يسكنون الجسور والأنفاق ويعيشون على الصدقات
منهم من عصفت أمواج البحر بحلم بلوغهم الضفة الأخرى، و أردتهم جثثا هامدة، و منهم من  يتجرعون يوميا مرارة  التشرد أو يقبعون بسجون أحد البلدان الغربية  التي كانت ذات يوم بالنسبة إليهم ترمز للسعادة و الجنة ، أما من حالفهم الحظ ببلوغ الضفة الأخرى على متن قوارب الموت، فمعظمهم حالهم ليس أحسن من سابقيهم، لأنهم يعانون من الجوع و التشرد في الشوارع الغريبة، و لا يجدون أحيانا سوى السرقة للحصول على القوت، في حين يتعرض العديد منهم للقتل و التعذيب في الغربة.
هو حال المئات من المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، المعروفين بالحراقة ، الذين يرحلون باتجاه المجهول عبر قوارب الموت، أو ما أضحى يطلق عليه «البوطي»، دون رجعة في الغالبية العظمى من الحالات، سوءا غرقا في البحر أثناء الحرقة، أو قتلا بعد الوصول إلى أرض الأحلام على يد مجرمين دون أن تقتص لهم أية جهة.

و تظل الحرقة ليست حكاية شبان أو شابات و حتى أطفال ركبوا البحر، على أمل العثور على حياة أفضل في البلد الحلم أو بالأحرى الوهم، بل هي مآس و آلام و معاناة يعيشونها إذا عاشوا بعد مغامرات الموت، و يعيشها معهم آباء و أمهات و إخوة و أخوات و حتى أبناء صغار خلفوهم في أرض الوطن، يقتلهم الشوق و الحنين إليهم و الخوف من فقدانهم في كل لحظة و ثانية.
و إذا كان الحقوقيون يربطون معاناة الحراقة في الخارج ، بعجز في القوانين السارية المفعول، فإن اتحاد الجزائريين بالمهجر لا يزال يناضل من أجل حمايتهم من كل أشكال الظلم و الاضطهاد التي يتعرضون لها بعيدا عن وطنهم و ذويهم.
و يعقد الكثيرون آمالا عريضة على الحراك الشعبي الذي تعيشه بلادنا من أجل تغيير هذا الواقع المر و تحسن الظروف المعيشية و الاجتماعية و السياسية القضاء على البطالة التي دفعت الكثير من أبنائنا إلى الارتماء في حضن الحرقة القاتلة، و قد جزم الكثير من المختصين أن الحراك قلص من ظاهرة الحرقة إلى حد قياسي، و أيقظ الحس الوطني عند فئات الشباب، فأصبح هاجسهم اليوم الثورة على الفساد و السعي لتحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية.
سعيد بن رقية رئيس اتحاد الجزائريين بالمهجر
15 ألف «حراق جزائري» خلال العشر سنوات الأخيرة  
كشف رئيس اتحاد الجزائريين بالمهجر السيد سعيد بن رقية ، أن أعداد المهاجرين غير الشرعيين، خاصة المعروفين باسم الحراقة، في تنامي كبير منذ سنة 2007 ، تاريخ بداية الظاهرة الغريبة عن المجتمع الجزائري. مضيفا أن 12 إلى 15 ألف حراق ركبوا قوارب الموت خلال العشر سنوات الأخيرة، من أجل التوجه إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، استنادا إلى أرقام تحصل عليها الاتحاد منذ تأسيسه سنة 2016 و قام بتوثيقها.
  أضاف المتحدث أن أغلب هؤلاء الحراقة متواجدون بإسبانيا، إيطاليا ، بلجيكا ، فرنسا ، بريطانيا و حتى كندا، و قدموا إليها عن طريق البحر، أو عن  طريق الحدود البرية لمنطقة سبتة، مشيرا إلى أن عدد الأطفال و القصر عموما الذين هاجروا بطريقة غير شرعية إلى أوروبا بلغ ألف قاصر ، خلال العشر سنوات الأخيرة ، كما تم تسجيل أعداد معتبرة من النساء الحراقات، إما عن طريق قوارب الموت،  أو عبر الحدود البرية المغربية، مع الاستعانة بالمافيا المغربية التي تقوم بتهريبهم عن طريق سبتة و مليلية  و مراكز المهاجرين،  مقابل مبالغ مالية معتبرة ، و أكد بن رقية أنه رغم تسجيل حالات لقصر و نساء «حرقوا» من الجزائر باتجاه أوروبا،  فإن عددهم قليل، حسبه، مقارنة بالمغاربة و الأفارقة الذين يتدفقون بالمئات على مختلف الدول الأوربية،  إما عن طريق البحر أو عبر الحدود ، باتجاه فرنسا ، إيطاليا ، إسبانيا و ألمانيا و بريطانيا.
