تتوفر المكتبات و المحلات و طاولات الباعة المتجولين على كميات كبيرة من الأدوات المدرسية بمختلف الأشكال و الأحجام، و أغلبها مستوردة من الصين و بعضها من فرنسا، إلى جانب المنتجات المحليّة، و تشهد هذه المنتجات إقبالاً كبيراً من الأولياء و التلاميذ، تزامنا و الدّخول المدرسي، دون الاهتمام في الغالب بالمواد التي صنعت بها.

خلال إجراء النصر هذا الروبورتاج، لاحظنا أنّ المواد التي صُنعت بها عديد الأدوات المدرسية مجهولة،  ولا تتمّ الإشارة إليها بتاتاً في الوسم، حتى المستوردة منها، إلا في حالات نادرة، ما دفع المنظمة الوطنية لحماية المستهلك للتحذير من خطورة هذه الأدوات على التلاميذ، سواء من حيث مكوناتها التي تستدعي تشديد الرقابة عليها و إخضاعها للتحاليل المخبرية، وحتى أشكالها التي يمكن أن تُلهي التلميذ عن الدراسة، وتعرضه لمخاطر عند استخدامها، مما يتطلب تدخل المعهد الوطني للتقييس، لوضع جملة من المعايير تخضع لها هذه المنتجات، سواء المستوردة أو المحلية، فيما حذّر أخصائيّ الأمراض الجلدية فؤاد بوالنصر،  من احتمال الإصابة بالحساسية والإكزيما، عند استعمال هذه الأدوات المصنوعة بمواد مجهولة، قد تكون سامة.
ألوان براقة و أشكال مغرية تخفي الكثير من المخاطر
النصر قامت بجولة عبر بعض  المكتبات و محلات بيع الأدوات المدرسية، إلى جانب بعض الطاولات التي تعرضها بقسنطينة، و ذلك خلال الأسبوع الأول من الدخول المدرسي، فلاحظنا إقبالا كبيرا عليها.  
 محطتنا الأولى كانت مجمع الشافعي بوسط المدينة، فوجدناه ممتلئا عن آخره بأمهات و آباء و حتى أطفال، منهمكين في اختيار و شراء ما يحتاجونه من أدوات مدرسية، تفنن عمال المجمع في تنظيمها فوق الرفوف.
عن نوعية الأدوات المعروضة، قال مسير المجمع السيد عبد الكريم مخاطرة،  أن هناك عدة أصناف و ماركات تباع في السوق المحلية، و يغلب عليها المنتوج الصيني و كذلك الأوروبي، مثل علامة « تكنو» و «ماباد» ، أما الأسعار فتختلف حسب الماركة المطلوبة ، مع وجود السلع المقلدة، لكنها بأسعار أقل من الأصلية، مثل الممحاة أو الأقلام و غيرها،  و يقصدها عادة  أصحاب الدخل المتوسط و العائلات الفقيرة، و تباع غالبا على الطاولات .
والفرق يظهر من خلال اسم العلامة المسجل أعلى المنتوج الأصلي، وحتى عند الاستعمال هناك فرق واضح، لكن المواد التي صنعت بها هذه الأدوات مجهولة، سواء الأصلية أو المقلدة، حيث تقتصر المعلومات المذكورة في الوسم على تاريخ الصنع وتاريخ انتهاء الصلاحية و بلد المنشأ فقط.
وأضاف المتحدث أن ذلك ينطبق على  كل المستلزمات المدرسية، أما بالنسبة لأشكالها، خلافا للسنتين الماضيتين، اللتين شهدتا انتشار أدوات مدرسية على شكل أسلحة وسكاكين، و منها الحادة التي يمكن أن تهدد سلامة التلميذ، لاحظ هذا العام اهتماما أكبر بجانب الأمان،  تحديدا بالنسبة لبعض الأدوات «الخطيرة» كالمدور و المقص.
 و أردف السيد مخاطرة أن المجمع مطالب بتلبية رغبات كل فئات المجتمع، فلا يمكنه بيع العلامات الشهيرة فقط ، فالمجمع يتوفر على أدوات مدرسية تناسب المستوى المادي لكل شريحة اجتماعية.
بالنسبة للرقابة أكد المتحدّث أن فرقا من أعوان مديرية التجار،  يقصدون المجمع كل أسبوع،  لمعاينة السلع، خاصة في ما يتعلق بمدة الصلاحية و الأسعار.
وجهتنا الثانية كانت صوب المدينة الجديدة علي منجلي،  التي تنتشر بها محلات بيع الأدوات المدرسية بحكم الكثافة السكانية العالية،  حيث قال لنا السيد علاوة، صاحب مكتبة بالوحدة الجوارية» 05»، أنه لا يعرف المواد التي صنعت بها أغلب الأدوات المدرسية، حيث لا يتم ذكرها في الوسم، لكنه كتاجر يحتكم إلى خبرته،  خاصة بالنسبة لبعض الماركات التي ألف شراءها، و يقصده الزبائن كل سنة لاقتنائها، مشيرا إلى وجود سلع مقلدة،  لكنها تباع عموما في الطاولات و أثمانها زهيدة، و تقصدها العائلات الفقيرة لكن نوعيتها رديئة.
