عادت مواكب الاحتفالات الصاخبة إلى ولاية قسنطينة خلال الآونة الأخيرة، حيث فضل المئات من الشباب عقد قرانهم في الأسابيع القليلة الماضية في وقت أعيد  فيه تطبيق الحجر الجزئي على الولاية بسبب ارتفاع في عدد المصابين بفيروس كوفيد 19. وتجرى هذه الأيام، عشرات حفلات الزواج وكذا الخطوبة في السكنات وفي الأسطح وأيضا في المساحات المحاذية للعمارات، فعلى الرغم من ظروف الحجر الصحي وإجراءات وتدابير الوقاية القاضية بمنع التجمعات وفرض التباعد الاجتماعي وعدم الاحتكاك، لمنع انتشار فيروس كورونا، خاصة بعد عودة فرض الحجر الجزئي على ولاية قسنطينة، إلاّ أن الكثير من العائلات، مازالت تبرمج حفلات الزفاف والخطوبة بشكل عادي، ضاربة عرض الحائط بالمخاطر المترتبة عن التهاون والتراخي اتجاه الفيروس القاتل.
المواكب في كل مكان والجسر العملاق محطة للاحتفال
ووقفت النصر على برمجة عشرات حفلات الزفاف يوميا في ولاية قسنطينة، من مصادفتها لمواكب تتكون من عشرات المركبات المزينة بالأزهار، تجوب مختلف النصب التذكارية والمعالم التاريخية، على غرار نصب ماسينيسا الواقع بمحور الدوران المؤدي من حي زواغي إلى بوالصوف، وكذا بنصب الأموات «مونيمون» أعلى المستشفى الجامعي بن باديس وحتى بالضريح ماسينيسا في الخروب.
ولاحظت النصر أن المدعوين يحتفلون بشكل عادي أو «مبالغ فيه» بحفل الزفاف، حيث يركب في السيارة 5 أشخاص، جلهم لا يرتدون كمامات، ويقومون بالرقص من خلال تلاصق أجسادهم، فيما تتبادل السيدات قبلات التهنئة دون مراعاة لخطر انتشار فيروس كورونا مجددا، خاصة وأن الولاية لا زالت تسجل بعض الحالات المؤكدة والوفايات.
كما وقفت على حالة اللامبالاة من خلال ركن عشرات المركبات في الجسر العملاق، أين يخرج شباب للرقص، متسببين في ازدحام مروري خانق، كما أصبح هذا الجسر يستقبل يوميا مئات الأفراد الذين يفضلون التواجد به من أجل التقاط صور تذكارية قبل التحول إلى مكان إقامة حفل الزفاف.
ولاحظنا أن كل البلديات في ولاية قسنطينة، تعرف إقامة عدد معتبر من الأعراس بعد أن قلت أو أصبحت نادرة في الفترة السابقة بسبب فيروس كورونا، ولكن مع تراجع عدد المصابين بهذا الوباء القاتل، عادت الأعراس بقوة وكأن الفيروس أصبح من الماضي، ولاحظنا أن المواكب تجوب مختلف الشوارع في عدة مناطق على غرار الخروب وعلي منجلي وجبل الوحش وسيدي مبروك وحامة بوزيان وبكيرة وخاصة في وسط المدينة، حتى أن الطرقات أصبحت لا تخلو من المواكب.
المنازل تخلف قاعات الحفلات في إقامة الأعراس
وارتفعت نسبة المواطنين غير المبالين بخطر فيروس كورونا، حيث عادت برمجة الأعراس قبل أسابيع ولكن حينها كان العريس يكتفي بجلب العروس من منزلها باستعمال مركبتين أو ثلاث على الأكثر، كما يتم تنظيم وليمة بين عدد قليل من أهل العروسين، ليتطور الأمر حاليا إلى جلب العروسة في موكب يتكون من 20 مركبة على الأقل ويجوب مختلف النصب التاريخية في الولاية ولمدة تزيد عن ساعتين قبل أن يتم التوجه إلى مقر إقامة الحفل.
ولجأ المعنيون، إلى طريقة أخرى للاحتفال بالأعراس، بعد قرار غلق قاعات الحفلات من طرف الدولة، حيث تحولت السكنات الضيقة والمساحات المغلقة وسط المجمعات السكنية إلى أماكن مفضلة لإقامة الحفلات، من خلال وضع كراسي وطاولات بلاستيكية يتم كراؤها، ووضع فواصل بلاستيكية أو قماشية محيطة بمكان الحفل، تحول دون ظهور الشباب المنتشين بالرقص والغناء إلى العيان.
تلاصق وتبادل العناق والقبلات وعدم وضع الكمامات أثناء الولائم
وتواجدت النصر في إحدى حفلات الزفاف في المقاطعة الإدارية علي منجلي، أين تم توزيع 6 أشخاص على كل طاولة، فيما بلغ عدد الطاولات قرابة 50، دون احتساب الفوج الثاني من المدعويين الذين كانوا ينتظرون دورهم لتناول الوليمة بشغف كبير، ولاحظنا أن القائمين على تنظيم الزفاف يستعلمون أوان فخارية وملاعق وشوكات حديدية يستعملها شخص آخر في كل مرة.
كما لم نشاهد أشخاصا يضعون كمامات أثناء الرقص أو تبادل التحية، بل كان المدعوون يقومون بتبادل القبلات والأحضان وكأن فيروس كورونا لم يعد له وجود، والأكثر من ذلك فإن ظهور العريس بين الأصدقاء والأقارب كان مثيرا للانتباه، من خلال تلقيه للتهنئة من قرابة 400 شخص عن طريق المصافحة والقبلات ما يجعله معرضا للإصابة بكوفيد 19 في حالة إصابة واحد من الأشخاص الذين قاموا بتهنئته.
وابتكر أصحاب فيلات طريقة لجني الأموال مستغلين الوضعية الوبائية التي تمر بها الولاية، حيث يقوم أشخاص بعرض فيلاتهم للكراء على الراغبين في إقامة الأعراس على صفحات التواصل الاجتماعي، على غرار مواطنين في علي منجلي، قاموا بنشر صور لفيلات بمساحات معتبرة تتكون من 3 طوابق، من أجل استغلالها من طرف العائلات التي تعاني من ضيق السكنات.
ولاحظنا خلال مرور مواكب السيارات أو عند الاحتفال في بعض الأماكن بالولاية، و عند تناول العشاء، أن آخر اهتمامات المدعوين وكذا أصحاب الزفاف هو تطبيق البرتوكول الصحي، سواء من خلال تبادل القبلات والعناق بالنسبة للنساء أو الرجال، أو من خلال الالتحام بين الأفراد في المركبات المحملة بخمسة أشخاص أو عند تناول العشاء، في وقت وجب احترام مسافة التباعد الاجتماعي ووضع الكمامات وتعقيم اليدين واستعمال أدوات بلاستيكية صالحة للاستعمال الواحد.
وأعادت الوزارة الأولى تطبيق إجراءات الحجر الصحي على 3 ولايات منها قسنطينة لمدة شهر، بعد تسجيل تصاعد عدد حالات الإصابة بفيروس «كوفيد19»، وتقرر ذلك بعد المشاورات مع اللجنة العلمية لمتابعة تطور جائحة كورونا والسلطة الصحية، وطبق هذا القرار بداية من الفاتح أكتوبر من الساعة 11 ليلا إلى غاية السادسة صباحا من اليوم الموالي لمدة 30 يوما.
هذا وسجلت قسنطينة 1663 حالة مؤكدة منذ بداية تفشي فيروس كورونا، حيث ارتفعت عدد الحالات المؤكدة قبل أسبوع إلى 7 حالات يوم 26 سبتمبر لتسجل يوم 27 سبتمبر 0 حالة ثم حالتين يومي 28 و29 سبتمبر لترتفع قليلا إلى 4 حالات يومي 30 سبتمبر و1 أكتوبر.                   حاتم بن كحول

الرجوع إلى الأعلى