و أضاف المتحدث أن الأرقام تبقى متضاربة و غير دقيقة، في ظل الحديث عن أعداد كبيرة من المتشردين و الموتى، الأمر الذي يتطلب جهودا جبارة، و تواصل مستمر مع مختلف الهيئات لضبط الإحصائيات.
و أوضح رئيس اتحاد الجزائريين بالمهجر، أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية بدأت تظهر بالجزائر سنوات التسعينات خلال العشرية السوداء، من خلال السفر بتأشيرة إلى بلدان أوروبا ، ثم الإقامة هناك بطريقة غير شرعية، مشيرا إلى أن  50 ألف مهاجر جزائري متواجدون حاليا بأوروبا 70 بالمئة منهم، بفرنسا ، لتأخذ هذه الظاهرة منحى آخر و تتحول إلى ما يعرف بالحرقة .
التشرد واقع الجزائريين بشوارع أوروبا
عن وضعية هؤلاء الحراقة،  قال بن رقية، أن مصير العشرات من الجزائريين الحراقة بأوروبا، محصور بين التشرد أو السرقة من أجل البقاء على قيد الحياة ،  مضيفا  أن أرقاما مرعبة تبين مدى تفشي ظاهرة اللصوصية بين الحراقة الجزائريين و  السواد الأعظم منهم، يعيشون تحت الجسور أو الأنفاق،  و ينتظرون مساعدات المنظمات الحقوقية و الإنسانية،  كونهم لا يستطيعون العمل ، فيما تمكن القليل منهم، حسبه ، من  تحسين وضعيتهم عن طريق المعارف و الأصدقاء الذين يقومون بدمجهم  بالمجتمع بإيوائهم  و تسوية وضعياتهم .
و رغم هذا الواقع المرير للمهاجرين الجزائريين، حسب رئيس اتحاد الجزائريين بالمهجر،  فهم  بعيدون كل البعد عن  مافيا المخدرات و الجماعات المنظمة  و الشبكات الإجرامية  الكبيرة، بنسبة 0 بالمائة، حسب تقارير وزارة الداخلية الإسبانية و الإيطالية ، فهذه المجموعات الإجرامية تستغل الحراقة في أعمالها المشبوهة، خاصة في الترويج للمخدرات ، خاصة المغاربة و الرومانييين و بعض الجاليات الأخرى من جنوب أمريكا  ،  فيما يشكل الحراقة الجزائريين ، مجموعات مصغرة ، تمتهن  السرقة، لكسب قوت يومها .
و شدد بن رقية في سياق حديثه، أن الجهات التي تقوم بنقل  هؤلاء الحراقة من الجزائر، باتجاه إحدى البلدان الأوربية ،  دافعهم واحد و هو كسب المال  و الربح السريع على حساب أرواح الآلاف من المهاجرين الذين يواجهون إما الموت بعرض البحر، أو حياة التشرد في الضفة الأخرى من المتوسط لضمان العيش، و تتعامل مختلف الدول الأوربية  المضيفة مع هذه الفئة بطريقة رسمية و قانونية، فتتم تسوية وضعية البعض في حال توفر الشروط اللازمة،  خاصة إذا كانوا إيجابيين داخل المجتمع، و أبدوا رغبة كبيرة في الاندماج الاجتماعي.
اتساع دائرة جرائم قتل الحراقة و التنكيل بهم
و في حديثه عن وضعية الحراقة الجزائريين ، تحدث بن رقية عن تنامي ظاهرة قتلهم و التنكيل بهم، أمام عجز و تواطؤ القضاء الأوروبي في فك خيوط قضايا لا تزال غامضة و عالقة بالمحاكم، دون إنصاف ضحاياها المغتالين.
بهذا الصدد تحدث بن رقية عن أكثر من حالة قتل يعمل اتحاد الجزائريين بالمهجر من أجل إعادة فتح ملفاتها أمام القضاء ،و هنا قال بن رقية أن غالبية القضايا كانت غير عادلة ، و أبرزها قضية قتل جزائري بجنوب إسبانيا سنة 2009 و المحاكمة غير العادلة للمتهم، فيما سجلت قضية أخرى سنة 2015 تتعلق بوفاة شاب جزائري بإحدى سجون برشلونة ، و هي القضية التي لا تزال حبيسة الأدراج، و كذا ملف الشاب بودربالة الذي قتل بمالقا منذ سنتين في ظروف غامضة، و هنا اتهم  بن رقية  السلطات القضائية الإسبانية بالتواطؤ مع جهات جزائرية، من أجل تمييع القضية ، ناهيك عن الكثير من الشباب الجزائري القابعين حاليا بالسجون الأوروبية .
  « حاول الانتحار مرتين بعد الحكم عليه  بـ25 سنة في اليونان» 
سفيان حاج علي، المدعو محمود ، متواجد حاليا بالسجن المركزي في اليونان ، ينحدر من  ولاية وهران،  حاول الانتحار مرتين،  تعبيرا عن غضبه إثر إصدار حكم في حقه بـ 25 سنة سجنا نافذا بتهمة الهجرة غير الشرعية و الاتجار بالبشر!
  و اعتبر رئيس اتحاد الجزائريين بالمهجر سعيد بن رقية، ما حدث سابقة تاريخية في تاريخ القضاء اليوناني،  و قال للنصر، أن أغلب الدول الأوربية تصدر حكما بين 3 و 4 سنوات، كعقاب ينص عليه قانونها الجنائي في حال ثبوت التهمة.
و أضاف بن رقية أن الشاب الجزائري و أمام هذا الظلم الذي تعرض له قام بمحاولة الانتحار مرتين ، بعد التعامل السلبي و غير المهني، حسب قوله، الذي واجهه من طرف التمثيلية الدبلوماسية الجزائرية باليونان، فزاد من غضب و احتقان الشاب سفيان حاج علي.
 على ضوء هذه القضية قام الاتحاد بمراسلة السلطات المعنية بكل من سفارة الجزائر باليونان  و وزارة  الخارجية الجزائرية ، للمطالبة بالتدخل و التعامل بجدية مع قضية الشاب سفيان حاج علي و قضية شاب آخر ينحدر من ولاية الشلف، تعرض لنفس العقوبة لذات التهمة ، و هي المراسلات التي تعاملت معها السلطات المعنية و كأنها «لا حدث «، و لم يحضر مسؤلو القنصلية لمجريات الجلسة الثانية  في بداية فيفري الماضي و التي تم تأجيلها إلى شهر ديسمبر كملاحظين، و هنا حذر بن رقية مما يمكن أن تؤل إليه حالة السجين و التي قد تزداد تعقيدا و تعرض حياته للخطر .
و أضاف أن الاتحاد رفع جملة من المطالب إلى مختلف الهيئات ذات الصلة، و تمثلت المطالب في التنقل الفوري و العاجل للقنصل الجزائري بعاصمة اليونان للوقوف على وضعية السجين ، و العمل بكل الطرق القانونية من أجل ترحيله إلى الوطن في أقرب الآجال ، كما حمل الاتحاد القنصلية الجزائرية باليونان المسؤولية القانونية و الأخلاقية في حال تعرض حياة السجين للخطر.                 هيبة عزيون

عائلته  بقسنطينة تعيش على أمل استرجاع جثتة من  مستشفى بمقدونيا
  خالد زريمة.. ورحلة الموت  من تركيا إلى اليونان
تعيش عائلة زريمة بحي الدقسي بقسنطينة، حالة من الصدمة و الحزن، بعد أن علمت بوفاة ابنها خالد، الذي هاجر في شهر جويلية الماضي نحو تركيا، و انقطعت أخباره، قبل أن يتبين بأنه توفي في مقدونيا، بعد أن دهسه قطار، و بأن جثمانه لا يزال متواجدا بمصلحة حفظ الجثث بمستشفى «الأم تيريزا» بعاصمة هذه الدولة، حيث تسابق العائلة الزمن لاستعادة الجثة، خوفا من أن يتم حرقها هناك، حيث تناشد الأم و الوالد السلطات، من أجل التدخل لنقل ابنهم إلى الجزائر لدفنه. النصر زارت منزل العائلة، و هناك اطلعنا على المعاناة التي يعيشونها، منذ أشهر، حيث سردوا لنا تفاصيلها.
روبورتاج: عبدالرزاق مشاطي
سافر إلى تركيا و هدفه الحلم الأوروبي
كان خالد، على غرار كل الجزائريين، يحلم بحياة أفضل، فعمله كموظف استقبال بأحد المراكز الصحية، و الذي لم يكن يتقاضى من خلاله أكثر من 9 آلاف دج شهريا، كان السبب الرئيسي في تفكيره بالهجرة نحو أوروبا، كما أن تعرضه لكسر في الكتف، منعه من الاستمرار في مزاولة مهنة التحكيم، التي تدرج فيها ليصبح حكما جهويا، و ذات يوم من سنة 2018، قرر خالد السفر، و أعلم والديه بأنه سيتوجه إلى تركيا، و منها سيحاول دخول الأراضي الأوروبية، مثلما يفعله الكثير من الشباب الجزائريين خلال السنوات الأخيرة.
و بعد أن جمع كل ما كان يدخره من مال، سافر خالد نحو تركيا، التي وصل إليها يوم 5 جويلية 2018، و كان الشاب الذي لم يعهد السفر، وحيدا ولا يعرف أحدا في تلك البلاد، حيث كان يتصل بعائلته عبر تطبيق «ميسنجر»، و كان يؤكد لهم بأنه سيقطع الحدود التركية في اتجاه دولة اليونان، و قد نجح في ذلك مرتين، قبل أن يقوم حراس الحدود اليونانيين بإعادته نحو تركيا، غير أن محاولته الثالثة كانت ناجحة، ففي صبيحة يوم عيد الأضحى، تقول الأم، بأن ابنها اتصل من اليونان و أخبرهم بأنه نجح في اجتياز الحدود عبر إحدى الغابات من دون أي مشاكل، فقد تسلل دون أن ينتبه له الجيش اليوناني، و بأنه بخير و سيحاول إيجاد مكان يلجأ إليه مؤقتا.
عاش أياما صعبة في اليونان
في اليونان تعرف خالد على مهاجرين من الجزائر و المغرب، حيث كان يتقاسم معهم المبيت في إحدى الغرف، حسب ما أخبر به عائلته، أما الطعام فقد كانوا يتحصلون عليه من الجمعيات الخيرية، التي كانت تعيل المهاجرين، و ما أكثرهم هناك، حسب ما كان يرويه خالد لوالدته، في اتصالاته عبر «ميسنجر»، و يوم 27 أوت 2018، اتصل خالد ليعلم عائلته، بأنه سيقطع الحدود اليونانية نحو دولة مقدونيا، مؤكدا بأنه خائف نوعا ما، فقد سمع بأن عساكر هذه البلاد يستعملون السلاح في مطاردة المهاجرين غير الشرعيين، و قد طلب من والديه الدعاء، و أخبرهم بأنه سيتبرع بمعظم ملابسه و أغراضه، لبعض الجزائريين في اليونان، و كان هذا آخر اتصال بين خالد و عائلته، التي كانت تستمع إلى آخر كلام له، دون أن تدري.
انقطعت أخباره في مقدونيا
انقطعت بعد ذلك أخبار خالد، و مضت أسابيع، دون أن يتصل، أو تتمكن عائلته من مكالمته، فقد كانوا يتصلون عبر «الميسنجر» خاصته دون جدوى، فالاتصال مقطوع و لا جواب من خالد، إلى أن تفطنت شقيقاته، بأنه كان يتصل من حسابات «فايسبوك» الخاصة ببعض من كانوا معه في اليونان، فقمن بالاتصال بأحدهم، و هنا كانت أولى الصدمات، فقد أخبرهم هذا الشخص، بأن خالد متواجد في أحد مستشفيات دولة مقدونيا، بعد أن تعرض لحادث، رفقة جزائري آخر، كان يرافقه في عبور الحدود، حيث دهسهما قطار، و بأن حالة خالد مستقرة نوعا ما، حيث أخبرهم بأنه يعاني من ضربة في الرأس و كسر في الكتف، أما مرافقة فكانت إصابته أخطر، ، حيث أجريت له عملية، و تم تركيب صفيحة معدنية بأحد رجليه.
