إن لكل أمة منذ القدم عاداتها من الأقوال والأفعال التي تعبر بها عن التحية بين أبنائها؛ وقد سن الإسلام للمسلمين (السلام)، تحية لهم فيما بينهم في الدنيا وفي الآخرة؛ فقال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا (27)) (النور)، ورغب المسلم في إلقاء التحية على أهل بيته ونفسه إذا دخل بيته أو بيتا غير مسكون، فقال الله تعالى: ((فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً))،
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
كما بيّن أن هذه التحية هي نفسها تحية أهل الجنة فقال الله تعالى: (( فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (10))).، ثم وسّع الإسلام السلام للمجتمع قاطبة؛فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ، أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ)، قال صلى الله عليه وسلم: (حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس) [متفق عليه].
لكن التحية بالسلام في الإسلام ليست مجرد عادة يألفها المسلم فيلقيها دون أن يدرك معناها أو يلتزم بمقتضياته؛ ذلك أن السلام في أدق معانيه هو إعطاء السلم والأمن لمن حييته بهذه التحية؛ فتبادر بها بقولك إنك أمن مني على نفسك مالك وعرضك، فيطمئن إليك وتصفو سريرته تجاهك فيعم الحب والأمن بين المؤمنين.
لذلك لا يمكن أن يكون مسلما حقا من غدر بأخيه المسلم بعد أن ألقى عليه السلام؛ سواء بسفك دمه أو السطو على ماله وممتلكاته أو الوقوع في عرضه، ولا يمكن للجار أن يدعي أنه سلم على جاره ولو ردّد التحية في اليوم ألف مرةإذا لم يأمن جاره بوائقه أو تجسس عليه أو كسف أسراره، ولا يمكن لصديق أن يدعي أنه سلم على صديقه وهو يغتابه أو يتآمر عليه أو يخلف وعده أو يحتال عليه ولا يمكن للتاجر أن يدعي إفشاء السلام وهو يغش أخاه المسلم في البيع والشراء، ولا يمكن للمعلم أن يدعي أنه سلم على تلاميذه وهو يقصر في التعليم ولا يخلص لهم وإن ألقى عليهم التحية صباحا ومساء، ولا يمكن لمجلس تفوح منه رائحة الغيبة والنميمة والوشاية أن يدعي أصحابه أنهم يسلمون على بعضهم البعض، ولا يمكن لمتسوّل محتال أن يدعي إفشاء السلام وهو يكذب على المؤمنين ليستجلب عطفهم، كما لا يمكن لحاسد أو حاقد أو طمّاع أن يدعي إفشاء السلام والرحمة والبركة على إخوانه وهو يتمنى زوال نعمة الله تعالى عليهم، ولا يمكن لنصاب أو غشاش أو متآمر في أي ميدان علمي أو تقني أو رياضي أن يدعي إفشاء السلام، ولا يمكن لمتطرف يترصد الناس في أنفسهم وأموالهم باستباحة الدماء وتفجير الدور أن يدعي أنه يلقي عليهم السلام.؛ وقد عاش الجزائريون فترة عصيبة مع هذا النوع من المتطرفين الذين كانوا يجوبون الأرياف ليلا ويسلمون على سكان البيوت حتى إذا استأمنوهم وفتحوا لهم البيوت غدروا بهم  فقتلوا منهم أو سطوا على أموالهم.
إن السلام كلمة عزيزة عظيمة يعد كاذبا ومفتريا من لم يعمل بمقتضاها، وقد كان العرب لا يطلقون هذه الكلمة لمن يلقونه إلا إذا التزموا بمقتضاها فإن نطقوا بها أحل لهم مستقبلهم مسكنه وأهله، وتأبى مروءة العربي الجاهلي وغيره أن يغدر بمن أعطاه الأمان، وقد قص القرآن الكريم قصة إبراهيم مع ضيوفه من الملائكة وأبرز ما فيها من أدب التحية وبالسلام؛ فقال الله تعالى: (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ (25) ))، وجعل إلقاء السلام من العدو كاف لحقن دمه فقال الله تعالى: ((وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ))[النساء:94]، فحري بالمسلم أن يعي قيمة السلام ويعيد لها الاعتبار حتى لا تغدو كلمة مبتذلة ويعمل بمقتضاها فيصبح المسلم رمز السلام، يلقيها بلسان صادق وابتسامة طيبة وقلب مخلص ويد بيضاء تصافح بدفء ووعي تام بمستلزماتها فيعم الحب والوفاء بنشرها.                                 
ع/خ

قرابة 10 آلاف ملك وقفي في الجزائر
تحصي وزارة الشؤون الدينية قرابة عشرة آلاف (9967) ملك وقفي عبر الوطن موزعة بين مساكن وحظائر ومستودعات ومحلات تجارية وأراضي فلاحية وأشجار وغيرها من العقارات، بعضها مستأجر وبعضها سكنات وظيفية وبعضها الآخر شاغر، وتأتي العاصمة في صدارة الأملاك الوقفية وتليها تلمسان، والرقم المحصى يعد ضئيلا مقارنة بتاريخ الوقف في الجزار، الذي كثر وأضحى مفخرة الجزائريين خلال مختلف الحقب الإسلامية؛ لكن فترة الاستعمار وما واكبها من مراسيم مجحفة صادرت الأوقاف وحولتها عن وظيفتها و قللت من العدد الإجمالي للأملاك الوقفية وصعبت من مهمة جرده، ومنذ بداية الألفية الجديدة بدأ الاهتمام ينصب على هذا القطاع حيث أصبحت الوزارة تسمى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وعيّن وكلاء ومفتشو أوقاف عبر مختلف نظارات الشؤون الدينية والولائية وشرع في الجرد والاستغلال والاستثمار، وما يزال الطريق طويلا لاستعادة وحصر الأملاك الوقفية وتشجيع الجزائريين مجددا على تفعيل هذه السنة الحسنة التي عرفها أجدادهم باعتبارها صدقات جارية.

تلاوة القرآن دون فهمه غير نافعة
كثرة التلاوة للقرآن في رمضان مطلوبة بشرط أن يصاحبها تدبر وتفهم لمعاني الوحي لأن القرآن في مقصده أن يقدم المعرفة والهداية وأن يغيّر النفس والعقل ويسوق القلب والإنسانإلي الخير؛ لذا كان الخوارج من أكثر الناس تلاوة ووصفوا وهم القتلة بأهم يقرأون القرآن بمعنىأن كثرة التلاوة من صفاتهم؛ إلا أن ذلك لم ينقص من جرمهم وسوئهمشيئا، فمعأن القرآن معرفة وهداية إلاأنهم عرفوا بضد ذلك؛ و لعل هذه الآية توضح المعنى قال الله تعالى: ((وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78)) (البقرة). أي اقتصروا علي التلاوة دون معرفة المعاني الحقيقية للوحي واتجهوا لاختلاق الأكاذيب والظنون والمعاني التي تشير بها أهواؤهم ومصالحهم وأمنياتهم الشخصية؛ لذا كانت الأمة متعبّدة بأمرين:- بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده،ومتعبّدة بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصّفة المتلقّاة من أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية؛فليس التجويد بتمضيغ اللّسان, ولا بتقعير الفم, ولا بتعويج الفكّ, ولا بترعيد الصوت, ولا بتمطيط الشدّ, ولا بتقطيع المدّ, ولا بتطنين الغنّات, ولا بحصرمة الراءات ,قراءةً تنفر منها الطّباع , وتمجّها القلوب والأسماع, بل القراءة السّهلة العذبة الحلوة اللّطيفة.

فتاوى
هل يجوز غسل الأسنان بالمعجون و أنا صائم ؟
الجـواب:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ جاء في حديث النبي – صلى الله عليه وسلم - :" والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" وهذا يفيد أن خلوف فم الصائم مقبول عند الله ومحبوب لديه، وإن المعاصرة التي تقتضي مخالطة الناس تستدعي نظافة الفم والأسنان باستعمال معجون الأسنان المعتبر صورة من صور الإستياك الذي يستحب في كل الأوقات إلاّ أن يكون بالرطب الذي يتحلل منه شيء فيكره، ومنه فللصائم أن يستعمل معجون الأسنان مع الاحتياط في استعماله بألا يدخل شيء منه إلى جوفه، فإن دخل منه شيء فهو مفطر عند أكثر العلماء. وكما تكره المبالغة في المضمضة في نهار رمضان فإنه تكره المبالغة في استعمال المعجون واستعماله لغير حاجة. والأفضل أن يكون غسل الأسنان عقب تناول وجبة السحور أما إن فاته ذلك حتى دخل وقت الإمساك فيستعمل السواك عوض معجون الأسنان لأنه أحوط وأضمن من أن يتسرب شيء إلى جوفه.      موقع وزارة الشؤون الدينية

