أسواق جوارية مهجورة وسلع تحتل الشوارع والطرقات

تشكل التجارة الفوضوية صداعا للسلطات العمومية بسبب فشل مختلف محاولات التخلص منها، رغم ما تعرضه الدولة من تحفيزات لممارسيها تساعدهم على تقنين نشاطهم، حيث لا تزال الأرصفة والشوارع وحواف الطرقات محتلة بمختلف السلع مجهولة المصدر والتي تعرض في ظروف غير صحية.فالحملات التي تنظم تباعا لإزالة هذا النوع من التجارة مكنت من التخلص من بعض البؤر قدرها اتحاد التجار ب50 بالمئة من الأسواق الفوضوية، لكنها لم تمكن من  التحكم بالشكل المطلوب في نشاط يستنزف الاقتصاد الوطني ويهدد الأمن والصحة العموميين ، كما أن البديل الذي وضع أمام آلاف الباعة وبأسعار رمزية قوبل بالرفض لتبقى أسواق جوارية استهلكت الملايير عرضة للتخريب، لأن المستفيدين لم يلتحقوا بالمحلات لأسباب واهية ، ما اضطر البلديات إلى تحوليها لأغراض إدارية وعرضها للكراء لتعويض الخسائر المترتبة عن عدم استغلال تلك الفضاءات لسنوات.النصر نقلت صورا عن واقع تجارة الأرصفة بعدد من الولايات وما يقابله من تخريب طال محلات جوارية،  في واقع فسره المختصون بنقص الاستثمار في مجال الهياكل التجارية المدروسة وبقاء البلديات في موقع المتفرج ، و إذا كانت جمعية حماية المستهلك تقترح العمل بنظام الأسواق الباريسية فإن الخبير  الإقتصادي مسدور يعتبر الردع أهم حل  ويقدر الخسائر التي يخلفها هذا النشاط غير المرخص بـ200 مليار دج.

باعة يحتلون الأرصفة وحواف الطرقات
  1700 تاجر فوضوي و26 نقطة سوداء بأم البواقي
يشهد إقليم ولاية أم البواقي انتشارا لافتا للتجارة الفوضوية التي باتت ظاهرة تعجز  السلطات المحلية عن محاربتها، وتفشت هذه التجارة بشكل لافت وباتت موازية للتجارة النظامية،  حيث زحف نشاط التجار الفوضويين من تجارة الخضر والفواكه إلى تجارة الملابس والأواني المنزلية والخبز وغيرها، واستولوا على الأرصفة وحواف الطرقات وباتوا يتسببوا في مآس وحوادث مميتة.
وقد هزمت التجارة الفوضوية بأم البواقي كل الآليات التي سنتها الدولة لمكافحتها، نتيجة لتهرب أصحابها من ولوج مرافق مهيأة، تخوفا من دفع الضرائب من جهة، وهروبا من أجهزة الرقابة من جهة ثانية، وباتت الأسواق الفوضوية فضاءات غير مراقبة يتم فيها تداول مبالغ مالية معتبرة.
تشير أرقام رسمية بحوزة النصر، إلى أن عدد التجار الفوضويين الذين تم إحصاؤهم من قبل اللجان المختلطة التي تضم أعوانا من مديرية التجارة وممثلين عن الدوائر ومصالح الأمن، بلغ 1674 تاجرا فوضويا أغلبهم يتواجدون بين عين البيضاء بـ388 بائعا   وسوق نعمان بـ280 تاجرا فوضويا، في الوقت الذي يتوزع البقية على دوائر أم البواقي بـ178 ممارسا لهذا النشاط وعين مليلة بـ296 بائعا   وعين كرشة بـ200 تاجر فوضوي وسيقوس بـ145  شخصا،  في الوقت الذي تم إحصاء تواجد نحو 60 تاجرا فوضويا في كل من دائرتي مسكيانة وعين ببوش، وتشير الأرقام نفسها إلى وجود 26 سوقا فوضويا عبر دوائر الولاية، أغلبها يتواجد بعين مليلة بـ5 أسواق ثم عين البيضاء وسوق نعمان بأربع أسواق، وأم البواقي ومسكيانة وعين ببوش بـ3 أسواق وعين كرشة بسوقين وسوق واحد في كل من عين فكرون وسيقوس.
الأرقام التي بحوزتنا تشير أيضا إلى إحصاء السلطات المحلية عبر 12 دائرة بالولاية لـ1429 محلا تجاريا مبرمجا لإدماج التجار الفوضويين، مع وجود  نحو 274 محل تجاري في طور الإنجاز، في الوقت الذي تم كذلك إحصاء 33 موقعا مخصصة لإعادة نشر التجار الفوضويين ، حيث  تم إحصاء   1037 بائعا معنيون بالتسوية.
باعة يغلقون أبواب إدارات ومدارس  
التجارة الفوضوية عبر إقليم ولاية أم البواقي، كانت في البداية تقتصر على  نشاط بيع الخضر والفواكه وسط التجمعات السكنية أو على حواف الطرقات، وهو النشاط الذي يبيع فيه أصحابه سلعا مسمومة في غياب الرقابة، تكون في الغالب ثمارا للبساتين التي يسقيها أصحابها بمياه الصرف الصحي أو الوديان التي تنقل سموما كيميائية، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من  أمراض  مستعصية وحوادث قاتلة، على غرار حادثة وفاة أحد أطفال مدينة واد نيني جراء استهلاكه بطيخا قاتلا هو وأفراد عائلته، لكنها  امتدت في السنوات الأخيرة لبيع الخبز على حواف الأرصفة والطرقات على غرار ما هو حاصل وسط نهج عباس لغرور المعروف بـ”رود الصايمين” بعين البيضاء، كما  امتد زحف هذا النشاط غير المرخص لتجارة الأواني عبر الطاولات كما هو واقع بحي “لاسيتي” التجاري وسط مدينة أم البواقي وبجوار الفضاء التجاري “علي بابا” بعين مليلة، ليشمل كذلك هذا النوع من الأنشطة التجارية غير المراقبة تجارة الملابس، وبالرغم من تطرق الإحصائيات التي بحوزة لجان الدوائر إلى إحصاء مدينة عين فكرون لـ60 ممارس فوضوي، غير أن الواقع يكشف من خلال جولة استطلاعية قامت بها “النصر” بأن المدينة تحصي عددا معتبرا من التجار الفوضويين، الذين استولوا على الأرصفة والطرقات، وأغلقوا حتى أبواب مؤسسات عمومية وخاصة، على غرار وضعية المدخل الرئيسي لمتوسطة بن مهيدي على الطريق الوطني رقم 100.  


نشاط  يهزم آليات تنظيمه
المعطيات المؤكدة التي بحوزتنا، تشير إلى أن التجارة الفوضوية باتت تدر أموالا طائلة على أصحابها كونهم غير معنيين بالضرائب، فالبلعة يستغلون الأرصفة وحواف الطرقات لعرض سلعهم المختلفة، على عكس التجار النظاميين الذين يستأجرون محلات بأسعار مختلفة، وهو ما  أدى بالتجار الفوضويين لمواصلة نشاطهم، دون الحاجة لمحلات كما تجاهلوا   نداءات السلطات المحلية للالتحاق بمربعات تجارية عبر الأسواق والفضاءات المنظمة من جهة ثانية.
وأمام الأرباح التي بات يجنيها ممارسو هذا النشاط الفوضوي، امتنعوا عن الالتحاق بالأسواق الجوارية التي رصدت الدولة مبالغ معتبرة لإنجازها، وقاطعوا كذلك عملية الاستفادة من المحلات المهنية بحجة أنها شيدت في مخارج المدن، على الرغم من كون نشاطهم يمارس حتى في القرى والمداشر ومخارج التجمعات السكنية، ومن جهة أخرى عجزت عديد المجالس البلدية بالولاية على غرار ما هو حاصل  ببلديتي أم البواقي وعين فكرون في إقناع التجار الفوضويين بالالتحاق بالمربعات التجارية، المتواجدة بالفضاءات التي أنجزت من طرف شركة “باتيميطال”، وباتوا يفضلون الأرصفة على فضاءات مريحة لهم ولزبائنهم.
يرى بعض الفاعلين في اللجان المكلفة بمحاربة ظاهرة التجارة الفوضوية، التي تشكل نزيفا حقيقيا للاقتصاد الوطني، بأن عديد التجار المخالفين الذين تم إحصاؤهم يتحججون بالبطالة كسبب رئيسي للخروج للأرصفة وحواف الطرقات،  غبر آبهين بما قد يترتب عن ذلك من مخاطر صحية ، كون السلع تعرض في الهواء الطلق و في حالات كثيرة  بجوار قنوات الصرف وأكوام النفايات والأوساخ.
 تحويل محلات مهنية لأقسام تربوية
الملاحظ على المحلات المهنية المنجزة عبر إقليم ولاية أم البواقي، خلال جولتنا الميدانية لإعداد هذا الروبورتاج هو أنها مهملة  من طرف أصحابها  و من طرف المجالس الشعبية البلدية، التي تخلت عن مورد مالي هام في غياب متابعة جادة، وبالرغم من تشييد هذه المحلات في أماكن كانت في الوقت القريب معزولة وبعيدة عن التجمعات السكنية، إلا أن توسع المدن جعل المحلات المهنية تعد جزءا لا يتجزأ من هذا التوسع، وتبقى مهملة في جميع الحالات.
هذا الواقع تترجمه المدينة الجديدة “ماكومداس” بأم البواقي، و التي توسعت تدريجيا وامتد عمرانها ليصل للمحلات المهنية المهجورة، التي باتت جزءا من مدينة يبحث سكانها عن محلات لقضاء حاجتهم اليومية، الأمر الذي دفع السلطات الولائية في ظل عدم استغلال هذه  المحلات  وارتفاع معدل التلاميذ داخل مدرسة عداد عزوز الابتدائية ، لتحويلها لمؤسسة تربوية وجعلها نموذجية تشتغل بالطاقة الشمسية، حيث فتحت المؤسسة التي حملت اسم الشهيد خياط عبادو أبوابها خلال الدخول المدرسي المنقضي، ولاقت استحسانا كبيرا من السكان.

امتيازات كبيرة  للباعة والبلديات مرغمة على استغلال الفضاءات البديلة
هذه هي الإجراءات الحكومية لامتصاص التجار الفوضويين
يكشف رئيس مصلحة مراقبة الممارسات التجارية والممارسات المضادة للمنافسة بمديرية التجارة بأم البواقي رشيد مرزوقي، بأنه ومنذ سنة 2011 بادرت الحكومة من خلال وزارتي الداخلية والتجارة لسن 3 تعليمات وزارية مشتركة، وضعت من خلالها الإطار التنظيمي والعملياتي لمعالجة ظاهرة التجارة غير الر سمية بدء  بإحصاء ممتهني هذا النشاط إلى غاية إعادة إدماجهم ضمن فضاءات مهيأة، وكذا إيجاد فضاءات تجارية جديدة في إطار البرامج المختلفة للدولة على غرار مشروع شركة “باتيميطال” الذي يتضمن إنجاز أسواق جوارية وكذا مشروع تهيئة فضاءات مختلفة على غرار ما قامت به بلدية أم البواقي بتهيئة مقر شركة التبغ سابقا.
ويشير المتحدث إلى أن الإحصائيات التي تم الشروع في إعدادها لضبط العدد الحقيقي لممارسي التجارة الفوضوية، تضمن إحالة أسماء المعنيين على التحقيق الإداري وبالموازاة مع ذلك صدرت نصوص تنظيمية من بينها المرسوم التنفيذي 12/111 الذي يحدد شروط وكيفيات إنشاء الفضاءات التجارية وممارسة بعض الأنشطة، بالإضافة إلى المرسوم التنفيذي 13/140 المؤرخ في 10 أفريل 2013 الذي يحدد شروط ممارسة الأنشطة التجارية غير القارة.
يشير رئيس مصلحة مراقبة الممارسات التجارية كذلك بأن الدولة منحت امتيازات كبيرة لممارسي التجارة الفوضوية، انطلاقا من إحصائهم وإنشاء فضاءات بديلة لاحتضانهم، وصولا لامتيازات جبائية وشبه جبائية تضمنها قانون المالية التكميلي لسنة 2011، وذلك تمهيدا لإدماجهم ضمن النشاط التجاري الرسمي، ويبين المتحدث بأن الدولة وضعت كل الآليات غير أن التجار الفوضويين الذين أقيمت عليهم الحجة رفضوا الاستجابة لتجسيدها.
ويرى محدثنا بأن التجار الفوضويين يبحثون عن العمل في فوضى، دون استغلال الفضاءات التجارية ودون الاستفادة من امتيازات الإعفاء من تسديد مستحقات تأجير المربعات التجارية لـ6 أشهر، وتحديد مستحقات رمزية لتأجير هذه المربعات، ويضيف محدثنا بأن المسؤولية تقع على البلديات التي يجب   عليها السهر لمحاربة هذه التجارة وإرغام التجار على استغلال الفضاءات التي حرصت الدولة على تشييدها، على غرار 3 أسواق جوارية جديدة يجري العمل على إنهاء الأشغال بها، في كل من عين البيضاء وعين كرشة وأم البواقي، إلى جانب 5 أسواق جوارية انتهت بها الأشغال في كل من أم البواقي ومسكيانة وعين البيضاء وعين كرشة وعين مليلة، وهي الأسواق التي تبقى فارغة لسنوات طويلة دون أن تستغل باستثناء سوق عين مليلة الذي يستغل من طرف بعض التجار.      أحمد ذيب

روبورتاج: أحمد ذيب

إزالة بعض البؤر لم يخلص قسنطينة من المشكلة
مدن محاصرة بالتجارة الفوضوية وأسواق عرضة للتخريب
لم تتمكن السلطات المتعاقبة على ولاية قسنطينة، من القضاء على التجارة الفوضوية ، كما لم تستطع  إيجاد حلول ناجعة  لاستغلال الأسواق الجوارية المهملة والتي أنفق على إنجازها المئات من الملايير، فيما سقط بعضها بعلي منجلي وعاصمة الولاية تحت قبضة المنحرفين، و تحولت أخرى إلى هياكل دون روح  تحيط بها الأوساخ والقمامة من كل جانب، في الوقت الذي أصبحت فيه شوارع وأحياء   أماكن لبيع مختلف المنتجات.


وأدى الانتشار الكبير لظاهرة التجارة الفوضوية بولاية قسنطينة، خلال السنوات الأخيرة، إلى تشويه المحيط وخلق أوضاع سلبية ، في الفضاءات العمومية والطرقات و الأرصفة ، وحتى أمام المساجد والمؤسسات التربوية، وهو ما تسبب في تشكيل صورة بائسة عن مدن وبلديات عاصمة الشرق الجزائري.
وقد سعت السلطات والجماعات المحلية، إلى خلق الظروف المناسبة للقضاء على التجارة الموازية وإدماج ممتهنيها ، بصفة تدريجية في النسيج التجاري المنظم وذلك من خلال إنجاز أماكن نظامية، من شأنها أن تستوعب وتستقطب أكبر عدد ممكن من الباعة الفوضويين.
28 سوقا جوارية غالبيتها غير مستغل
و استفادت ولاية قسنطينة، من مشاريع لإنجاز 39 سوقا جواريا تم توزيعها على مختلف البلديات ، بحسب الكثافة السكانية ومستوى النشاط، حيث تم إحصاء بحسب إحصائيات رسمية، ما لا يقل عن 1700 بائع  فوضوي ، تم منح 1200 منهم مربعات تجارية لكنهم سرعان ما تخلوا عنها، بل إن العديد منهم لم يلتحق بها في انتظار إجراء عمليات إحصاء جديدة ومنحها للراغبين في ممارسة النشاط التجاري في إطار منظم.  
وبحسب ما تحصلت عليه النصر من معلومات من مصادر رسمية، فإن ومن بين  28 سوقا مستلما ،   سبعة منها غير مستغلة على الإطلاق، فيما ظل جزء آخر غير مستغل، بسبب عدم الانتهاء من التهيئة الخارجية والربط بالمياه و الكهرباء، رغم تعهد الجماعات المحلية الممثلة في رؤساء البلديات بتهيئتها.
وحاول الوالي الأسبق، بعث الروح  في هذه المشاريع، من خلال اعتماد أرصدة مالية لتهيئتها ومنحها لشباب جادين،  إلا أن جل المحاولات باءت بالفشل، إلى أن يتقرر تأجيرها للخواص، لكن هذه العملية أيضا أصابها الفشل أيضا باستثناء نجاحها  على مستوى بلديات قليلة جدا على غرار زيغود يوسف، لتظل مهجورة وعرضة للتخريب.   
أكواخ قصديرية لممارسة التجارة بعلي منجلي
ورغم الحملات التي تشنها السلطات العمومية،   كل عام من أجل معركة تحرير الأرصفة والطرقات ومحيطات المراكز التجارية، بعلي منجلي، إلا أن هذه المشكلة عادت بقوة خلال العام الجاري، وهو ما شوه المدينة التي أصبحت مقصدا أول للباعة الفوضويين.
وسقطت شوارع و أحياء ، وحتى محيطات المساجد تحت قبضة النشاط الفوضوي، حيث وقفنا على انتشار كبير  لطاولات وشاحنات الخضر والفواكه وكذا الملابس والعطور عبر مختلف الأحياء، وحتى مداخل المراكز التجارية أيضا لم تسلم.
و تحولت المساحة المحيطة بمسجد السلام بالوحدة الجوارية 01 ، إلى ما يشبه سوق تتعالى فيه أصوات الباعة، و تعرض فيه شتى أنواع المنتجات في ظروف غير مطابقة ، فيما يبقى السوق الجواري المتواجد بالقرب من المكان مستغلا جزئيا فقط، حيث لا تزال العديد من المربعات شاغرة، كما تحيط به الأوساخ ويعرف نقصا في النظافة فضلا عن الحركة التجارية، بحسب ما أكده لنا بعض التجار العاملين به.
 وما إن تصل إلى مفترق الطرق بالوحدة الجوارية 13، حتى تشاهد العشرات من شاحنات بيع الخضر والفواكه،  المركونة على طول أرصفة الوحدة الجوارية 13 إلى غاية الوحدة الجوارية 02 ، مقابل مسجد الريان، وهو ما تسبب في اختناق مروري بالمكان، ناهيك عن الأوساخ والفضلات التي يخلفونها وراءهم خلال الفترة المسائية.
نفس المشاهد تتكرر، أيضا، بكل من الوحدة الجوارية 09 ، بالقرب من سكنات عدل ومسجد الاعتصام،  وكذا بالوحدة الجوارية 08 ، أين عادت طاولات البيع الفوضوية إلى النشاط ، بعد أن طردتهم السلطات المحلية منذ أشهر بالقرب من المراكز التجارية، حيث طالب العديد من التجار والمواطنين بوضع حد لهذه الممارسات وتنظيم نشاطهم في أطر نظامية.

وبالوحدة الجوارية 14 بنفس المدينة،  التي وصل تعداد  سكانها إلى حدود 350 ألف  نسمة،  لاحظنا انتشارا  كبيرا للأكواخ المخصصة للبيع الفوضوي، حيث تم  وضع شاحنات معطلة  حولت ، إلى ما يشبه المحلات لبيع المواد الغذائية، وآخرون أنجزوا محلات من القصدير والخشب  والقصب لعرض وبيع مختلف السلع، فيما استغل البعض الفراغات الموجودة بين العمارت في نفس النشاط.
وتجد هذه الأماكن إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، في حين أن السوق الجواري الواقع وسط الحي ما يزال مهملا  وخاليا من أي نشاط، حيث أن الوالي الأسبق وخلال أحداث العنف التي عرفتها المنطقة، قد قام بمنح المربعات بالمجان، لكن الباعة الفوضويين رفضوا الالتحاق بها  .
 أما بالوحدة الجوارية  16  فقد تحولت العديد من المواقع بهذا  الحي الجديد، إلى أسواق بائسة وفوضوية، تعرض فيه مختلف أنواع السلع،  حيث انتشرت طاولات بيع الخضر والفواكه بشكل كبير، وهو نفس الوضع المسجل  في الشطر الثالث بالوحدة الجوارية 19 ، الذي لم تنجز به  مصالح الأوبيجي محلات، وهو ما دفع ببعض السكان إلى إنشاء محلات بداخل الشقق أو على مستوى الشرفات الأرضية، فيما غزت الطاولات وشاحنات الخضر والفواكه مفترق الطرق المؤدي إلى الوحدة الجوارية 18، التي تسجل نفس المشكلة مساء مقابل مسجد الحي.
فضاءات تخرب وتتحول إلى أوكار للمنحرفين
وما تزال الأسواق الجوارية بعلي منجلي عرضة للتخريب مع سبق الإصرار، حيث تحولت إلى مرتع للمنحرفين وشتى أنواع الممارسات اللاأخلاقية ، و أكد لنا سكان بالوحدتين الجواريتين 18 و 19 ، بأنها   باتت مصدرا للخطر وتهدد الأمن العام، إذ تروج بها المخدرات وشتى أنواع المهلوسات، في الوقت الذي تقف فيه السلطات مكتوفة الأيدي.
ووقفنا بالسوق الجواري بالوحدة الجوارية 18 ، على وضع بائس، حيث وجدنا أبواب السوق مفتوحة على مصراعيها، فيما كان ثلاثة شباب يقومون ببيع الدجاج في الواجهة الخلفية، كما حولوا إحدى المربعات إلى مكان لنتف ريش الدجاج، وهو ما تسبب في انبعاث رائحة كريهة، في الوقت الذي كانت فيه كل المربعات خالية ومخربة، وتحيط بها القمامة والأوساخ من كل جانب.