بعد سبعة أشهر من الانقطاع يصل خبر الوفاة
بعد أن سمعوا هذا الكلام ضنت عائلة زريمة أن ابنها سيتعافى من إصابته و يعاود الاتصال بهم، حيث اعتقدوا بأنه لم يشأ الاتصال بهم، حتى لا يروه في الحالة التي كان عليها و يزيد من قلقهم، فقد كان هذا هو اعتقاد عائلته، لكن الانقطاع طال أكثر، و اختفت أخبار خالد تماما، و زاد معها قلق العائلة التي عاشت أشهرا من التوجس و الحيرة و الخوف على مصير ابنها الذي غادر دون عودة، و بعد حوالي 7 أشهر، و في يوم 3 أفريل، تلقت العائلة الخبر الصادم، فالشاب الذي كان برفقة ابنهم بالمستشفى اتصل بهم، و أكد بأنه بحث عنهم مطولا، ليعلمهم بأن خالد قد توفي، قبل أشهر، بمستشفى «الأم تيريزا» بعاصمة مقدونيا، و بأن جثته تتواجد هناك بمصلحة حفظ الجثث، و بأن عليهم القيام بالإجراءات اللازمة لنقله إلى الجزائر، مؤكدا بأنه لا يستطيع مساعدتهم أكثر بحكم تواجده في اليونان، التي أعيد لها من مقدونيا، بعد أن تماثل للشفاء.
قنصلية الجزائر برومانيا كانت على علم
من هنا بدأت رحلة عائلة زريمة الشاقة لاسترجاع جثة الإبن خالد، ففي يوم 4 أفريل تنقل الوالد، إلى العاصمة، و سلم مختلف الوثائق لوزارة الخارجية، من شهادة ميلاد و صور و نسخة من جواز السفر و كذا صور ولده، حيث اخبروه هناك، بأن الرد سيأتيه بعد حوالي 10 أيام، غير أن لا أحد اتصل بالعائلة، التي اضطرت لإعادة الاتصال بالخارجية، من أجل الاطلاع إلى ما توصلت إليه مصالح هذه الأخيرة.
غير أن الأمور بقيت غامضة، و رغم أن العائلة تحصلت على رقم القنصلية الجزائرية برومانيا، و هي المكلفة بتسيير شؤون الجالية الجزائرية بمقدونيا، إلى أن الأمور لم تتغير كثيرا، رغم الأخبار التي تحصلت عليها عائلة زريمة، التي علمت بأن قنصل الجزائر برومانيا كان على علم بتواجد ابنهم داخل المستشفى، بعد أيام من تعرضه للحادث، حيث كان لا يزال خالد على قيد الحياة، عندما اتصلت إدارة مستشفى «الأم تيريزا» بقنصلية الجزائر برومانيا، و أعلمتهم بأن شابين جزائريين يخضعان للعلاج، بعد أن تعرضا لحادث خطير.
كما أخبرهم القنصل بأنه كلف حينها رعية جزائرية مقيمة بمقدونيا، و هي جزائرية متزوجة من ألباني، من أجل التنقل للمستشفى و الاطمئنان على حالة الشابين الصحية، و هي من أرسلت الصورة التي تظهر خالد، و هو في حالة غيبوبة بالمستشفى، موضحا بأن تلك الصورة قد وضعت منذ أشهر على موقع التوصل الاجتماعي «فايسبوك» حتى تتعرف عليه عائلته، لكن يبدوا أنها لم تنتشر بشكل واسع و لم تصل إلى رواد «فايسبوك» بالجزائر و قسنطينة خاصة.
العائلة تصطدم بتعقيدات كثيرة لاسترجاع الجثمان
و قد علمنا من عائلة زريمة، بأن القنصل لم يتنقل إلى مقدونيا إلى غاية الوقت الحالي، بالرغم من أن وزارة الخارجية قد تأكدت هناك، بأن جثمان خالد لا يزال متواجدا بمصلحة حفظ الجثث بالمستشفى، حيث أخبرهم بأن المستشفى هناك يطلبون إثباتات على غرار بصمات خالد أو الحمض النووي لوالده أو والدته، و هي أمور تقول العائلة بأنها مستعدة لها، غير أنها لا تدري ما تفعل، خاصة أن أوضاعها المادية لا تسمح بالتنقل إلى مقدونيا.
