تجاوز الإقبال على المنتجات الطبية أو « أوروتوبيديك» ، على غرار الأحذية و المفروشات، الحاجة الصحية ليتحول إلى موضة يسايرها الموظفون بشكل كبير، بحثا عن الراحة و هو ما ضاعف الإقبال عليها، لدرجة أغرت تجار السوق السوداء الذين أغرقوا المحلات بمنتجات مقلدة، كثيرا ما تكون سببا في مناوشات و شجارات بين باعة و زبائن  ضحية تحايل، خصوصا وأنها تشكل خطرا حقيقيا على صحة مستعمليها، كما أكده تجار و أطباء.
منتجات تحوي مواد كيميائية و تفتقر لشرط الضمان
خلال جولة النصر، بين عدد من محلات منطقة لوناما بقسنطينة، علمنا من التجار بأن  فراش السرير أو  ما يعرف بالمرتبة « ماطلا أورتوبيديك»،  تعد من أكثر المنتجات طلبا، و أن الإقبال عليها لا يقتصر على المرضى فحسب، بل يشمل الجميع، نظرا للراحة الكبيرة التي توفرها هذه المفروشات لجسم الإنسان، موضحين بأن غالبية زبائنهم هم من الموظفين الذين يبحثون عن بدائل تساعدهم على الاسترخاء و النوم بهدوء بعد يوم عمل شاق.
 من جهة ثانية، فإن العرائس يعتبرن من أهم زبائن هذا المنتج، حيث أصبحن يفضلن « المطارح» الأسفنجية الطبية الفردية على  مفروشات الصوف التقليدية، و ذلك على اعتبار أن النوع الأول أخف وزنا و أجمل من حيث التصميم، كما أنه مريح للجسد وعملي أكثر.
لاحظنا خلال استطلاعنا بأن النوع الأكثر طلبا هو المرتبات الهوائية الملفوفة، التي تنتفخ بمجرد فكها، نظرا لسهولة نقلها و استخدامها، غير أن هذا النوع في حد ذاته، كثيرا ما يكون سببا في مشاكل و مشادات كلامية بين بعض التجار و الزبائن، بسبب سهولة إخفاء عيوبه، وهي حقيقة يكتشفها الزبون بعد فترة وجيزة من استخدامه للمرتبة، حيث أن المستهلك حين يعود إلى المحل من أجل الشكوى و المطالبة بالاستفادة من خدمة ما بعد البيع  التي يكفلها شرط الضمانة المكتوب في غلاف المنتج، يكتشف بأن الشهادة  ليست إلا خدعة، لأن المرتبة مصنعة في ورشة سرية بطريقة غير مطابقة و  الضمانة المدرجة في غلافها، مجرد ورق مطبوع.
 وبهذا الشأن أكد مسؤول قاعة عرض مرتبات « أطلس « الجزائرية الصنع، بأن الكثير من زبائنه سبق لهم أن كانوا ضحية تحايل قبل أن يهتدوا إلى محله، مشيرا إلى أن منهم من أخبروه بأنهم تعرضوا للتحايل التجاري لأكثر من مرة، وبيعت لهم منتجات مقلدة على أساس أنها طبية، لكنهم في كل مرة كانوا يضطرون إلى تغييرها بسبب سرعة تلفها والآلام التي تسببها لهم على مستوى منطقة الظهر و الرقبة.
علما أن التحايل لا يقتصر، حسبه، على المرتبات فقط، بل يشمل الوسائد كذلك، و كلها منتجات تصل إلى أصحاب المحلات عن طريق باعة متجولين وليس عن طريق شبكة توزيع معتمدة من طرف مصنع معين.
وقال محدثنا، بأن الأمر في الحقيقة يتعلق بورشات سرية غير نظامية تغرق السوق بمنتجات غير مطابقة، منها ما يتم حشوه بمواد كيميائية مثل «بيكاربونات الصوديوم»، لجعلها أكثر صلابة، و غش الزبون، الذي سرعان ما يكتشف الأمر بعد فوات الأوان، موضحا بأن تقنية «الأورتوبيديك»، عالية الجودة ولا يمكن تقليدها، ناصحا الزبائن بشراء منتجات معروفة المصدر، و التأكد من أن الغلاف الخارجي للمرتبة أو الوسادة، يتوفر على اسم الشركة المصنعة و عنوانها، مشيرا إلى أن شهادة الضمانة لابد أن تكون مختومة من طرف البائع مع ذكر تاريخ تسليم المنتج و مكان الشراء.