من التراث الجزائري
حين أفحم المغيلي السيوطي في مناظرة حول المنطق
ازدادت خصومة المحدثين وبعض الفقهاء لعمل المنطق بعد ان عادوا الفلسفة، وأفتى بعضهم بتحريمه لأنه قرين لها، وقد سجلت كتب تاريخ العلوم تمسك المغاربة عموما بعلم المنطق حيث لم يروا فيه ما ينافي العقيدة الصحيحة؛ بل جعلوه وسيلة لخدمتها وصنفوا فيه المتون والنظم لتدريسه وحفظه، ومن بين الذين حرموا المنطق الإمام جلال الدين السيوطي، في القرن التاسع الهجري، قبل أن يلتقي به العالم الجزائري أبوعبد الله، محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي التلمساني -  الذي ألف مقدمة ومنظومة في المنطق ، وله عليها ثلاثة شروح-في مناظرة علمية حول هذا الموضوع بغانا [وقيل بمصر]، وقد توّجت المناظرة بقصيدة أرسلها المغيلي للسيوطي قبل أن يرد عليه هذا الأخير معترفا له بالحجة والإقناع، وقد جاء في قصيدة المغيلي:
 سمعــت بأمــر ما سمعـت بمثلــه *** وكــل حديــث حكمـــه حكــم أصلـه
أيمكـن أن المــرء في العلم حجـة *** وينهى عن الفرقان فـي بعض أمـره
هــل المنطــق المعنـي إلا عبـارة *** عـن الحــق أو حقيقـة حيـن جهلــه
معانيـه في كـل الكلام فهـل تـرى *** دليـــلا صحيحـــا لا يـــرد لشكلـــه
أريني - هــداك الله - منـه قضيـة *** علــى غيــر هــذا تنفهــا عـن محلـه
ودع عنــك ما أبــدى كفور وذمـه *** رجــــال وإن أثبــت صحـــة نقلـــه
خذ الحق حتى من كفور ولا تقــم *** دليــلا علــى شخص بمذهــب مثلــه
عرفناهم بالحق لا العكس فاستبن *** بـــــه لا بهـــم إذ هــم هـــداة لأجلــه
لئن صح عنهم مـا ذكرت فكم هـم *** وكـــم عالـــم بالشرع بـــاح بفضلــه
وأجابه الإمام جلال الدين السيوطي بقوله :
حمدت إله العرش شكرا لفضله *** وأهدى صلاة للنبي وأهله
عجبت لنظم ما سمعت بمثله *** أتاني عن حبر أقر بفضله
تعجب مني حين ألفت مبدعا *** كتابا جموعا فيه جم بنقله
أقر فيه النهي عن علم منطق *** وما قاله من قال من ذم شكله
سماه بالفرقان يا ليت لم يكن *** فذا وصف قرآن كريم لفضله
وقد قال محتجا بغير رواية *** مقالا عجيبا نائيا عن محله
ودع عنك ما أبدى كفور وبعد ذا *** خذ الحق حتى من كفور بختله
وقد جاءت الآثار في ذم من حوى*** علوم يهود أو نصارى لأجله
يحــــــوز به علما لديه وإنـــه *** يعذب تعذيبا يليق بفعله
وقد منع المختار فاروق صحبه *** وقد خط لوحا بعد توراة أهله
وكم جاء من نهي اتباع لكافر *** وإن كان ذاك الأمر حقا بأصله
أقمت دليلا بالحديث ولم أقم *** دليلا على شخص بمذهب مثله
سلام على هذا الإمام فكم له *** لدي ثناء واعتراف بفضله

 

الرجوع إلى الأعلى