وبالقرب من المركز التجاري « الرتاج» نصب بعض الشباب طاولات لبيع الأدوات المدرسية،  من كراريس و أقلام و لوحات و غيرها، وسط تهافت كبير عليها من قبل الأولياء. وكتب أحد الباعة على ورقة «سلعة باطل»، في إشارة إلى الأسعار المنخفضة للأدوات التي يعرضها، توجهنا إليه و سألناه عن نوعيتها، فرد أنها صينية الصنع، و أسعارها أقل من تلك التي تباع في المكتبات. و سألناه عن المواد التي صنعت بها تلك المنتجات كالحبر و العجين، فاستغرب في البداية من السؤال، ثم رد أنها آمنة، ما دامت مخصصة للأطفال، لكنه لا يعرف هذه المواد غير المدونة في الوسم.
بعد المدينة الجديدة علي منجلي، توجهنا إلى حي الدقسي عبد السلام، و بالضبط قرب السوق الذي تنتشر به طاولات الباعة، فلاحظنا أن أحد الباعة كان يعرض عبوات الحبر بمختلف الألوان، و أقلام الكتابة على اللوح، و يبيع ثلاث عبوات بسعر عبوة واحدة. دون اهتمام بنوعية ما يوجد داخل العبوة،  تهافتت مجموعة من الأمهات على طاولة البائع،  لشراء ما تيسر من الحبر الذي يستعمل بكثرة من قبل أبنائهن،  و قالت لنا إحدى الزبونات أن السعر مغري لهذا اشترت عشر عبوات بسعر يوازي اقتناء ثلاث عبوات من المكتبة.
      أولياء بين سندان النوعية و مطرقة الأسعارو إلحاح الأبناء
أكد عدد من الأولياء للنصر،  أنهم يولون أهمية كبيرة لنوعية الأدوات المدرسية حفاظا على سلامة أبنائهم، رغم أنها تكلفهم مبالغ معتبرة، و منهم من يحرص على اختيار الأفضل، بينما يحدد السعر نوعية الأدوات التي تقتنيها بعض الشرائح، خاصة الفقيرة التي تبحث عن أدنى الأسعار لشراء منتجات تملأ حقائب أبنائها المتمدرسين.
قالت السيدة أميرة، أم لطفلين في الطور الابتدائي،  أنها تحرص على شراء أدوات ذات نوعية جيدة، بغض النظر عن ثمنها، رغم الغلاء الفاحش، وتقضي  عطلة الصيف في توفير المال لتغطية مصاريف الدخول المدرسي، مشيرة إلى أنها تحرص على شراء ماركات معينة مشهورة في صناعة الأدوات المدرسية و ترى أنها آمنة عند الاستعمال، فرغم أن المواد التي صنعت بها مجهولة، لكنها أفضل من البقية.
و لا يختلف رأي السيدة كريمة كثيرا عن رأي أميرة، حيث قالت للنصر، أن زوجها يحرص سنويا على شراء مستلزمات الدخول المدرسي لأبنائهما بنفسه و كثيرا ما يرفض اقتراحات الأبناء، رغم إلحاحهم على بعض الموديلات، خاصة في ما يتعلق ببعض الأدوات الحساسة، مثل عجين» سلايم» و كذا بعض الأدوات التي تباع على  شكل ألعاب، تفاديا لإلهائهم عن متابعة دروسهم.
 و أعربت الأم عن أسفها لارتفاع الأسعار، ما يحرم الكثير من الأسر  من شراء أحسن نوعية من الأدوات، و أضافت أنها  لا تنتبه  غالبا إلى الوسم  لمعرفة المواد التي صنعت بها،  باستثناء  الغراء و الحبر و العجين، و ذلك لتطلع على تاريخ الصنع و تاريخ انتهاء الصلاحية.
 أما السيد مسعود، أب لطفلين،  فقال لنا أنه يراعي الأسعار عندما يبحث عن  النوعية الجيدة، و يحاول تلبية رغبات ابنيه اللذين يصران على مرافقته عند شراء الأدوات المدرسية، رغم صعوبة ذلك.
و أوضح من جهته مسير مجمع الشافعي السيد عبد الكريم مخاطرة، أن زبائن المجمع ينقسمون إلى ثلاثة أنواع، فهناك من يبحث عن السعر المناسب و هناك من يركز على النوعية مهما كان الثمن، فيما يترك البعض الآخر حرية الاختيار لأبنائهم.  

* رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك مصطفى زبدي
يجب إخضاع الأدوات المدرسية لتحاليل مخبرية حماية لأبنائنا
أكد رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك السيد مصطفى زبدي ، أنّ ما يباع من أدوات مدرسية في السوق،  يشكل خطرا على التلاميذ و تحديدا المستوردة منها ، إذ يجهل تماما بما تم صنعها من مواد، و الأخطر في الأمر، حسب المتحدث، أن الوسم الذي يوضع على ظهر هذه الأدوات، لا يحمل أية إشارة إلى مواد التصنيع، سواء محلية الصنع أو المستوردة، و يقتصر الأمر على  كتابة تاريخ الصنع  و انتهاء الصلاحية و البلد المصنع فقط.   و أضاف أن استخدام التلميذ لهذه الأدوات التي تبقى لصيقة به لأكثر من ثماني ساعات يوميا،  يزيد من نسبة الخطر، خصوصا مع بعض المستلزمات، كالعجائن و الغراء و الحبر.
و يرى زبدي أن هناك فوضى في تقنين تجارة بيع الأدوات المدرسية  في السوق الوطنية، فمنذ سنوات حذرت المنظمة من خطورة هذا المنتجات، ودعت   إلى إجبارية سن قوانين صارمة لمتابعة و مراقبة  بيع هذه المواد،  فمن الإجباري إخضاعها لتحاليل مخبرية،  و تحديد إذا كانت تحتوي على نسب من المواد السامة، حفاظا على سلامة التلاميذ ، و إلزامية المصانع المحلية باستخدام مواد غير سامة و الإشارة إليها في الوسم، لتسهيل عملية الرقابة التجارية، مع تكثيف خرجات أعوان التجارة إلى المحلات و الفضاءات التجارية، و كذلك وحدات الإنتاج .
و اعتبر المتحدث أن أشكال الأدوات قد تشكل خطرا من نوع آخر ، لما تحمله من  إيحاءات تلهي التلميذ عن الدراسة ، كما أن بعض الأشكال تشكل خطرا عند استخدامها، خاصة الحادة و المسننة  منها، لهذا من الإجباري كذلك، حسبه، إلى جانب التحاليل المخبرية، إخضاعها لمعايير المعهد الوطني للتقييس، و إلزامية تقنين  وتعميم هذه المعايير، سواء في صنع أدوات مدرسية محلية أو المستوردة منها.

* رشيد حجال مدير التجارة لولاية قسنطينة
حجز أدوات غير مطابقة ومنتهية الصلاحية بمحلات قسنطينة
أفاد مدير التجارة لولاية قسنطينة، السيد رشيد حجال، في حديثه للنصر ، أن المديرية سطرت برنامج عمل رقابي ميداني مكثف، تزامنا و الدخول المدرسي، و كذا  تطبيقا لتعليمات وزير التجارة الأخيرة الرامية إلى تكثيف الرقابة على تجارة بيع الأدوات المدرسية .
و على ضوء الخرجات الميدانية و اليومية للأعوان و فرق المراقبة ، منذ بداية شهر سبتمبر إلى غاية 22 منه،  تم تنفيذ 320 تدخلا ميدانيا منها 313 تدخلا في محلات التجزئة و 7 تدخلات في محلات الجملة ، و تم تحرير 20 مخالفة و محضر متابعة قضائية ، و تتمحور هذه المخالفات في بيع و عرض أدوات مدرسية منتهية الصلاحية و بيع مواد غير مطابقة في الوسم ، إلى جانب مخالفات عدم الإعلام بالأسعار و عدم الفوترة ، و بلغ حجم المحجوزات 67 كلغ بقيمة 87 ألفا و 230 دج ، كما بلغت قيمة عدم الفوترة  29 ألفا و 208 دج.
و أكد رشيد حجال، أن هناك خرجات يومية لفرق المراقبة، حتى خلال أيام العطلة الأسبوعية، لمراقبة عملية بيع و عرض الأدوات المدرسية التي يزيد الإقبال عليها خلال هذه الفترة من السنة.

* فؤاد بوالنصر أخصائي في الأمراض الجلدية
مكونات بعض الأدوات المدرسية تسبب الإكزيما والحساسية
حذر أخصائي الجلد فؤاد بوالنصر في حديثه للنصر، من  الأدوات المدرسية التي صنعت بمواد غير معروفة، فقد يؤدي استخدامها بشكل مستمر من قبل التلاميذ إلى إصابتهم بالإكزيما و الحساسية الجلدية، خصوصا العجين الذي يستعمل كثيرا في الطور الابتدائي ، و يباع بأشكال و أنواع مختلفة، مؤكدا أن بعض الحالات قصدت عيادته في ما مضى.  و أضاف أن أقلام الكتابة على الألواح و السبورة  التي عوضت الطباشير،  الذي كان يسبب حساسية الأنف في الماضي، تعتبر عملية عند استخدامها، لكن الحبر الموجود داخلها  يمكن أن يتسبب في إصابة أيادي التلاميذ بمرض جلدي. وهو الشأن بالنسبة لكل  المستلزمات المدرسية التي لا تعرف المواد التي صنعت منها، حتى بالنسبة للماركات العالمية، كما قال الطبيب، لهذا يدعو إلى ضرورة تشديد مراقبة تجارة بيع الأدوات المدرسية.
وهيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى