عيد الفطر عيد رسمي للمسلمين، وهو شعيرة من شعائرهم، جاء عقب ركن عظيم من أركان الإسلام وهو الصيام، ومما جاء في مشروعية عيد الفطر ما روي عن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: (ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر).
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
العيد شكر لله تعالى: العيد هو تعبير عن شكر المسلم لله تعالى على أن وفقه لصيام رمضان وقيام لياليه، وهو يرجو القبول من الله تعالى، قال تعالى :(وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(البقرة:185)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ). وعليه لا يجوز صيام يوم العيد، فقد أخرج البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:( نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ وَعَنْ الصَّمَّاءِ وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَعَنْ صَلَاةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ).
الاستعداد لصلاة العيد: ومن السنة أن يغتسل المسلم قبل الخروج إلى الصلاة، ويتطيب ويلبس أحسن ما عنده من الثياب، فقد أخرج مالك في موطئه عن نافع (أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم عيد الفطر قبل أن يغدوا إلى المصلى)، قال ابن حجر: «روى ابن أبي الدنيا والبيهقي بإسناد صحيح إلى ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين». ويسن قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر أن يأكل تمرات وترا، لحديث أنس رضي الله عنه قال : (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا)، وفي رواية للترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُفْطِرُ عَلَى تَمَرَاتٍ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمُصَلَّى). ويسن أن يخرج إلى الصلاة ماشيا إذا لم يكن المسجد بعيدا، أو لم يكن مريضا، فقد أخرج الترمذي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا وَأَنْ تَأْكُلَ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ). ويسن إذا ذهب إلى الصلاة من طريق أن يرجع من طريق آخر، لحديث جابر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق).
التكبير هو أفضل الذكر يوم العيد: فيسن التكبير والجهر به يوم العيد من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى، لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : (أن رسول الله كان يخرج في العيدين رافعا صوته بالتهليل والتكبير). وعن نافع: (أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ثم يكبر حتى يأتي الإمام فيكبر بتكبيره). ومن صيغ التكبير ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يكبر أيام التشريق: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد).
وقت صلاة العيد وكيفيتها: تشرع صلاة العيد بعد طلوع الشمس وارتفاعها، وتؤدى بلا أذان ولا إقامة، فعن جابر رضي الله عنه: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة)، وأخرج البخاري عن عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا:( لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمَ الْأَضْحَى).وهي ركعتان لما ثبت في صحيح البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ تُلْقِي الْمَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا)، يكبر في الأولى سبع تكبيرات بما فيها تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات عدا تكبيرة القيام لحديث عائشة رضي الله عنها : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات والثانية خمسا)، ويسن أن يقرأ الإمام فيها جهرا بعد الفاتحة سورة الأعلى في الركعة الأولى والغاشية في الثانية، وعن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) و(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)، وعن عبيد بن عبد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي: ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر ؟ فقال: (كان يقرا فيهما بـ (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) و (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ).وتكون الخطبة بعد الصلاة ولا يشترط فيها الطهارة لا من الإمام ولا من المأموم، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (شهدت صلاة الفطر مع نبي الله وأبي بكر وعمر وعثمان فكلهم يصليها قبل الخطبة)، و عَطَاء عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ خَطَبَ فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ فَذَكَّرَهُنَّ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ يُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ...).
استحباب خروج النساء والأطفال إلى صلاة العيد: لحديث أم عطية رضي اله عنهما قالت: (أُمِرْنَا أَنْ نَخْرُجَ فَنُخْرِجَ الْحُيَّضَ وَالْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ أَوْ الْعَوَاتِقَ ذَوَاتِ الْخُدُورِ فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلْنَ مُصَلَّاهُمْ).   

أ.د. كمال لدرع

أنـــوار
اختلاق النصوص وتوظيفها لاستباحة دماء المخالفين
إلى جانب ما يشاهده المسلمون يوميا من احتراب واقتتال بيني؛ تدور معارك أخرى على مستوى المنابر العلمية والإعلامية والدينية، لا تقل ضراوة عما هو مشاهد محسوس؛ رغم فظاعة مشهد الغرق في الدماء الآخذ في الاتساع اتساع رقعة المسلمين؛ معارك تستحضر نصوص الماضي التي وضعت في ظروف تاريخية عصيبة لتبرير ثورة هنا أو هناك، وإضفاء شرعية دينية على سلوك أفراد أو ثوار أو أسر أو دول؛ ثم نسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لاسيما من قبل بعض أتباع الفصيلين الكبيرين السنة والشيعة، فتستعاد هذه النصوص ويعاد إسقاطها على واقع جديد لتوهم الأتباع أن هذه الفرقة أو ذاك الحدث قد بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ قرون، وهو ما يعطيه قداسة ومشروعية وحقيقة مطلقة تتستر بستار الوحي؛ فمن تلك النصوص التي تغص بها وسائل الاتصال والتواصل الحديثة والمنابر، حديث ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم فإذا رأيتموه - المهدي - فبايعوه ولو حبواً على الثلج فإنه خليفة الله المهدي» رواه ابن ماجه/ وعلى الرغم من أنه لم يصح حديث في شأن الرايات السود، والدراسات الحديثة أثبتت أن هذا النص وغيره وظفه العباسيون لإضفاء شرعية على ثورتهم ضد الأمويين.
إن توظيف النصوص الدينية المشكوك في صحتها أو تأويل الصحيحة منها لصالح فرقة أو تيار، من شأنه تضليل الناس واستدراجهم للاقتتال مع أبناء دينهم الذين لا يشاطرونهم الانتماء الحزبي، وهو ما يهدد نسيج الأمة المسلمة كما هو حالها، حيث أضحت غارقة في الفتنة والدماء، فتحت كل نص موظف أو مؤول برك من الدماء تلطخت بها صفحات التاريخ، وتغرق فيها حاليا رقعة المسلمين، فقد آن الأوان للمصادرة على هذه النصوص التاريخية التي ولدت في زمن الفتن، والانفتاح على سعة الإسلام والمسلمين، الذين تربط بينهم رابطة أخوة الإيمان بمفهومه البسيط، تلك العلاقة التي قررها القرآن، الكريم دون تضليل أو احتكار أو تأويل.
ع/خ

فتاوى
هل يجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة أرحامها كأبيها وأمها أو أن يمنع أرحامها من زيارتها؟
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وبعد:
الجواب:  إنّ من مقتضيات العشرة الحسنة واحترام عقد وميثاق الزوجية ولتوثيق العلاقة ورابطة الزّواج  أن يأذن الزّوج للزوجة بزيارة والديها بين الحين والآخر بحيث يتحقق معنى  صلة الرحم وبر الوالدين ، والأصل أن يكون ذلك بالتفاهم بين الزّوجين بحسب ما يرياه مناسباً للظروف والإمكانيات بدون تدخل القضاء لتحديد مدة معينة لتبادل الزيارات بين الزوجة ووالديها  ، فإن اختلف الزوجان في تحديد مدة الزيارة أو قدرها أو منع الزوج زوجته فإنّ الشرع في هذه الحالة يلزم الزوج بأن يأذن لزوجته مرة في الأسبوع لزيارة والديها ومرة في الأسبوع لزيارة والديها لها ولزيارة بقية محارمها مرة في السنة  .
ونؤكّد في هذا المقام أنّ المنع من زيارة المرأة لأرحامها  قطيعة، وقطيعة الأرحام حرام شرعاً كما أنّ كل  ما يؤدي للقطيعة حرام شرعًا . وقد جاءت النصوص تحذر من قطيعة الرحم وترتب عليه الشقاء في الدنيا والآخرة. قَالَ الله تَعَالَى: " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ". وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( مَن سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه ).
ولكن للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها إذا كان من وراء هذه الزيارة مفسدة وضرر ديني متحقق ولا يمكن دفع هذا الضرر إلاّ بمنعها من الزيارة،
 المجلس الإسلامي للإفتاء، بيت المقدس.

الرجوع إلى الأعلى