خلف قناع المهرج يختفي كثير من الأمل و قليل من الألم
نخرج في هذا الحوار عن المألوف، لنقدم شخصية مختلفة ترتبط في مخيالنا كراشدين بأيام الطفولة وتعتبر عنوانا للبسمة بالنسبة لكل طفل نحاول في حديثنا إلى الشاب القسنطيني جمال سبيحي، أن نمسح عن وجهه ألوان قوس قزح لنتعرف أكثر على الإنسان الذي يختفي خلف قناع المهرج، و نلج عبر قصته مع هذه المهنة، إلى عالم لا نعرف عنه الكثير سوى تلك الصورة النمطية التي ألفناها في برامج التلفزيون و التي تختفي فيها لمحة حزن عميقة خلف ابتسامة المهرج العريضة، أو ذلك الانطباع المخيف الذي تركته في أنفسنا شخصيات هوليودية جسدت دور المهرج الشرير في أفلام عديدة كشخصية « الجوكر».
حاورته : هدى طابي
ـ النصر: يعرفك الكثيرون في قسنطينة كمهرج بمكياجك وشعرك المستعار، لكننا نود التعرف على الشخص تحت القناع؟
ـ سبيحي جمال من مواليد 9جوان 1995 بقسنطينة، متحصل على شهادة تقني سامي تخصص عون عبور جمارك، دخلت مجال التنشيط قبل عامين، مباشرة عقب زيارة قادتني إلى دار الطفولة المسعفة و مستشفى الأطفال بسطح المنصورة، عندما خرجت من هناك، قررت أن وظيفتي ستكون زرع البسمة في قلوب البراءة، و اخترت هذه المهنة لأن فيها راحة نفسية لي وللأطفال.
ـ حدثنا عن الوجه الآخر للمهرج ذلك الذي لا يعرفه الناس،كيف يمكن لك أن توفق بين ضغوطات الحياة و الابتسامة الدائمة ؟
ـ المهرّج، هو فنان يؤدي أعمالا كوميدية يتخذ فيها أشكالاً غريبة قد تستدعي منه وضع مستحضرات التجميل، وارتداء الملابس الغريبة التي قد تكون ذات أحجام كبيرة جداً وتتناسب مع أحذية غير عادية وأمور أخرى، هو منشط يستضيف المتفرجين بطريقة مرحة وتختلف تصرفاته في الواقع  عن الصورة التي يعكسها في عمله، والتي قد تكون مخيفة للبعض نظرا للانطباع الذي تتركه بعض أفلام السينما التي قدمت المهرج بدور الشرير.
لكن عموما المهرج هو إنسان بسيط، شخصية من يختار هذه المهنة لا بد وأن تكون قوية وتكون صفاته حسنة وطيبة مع الجميع لأن التعامل مع الأطفال يتطلب ذلك، و هي نفسها الصفات التي تسمح له بتجاوز ضغوطات الحياة و الحفاظ على الابتسامة الدائمة
كيف تقبل محيطك الخاص طبيعة عملك، حدثنا عن المواقف الايجابية و السلبية التي تعرضت لها ؟
ـ  في البداية كان تقبل المقربين  مني لعملي صعبا، فكرتهم عن عمل المهرج كانت مشوشة، فلقد اعتبروه دائما مضيعة للوقت، وقد وجدت صعوبة في إرضائهم ، لكن مع مرور الوقت لاحظوا تغيرا جذريا في طريقة تفكيري و تصرفاتي التي كانت تتطور من الحسن إلى الأحسن وهكذا أصبحوا اليوم يساندوني.
تجاربي فيها الكثير من الإيجابيات بفضل محبة الأطفال لي و دعم الأصدقاء والأحبة، مع ذلك آذاني كثيرا الظلم الذي تعرضت له خلال مشاركتي في مسابقة « مواهب سيرتا»، فقد استحقيت واحدة من المراتب الأولى لكنني حرمت منها،  رغم أنني قدمت عرضا في المستوى من حيث الموضوع والهدف وذلك بشهادة من الحضور،  لكن البعض سخروا مني و انتقدوني بشكل هدام ولاذع، مع ذلك لا أزال صامدا و  عازما على مواصلة العمل و تحقيق هدفي بنشر الأمل في قلوب الأطفال.
ـ  تقصد أن السعادة التي تنشرها معدية، كيف أثرت فيك شخصية المهرج؟
ـ  بالفعل، من قبل كنت أعيش  في دوامة ،أرنو إلى الوحدة والعزلة، لكن هذا العمل علمني كيف أندمج في المجتمع، فأصبحت إنسانا يحتدى به في النجاح والتفاؤل وخاصة السعادة، حياتي باتت تتمركز حول الأطفال، أقضي غالبية أيامي و حتى المناسبات والأعياد في المستشفيات و دور الطفولة المسعفة، و يمنحني ذلك شعورا غامرا بالرضى ، سواء كان عملا تطوعيا خاصا بي ، أو نشاطا جمعويا ، وقد سبق لي وأن  تعاملت مع جميع الجمعيات الخيرية والثقافية والمؤسسات التعليمة الناشطة في قسنطينة، إضافة إلى المنظمة الوطنية للطفولة ، وقد قمت بعدة نشاطات في المسرح ، كما اشتغلت في الأفراح مثل أعياد الميلاد و الأعراس وحفلات الختان.
هذا النشاط هل لديه جانب تربوي ؟
ـ أكيد أي نشاط فيه جانب تربوي وأخلاقي للطفل ، وهذا هو هدفي إيصال المعلومة للطفل عن طريق الفكاهة، لذا أسعى جاهدا من أجل أن يكتسب الطفل الحب وسعادة والأخلاق في حياته، لأنه البذرة التي تعطينا ثمار المستقبل .
ـ بذلة المهرج من أين تحصل عليها وكم تكلفك، وهل عمل المهرج مربح ماديا و كاف كوظيفة؟
في البداية كنت أستلف بذلات زملائي، ثم صممت بذلتي الخاصة وقد كلفتني حينها مبلغ 5000دج، أما بخصوص الدخل المادي فعموما ما أقوم به هو نشاط تطوعي، لكن الظروف تضطرني أحيانا إلى تلقي مقابل مادي عن عملي نظيرا لتعبي، و لتغطية نفقات النقل ومستحضرات التجميل وغيرها، وهو مقابل يتراوح بين 3500دج إلى 5000دج.
الخشبة و الكاميرا هل يستهويانك و هل تنوي الانتقال من التنشيط إلى التمثيل ؟
ـ أجل لما لا، فالتمثيل يستهويني دائما، لذلك كثيرا ما  أقدم عروضا فوق الخشبة وقد شاركت سابقا في مسرحيتن للطفل خلال العطل الشتوية .
هـ/ط

الرجوع إلى الأعلى