أسواق جديدة أُغلقت وقديمة انتعشت


القضاء على عدة بؤر يُغير خارطة التسوق و التجارة بعنابة
ساهمت حملة القضاء النهائي على التجارة الفوضوية بولاية عناية وبالخصوص وسط المدينة، في تغير خريطة التجارة بشكل كبير، وتغيرت الحركة التجارية بشوارع وأزقة حيوية، كما انتعشت التجارة النظامية في بعض الأماكن، وفشلت مشاريع خلق أسواق جوارية، استفاد  منها تجار فوضويون وجدوا أنفسهم بعد عام من ترحليهم، يرمون سلعهم بشكل يومي كما حدث بسوق «لاكوفال» بحي لاكلون الشعبي،  الذي أغلقته مصالح بلدية عنابة مؤخرا، لتخلي التجار  عن الخانات الموجودة به،  بعد عزوف المواطنين عن التوجه إليه رغم تواجده بشارع حيوي.

وحسب ما رصدته النصر، تحول التجار الفوضويون الذين كانوا يحتلون الأرصفة ويبيعون الخضر بالتجوال، إلى كراء محلات تجارية  بالشوارع الذي كانوا ينشطون فيها، بعد فرض مصالح الشرطة سيطرتها على وسط المدينة منذ العام الماضي 2017، حيث نجحت في تحرير جميع الشوارع من التجار غير الشرعيين، بعد أن عجزوا عن العودة بالأساليب القديمة،  و أجبروا على الانخراط في التجارة النظامية، لانعدام الخيارات، منهم من استفاد  من خانات في إطار مشاريع الأسواق الجوارية ، ومنهم من وجد في بعض الأسواق الجوارية حلا غير مجدي لعزوف الزبائن عن التوجه إليها، وفضلوا كراء محلات ظلت مغلقة لسنوات بأسعار منخفضة.  
وأدى تضييق مصالح الأمن، على باعة الأرصفة بوسط المدينة، إلى تحويل نشاطهم إلى الأسواق الأسبوعية بدوائر البوني، الحجار، وعين الباردة نتيجة منع عرض سلعهم، و كان تجار الملابس الجاهزة يتسببون في غلق شوارع ابن خلدون، ومحيط ساحة الثورة إلى غاية الحطاب لعرض سلعهم.
وقد تم  دمج المئات من التجار الفوضويين الذين يمارسون نشاطهم بصفة دائمة، في فضاءات منظمة في الأسواق، وتحويل باعة الهواتف النقالة « بمرسيس» إلى المقر السابق لمصلحة البطاقات الرمادية بحي لاكلون، وفتحت السلطات المحلية فضاءات لبقية الباعة الموسميين الذين ينشطون في مجال الألبسة والأواني وغيرها من المواد، لعرض سلعهم في الأسواق الأسبوعية، التي تنظم كل يوم في بلدية من بلديات الولاية، غير أن النقطة السوداء في هذه الفضاءات المفتوحة حسب مصادرنا،  هي  مخلفات التجارة من القمامة وعدم التزامهم بشروط النظافة،  ما يحتم على البلديات جمعها ورميها في المفرغات.
وكانت 2017، أول سنة بدون تجارة فوضوية بوسط  مدينة عنابة، بعد سنوات من البيع بالتجوال بالأرصفة وأزقة أحياء عاصمة الولاية، ما انجر عنه مظاهر سلبية كالازدحام المروري وانتشار الأوساخ وكذا الشجارات اليومية.
وأرجع تُجار في حديث للنصر، فشل مشاريع بعض الأسواق الجوارية، إلى ذهنية المواطن في حد ذاته، حيث أصبح يُفضل الزبون الشراء من الشارع والعربات القريبة من مقر سكناه بدل التوجه إلى السوق، حتى انجاز الأسواق من قبل البلديات لم يكن مدروسا، وكان متسرعا في سبيل التخلص من الباعة فقط وإسكاتهم بخانات، حتى بعد تسليمها لم يشغلها جميع الباعة والبعض تركها خاوية، وآخرون قاموا بتأجيرها، وهو ما جعل مواطنين ينفرون منها حسب بعض من تحدثوا إلينا ، كونها خاوية من التجار ومخيفة.
تقنين التجارة يرفع الأسعار وطرقات سريعة تتحول إلى أسواق
 وأما الاختلال الذي وقع في مجال التسوق بولاية عنابة منذ 2017، لأسباب عدة، هو  رفع أسعار الخضر والفواكه وحتى الألبسة لدى أصحاب المحلات، ما أدى  مؤخرا  إلى تسجيل محاولات عودة التجارة الفوضوية بوسط مدينة عنابة، من خلال طاولات بيع الخضر التي تجوب وسط المدينة، وتتمركز بحي لاكلون مساء، وتجد إقبال المواطنين على الشراء، ربما لجودة السلعة وانخفاض الثمن مقارنة بالمحلات.

أما بعض الأسواق الجوارية بالضاحية الغربية لوسط مدينة عنابة، فتعرف إقبالا للمواطنين على غرار سوق الصفصاف، بالإضافة إلى أسواق أخرى ببرحال، كما انتعش نشاط أسواق نظامية قديمة، بعد سنوات من المعاناة بسبب انتشار التجارة الفوضوية التي أدت إلى غلق معظم الخانات بها، على غرار « مرشي البوني» الذي أصبح يعرف حركية مؤخرا، محلات كانت مغلقة لسنوات بدأت تفتح أبوابها، خاصة مع تهيئة المحيط الخارجي للسوق.       
الطرق السريعة والرئيسية بضواحي عاصمة الولاية، هي الأخرى فضاء مفتوح للتجارة الفوضوية، حيث يعرض أصحاب الشاحنات الصغيرة والعربات النفعية سلعا مختلفة كالخضر والفواكه، على طول أشهر السنة، يتعرضون بين الحين والآخر لملاحقات رجال الدرك الوطني والشرطة، بالنسبة للأشخاص الذين لا يملكون سجلات تجارية ترخص لهم البيع بالتجوال.
وخلال السنتين الأخيرتين، قامت السلطات المحلية، حسب مديرية التجارة بانجاز أكثر من 12 سوقا جواريا، بعدة بلديات خاصة بعنابة، في إطار محاربة ظاهرة التجارة الفوضوية وانجاز أماكن بديلة للباعة المتجولين. في سياق متصل رصدت ولاية عنابة غلافا ماليا يقدر بـ 72 مليون دينار لتمويل مشاريع تهيئة و انجاز أسواق مفتوحة ومغلقة لفائدة صغار التجار، في إطار المخطط الوطني للقضاء على التجارة  الفوضوية، وكذا تنظيم الأسواق العشوائية والحرص على إدماجها مرحليا، ضمن شبكة الأسواق النظامية.
 كما يدخل هذا الغلاف المالي في انجاز أسواق جوارية مغطاة من أجل تخفيف الضغط على الأسواق الموجودة وسط المدينة، وتجنيب المواطن عناء التنقل ودفع تكاليف إضافية. كما ستشهد الأسواق القارة القديمة عملية توسيع وتهيئة لأنها لا تلبي حاجة المواطنين والتجار على حد سواء لانتشار القمامة والازدحام، حيث عرف السوق المركزي، وسوق حي ميناديا، و واد فرشة، و الصفصاف   و بوزراد حسين ببلدية عنابة، و البوني 1 و2 عملية تهيئة. ومن أبرز ايجابيات القضاء على التجارة الفوضوية بوسط مدينة عنابة، هو التقليل من الاختناق المروري، الذي كانت تعرفه الشوارع الرئيسية على غرار ابن خلدون والحطاب.
من جهتهم انتقد باعة فوضويون ومواطنون عدم تنظيم أسواق يومية في كل حي أو حتى بلدية من البلديات المجاورة، وعدم حصرها في يوم واحد في الأسبوع، يكون مقننا ومنظما كما هو موجود في بلدان أخرى، بعيدا عن الأحياء الحيوية، حتى يتم كسر الاحتكار، وخفض الأسعار، وتتمكن الطبقة الضعيفة من اقتناء حاجياتها بأقل تكلفة.   
حسين دريدح