40 بالمائة زيادة في أسعار الأفرشة
 محدثنا، أشار إلى أن الزبائن كثيرا ما يكونون ضحية سعيهم خلف المنتج الأقل سعرا، و هو ما يتسبب لهم في خسارة مضاعفة عادة، موضحا بأن هنالك منتجات معروفة أسعارها مقبولة تنطلق من 13 ألف دج إلى غاية  80 ألف دج، أي أنها في متناول كافة الشرائح الاجتماعية، حتى و إن كانت هذه الأسعار قد عرفت زيادات ملحوظة في السنتين الأخيرتين، وصلت حتى 40 بالمئة، وذلك بسبب احتراق المصنع الألماني المسؤول عن تموين السوق العالمي بالمادة الأولية لصناعة المرتبات.
أسعار الأحذية تصل إلى مليون سنتيم والنوعية غير مضمونة
تعد الأحذية أيضا من بين المنتجات الطبية المطلوبة بقوة، من طرف كبار السن و المرضى و الموظفين و حتى الطلبة، نظرا لأريحيتها و ملاءمتها لكل أنواع الأقدام، كما أنها أصبحت موضة في حد ذاتها في السنوات الأخيرة، بفضل تنوع و تطور تصاميمها، حسب ما أكده حسام صاحب محل لبيع منتجات الأورتوبيديك في شارع العربي بن مهيدي بقسنطينة.البائع أخبرنا بأن الطلب ما ينفك يتزايد على هذه المنتجات، رغم أن أسعارها تنطلق من 4500 دج إلى مليون سنتيم و أكثر أحيانا، والسبب، حسبه ،هو المنتجات المقلدة الصينية التي تتسبب للكثيرين في مشاكل كبيرة على مستوى القدم، ما يضطرهم بمرور الوقت للبحث عن الحذاء الطبي، إما بتوجيه من الطبيب المعالج، أو رغبة منهم في الحصول على حذاء مريح، علما أن الأحذية الإسبانية تعتبر، حسبه، النوع الأكثر رواجا لسببين أولهما تصاميمها العصرية و ثانيهما ملاءمة أسعارها، مقارنة بما هو مستورد من فرنسا و إيطاليا وأمريكا وألمانيا. لاحظنا خلال جولة في وسط مدينة قسنطينة، بأن باعة الأحذية أصبحوا يستغلون صفة الحذاء « أورتوبيديك» كحيلة ، لتشجيع الزبون على شراء المنتج، حتى وإن لم يكن طبيا في الحقيقة،  بدليل أن هناك عددا كبيرا من طاولات البيع تعرض موديلات مقلدة، مقابل أسعار لا تتعدى 1500 دج لبعض المنتجات التي يصل سعر الأحذية الأصلية، منها 6 آلاف دج، مع ذلك نفت مديرية التجارة بقسنطينة، حجز أية سلع من هذا النوع، رغم انتشارها الكبير، و أوضح مسؤول مصلحة قمع الغش على مستواها، بأن مصالحه لا تتدخل في مثل هذه الحالات، إلا بناء على شكوى من المستهلك نفسه.
الدكتور طارق خالد أخصائي أمراض العظام و المفاصل
المنتجات المقلدة تضاعف الألم و قد تسبب تشوهات
يحذر الدكتور طارق خالد أخصائي أمراض العظام و المفاصل بقسنطينة، من استخدام المنتجات المقلدة ، نظرا لانعكاساتها السلبية على الصحة،  فخطورة هذه المفروشات و الأحذية غير المطابقة، لا تقتصر فقط على مضاعفة الشعور بالألم وعدم الأريحية عند المرضى و الأصحاء على حد سواء، بل قد يتسبب استعمالها في الإصابة بالفتق و تشوه العمود الفقري ، فضلا عن اعوجاج بعض عظام المفاصل الأخرى. وأوضح الأخصائي بأن 50 بالمئة من المنتجات الموجودة في السوق تعد غير مطابقة، لذلك فإن الطبيب عندما ينصح مريضا أو شخصا ما بالاستعانة بفراش أو حذاء طبي، عادة ما يطلب منه عرض المنتج عليه بعد اقتنائه، لمعاينته و التأكد منه، ناصحا المستهلكين بالابتعاد عن كل ما هو مقلد.        
هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى