلاق؛ ولعل من ذلك مراعاة قيمة العوض الذي تقدمه الزوجة للزوج مقابل الخلع؛ بحيث يصبح منوطا برضى الزوج كما هو منطوق الآية، أو تقييمه بالقيمة الحقيقية للمهر الذي يصرفه الزوج على الزوجة، بحيث يدخل فيه الحلي والكسوة وغيرها وليس فقط تلك النقود التي ينطق بها أمام ضابط الحماية المدنية أو الموثق او الإمام؛ كما ينبغي مراجعة حقوق ما بعد الخلع؛ لأنها في الوضعية الحالية محفزة أكثر منها مثبطة للزوجة على الخلع؛ وليس الغرض من هذه التشريعات المساس بحقوق المرأة بل إنه يصب في المساواة التي كثيرا ما تم التنادي بها، ويسد ذريعة تفكك الأسرة وتشرد الأبناء والتنكر للحياة الزوجية وعشرتها.                             
ع/خ

أنـــوار
من أجل خطب جمعة إيجابية
يحدث أن يعتلي المنابر كل جمعة آلاف الأئمة ليسمعوا المصلين ما أفاء الله به عليهم من علم؛ ليتعرفوا به على دينهم ويسيروا في دنياهم على بصيرة من أمرهم، حين تغدو الحياة التي يعيشونها متوافقة وما شرعه الله تعالى لهم من أحكام وسنن؛ والأصل في الجمعة أن تزرع الخير وتنمي بذرة الصلاح في النفوس، لتؤتي أكلها كل حين سلوكا طيبا في الاجتماع والعمران؛ وكذلك كان النهج النبوي، حين كانت جل خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم آيات يتلوها على الصحابة كل جمعة؛ فيرى أثرها بعدئذ في حياتهم؛ لكن؛ وبسبب تدني الخطاب الديني والدرس المسجدي في أماكن كثيرة، تحولت خطب الجمعة إلى رد فعل؛ بدل أن تكون فعلا، حين أضحى هم الإمام استقراء مساوئ الناس ومعاصيهم ليواجههم كل جمعة معاتبا أو موبخا أو شاجبا، أو محذرا، بما يشبه المضادات الحيوية التي يصفها الطبيب لمريضه ليواجه بها الجراثيم والفيروسات التي اخترقت جسمه وسببت له الكلل والسقم، ويخيل للمستمع أن كل المصلين الذين يقصدون مساجد الله عصاة مذنبون، يشهدون الزور ويكذبون، ويغشون، ويرابون، ويزنون، ويغتابون، يضيعون الصلوات ويغفلون عن عبادة الله تعالى، والحال أن واقع المجتمع عكس ذلك، فالمؤمنون في مجملهم طائعون لله تعالى صادقون مخلصون موحدون، يتحاشون مقارعة الرذائل والفواحش، إنه حري بالأئمة أن تكون خطبهم غداء للفكر والنفس والوجدان، تربي في المسلم الإيجابية لينطلق في الحياة، فتنمي جانب الخير فيه، ليثبت وتستر جانب الشر فيه لينضب معينه؛ لأن النفس مهما تقدم بها العمر تبقى كطفل صغير يربيه التحفيز أكثر من التقريع، والثناء أكثر من التوبيخ؛ لأن التوبيخ والذم والترهيب مثبط للعزائم والهمم، يقضي مع الوقت على توازن الشخصية، ويكرس اليأس والقنوط، ويكون نفوسا ذليلة تقبل الهوان، ربما تبكي لكنها لا تتوب، تعترف لكنها لا تبارد، سرعان ما ترجع لعادتها بعد هدوء.
فبدل الترهيب وسب الكذب وذم المعاصي واجترار الحديث عن الآثام والوعيد بالنار، فليكن الخطاب خطاب ترغيب يحبب به الخطيب العباد في ربهم ويطمعهم في رحمته، وينمي به في النفوس الصدق، ويزرع الطاعة ويبشر بالمثوبة والفلاح؛ حتى يربي أجيالا تأبى الخنوع وتعتز بالذات وتثق في ربها ورحمته، جيل يولد من رحم خير أمة أخرجت للناس؛ هذه الأمة التي ينسب إليها بعض الخطباء كل قصور وخلل ومعصية!                            
ع/خ