مصطفى زبدي  رئيس جمعية حماية المستهلك


ليس مناسبا منع عرض الخضر والفواكه والأسواق الباريسية هي الحلّ
أبدى رئيس جمعية حماية المستهلك، مصطفى زبدي، موقفا معارضا،لإصدار قرار يمنع تجوُّل شاحنات بيع الخضر والفواكه كشكل من أشكال التجارة الموازية، إلى غاية إيجاد حلٍّ ناجع، بوضع أسواق نظامية قيد الخدمة، مؤكِّدا على حتمية تبني طريقة الأسواق الباريسية للقضاء على هذا المشكل، فيما لم ينف خطر المواد الاستهلاكية واسعة الاستعمال المقتناة من الأسواق غير النظامية والمساحات التجارية الكبرى.
وقال زبدي أنَّه وجمعية حماية المستهلك لا يباركان الأسواق الفوضوية التي تمثل خطرا داهما على صحة الزبون، بشكل مباشر، لعدّة أسباب أهمها عدم مراقبة السلع والأغراض المعروضة للبيع بطريقة يومية ودورية، كما يتمُّ على مستوى المحلاَّت والأسواق الكبرى من طرف مصالح التجارة، ومراقبة جودة ونوعية المنتوجات، فمن الممكن طرح سلع انتهى تاريخ صلاحيتها، وأخرى مغشوشة للبيع، دون أدنى مراقبة، وخاصة المواد سريعة التَّلف، حيث يقصدها المواطن البسيط تبعا للسعر المنخفض، نسبيا، ما قد يعرضه للتسممات الغذائية ومشاكل صحية معقَّدة.
وأضاف زبدي بأنَّ بائعي الخضر والفواكه يعملون على ضبط الأسعار بالأسواق، والمحافظة على انخفاضها النسبي، ولو بهذا الشكل العشوائي غير المنظم من التجارة الموازية، إلى حين تخصيص مساحات مناسبة وفرض قوانين وسياسة حديثة لتقنين أسعار هذه المواد الحيوية، التي لا تخلو منها موائد الجزائريين، يوميا.
في تعليقه على سؤال بخصوص عدم إقبال المستهلك والتاجر على حدّ سواء على الأسواق المغطاة المنشأة حديثا بعديد الولايات،  دعا ذات المتحدث إلى تبني سياسة جديدة في النهوض بهذا القطاع التجاري الهام، عبر إنشاء العديد من الأسواق الجديدة والمساحات التجارية الملائمة للقدرة الشرائية العادية، من جهة، وكذا القريبة من المواطن،  على غرار قسنطينة، مؤكدا تقاطع عديد الأسباب وخاصة بعدُ الأسواق المغطاة عن التجمعات السكنية الكبرى والمحاور الرئيسية في تنقلات المواطنين، والهامش الذي يحاول ربحه باقتناء الخضر والفواكه والمقتنيات المنزلية الأخرى منخفضة الثمن، قليلا، مقارنة بالمحلات والـ»سوبرماركت»، سيخسره في النقل، وعليه يرفض التنقل للأسواق المذكورة.
ومن جهة التجار، صرح زبدي مصطفى أنه من المنطقي تتبع المناطق النشطة للتجارة والأماكن التي يقصدها الزبائن، وفي حال رفض المستهلكون وجهة ما، فإنَّ عزوف التاجر عنه يعدّ تحصيلا حاصلا.
كما عاد رئيس جمعية حماية المستهلك إلى نقطة السَّماح لأصحاب الشاحنات وبعض نقاط التجارة الفوضوية النشاط، للأسباب المذكورة، شرط  الحفاظ على نظافة البيئة وتنقية المحيط بعد انتهاء فترة العمل والنشاط، وبيع موادّ محفوظة بالشكل اللازم، وغير منتهية الصلاحية، وخضر وفواكه طازجة، معتبرا أنَّ الحلّ الإداري لمشكل التجارة الموازية غير مجدٍ، في الوقت الراهن، وانتهى في حديثه إلى طرح إشكالية، مفادها «لماذا تشيّد مقرات البلديات التي يقصدها المواطن بضعة مرات فقط، خلال عام، في المحيط العمراني، فيما الأسواق التي يزورها يوميا تبنى بعيدا عن المناطق الحضرية؟».           فاتح خرفوشي

الخبير الاقتصادي فارس مسدور


الجزائر تخسر 200 مليار دينار سنويا بسبب التجارة الفوضوية
كشف الخبير الاقتصادي الدكتور فارس مسدور، أن الجزائر تتكبد خسائر ضخمة تصل إلى 200 مليار دينار سنويا، بسبب التجارة الفوضوية، التي دعا إلى القضاء عليها بتدخلات رادعة، تتم بالموازاة مع محاولة استقطاب الباعة الناشطين في الأسواق غير النظامية، عن طريق استفادتهم من مزايا ضريبية مؤقتة.
و ذكر الدكتور مسدور في اتصال بالنصر، أن ما لا يقل عن 25 بالمئة من المعاملات التجارية بالجزائر، تتم بشكل فوضوي، مضيفا أن التجار النظاميين أنفسهم صاروا ينشطون بطريقة غير قانونية، من خلال احتلال الشوارع و تقديم سلعهم للباعة غير النظاميين لعرضها في الشوارع، بل أنه يوجد، مثلما يضيف الدكتور، من يؤجر الرصيف الواقع بمحاذاة متجره، للسماح للآخرين بممارسة هذا النوع من النشاط الممنوع قانونا.
و يؤكد الخبير الاقتصادي أن بلادنا تُضيّع منذ عقود، 200 مليار دينار سنويا نتيجة التجارة الفوضوية، و هو مبلغ ضخم قال إنه يعادل ربع ميزانية الحكومة، و كان بالإمكان استغلاله، كما يتابع، في إنجاز البنى التحتية و الطرقات و المراكز التجارية الكبرى و كذلك المدارس و الجامعات.
و للقضاء نهائيا على هذه الظاهرة، يقترح الدكتور فارس مسدور العمل على استقطاب الباعة الفوضويين و «ترسيمهم” كتجار نظاميين، بعد منحهم فرص الاستفادة من الإعفاء الجبائي لمدة سنة أو اثنتين، للسماح لهم بممارسة النشاط بأريحية، ثم إخضاعهم بعد هذه المدة التي تسمى بـ “فترة السماح”، للنظام الجزافي أو التصريح الحقيقي و إتمام ملفاتهم الإدارية القانونية.
و يرى المتحدث أن العمل الموسمي و الحملات المؤقتة، غير كافية للقضاء على ظاهرة التجارة غير القانونية التي تستنزف أموالا معتبرة من خزينة الدولة، بحيث يجب، بحسب تأكيده، بذل جهود أكبر و فرض سلطة القانون، مع اتخاذ إجراءات ردعية صارمة.
ياسمين.ب

أسواق جوارية  مهملة وأخرى تعرض في المزاد العلني
حملات مناسباتية ونقاط سوداء تشوه باتنة
تحولت عمليات محاربة التجارة الفوضوية بولاية باتنة إلى ظاهرة مناسباتية دون استئصالها من جذورها، حيث كللت جهود السلطات العمومية بعد سنوات بإزالة سوق الكا الفوضوي، فيما ظلت نقاط أخرى تشوه الأحياء ومن بين العوامل التي ساهمت في استمرار انتشار التجارة الفوضوية رفض باعة الالتحاق بالأسواق الجوارية، بمبرر عدم توفر الشروط الملائمة بها،  فيما ترى السلطات  بأن الكثير من التجار يفضلون التجارة الفوضوية للتهرب الضريبي، وفي ظل استمرار الوضع على حاله لجأت السلطات العمومية إلى عرض تلك الأسواق الجوارية للإيجار على المستثمرين وتغيير نشاطها قصد تثمينها.

باعة يفضلون الأرصفة على المحلات
من بين أسباب انتشار التجارة الفوضوية وعجز السلطات العمومية بولاية باتنة في  القضاء عليها، رفض التجار المستفيدين من المحلات والمربعات بالأسواق الجوارية الالتحاق بأماكنهم ، حيث باءت عدة عمليات لتحويل هؤلاء الباعة بالفشل، كونهم يفضلون الانتشار بالطرقات والأحياء السكنية، وفيما يُرجع الباعة عزوفهم عن الالتحاق بالمحلات والمربعات إلى ضيق المساحات التجارية التي استفادوا منها وإلى ضيق تلك الفضاءات وعدم إقبال المواطنين عليها، توعز من جهتها السلطات أسباب عدم التحاق التجار إلى رفضهم دفع الضرائب.


