إن أمام طالب العلم الشرعي والإنساني والطبيعي تحديات وعوائق كثيرة عليه أن يتخطاها في طريقه لتحقيق هدفه من الدراسة، ومنها تحدي الهدف من الدراسة والغاية منه هل هي التربح المادي والمركز الاجتماعي فحسب أم لرسالة منوطة به، وتحدي تدهور قيمة العلم في المجتمع: إذ أن واقع قيمة العلم في الأمة العربية والإسلامية اليوم؛ واقعٌ بائسٌ جدا، تنطق بذلك الأرقام، ويشاهَد عيانا بيانا في المدارس، والثانويات، والجامعات وتحدي رداءة المحيط في الحي، في البيت، في الجامعة وتحدي الوضع المادي الصعب للطالب الجامعي وتحدي الوقت وكيفية تنظيمه حتى لا يضيع سدى. وتحدي الخمول والكسل والركون للدعة والراحة، والظن بأن معالي الأمور قد تنال بالرخاوة والإهمال. وتحدي اختيار التخصّص المتناسب مع ميول الطالب ومواهبه وقدراته وطموحه
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
ولتجاوز هذه التحديات؛ ننصح من وحي التجربة والخبرة الذاتية بمعظم هذه التحديات أن يكون الغرض من الدراسة يتجاوز مجرد تحصيل لقمة العيش، وإحراز مكانة اجتماعية مادية، إلى هدف أسمى وأنبل، ألا وهو تقديم النفع للآخرين، والنهوض بالوطن، وخدمة الإسلام من موقع التخصص الذي يكون فيه الطالب؛ لا ينبغي أن يكون الهدف من الدراسة شخصيا بحتا، ولا ماديا بحتا، ينبغي أن يكون هدفا موصولاً بالوطن والأمة والإنسانية وأن يسعى لجعل الأمة (الوطن) مستقرة في معايشها، متمكنة من تحصيل مصالحها على الوجه الأكمل بنفسها، بلا تبعية، ولا افتقار لغيرها، مما يجعلها قوية مرهوبة الجانب، مطمئنة البال، تمهيدا لأن تؤدي رسالتها الكونية من موقع القوة والغلبة والاستعلاء؛ إذ لا يمكن أن تؤدي هذه الرسالة إلا من هذا الموقع! والرسالية تكليف، ليست اختيارا يختاره الإنسان المسلم. قال تعالى: (ولتكن منكم أمة)؛ وبالتالي ينبغي فصل هدف الدراسة عن هدف الرزق وتحصيل الاكتفاء المادي. ومحاولة القيام بمشاريع مصغرة لهدف الاسترزاق مفصولة عن مشروع التعلّم. والسعي للتحصيل العلمي الذاتي وعدم الاكتفاء بمقررات الجامعة؛ لأن مقررات الجامعة هي مجرد مفاتيح، ومادة أولية، وليست نهاية المطاف، فالطالب الرسالي يضع لنفسه برنامجا علميا خاصا، ويجتهد في الالتزام به، ذلك هو الطريق نحو التفوق والتميز والنبوغ.
وأن يحاول أن يعيش العزلة الجسدية والذهنية عن رداءة المحيط؛ فمهما كان المحيط الذي يحتف بالطالب سيئا؛ فيمكنه الانعزال عنه، وخلق جو خاص به مع رفقة من الطلبة الجيدين والمخلصين في مسيرة التعلّم، فيصنع لنفسه الجو المناسب للدراسة، سيجده حتما في مكتبة وطنية، أو مكتبة جامعية، أو مكتبة مسجدية، أو في منزل من منازل بعض الأقارب أو الأصدقاء، أو يذهب إلى الريف لتحضير الرسالة ... إلى غير ذلك من الوسائل التي لن يعدمها الإنسان الجادّ، فإن لم يمكن ذلك بحال؛ فهناك العزلة الذهنية، حتى في المحيط الصعب يستطيع الإنسان أن يعزل نفسه عن الرداءة عزلة ذهنية، ويخلق لنفسه جوا خاصا في ذهنه. وهذا لا يعني الابتعاد عن الدراسة الجماعية، والتعاون مع الطلبة المجدين، فالإنسان ضعيف بنفسه، قوي بإخوانه. وعليه تنظيم الوقت؛ لأن الوقت كالسيف، إن لم ينظّمه الطالب بورقة وقلم، ويعلّقه في جدار غرفته، ويحاسب نفسه على اليوم كيف يمرّ كما يحاسب الشريك الشحيح شريكه؛ سرعان ما تمضي الأسابيع والشهور والسنوات على هذا الطالب بدون فائدة.
والتحصين الروحي، والتربية الإيمانية؛ من شأنها أن تحصن الطالب من كثير من مزالق الانحراف التي يقع فيها الشباب، تلك المزالق التي لا علاج نافعا لها إلا التربية الإيمانية والأخلاقية المتينة. واختيار التخصص بناء على الرغبة، والقدرة، وحاجة الأمة ولا مانع من الهجرة في طلب العلم ثم العودة لخدمة الوطن والأمة.

حين حذّر الإبراهيمي علماء السعودية من التمادي  في منع المرأة من التعليم
على الرغم من أن ابن باديس ورفاقه في جمعية العلماء قد فتحوا مدارس للبنات مع البنين بداية الثلاثينيات، ولم يروا في ذلك مخالفة لدين أو عقل سليم أو عرف صحيح؛ إلا أن نظراءهم بالمشرق لاسيما بالسعودية مددوا في الحجر المفروض على تدريس النساء المضروب عليهن قبل ذلك بقرون، لعقود أخرى باسم الدين، ما دفع الإمام الإبراهيمي إلى إطلاق صيحة نذير وبراءة ذمة ونصح للأئمة هناك في قصيدة شعرية تاريخية أرسلت لعلماء السعودية تحثهم على مراجعة أمرهم وتحرير المرأة للتعلم؛ لأن ما يفعلونه من حجر عليها لم تنطق به آي القرآن ولا أثر من حديث، بل العكس هو ما سار عليه سلف الأمة، وتنبأ [أن المرأة مقبلة لا محالة على التعلم عاجلا أم آجلا إن لم تكن على أيديهم فعلى أيدي غيرهم؛ فمما قال:
عَـرَفْتَ مَـبْدَاهَا فَـهل تَـمَّ الخَبَر * وبَـيـنَنَا أسـبابُ نُـصْحٍ تُـذّكَرْ
كِـتْمانُها غَـبنٌ وَغِـشٌ وضَـرَر * لا تـنسَ ( حـوَّا ) إنَّها أُخْتُ الذَّكر
تَـحْمِلُ مـا يـحمِلُ من خَيرٍ وشر * تُـثْمِرُ مـا يُـثمِرُ مِـنْ حُلوٍ وَمُر
وَكَـيـفَما تـكوَّنتْ كـانَ الـثَّمر * وكُـلُّ مـا تَـضَعُهُ فـيها اسـتَقَرْ
فـكَيفَ يـرضَى عـاقلٌ أنْ تستمر * مَـزيدَةً عـلى الـحَواشِي والطُّرَر
تَـزرَعُ فِي النَّشءِ أفَانِيْنَ الخَوَر * تُـرضِعُهُ أخـلاقَها مـع الـدِّرَر
وإنَّـها إنْ أهـملت كـان الـخَطَر * كـان الـبَلا كان الفَنَا كان الضَّرَر
وإنَّـهـا إن عُـلِّمت كـانت وَزَر * أَوْلا فَـوزْرٌ جـالبٌ سُـوءَ الأثرْ
ومَـنْـعها مـن الـكتابِ والـنَّظر * لَــم تـأتِ فـيهِ آيـةٌ ولا خَـبَر
والـفُضليَاتُ مِـن نِسَا صَدرٍ غَبَرْ * لَـهُنَّ فِـي الـعِرفان وِردٌ وَصَدَر
وانْـظُرْ هَـدَاك اللهُ مـاذا يُـنْتظر * مِـن أُمَّـة قـدْ شلََّ نِصْفَها الخَدَر
وانـظُرْ فـقدْ يـهديكَ للخَير النَظَر * وَخُـذ مِـنَ الـدَّهرِ تَجَارِيب العِبر
هَـل أمَّـةٌ مِـنْ الـجماهير الكُبَر * فـيما مَـضَى مِنَ القُرون وحَضَر
خَـطَّت مِنَ المَجدِ وَمِن حُسنِ السِّير * تَـارِيْـخُها إِلا بـأُنْـثَى وذَكَـر؟
ومَـن يَـقُل فـي عِلمِها غّيٌّ وَشَر * فَـقُلْ لَـه هِـيَ مَـعَ الـجَهْلِ أَشَر
ولا يـكونُ الـصَّفو إلا عَـن كَدَر * وإنَّ تَـيَّـار الـزَّمـانِ الـمُنحدِر
لَـجَـارِفٌ كُـلَّ بـناءٍ مُـشْمَخِر * فـاحذَر وَسابق فَعَسى يُجدِي الحَذَرْ
وَاعـلَم بـأنَّ الـمُنكراتِ وَالـغِيَر * تَـدَسَّـسَت لـلـغُرُفاتِ وَالـحُجَر
مِـن مِصرَ والشَّامِ وَمِنْ شّطِّ هَجر
وأنَّــهـا قـارئـةٌ ولا مَـفـر * إنْ لـم يَـكن عَـنك فَعن قومٍ أخر
واذكـر فَفي الذِّكرى إلى العقل ممر * مَـنْ قـال قِدْماً ( بِيَدِي ثم انتحر )
حُـطْهَا بِـعلْم الـدِّين والخُلُقِ الأبر * صَـبيَّةً تَـأمن بَـوائق الـضَّرر
خُـذهـا إلـيك دُرَّة مِـنَ الـدُّرر * مِـنْ صـاحب رَازَ الأمُور وَخَبَرْ
صَـمِيمَةً فـي المُنجِباتِ من مُضَر * نِـسْبَتُها الـبَدوُ وَسُـكناها الحَضَر
وهذه الصيحة شبيهة بتلك التي أطلقها ابن رشد في قرطبة عندما وقف بعقلية الفقهي الفيلسوف على تجهيل المرأة والحجر على تعليمها وحصر وظائفها في الإنجاب والحياكة والغزل، رغم أنهن مستويات للرجال في النوع.

حوالي 2260 مسجدا في فرنسا
حسب إحصائيات كثيرة فقد بلغ عدد المساجد بفرنسا 2260 مسجدا لسبعة ملايين مسلم؛ وإن كان معظمها ليس مسجدا بالمعنى المتعارف عليه معماريا؛ حيث يوجد فقط في فرنسا 60 مسجد بالمئذنة.
بينما تحتوي باقي المساجد مراكز ثقافية وقاعات صلاة بدون مآذن و قاعات صلاة للنساء، وبعضها يمول من قبل الدولة، ويوجد بباريس 26 مسجدا و44 قاعة صلاة و3 مساجد بالضواحي، بينما تتوزع باقي المساجد على مختلف مدن فرنسا.

فتاوى
حكم من وطأ أو قـبَّل في نهار رمضان؟
الجـواب:
أما الوطء فحكمه الكفارة مع القضاء اتفاقا، لما جاء في الصحيح ورواه الجماعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول الله. قال: وما أهلكك ؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان. قال هل تجد ما تعتق رقبة ؟ قال: لا، قال: وهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا ؟ قال: لا، ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بِعَرَق(2) فيه تمر، قال تصدق بهذا..) فهذا حكم الواطئ، وأما موطوءته فإن كانت مطاوعة له فكذلك، وإن كانت مكرهة فعليهما القضاء ويحمل عنها الكفارة مُكرِهُهَا - فعليه قضاء اليوم مع كفارتين كفارة عنه وكفارة عنها. وهذا في المتعمد، وأما الناسي والمخطئ فليس عليهما إلا القضاء، والناسي من ذهل عن رمضان حتى ارتكب ذلك ثم أفاق، والمخطئ من توهم أن الفجر لم يحن ففعل ثم تبين النهار. وقد استدلوا على هذا بقول الرجل: ((هلكت))، قالوا: لأن الهلاك مجازا يحمل على العصيان المؤدي إلى ذلك، فكأنه جعل المتوقع كالواقع، فلا يكون في الحديث حجة على وجوب الكفارة على الناسي، قال الشوكاني: وبه قال الجمهور، وأيضا فإن وجوب الكفارة على الناسي والمكره مرفوع لظاهر عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». ومعلوم أن الكفارة إنما هي عقوبة لئلاّ يقع الناس في العمد الذي يفضي إلى الإثم، ومعنى الحديث الشريف هو رفع الإثم لا نفس الخطأ والنسيان، فإن الإنسان محلهما، وحيث ارتفع الإثم ارتفعت العقوبة، والله أعلم. وأما اللمس بشهوة ومثلها القبلة، فمن تتحرك بهما نفسه ويعلم ذلك من طبعه فحرام، ثم إن أمذى وجب عليه قضاء اليوم، وإن أمنى فعليه الكفارة مع القضاء، وإن لم يكن شيء من ذلك فلا قضاء ولا كفارة. ومع هذا فقد اختلفت أقوال فقهاء المذاهب في هذا فقال الكوفيون والشافعي: يقضي في الإنزال ولا يقضي في الإمذاء، وقال مالك وإسحاق: يقضي في الإنزال ويكفر دون الإمذاء فالقضاء فقط، وقال ابن حزم: لا يقضي إن أنزل ولو نوى ذلك. انتهى من الشوكاني على منتقى الأخبار لابن تيمية. وهذه في من تتحرك نفسه، وأما غيره فمتردد بين الكراهة والجواز، قالوا: الكراهة للشاب، والجواز للشيخ، وذلك لما رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له، وأتاه آخر فنهاه عنها، فإذا الذي رخص له شيخ، وإذا الذي نهاه شاب»، وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل نساءه في نهار رمضان، ثم قالت: وأيكم كان يملك أربه مثله عليه الصلاة والسلام» أو كما قالت.
موقع وزارة الشؤون الدينية.

مجلة العصر تحتفي بشهر الصيام
نشرت مجلة العصر التي تصدر عن وزارة الشؤون الدينية ملفا كاملا في عددها الأخير عن الصيام وشهر رمضان، احتفاء به؛ وقد شارك في الملف أساتذة كثر تناولوا موضوعات كثيرة على غرار حكمة الصيام وإعجازه ومشروعية صيام الأطفال والصيام عادة الأحرار وليلة القدر وغيرها من الموضوعات بالتوازي مع الإعلان عن مسابقة رمضانية بعشر عمرات.

الرجوع إلى الأعلى