و قد ناشدت أم خالد  و والده و أشقائه الثلاثة، بنتين و ولد، السلطات الجزائرية بأن تتدخل سريعا و تقوم بنقل جثة ابنهم إلى قسنطينة، حتى تكون له جنازة لائقة، و يدفن في مقابر المسلمين، حيث أكدوا تخوفهم من أن أي يتم حرق الجثة، إذا ما تماطلت السلطات أكثر في استرجاعها، حيث تعيش العائلة، أوضاع جد صعبة، و يخيم الحزن على المنزل، منذ أشهر، إذ أن طلبهم الوحيد، هو أن يتم جلب جثة خالد، حتى يرتاحوا و لو قليلا من صدمة فقدانه، و يهدأ قلبا والديه المريضين.
ع.م

* في انتظار فتح مركز توجيهي
مساعي لاحتواء الحراقة الجزائريين بأوروبا
قال رئيس اتحاد الجزائريين بالمهجر، السيد سعيد بن رقية،  أن من بين أبرز الأسباب التي تأسس من أجلها الاتحاد سنة 2016 ، هو احتواء الحراقة و المهاجرين غير الشرعيين داخل هذا التنظيم النموذجي و جعلهم أفراد إيجابيين فاعلين ، و معالجة مشكل الهجرة غير الشرعية و التقليل منها، عن طريق تأسيس لجنة بالجزائر، تعمل على دراسة أسباب الظاهرة و تناميها و البحث عن حلول من خلال استراتيجيات و أفكار ، إلى جانب تسوية وضعيات الحراقة، بالبحث عن الآليات القانونية لتصحيح الوضعيات .
و إلى غاية اليوم، قال المتحدث، أن الاتحاد ساعد العشرات في تسوية وضعياتهم خاصة بإسبانيا، وفق قانونها الذي يسمح بتسوية الوضعية بعد ثلاث سنوات، دون سوابق عدلية .
كما يسعى الاتحاد الذي سيكون له تمثيل بالجزائر من خلال طلب الاعتماد ، إلى فتح مركز توجيهي للحراقة بإسبانيا، يتوفر على مختصين لمحاربة الظاهرة و تأسيس لجنة وطنية لمحاربة ظاهرة الهجرة غير الشرعية ، و تعزيز وجوده بمختلف دول العالم، حسب رئيسه، بالنظر إلى تواجد الجالية الجزائرية بكل بقاع العالم، و هذا من خلال تأسيس لجان و مندوبيات عبر كل الدول.
هـ/ع

* عزوز بن عامر رئيس خلية الربط الأسري بقسنطينة
تخلّص «الحراقة» من وثائق الهوية يصعّب عمليات اقتفاء أثرهم
اعتبر عزوز بن عامر، رئيس خلية الربط الأسري بالهلال الأحمر الجزائري بقسنطينة،  أن أكبر مشكل يؤثر على عملية اقتفاء أثر الأشخاص المفقودين، في مقدمتهم الحراقة، أو المهاجرين غير الشرعيين، هو تخلصهم من وثائق إثبات الهوية ، فتستغرق بذلك عمليات البحث و اقتفاء  الأثر، الكثير من الوقت قد يدوم سنوات و هو حال الكثيرين .
بخصوص عمل الخلية، فهي تقوم بتتبع أثر الشخص المفقود على غرار الحراق، بناء على معلومات يقدمها أهله،  لتباشر الخلية عملها، بوضع أكثر من مقترح و مكان يمكن البحث فيه.  و في حال العثور على المعني،  يتم ربطه باتصال مباشر مع عائلته، بالتنسيق مع الهلال الأحمر الجزائري أو الصليب الأحمر الدولي، أما في حال تعذر الوصول إلى أي أثر أو دليل، قد يغلق الملف  وغالبا ما يكون ذلك بعد ثلاث سنوات من عملية تتبع الأثر.
 عن حالات الحرقة التي عالجتها الخلية، قال السيد عزوز أن الخلية التي تأسست سنة 2016 ، لم تتلق سوى ملف حالة حرقة واحدة ، و هو ملف الشاب حسام خديجة ، المتواجد بتونس ، و قال إن خلايا الربط الأسري بالولايات الساحلية هي التي تعالج عددا كبيرا من ملفات الحراقة،  مقارنة بالولايات الداخلية ، إضافة إلى غياب ثقافة التبليغ لدى الجزائري الذي يعتمد في البحث على جهود شخصية.                           هـ/ع

* الحقوقية كوثر كريكو
لا بد من مراجعة المنظومة القانونية لضمان حماية أكبر
ترى الحقوقية كوثر كريكو، أن القانون الجزائري عاجز عن حماية أفراده بالمهجر،  خاصة في ما يتعلق بالحراقة و المهاجرين غير الشرعيين الذين يقبعون بالسجون و يتعرضون للتعذيب و القتل.
 و دعت المحامية  إلى إعادة مراجعة المنظومة القانونية  من قبل مختصين بالقانون الدولي،  و إبرام إتفاقية أكبر مع عدد أكبر من الدول،  من أجل حماية هذه الفئة داخل البلدان المضيفة، دون المساس بسيادتها ، و إيجاد طرق لتسوية وضعياتهم، إما عن طريق إعادة الحراقة إلى أرض الوطن ، أو تصحيح وضعياتهم بهذه الدول، رغم أن الظاهرة غير قانونية ، لكن يجب معالجتها بشكل قانوني ، باعتبارها ظاهرة عالمية لا يمكن حصرها بدول معينة ، و قد أخذت في التصاعد السنوات الأخيرة ، بالنظر إلى الظروف الاقتصادية و الاجتماعية .
و أضافت المتحدثة، أن الجالية الجزائرية بالمهجر،  لها دور كبير في الحد من ظاهرة الحرقة ، من خلال توعية الشباب  بواقع الدول الأوروبية التي يرغبون بالحرقة إليها و يعتبرونها « جنة النعيم « ،  لكن الواقع مغاير تماما و هو ما يصطدم به  مئات الشباب بعد بلوغهم الضفة الأخرى، حيث يتحولون إلى متشردين ، ناهيك عن المعاملات السيئة التي تطالهم، بسبب التطرف المتنامي و العنصرية إزاء المهاجرين غير الشرعيين بهذه البلدان.                 هـ.ع

* عائلته تطالب السلطات بالتدخل
سفيان شاب من قسنطينة  يقبع بأحد سجون تونس  
لم يكن مصير الشاب سفيان خديجة، صاحب 26 ربيعا ، المعروف بـاسم بيمبو، أحسن  حالا من عديد الحراقة ، فقد انتهى به المطاف بأحد سجون تونس منذ شهر أكتوبر 2018 .
و قال علي ، والد سفيان  للنصر ، أن ابنه حاول الحرقة مرتين ، كان الفشل حليفه  خلالهما ،  ليعود أدراجه من ولاية القالة إلى بيته المتواجد بحي ساقية سيدي يوسف بقسنطينة، و في أقل من سنة واحدة أعاد الكرة ثلاث مرات ، فانتهى به المطاف بسجن في تونس، بعدما أوقفه خفر السواحل بالحدود الإقليمية البحرية التونسية،حسب والده.
 و أضاف والد حسام أنه حاول مرارا إقناع ابنه بالعدول عن فكرة الحرقة، لكن دون جدوى، مشيرا إلى أنه في كل مرة يقرر الهجرة غير الشرعية كان يخبر والديه بالأمر.
 و خلال محاولته الأخيرة، رافقه والده إلى غاية محطة المسافرين و كله أمل أن يعدل ابنه عن هذا القرار الخطير ، لكن حسام أصر على ركوب الأمواج و بلوغ الجهة الأخرى لعل و عسى أن يجد هناك ضالته في الحصول على عمل قار و كسب المال الذي يضمن له تأسيس حياة كريمة مستقبلا .
و تابع السيد علي أن ابنه اتصل به قبل ثواني فقط من انطلاق القارب ، و أخبره أنه رفقة سبعة شبان أغلبهم من ولاية قسنطينة، و أن كل الظروف مواتية، خاصة و أن منظم الرحلة قام باقتناء قارب جديد ، و من بين الحراقة يوجد ميكانيكي جلب معه العدة لتصليح المحرك في حال إصابته بعطب و هم جميعا يحلمون بالتوجه إلى إيطاليا.
 منذ ذلك اليوم لم يصل إلى عائلة حسام أي خبر عن ابنهم،  إلى أن التقى شاب من الجزائر العاصمة بأحد أقاربه، و أخبره أن حسام يوجد بأحد سجون تونس، و أكد الأب أنه بذل قصارى جهده في البحث عن ابنه، لكن دون فائدة.
و أضاف أنه من الصعب التأكد من أن حسام يوجد حقا بتونس، بالنظر إلى القوانين الصارمة بها، و يطالب السلطات الجزائرية التدخل لإطلاق سراح ابنه و عودته لأرض الوطن.
هيبة عزيون

 

الرجوع إلى الأعلى