هذا ما ينتظره فلاحون وشباب بسهل سيبوس الكبير في قالمة

توجه الناخبون بسهل سيبوس الكبير بقالمة، إلى مكاتب الانتخاب منذ ساعات الصباح الأولى، لاختيار ممثلين لهم بالمجالس الشعبية البلدية و المجلس الشعبي الولائي، أملا في إحداث ديناميكية تسيير جديدة و فعالة، يقودها شباب متعلمون اكتسحوا كل القوائم المتنافسة على مقاعد البلديات و المجلس الشعبي الولائي، و هم يتطلعون إلى كسب ثقة الناخبين و الفوز بعدد كاف من المقاعد، يضعهم في مواقع مهمة عندما يبدأ عمل المجالس المحلية الجديدة، التي تعد آخر حلقة في مسار التجديد و التغيير الذي تبنته البلاد منذ أكثر من عامين.
النصر عاشت يوما كاملا مع الناخبين بالسهل الزراعي الكبير، الذي يضم كثافة سكانية هامة تعيش على الأنشطة الزراعية و خدمات التجارة، و بعض الوظائف بالدوائر الحكومية و الوحدات الصناعية الخاصة، التي تحاول مواجهة الوضع الصعب الذي يمر به قطاع الاستثمارات بولاية قالمة.
تحدثنا إلى شباب حوض سيبوس حول نظرتهم إلى انتخابات 2021، و نظرتهم إلى المستقبل، و الآمال التي تراودهم عندما يختارون من يمثلهم و يلبي طموحاتهم و مطالبهم في التغيير و التسيير الجيد للمرفق العام، بكفاءة و بعدل و مساواة.
من بلدية بلخير، عروس سيبوس، إلى جبالة خميسي مرورا ببلدية بومهرة أحمد، كان هذا اليوم موعدا مع انتخاب جديد للمجالس الشعبية المحلية التي ستتولى مهمة المرحلة القادمة، و تستمع إلى صوت المواطن و تتكفل بانشغالاته في مجالات عديدة كالسكن، و العمل، و خدمات النقل و الصحة، و مشاكل الجفاف التي تواجه السهل المسقي الذي يعد مصدر المعيشة لآلاف السكان الذين يعتمدون على الزراعات المسقية منذ سنوات طويلة.
دخلنا مراكز الانتخاب و مكاتبها التي تعج بالحركة و النشاط، و تابعنا جوانب من عمليات التصويت التي كانت تجري تحت أنظار المراقبين الذين اختارهم المرشحون لتمثيلهم و السهر على حماية أصواتهم خلال عمليات الفرز، و على خلاف المواعيد الانتخابية السابقة كان عدد هؤلاء المراقبين كبيرا هذه المرة، و تكاد كل القوائم البلدية خاصة ممثلة بمراقب في كل مكتب.
بلخير عروس سيبوس الغارقة في أزمة السكن و البطالة
في مركز متوسطة هواري بومدين بالضاحية الشرقية لمدينة بلخير الواقعة بقلب سهل سيبوس كان التنافس على أشده بين 7 قوائم بلدية، و 8 قوائم تتنافس على مقاعد المجلس الشعبي الولائي، في هذا المركز يصوت الرجال و النساء، بتعداد تجاوز 2000 مسجل ، حركة دؤوبة بأروقة المركز، و في الخارج يقف عشرات الأنصار على جانبي الطريق لحث الناخبين على اختيار الأفضل.
رغم انتهاء الحملة الانتخابية مازال هؤلاء الأنصار ينشطون، و يتجنبون الخلافات و الصراعات التي ظلت تميز هذه المواعيد الانتخابية المحلية، أغلب هؤلاء الأنصار من الشباب المتعلم الذي يجيد التعامل مع الناخبين بشيء من الإقناع و الاحترام، بينهم غويلة هشام البالغ من العمر 37 عاما، الذي ظل يكافح من أجل الحصول على سكن و بناء أسرة و مستقبل، مؤكدا للنصر بأنه جاء لدعم الأفضل في انتخابات المجلس الشعبي البلدي الجديد، و كشف لنا عن مرشحه المفضل و قال بأنه ربما هو الأحسن ثقافة و قدرة على التسيير، و الدفاع عن مصالح شباب بلدية بلخير، التي تعد واحدة من أهم بلديات حوض سيبوس الكبير، فهي امتداد جغرافي و عمراني لمدينة قالمة، و فيها أوسع و أجود الأراضي الزراعية المسقية، حيث تعمل المزارع النموذجية على إنتاج الغذاء و مواجهة أزمة القمح التي تعرفها ولاية قالمة و البلاد برمتها.
يقول هشام متحدثا للنصر “حدث بعض التغيير في بلدية بلخير في السنوات الأخيرة، طرقات معبدة، إنارة و نظافة، لكن أزمة السكن التي أعيشها أنا و إخوتي، و المئات من شباب مدينة بلخير مازالت تنتظر المزيد من الجهد و العمل، أحيانا يكون سوء التوزيع هو المشكلة و في بعض الأحيان يكون الطلب كبيرا و الحصص التي تحصل عليها البلدية دون تطلعات السكان، أعتقد أن من نختارهم هذه المرة لتولي شؤون البلدية سيكونون الأفضل، أو على الأقل يستمعون إلينا بصدق “.
و يشكو شباب ببلدية بلخير أيضا من البطالة، حيث لم تعد تلك الأرض الخصبة قادرة على تشغيل الأعداد الكبيرة من طالبي الشغل بالمنطقة، كما يقول هشام الذي لم يعد قادرا على مواصلة نشاطه الفلاحي بسبب موجات الجفاف التي أثرت على الأراضي المسقية، و أيضا بسبب ارتفاع المواد و المعدات الفلاحية، و هو ينتظر من المجلس البلدي الجديد و المجلس الشعبي الولائي حلولا لأزمات السكن و مياه السقي و الشغل.
شباب بومهرة أحمد...نريد مجلسا يتبنى مطالبنا
أمام مركز بديار الشيخ الحفناوي، أحد أعلام منطقة قالمة، يمتلئ المكان بالناخبين المتوجهين إلى مكاتب التصويت، و الأنصار الذين يراقبون الحدث عن كثب، و يدعون إلى التصويت على مرشحيهم الذين يرون فيهم الخلاص من المشاكل التي يعيشونها، بواحدة من أكبر بلديات سهل سيبوس كثافة سكانية.
وسط حشد كبير من الناس يحاول بن حمزة فتحي، و بن شعبان صالح استمالة الناخبين للتصويت على مرشحهما بإحدى القوائم الخمس المتنافسة على مقاعد مجلس بلدية بومهرة أحمد، يبدو الصراع على أشده خارج المركز و داخله أين يحاول رئيسه قمار سليم التحكم في الوضع، و إقناع الأنصار و النشطاء بالبقاء خارج المركز للمحافظة على السير الجيد لعملية الاقتراع في ساعاتها الأولى، حيث بلغت نسبة المشاركة بهذا المركز نحو 12 بالمائة في حدود العاشرة و النصف صباحا من تعداد مسجل يتجاوز 2800 ناخب من الرجال.
كل هذا التأييد لهذا المرشح أو ذاك أملته ظروف اجتماعية و اقتصادية تعيشها منطقة بومهرة أحمد بقالمة، بينها أزمة السكن و الشغل، و متاعب قطاع الزراعة الذي كان يشغل الآلاف من السكان قبل أن يتراجع تحت تأثير الجفاف و ارتفاع التكاليف، كما يقول هشام و صالح الشابين اللذين خاضا “تجارب مريرة” بقطاعي الزراعة و البناء، لكنهما لم يتمكنا من إيجاد حل لمشكلة السكن و الشغل المستديم، و هما يعتقدان بأنه لو تم التصويت على مرشحهما سيكون الوضع مغايرا لأنهما يعرفان صدقه و مؤهلاته و قدرته على التسيير و الوفاء بالتزاماته.
و يرى شباب بومهرة أحمد بأن قطاع الزراعة لم يعد قادرا على إتاحة فرص العمل للعدد الكبير من الشباب، و خاصة المتخرجين من الجامعات، و لذا فإن البحث عن حلول أخرى أصبح أمرا ضروريا، و هذه مهمة المجالس المحلية الجديدة، المطالبة بدعم الاستثمارات المنتجة للثروة و مناصب العمل، و خاصة في مجال الحرف و الصناعات البسيطة، و قال فتحي بأنه يملك مؤهلات كبيرة في مجال الفلاحة و زخرفة العمران و البناء، لكنه يعاني من سوء الحظ و يبحث عن دعم لتحسين وضعه المهني و إنقاذ عائلته من الفقر، و التفكير في بناء أسرة تحت سقف منزل محترم.
جبال خميسي..نساء من أجل القضاء على أزمة نقل مستديمة
تركنا المركز الانتخابي الكبير ببلدية بومهرة أحمد، حيث الصراع على أشده بين المرشحين و أنصارهم المرابطين على المداخل و على جوانب الطرقات، و توجهنا إلى بلدية جبالة خميسي الواقعة على الضفة الشمالية لنهر سيبوس، الذي أنهكه الجفاف و لم يعد قادرا على سقي الحقول العطشى، التي كانت تستغيث على امتداد الطريق المؤدي إلى جبالة، بينها مزارع للبرتقال و حقول البطاطا و الفلفل الأحمر الذي يعد من أهم المنتجات الزراعية بالمنطقة.
قصدنا مركز الانتخاب زدادرة عبد الرزاق للنساء، فيه أكثر من 1400 ناخبة، خرجن في ساعة مبكرة على غير العادة للإدلاء بأصواتهن، و اختيار مجلس بلدي جديد، تتقدمهن طالبات جامعيات قررن الحضور بقوة على القوائم، و في ميدان المناصرة و التنشيط، يحذوهن الأمل في مستقبل جديد يغير حال جبالة خميسي التي ظلت تعاني من العزلة سنوات طويلة، دون أن تجد حلا لأزمة النقل المستعصية، كما تقول الطالبة شيماء أوداينية التي جاءت إلى مركز زدادرة عبد الرزاق للإدلاء بصوتها، مؤكدة للنصر بأنه بات من الضروري فتح خط نقل مباشر يربط بين جبالة خميسي و مدينة قالمة، حيث تتركز خدمات التعليم و الصحة و التجارة، و قالت بأنها و زميلاتها الطالبات بجامعة 8 ماي 1945 يعانين مع النقل كل يوم، حيث يتنقلن من جبالة إلى بومهرة أحمد، حيث تتوقف الحافلة هناك و يأتي دور حافلات بومهرة أحمد لإكمال المسيرة إلى مدينة قالمة.
و ترى شيماء بأن المجلس البلدي الجديد عليه أن يتحمل مسؤوليته لحل أزمة النقل و إنشاء خط مباشر إلى مدينة قالمة، حتى يتمكن سكان جبالة و طلبتها من التنقل دون مخاوف و دون معاناة.
و في حدود منتصف النهار تجاوزت نسبة المشاركة بمركز النساء زدادرة عبد الرزاق ببلدية جبالة خميسي سقف 13 بالمائة.
فريد.غ

الرجوع إلى الأعلى