عالم الكتب
«التّكفير والتّكفيريّون الجدد» للدّكتور عبد الله أحمد اليوسف
رغم صغر حجم الكتاب الذي لا يتجاوز مائة صفحة إلا أن صاحبه تصدى بالدراسة والنقد لظاهرة خطيرة هي ظاهرة التكفير والتكفريين، حيث أعادها إلى جذورها التاريخية، ثم بين خطورة قضيّة التّكفير؛ من حيث كونها حكما شرعيا لا يحق صدوره ولا يجوز إلا ضمن شروط وضوابط يقينية، شاجبا منهج التكفيريين، وباحثا في أسبابه، وعوامله، ومقدما وصفة علاجية من وجهة نظره، لظاهرة التكفير.

فتاوى
هل يجوز حبس الطيور في أقفاص للتمتُّع بمنظرها أو صوتها ؟
    الجواب:
إن الأصل في الزينة الحل، وللجمال أهمية في حياة الناس، وللإسلام موقف رائع منه في تشريعه العادل الذي لا يُهمل الفطرة الإنسانية إهمالاً تامًا، ولكن يوجِّهها ويهذِّبها، وبعض الطيور فيها جمال في أصل الخِلْقة أو في الألوان أو في الأصوات أو في غيرها، والجمال مُحَبَّبٌ إلى كلِّ نفس سوية، وهو من نِعم الله التي يجب أن تُشكر، كما قال تعالى: ( والْخَيْلَ والْبِغَالَ والْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً )
( النحل: 8 ).
وبالتالي فإن صنع الزينة واستعمالها والاتِّجار فيها لا بأس به في حد ذاته، ومن الزينة بعض الطيور والأسماك، فيجوز اقتناؤها وبيعها ما دام ذلك في حدود الشرع وبشروط، ومن هذه الشروط: (1) ألا يقصد بها التفاخر والخُيَلاء، كما هو دأب المُتْرفين، والأعمال بالنيات. (2)ألا يلهي التمتُّع بها أو الانشغال برعايتها واستثمارها عن واجب من الواجبات. (3) ألا يهمل في رعايتها بالتقصير في تغذيتها مثلاً، فالحديث معروف في تعذيب الله للمرأة التي حبست القطة دون أن تطعمها أو تسقيها.
هذا، وقد ورد في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحسن الناس خُلُقًا، وكان لي أخ لأمي فطيم يُقال له عُمَيْر، فكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا جاءنا قال ” يا أبا عُمَيْر ما فعل النُّغَير”؟ وعمير تصغير عمر أو عمرو. والفطيم بمعنى المفطوم، والنُّغير تصغير نُغَر وهو طير كالعصافير حُمْرُ المناقير، وأهل المدينة يسمونه البُلْبُل.
قال الدميري في كتابه ” حياة الحيوان الكبرى “: في الحديث دليلٌ على جواز لعب الصغير بالطير الصغير. وقال العلامة أبو العباس القرطبي: لكن الذي أجازه العلماء هو أن يُمْسَك له وأن يلهو بحَبْسِه، وأما تعذيبه والعَبَثُ به فلا يجوز؛ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن تعذيب الحيوان إلا لمأكله. وحكم الطير يسري على الأسماك المتخذة للزينة في أحواض ضيقة ليس في سعة الأنهار، والبحار، وكذلك على الحيوانات في الحدائق المُعَدة لها، وقد حبست في أقفاص أو أبنية ليست في سعة الصحراء والغابات التي كانت تعيش فيها من قبل.
إسلام أونلاين

 

 

الرجوع إلى الأعلى