وبالنسبة للأسواق الجوارية المنجزة لتجار الخضر والفواكه، فقد باتت كلها خاوية على عروشها وطالها الإهمال والتخريب، وعلى الرغم من تطهير بعض المواقع كسوق بارك أفوراج القديم وتطهير طريق حملة أيضا وإخلاء موقع سوق الزمالة القديم،  إلا أن التجارة الفوضوية للخضر والفواكه لا تزال منتشرة بالشوارع والأحياء، حيث يفضل الباعة عرض سلعهم على جانب الطرقات، مثلما هو عليه الحال بطريق تازولت وطريق حملة.
وسوق العواوطة بحي بوعقال الشعبي إحدى النقاط السوداء، حيث أن الأخير عجزت السلطات عن إزالته، وهو الذي يُشكل بؤرة تلوث وفساد بحيث تعرض  سلع في هذا السوق بطريقة تهدد الصحة العمومية، وقد تحوله إلى بؤرة تلوث ومكان لترويج المخدرات، حيث كثيرا ما تترصد مصالح الشرطة لمروجي المخدرات بالمكان.
وعلى غرار عاصمة الولاية، فإن الأسواق الجوارية المنجزة بجل البلديات ظلت مرافق مهملة بسبب رفض التجار الالتحاق بها، حيث اشتكوا من ضيق مساحات المربعات التجارية ما يحول دون نقل سلعهم وممارسة نشاطهم بطريقة ملائمة حسبهم، وهو ما جعل محاربة التجارة الفوضوية تطغى عليها المناسباتية كلما حل شهر رمضان أو الأعياد وغيرها من المناسبات، حيث تقوم السلطات بتسخير القوة العمومية لتطهير نقاط سوداء لكن سرعان ما تعود إلى سابق عهدها في سيناريو مطاردة القط للفأر دون جدوى.  
سوق 84 مسكنا بوسط المدينة نقطة سوداء
مجهودات السلطات العمومية لولاية باتنة كللت في الآونة الأخيرة بإزالة سوق الكا الفوضوي أو «المعسكر» بوسط المدينة،  و الذي ظل نقطة سوداء تشوه وسط مدينة باتنة أين احتل الباعة الطرقات والرصيف، وقد باءت عدة محاولات بإخلاء المكان بالفشل بسبب تمسك الباعة بالبقاء، حيث كانوا في كل مرة يوجهون مطالب للبلدية بمنحهم مهلة للبقاء في وقت تعالت أصوات سكان الحي الذين أغلقت أبواب مساكنهم، بعد أن احتل الباعة كل شبر من الحي لدرجة أنه لا يمكن للمريض أن يخرج من بيته أو تمر سيارة إسعاف.
وقد تمكنت مصالح البلدية من إخلاء المكان بعد تسخير القوة العمومية، وتمكنت أيضا من إخلاء سوق الزمالة للخردوات المجاور لسوق حي المعسكر بعد إقناع الباعة بإخلاء المكان وتسخير القوة العمومية،  ليتم تحويل باعة الشيفون على سوق الدوك بكشيدة الذي أعيد تأهيله، وتخصيص مكان آخر للباعة على مستوى الممرات الفاصلة بين حملة 01 و02 وهو المكان الذي تحول إلى سوق أسبوعي لعرض مختلف السلع والخردوات، وقد تحول إلى بؤرة تلوث نظرا للمخلفات التي يتركها في كل مرة الباعة بعد مغادرة الموقع.
وقد عجزت  السلطات العمومية لولاية  باتنة عن إزالة أسواق أخرى باتت تطغى عليها المناسباتية من أجل إزالتها، أبرزها سوق 84 مسكنا بوسط المدينة، حيث تحول هذا الحي السكني إلى سوق فوضوي بعد أن تحولت سكنات الطوابق الأرضية إلى بازارات وسكنات الطوابق العلوية إلى مكاتب أطباء ومحامين، وهو ما عجَل برحيل عائلات ومن بقي يسكن العمارات ضاق ذرعا من الفوضى العارمة التي يعرفها الحي بعد أن احتلت طرقاته ومداخل البنايات من طرف الباعة الفوضويين.
حي 84 مسكنا بوسط المدينة تحول إلى سوق فوضوي امتد به النشاط التجاري الموازي إلى أرضية الوادي المغطى، ويعرف المكان مطاردات يومية بين الشرطة والباعة، وهو مشهد يعرفه أيضا سوق شارع أش بحي بوعقال أحد الأحياء الشعبية، وهناك تجد أن حتى الرصيف والطريق يتم استئجارهما نظرا للديناميكية التجارية للسوق الذي تقبل عليه بصفة خاصة النسوة، وسوق شارع أش يكتظ بالحركة  في وضع يتفاقم  خلال المناسبات ، حيث يحتل  الباعة الطرقات والأرصفة والشوارع والأزقة ما يجعل المرور عبرها صعبا.
وتصنف البلدية والشرطة سوق شارع أش  بأنه فوضوي تتدخل في كل مرة لتنظيمه لكنه سرعان ما يعود إلى سابق وضعه، ونفس الأمر بات يعرفه طريق الوزن الثقيل على مستوى حي تامشيط، أين يجد باعة الخضر والفواكه في جانب الطريق المقابل لمحطة البنزين موقعا ملائما لعرض السلع، حيث تدخلت المصالح المشتركة للبلدية والشرطة لمنع التجار من احتلال جانب الطريق إلا أنهم عادوا للمكان.    

 
أسواق جوارية في المزاد العلني
أبانت عملية إنجاز أسواق جوارية لاحتواء التجارة الفوضوية بباتنة، عن فشلها بسبب رفض الباعة الالتحاق بهذه الأسواق التي تحولت إلى مرافق مهجورة عرضة للإهمال، وأمام هذه الوضعية تلقت البلديات الضوء الأخضر لعرض تلك الأسواق بالمزاد العلني للمستثمرين الخواص قصد تثمين ممتلكاتها وعدم تركها معرضة للإهمال والتخريب، بعد أن تدهورت وضعية بعض الأسواق، وقد لقي في الوقت نفسه عرض تلك الأسواق الجوارية استجابة للاستثمار في نشاطات مغايرة للغرض الذي وجدت من أجله.
الأسواق الجوارية  وكما وقفنا عليها عبر عدة أحياء تعرف حالة تدهور، فسوق كشيدة الجواري الذي تم توزيع مربعاته قبل ثلاث سنوات لفائدة أزيد من خمسين تاجرا لا يضم  إلا بعض تجار الخضر وجزارين يعرضون سلعهم عند مداخله فقط، فيما ظلت باقي المربعات مهجورة رغم لجوء أصحابها في وقت سابق لإحداث تعديلات بهدم الجدران الفاصلة بينهم من أجل إبراز السلع التي يعرضونها.
 وقد فضل تجار سوق كشيدة عرض السلع على جانب الطريق خاصة على مستوى طريق حملة،  المكان المفضل لهم، وهو ما يعرفه السوق الجواري الجديد بحي بارك أفوراج الذي لم يلتحق به عدد كبير من التجار قياسا بالعدد الذي كان متواجدا بالموقع القديم الذي حولوا منه، والذي تجري به أشغال سكنات عدل بعد إخلائه.
وإذا كان السوق الجواري بكشيدة قد التحق به بعض التجار، فإن أسواقا جوارية أنجزت بأحياء أخرى ظلت مغلقة بسبب رفض التجار الالتحاق بها على غرار سوق حي بوزوران، والذي لجأت البلدية لعرضه في المزاد العلني،  حيث تم استئجاره وتحويل نشاطه إلى قاعة رياضية، والأمر نفسه بالنسبة للسوق الجواري المنجز بحملة 01  و الذي كان قد التحق به التجار لمدة لا تتجاوز أسبوع، قبل أن يقرروا عرض سلعهم على هامش الطريق بجانب المرفق،   وبعد أن ظل مغلقا تم استئجاره وتحويله إلى قاعة رياضية أيضا.
وبالقطب السكني حملة 03 رفض أيضا تجار الخضر والفواكه الالتحاق بالسوق الجواري بمبررات ضيق المربعات التي يعرضون فيها سلعهم، وقد حول هؤلاء التجار الممرات الرئيسية إلى سوق فوضوي رغم حداثة القطب السكني   الذي باتت تبرز به مظاهر التجارة الفوضوية، وفي ظل هذه الوضعية أكد رئيس بلدية وادي الشعبة لـ»النصر» لجوء مصالحه إلى عرض السوق الجواري  في  المزاد العلني للراغبين في الاستثمار، حتى لا يظل مغلقا، وأضاف بأن البلدية رصدت غلافا ماليا معتبرا لإعادة تهيئة سوق الجملة للخضر حتى يستغله تجار الجملة ليلا وتجار التجزئة نهارا.
وقد أقر من جهته المدير الولائي لقطاع التجارة بباتنة لـ»النصر»، بصعوبة مهمة القضاء على التجارة الفوضوية، مثمنا إزالة سوق «الكا» بوسط المدينة واستمرار بذل مصالحه مجهودات من خلال مداهمات مستمرة لمراقبة الأسواق وتنظيمها، على غرار العملية الأخيرة التي مست الجزارين بحي دوار الديس وأسفرت عن حجز كمية من اللحوم الحمراء غير صالحة للاستهلاك.
يـاسين عبوبو

رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار


الجزائر بحاجة إلى  500 سوق جديد لاستيعاب النشاط الموازي
قال رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار، بأن الجزائر تعرف عجزا يقدر بـأزيد من  500 سوق تجاري ، مشيرا إلى أن النشاط الموازي تراجع إلى النصف، بعد القضاء على المئات من نقاط البيع الفوضوية، لكنه أكد بأن حجم التداولات المالية في السوق غير الرسمية يفوق 30 بالمائة من مستوى الإقتصاد الوطني.
وأضح الحاج  الطاهر بولنوار، في اتصال بالنصر، بأن الدولة وخلال العامين الأخيرين ، بذلت مجهودات جبارة للقضاء على الأسواق الموازية، حيث كانت تحصي مصالح التجارة ما يفوق   ألف نقطة بيع في مختلف النشاطات، لكن سرعان ما انخفضت إلى النصف، مبرزا بأن العدد الأكبر من هذه التجمعات الفوضوية المتسببة في خسائر فادحة للإقتصاد الوطني، تقع بالتجمعات العمرانية الكبرى كوهران والعاصمة وقسنطينة.
 ويرى المتحدث، بأنه على الدولة أن تنجز العدد الكافي من الأسواق النظامية والمراكز التجارية، فضلا عن استغلال المساحات المغلقة وإدماج تلك المهملة في الحلقة  التجارية على المستوى المحلي، كما طالب أيضا بإدماج وحث الخواص  على إنجاز هكذا منشآت وذلك لاستيعاب أكبر، عدد من عدد من الناشطين في السوق الموازية.
ويؤكد السيد بولنوار، بأن الدور الأكبر يقع على الجماعات المحلية لاسيما البلديات ، التي من صميم مهامها محاربة هذه المشكلة التي تنخر الإقتصاد الوطني، وتضر كثيرا بالتجار الشرعيين نظرا لوجود منافسة غير متكافئة، مؤكدا بأن السوق الموازية هي من أهم أسباب ضعف الإستثمار في الجزائر.
وذكر المتحدث، بأن غالبية السلع غير المطابقة والفاسدة وحتى المقلدة، تسوق عبر النقاط الفوضوية، وهو ما يشكل خطرا على المستهلك الذي يعد المتضرر الأكبر، مشيرا إلى أن أموال الأسواق الموازية  تشكل 30 بالمائة من القيمة المتداولة في الإقتصاد الوطني، كما أكد بأن عدد الأسواق في الجزائر يقدر بحوالي ألفين في مختلف الناشطات، لكن الجزائر مثلما قال بحاجة إلى 500 سوق أخرى إضافية لتغطية جميع النشاطات والقضاء على الفوضى المسجلة.                          لقمان/ق

 

الرجوع إلى الأعلى