شكّل الفوز الثمين الذي حققه شباب بلوزداد أول أمس، على حساب شبيبة القبائل، في إطار تسوية رزنامة الرابطة المحترفة، أحد أهم المنعرجات «الفاصلة» في مصير اللقب وكذا تأشيرات التمثيل الجزائري على الصعيد القاري، خاصة وأنه تزامن وصدور قرار المكتب الفيدرالي، القاضي باعتماد الوضعية التي سيكون عليها سلم ترتيب البطولة بتاريخ 10 أوت، كمعيار للفصل في أمر التذاكر الإفريقية، مما جعل الصورة تتضح بنسبة كبيرة جدا، باقتطاع أبناء «العقيبة» أولى تأشيرات المشاركة للمرة الثانية تواليا في دوري الأبطال، مع بقاء شبيبة الساورة ووفاق سطيف على بعد خطوة واحدة من حجز مقعد قاري، لكن بأفضلية ترجح كفة «نسور الجنوب» على «النسر الأسود» في تسجيل التواجد في دوري الأبطال، و»سيناريو» الاكتفاء بكأس الكاف، قد يتكرر للسنة الثانية على التوالي مع «السطايفية» وبحسابات المعامل وفارق الأهداف، في حين ستبقى التذكرة الرابعة، محل صراع بين منشطي نهائي كأس الرابطة شبيبة القبائل ونجم مقرة.

وضرب شباب بلوزداد عدة عصافير بحجر واحد عند تجاوزه عقبة شبيبة القبائل، لأن هذا الانتصار مكنه من تعزيز مركزه الريادي، وتعميق الفارق الذي يفصله عن أقرب الملاحقين إلى 7 نقاط، قبل 4 جولات من نهاية المشوار، وهو هامش مناورة يضع الشباب في أفضل رواق لاعتلاء المنصة، وبالتالي المحافظة على تاجه للموسم الثاني تواليا، والمعطيات الراهنة تبقيه بحاجة على 6 نقاط في اللقاءات المتبقية لترسيم التتويج باللقب، مهما كانت نتائج باقي الملاحقين، وتجسيد هذا المطلب يمر عبر إحراز فوزين، ولو أن ما تبقى من الرزنامة يتضمن لقاءات «حاسمة» لسعيود ورفاقه، انطلاقا من السفرية المحفوفة بالمخاطر إلى بشار لملاقاة شبيبة الساورة، مرورا بتنشيط مقابلتين بطابع «الكلاسيكو» مع كل من مولودية واتحاد الجزائر، وصولا إلى استقبال اتحاد بسكرة، الذي يصارع من أجل تفادي السقوط.
الوضعية الراهنة لقمة هرم الترتيب، تمنح أفضلية كبيرة لشباب بلوزداد في معانقة تاج درع البطولة، وبالتالي البقاء وفيا لواحدة من «تقاليد» هذا الفريق، وذلك بعدم تفريطه في لقب لموسمين متتاليين، في كل مناسبة يعتلي فيها المنصة، وهذا الأمر أصبح قابل للتجسيد ميدانيا للمرة الرابعة في تاريخ النادي، بعد الانجاز المحقق في سنتي 1965 و1966، لما أحرز الشباب احتفظ الشباب بلقب البطولة لموسمين، ثم تكرر بعد ذلك سنتي 1969 و1970، ليغيب بعدها الفريق عن قائمة الأبطال لمدة ثلاثة عقود من الزمن، وعودته إلى الواجهة كانت مع بداية الألفية الجارية، باحرازه اللقب في سنتي 2000 و2001، ويبقى الإنجاز الرابع بنفس «الديناميكية» على بعد 6 نقاط فقط، رغم أن هذا الحلم كان أشبه بالمعجزة، لأن أبناء «العقيبة» كانوا قد أنهوا النصف الأول من الموسم الحالي في المركز الرابع برصيد 33 نقطة، متأخرين ب 9 نقاط عن بطل « مرحلة الذهاب وفاق سطيف، لكن الموازين انقلبت رأسا على عقب، بعدما أحسن الشباب الاستثمار جيدا في تراجع «السطايفية»، وحوّل تأخره في النقاط إلى فارق أفضلية كهامش مناورة له.
من هذا المنطلق، وعملا بقرار المكتب الفيدرالي فإن شباب بلوزداد ضمن بصفة رسمية المشاركة في النسخة القادمة من دوري أبطال إفريقيا، وهي المنافسة التي سيكون معفيا من دورها التمهيدي، بحكم أنه كان قد بلغ ربع النهائي في الطبعة الأخيرة، وما مكن الشباب من كسب الرهان مبكرا هو إقدام الرابطة المحترفة على استغلال هذه الفترة لبرمجة اللقاءات المتأخرة، وإعطاء الأولوية لتسوية الرزنامة، والوضعية الراهنة، تضع شباب بلوزداد في الصدارة بمعامل 2,02، وحتى في حال انهزامه في الجولة 35 ببشار، فإن هذا المعامل لن يزيحه من الريادة، رغم أنه سيتقلص إلى 1,97.
انتصار واحد يفصل الساورة عن المنافسة الأغلى

تبقى شبيبة الساورة بحاجة إلى انتصار داخل الديار لترسيم حجزها التأشيرة الثانية للتمثيل الجزائري في منافسة دوري الأبطال، كونها تتساوى في الرصيد النقطي مع وفاق سطيف، لكن أفضلية المواجهات المباشرة، ترجح كفة «نسور الجنوب» وفقا لما هو منصوص عليه في المادة 80 من القوانين العامة للفاف، وعليه فإن ضمان شبيبة الساورة ظهورها لثاني مرة في دوري الأبطال يمر عبر شرط وحيد وأساسي، يتمثل في الفوز على الضيف شباب بلوزداد في الجولة 35، للإطمئنان على التواجد في مركز الوصافة عند ضبط الترتيب ليوم 10 أوت.
بالموازاة مع ذلك فإن هذه الحسابات تنعكس بالسلب على وضعية وفاق سطيف ومكانته في المشهد الكروي الإفريقي الموسم المقبل، لأن الفريق الذي كان من أكبر المرشحين للتتويج بلقب البطولة دفع «فاتورة» سقوطه الحر غاليا، وعدم قدرته على تذوق طعم الفوز في آخر 5 جولات كلفه التنازل عن الصدارة ثم الوصافة، والوضعية الراهنة تجعل «النسر الأسود» مرغما على انتظار هدية من بلوزداد، تتمثل في «فرملة» شبيبة الساورة ببشار، لكسب رهان المشاركة في دوري أبطال إفريقيا، وبالتالي تجنب نفس «سيناريو» الموسم الماضي، لما خسر الوفاق المعركة بحسابات المعامل الترجيحي، وإلا فإن مصيره سيكون الاكتفاء بالمشاركة في كأس الكاف، على اعتبار أن المعطيات الأولية ترشحه للتساوي في المعامل مع شبيبة الساورة بمعدل 1,86 نقطة لكل مقابلة، شريطة نجاح كل فريق في إحراز الفوز في الجولة 35.
القبائل ومقرة يتنافسان على التأشيرة الثانية لكأس الكاف
رهن خروج شبيبة القبائل عشية أول أمس، بأياد فارغة من ملعب 20 أوت بالجزائر العاصمة نسبة كبيرة، من حظوظها في حجز مقعد فوق «البوديوم»، الأمر الذي خفف نسبيا من الضغط الذي كانت تعيش الفاف والرابطة المحترفة على حد سواء، جراء انعكاسات لقاءات تسوية الرزنامة على وضعية «ترويكا» الصدارة في ترتيب البطولة، لأن «كناري جرجرة»، وحتى في حال انتصاره في اللقائين المتأخرين المبرمجين هذا الأسبوع، أمام كل من اتحاد الجزائر وودا د تلمسان تواليا فإنه لن يتمكن من اللحاق بثلاثي المقدمة، لأن معامله لن يتجاوز في أفضل الحالات 1,79، وهو ما يمر عبر تحقيق الشبيبة 3 انتصارات متتالية، الأمر الذي يخرج الفريق القبائلي بصورة آلية من دائرة الحسابات المقترنة، بوضعية سلم الترتيب يوم 10 أوت، لاختيار ممثلي الجزائر على الصعيد القاري، لكن مع احتفاظه بورقة «رابحة» قد تمكنه من ضمان حضوره في المنافسة، التي كان قد نشط اللقاء النهائي لنسختها الأخيرة، على اعتبار أن شبيبة القبائل معنية بنهائي كاس الرابطة، والذي ستلاقي فيه نجم مقرة، لأن المتوج بهذا اللقب سيظفر أوتوماتيكيا بالتذكرة الثانية لتمثيل الكرة الجزائرية في كأس الإتحاد الإفريقي.
حسابات المعامل المقترنة بالآجال التي حددها المكتب الفيدرالي، كشفت عن هوية الثلاثي الذي سيحمل راية التمثيل الجزائري في المنافسات القارية الموسم القادم، مع التأكيد على ترسيم حضور شباب بلوزداد في دوري الأبطال، بينما يبقى الصراع عن بعد بين شبيبة الساورة ووفاق سطيف من أجل المقعد الثاني في المنافسة الأغلى قاريا، وخاسر الرهان «محليا» سيكتفي بكأس الكاف، على أن يرافقه في هذه المنافسة إما شبيبة القبائل أو نجم مقرة، وهي حسابات تقضي كلية على حظوظ إتحاد الجزائر في عودته لتسجيل ظهوره على الصعيد الإفريقي، لأن أبناء «سوسطارة» سيخوضون قبل 10 أوت مقابلتين في عقر الديار، أمام كل من شبيبة القبائل ونادي بارادو، الفوز بهما لن يكون كافيا لتحقيق المبتغى، مادام المعامل الترجيحي لن يتجاوز عتبة 1,77، والذي يبقى بعيدا عن ثلاثي المقدمة.   
صالح فرطــاس

الرجوع إلى الأعلى