طباخون يقترحون إعداد قاموس للمطبخ الجزائري
أكد طباخون من مختلف ولايات الوطن بأن المطبخ التقليدي يعد جزءا من التراث الثقافي و الحضاري الجزائري، يتوجب الحفاظ عليه و  العمل على ترقيته، ليتحوّل إلى علامة تجارية لا تقل نجاحا عن الطعام الهندي و الصيني و الإيطالي، الذي تنتشر مطاعمه حول العالم لتروّج للثقافة و تخدم الاقتصاد ،  غير أن هذا المسعى لن يتأتى، حسبهم، إلا إذا تم التعاطي مع المطبخ التقليدي بطريقة أكاديمية، تسمح بإعداد قاموس جزائري لأهم و أشهر الأكلات، مع الإشارة إلى عناصرها الغذائية و تاريخها وطبعا تحديد مكوناتها الأصلية.
إعداد / هدى طابي
 15 طباخا شاركوا أمس في فعاليات المهرجان الوطني للأكلات و الحلويات التقليدية، المنظم من قبل الشيف جمال أيمن زعيتر، بالتنسيق مع جمعية محترفي الطهي و وكالة كوين إيفنت، على مستوى المجمع التجاري رتاج مول بقسنطينة، تنافسوا في عرض أطباق مناطقهم، و التعريف بها، مؤكدين بأن الهدف من مشاركتهم في الحدث، هو الحفاظ على المطبخ التقليدي كإرث محلي،  ولما لا تلقين أصوله للأجيال، خصوصا وأنه لم يتمكن إلى غاية الآن من الانتشار و تحقيق الشهرة في الخارج، على غرار المطبخ المشرقي و التركي و حتى المغربي، رغم أنه لا يزال محافظا على مكانته محليا.

الشيف جمال أيمن زعيتر
الترويج لمطبخنا  لا بد  و أن يقوم على قيمته الغذائية
يرى الشيف جمال أيمن زعيتر، صاحب مبادرة المهرجان، بأن مثل هذه الفعاليات تعد ضرورية للتعريف بثراء المطبخ الجزائري، و ترسيخ ثقافته لدى الأجيال الصاعدة، خصوصا و أن و أطباقنا تعتبر وجبات كاملة و غنية، لتنوع مكوناتها، باعتبارها تشمل عادة الخضار و القمح و البقوليات و زيت الزيتون، وهي تحديدا الميزة التي لابد لنا، كما قال، أن نستغلها إذا أردنا أن نروج لمطبخنا في الخارج، كما فعل الصينيون و الهنود و الإيطاليون، وحتى الأتراك الذين باتت مطابخهم علامات فارقة في المطاعم و الخدمات عالميا.
وقال الشيف زعيتر، بأن مشاركاته السابقة في عديد الفعاليات الغذائية في الخارج، بينت له بوضوح القابلية التي يتمتع به المطبخ الجزائري، بدليل التتويجات التي يحظى بها في كل مرة، وهو ما شجعه على جمع 15 شيفا من مختلف ولايات الوطن، على غرار قسنطينة، غليزان، سكيكدة عنابة ، الطارف، وهران، بسكرة و حاسي مسعود وغيرها، لخلق جو للعمل المشترك و تبادل الأفكار في مجال التحضير و التقديم، بما يسمح بترقية مطبخنا التقليدي و إخراجه من خانته الضيقة، حفاظا عليه،  خصوصا في ظل سعي بعض الجيران إلى نسب أطباق إقليمية مشتركة إلى تراثهم و استئثارهم ببعض الوصفات، على غرار « الكسكسي».

الشيف وديع من برج بوعريريج
تأسيس المطبخ التقليدي أكاديميا سيسمح بتطويره
يعتبر الشيف وديع من برج بوعريريج، بأن المطبخ التقليدي لا يقل أهمية عن باقي عناصر الموروث الحضاري الجزائري التي تشملها الدراسات الأكاديمية، على غرار الموسيقى والشعر، لذلك فإنه من الضروري جدا، حسبه، أن يؤسس للمطبخ التقليدي أكاديميا، من خلال دراسة وصفاته بدقة و تحديد عناصرها، سواء ما تعلق بجانبها التاريخي و أصلها، أو ما يخص قيمتها الغذائية و الصحية، ولما لا إعداد قاموس للأكلات التقليدية و مناطقها و العادات المرتبطة بها، يكون بمثابة دليل غذائي و سياحي متكامل.
ويؤكد الطباخ بأن الفرد الجزائري خلافا لما يعتقد، يتمتع بثقافة غذائية كبيرة، و يعتبرا ذواقا و عارفا بالطعام، لكن المشكلة تكمن في أن فنادقنا و مطاعمنا، لا تتعامل معه على أساس أنه زبون واع و متفتح و لذلك تغفل عن جانب الإبداع في ما تقدمه له، مشيرا إلى أن إدماج المرأة أكثر في المطاعم الكبرى، من شأنه أن يغير الوضع، لأنها بطبعها تميل إلى إرضاء من تطعمهم و تحبذ فكرة التجديد.

الشيف حسين دلالو من عنابة
العصرنة تشمل التقديم و ليس التحضير
بدوره أكد الشيف حسين دلالو من عنابة، بأن الترويج للأطباق التقليدية الجزائرية، و إدخالها إلى قوائم طعام المطاعم الكبرى خارج الوطن، لن يتأتى إلا من خلال التحكم في فن التقديم و تزيين الصحن، الذي يعتبر موضة رائجة في أيامنا ويعد، حسبه، الطريقة الوحيدة لتطوير و عصرنة المطبخ الجزائري، رافضا بذلك أي إمكانية للتجديد في الوصفات أو تعديل نكهاتها، لأنها تعتبر، كما قال، جزءا من موروث تقليدي له أصوله و فنياته، و التصرف في المطبخ التقليدي لا يكون إلا من خلال لمسة خاصة في طريقة التقديم و ليس التحضير.
و أضاف المتحدث، بأن أسواقنا و محلاتنا اليوم باتت غنية بالأواني و الإكسسوارات الخاصة بطاولات الطعام و التي يمكن الاعتماد عليها في تقديم صورة جميلة و حضارية عن مطبخنا، من خلال استغلالها لتقديم طبق تقليدي بطريقة فنية وعصرية.

الشيف سميحة خلف الله من قسنطينة
الوعي بخطورة المواد المضافة أعاد الحلويات التقليدية إلى الواجهة
قالت الشيف سميحة خلف الله من قسنطينة، بأن قيمة المطبخ التقليدي الجزائري، تكمن في أنه طبيعي، مكوناته بسيطة و معروفة عموما، فحتى موضة الألوان و المنكهات الصناعية و المواد المضافة التي انتشرت في السنوات القليلة الأخيرة، خصوصا في ما يتعلق بإعداد الحلويات التقليدية، تراجعت بقوة مؤخرا ، بعدما أصبح المستهلكون أكثر وعيا بخطورتها وهو الأمر الذي خدم بالمقابل الوصفات التقلدية المعروفة و أعادها إلى الواجهة.
 أكدت محدثتنا، بأن الكثير من القسنطينيين مثلا،  أصبحوا يفضلون الحلويات التقليدية المحلية المعروفة في المدينة، كزينة لموائد أعراسهم و مناسباتهم، حتى أنهم باتوا يركزون على الأشكال التقليدية المعروفة، و يختزلون خياراتهم في الأنواع التي ترتبط مباشرة  بالسينية القسنطينية، على غرار طمينة اللوز و البقلاوة و الغريبية .

الشيف هبة حاج سماحة من وهران
الطبخ التقليدي الجزائري مجال خصب للبحث في التراث
 بدورها تؤكد الشيف هبة حاج سماحة من وهران، بأن المطبخ التقليدي الجزائري لا يزال محافظا على مكانته الهامة في المجتمع، و ذلك بالنظر إلى تنوعه و تميز أذواقه و لذتها، علما أن أسرارا كثيرة عن هذا المطبخ لم تكشف بعد، و لا تزال تحتفظ بها الى اليوم ربات بيوت و جدات، يملكن وصفات و حيلا عبقرية في مجال الطبخ، تعادل قيمتها بالنسبة لطباخ محترف، قيمة الذهب.
 و قالت المتحدثة، بأن هذا الثراء لا يقتصر على منطقة معينة، بل يشمل كل ربوع الوطن، ما يؤكد بأن مطبخنا التقليدي هو مجال خصب للبحث في التراث، خصوصا و أن موائدنا ترتبط عادة بتقاليد و عادات، تعود أصول بعضها  إلى قصص تاريخية و أساطير ساحرة.  
هـ/ط

الرجوع إلى الأعلى