سجلت القافلة الطبية الإنسانية التي نظمتها مؤخرا جمعية المسعفين المتطوعين بالبليدة، ومست عدة مناطق نائية بالولاية، إصابة عدد من الأشخاص خاصة كبار السن، بأمراض مزمنة دون علم أصحابها، كما تم الوقوف على عدة حالات أخرى لأشخاص معزولين عن العالم الخارجي و يعيشون ظروفا اجتماعية مأوساية زادت من تدهور صحتهم، سيما أنهم لا يقصدون المصالح الطبية إلا في حالات متقدمة.
من الحالات التي تم اكتشافها ضمن هذه القافلة، حالة سيدة تقطن ببلدية بوينان مصابة بمرض عقلي، حيث وجدت داخل غرفة في وضعية لا تختلف عن وضعية احتجاز حيوان، ويذكر رئيس الجمعية بلال بن يمينة، بأن زوج هذه المرأة تزوج بامرأة ثانية، ولجأ إلى احتجاز هذه السيدة في ظروف قاسية لا تليق بالبشر، مضيفا بأنهم استفسروا حول سبب تعامله بهذه الطريقة معها، فكانت إجاباته بأن إمكانياته لا تسمح له بعلاجها والتكفل الأفضل بها، وأشار نفس المتحدث إلى أن مسؤولي الجمعية باشروا الإجراءات القانونية مع المصالح الأمنية المختصة والمصالح الطبية، بقصد إخراج المريضة من هذه الوضعية والتكفل بها في ظروف أفضل.
تعرضت للإعاقة بسبب جرعات زائدة من الدواء
القافلة وقفت أيضا على حالة عجوز طاعنة في السن، و هي أرملة شهيد معاقة حركيا، حيث تبيّن أن إصابتها بالإعاقة كانت بسبب تناولها لجرعات إضافية من الدواء، و ما زاد من تدهور وضعها الصحي أن لها ابن وحيد، لذلك فهي لا تجد من يتكفل بها ويرعاها رعاية تليق بشخص عاجز، و هو ما جعل الجمعية تمنحها كرسيا متحركا، على الأقل حتى لا تبقى طريحة الفراش طيلة الوقت.
و من أخطر الوضعيات التي تمت مصادفتها كذلك، هي سيدة بعين الرمانة اتضح أنها مصابة بكسور على مستوى الكتف والساق، إلا أنها لم تعالج وبقيت في المنزل تصارع الألم، و أضاف السيد بن يمينة بأن أعضاء القافلة تكفلوا بها على جناح السرعة، وتم تحويلها عن طريق سيارة الإسعاف التابعة للحماية المدنية لتلقي العلاج بالمستشفى، و ذكر نفس المتحدث بأن السكان بهذه المناطق لا يقصدون المراكز الصحية إلا في الحالات الخطيرة، وعند تدهور حالة المريض، و هو ما يبرره السكان حسبه، بغياب مراكز صحية قريبة، إلى جانب ظروفهم الاجتماعية وإمكانيتهم المالية البسيطة التي لا تسمح لهم بالتنقل للمدن قصد العلاج.
وذكر رئيس الجمعية بأن القافلة الطبية التي جابت عدة مناطق نائية ومعزولة بتراب الولاية ودامت 3 أسابيع، عرفت تقديم فحوصات طبية لـ 260 شخصا، تبين أن عددا منهم مصابون بأمراض مزمنة لكن لا يعلمون بذلك، ومن بينها ارتفاع ضغط الدم و السكري، و أضاف نفس المتحدث بأن أغلب العائلات التي تمت زيارتها تعيش ظروفا اجتماعية مزرية، كما أن مقرات سكناها بعيدة عن المراكز الصحية، و هو ما جعل قاطني هذه المناطق لا يقومون بإجراء فحوصات طبية دورية إلا في حالات نادرة، و ذلك في ظل نقص الوعي بأهمية هذه الفحوصات لديهم.
وأوضح نفس المصدر بأن القافلة التي ضمت عيادتين متنقلتين مجهزتين بمختلف المعدات اللازمة، قدمت مساعدات طبية مستعجلة لفائدة الحالات التي تم تشخصيها وتبين إصابتها بأمراض، كما تم توجيه بعضها نحو المستشفيات لمواصلة العلاج، مع ضمان المتابعة الصحية لها.
تكفل طبي و نفسي بالأطفال
ويضيف السيد بن يمينة بأن الحالات التي تم اكتشافها كانت جد مأوساية، حيث تواجه ظروفا تختلف بشكل كبير عن معيشة العائلات في الوسط الحضري، بحيث تنعدم الطرقات و تغيب قنوات الصرف الصحي، أما السكنات فتكون في العديد من المرات غير لائقة.
من جانب آخر أوضح نفس المصدر بأن تكفل الجمعية بهذه العائلات لم يكن طبيا فقط، بل  تم تقديم تكفل نفسي لعدد من الذين مستهم القافلة، التي ضمت عدد من الأخصائيين النفسانيين حيث قدموا بدورهم حصصا لعدد من الأطفال بهذه المناطق، أما فيما يتعلق بالإعانات الاجتماعية فقد ساهمت القافلة بمجموعة من المساعدات الغذائية و الأفرشة والأغطية والكراسي المتحركة، إلى جانب حفاضات الصغار والكبار التي تم توزيعها على المحتاجين.
وتجدر الإشارة إلى أن عمل القافلة استمر على مدار ثلاثة أسابيع ومس أغلب المناطق النائية بولاية البليدة من الشرق إلى الغرب، كما ضمت حوالي 40 طبيبا عاما و أخصائيا، إلى جانب عيادتين متنقلتين مجهزتين بمختلف المعدات الطبية اللازمة.
نورالدين- ع

الرجوع إلى الأعلى