وذكر لنا الشاب الذي ينشط بالمكان، بأنه وجد المكان خاليا ومخربا، لكنه قام بعملية تنظيف بسيطة، واستغل مربعا لبيع الدجاج بدل التسكع في الشوارع، حيث طالب المتحدث بضرورة إجراء إحصاء وتمكين الشباب الجادين من المربعات بدل تركها مهملة،  كما أكد انعدام الماء والكهرباء بالمكان.
نفس الوضع رصدناه بسوق الوحدة الجوارية 17 والذي يعرف تدهورا كبيرا، حيث أصبح مكانا للانحراف ويشكل مصدر قلق لسكان الحي، كما لاحظنا وجود أكوام من التبن وفضلات الحيوانات، فيما ذكر لنا أحد المواطنين بأنه يتحول ليلا إلى مرتع للكلاب الضالة.
أما السوق الموجود بالشطر الأول للوحدة الجوارية 19 ، فقد وجدناه نظيفا لكنه مستغل جزئيا فقط، حيث لاحظنا وجود ثلاثة محلات فقط مفتوحة والبقية كانت مغلقة، حيث أكد لنا التجار بأن مردودية السوق ضعيفة جدا، لكنهم فضلوا النشاط بموقع نظيف ولائق بدل الشوارع، مشيرين إلى أنهم ينظفونه يوميا كما عينوا حارسا للمكان ليلا .
و قد ذكر مصدر مسؤول ببلدية الخروب، بأن ستة أسواق جوارية أنجزت قبل سنوات، بكل من الوحدات الجوارية 19 و 18 وكذا 02 و 17 ، بالإضافة إلى آخر بالوحدة 15، قد تعرضت إلى للتخريب، ما تسبب في خسائر كبيرة للخزينة العمومية، كما  أكد بأن هذا الملف بات يشكل هاجسا لمسيري البلدية الذين وجدوا انفسهم في مواجهة أمر صعب، في ظل  عزوف التجار عن الإلتحاق بها وتفضيلهم للتجارة الموازية، رغم أن السلطات وفرت مختلف الظروف و التجهيزات، كما قدمت عروضا باستغلالها مجانا لمدة ستة أشهر الأولى.
ويضيف محدثنا، بأن سوقا واحدة فقط  من أصل سبعة أنجزت من طرف مؤسسة باتيميتال، مستغلة جزئيا  بالوحدة الجوارية 01، وهو ما وقفنا عليه، في حين أن مصالح البلدية تبحث عن كرائها لمستثمرين خواص،  غير أنه قد سجل عزوفا عن استغلالها من طرفهم، وباءت كل المحاولات بالفشل كما أكد بأن السبب الرئيسي للعزوف عن الإلتحاق بها من طرف التجار، هو التهرب الضريبي، لافتا إلى أن التجارة الموازية بالمدينة الجديدة في تزايد مستمر ومقلق، كما أكد بأنه قد تم تخصيص قرابة 3 ملايير سنتيم في العهدة السابقة من أجل تهيئتها لكن هذه الاعتمادات المالية ظلت حبيسة الأدراج.
« برازيليا»  آخر أكبر بؤرة تم القضاء عليها
وبوسط مدينة قسنطينة، مازالت التجارة الفوضوية تطبع العديد من المواقع، رغم تراجع حدتها خلال السنوات الأخيرة، نتيجة الحملات الكثيرة التي تشنها مصالح الأمن، لكن شارع فرنسا ما يزال يعرف هذه الظاهرة، حيث يتحول مساء إلى ما يشبه القمامة بسبب مخلفات هذا النشاط، كما يصعب المشي صباحا بالمكان.
وعادت شاحنات بيع الخضر والفواكه، إلى العديد من الأحياء كالدقسي ووادي الحد، وحي مزيان الزاوش بوالصوف، بن شرقي ، القماص، وكذا حي البير، الذي يعرف السوق الجواري الذي أنجز به وضعية كارثية، وأصبح مكانا للقاذورات ورمي الفضلات و الردوم ، كما يستغله المنحرفون لترويج المخدرات وهو ما وقفنا عليه خلال زيارتنا للمكان.
 و أزالت السلطات سوق برازيليا الفوضوي بحي واد الحد بقسنطنية، الذي أنشئ قبل أزيد من ثلاثين عاما وتسبب في عرقلة حركة المرور وتشويه المكان، حيث تقرر تحويل قرابة 50 عاملا فيه إلى سوق  نظامي في الوقت الذي لاقت فيه العملية استحسانا كبيرا من طرف التجار النظاميين و المواطنين، لكن تبقى النقطة السوداء تلك الموجودة بأحد الشوارع بنفس الموقع، حيث وجدت السلطات صعوبة في إحصاء الناشطين به.
وأوضح رئيس دائرة قسنطينة آنذاك في اتصال بالنصر، بأن هذه العملية تأتي في إطار إعادة بعث نشاطات الأسواق التجارية المغلقة عبر مختلف أحياء المدينة، التي يجب أن تتخلص من هذه المشكلة، مبرزا بأن الإجراء يهدف للقضاء على التجارة الفوضوية، بالموازاة مع إيجاد حلول لفائدة الباعة الناشطين بها، كما أشار إلى وجود أحد الأسواق في وضعية غير لائقة بعد أن تحول إلى مكان للآفات الاجتماعية، و ذكر بأنه قد تم تشكيل لجنة  لتنظيم عمليات مماثلة.   ل/ق

روبورتاج / لقمـــان قـوادري

يتبع

 

الرجوع إلى الأعلى