الديكور الأخضر  يصالح مواطنين مع الياسمين و ومسك الليل

 

تحولت نباتات الزينة إلى قطعة أساسية في الديكورات الداخلية هذه السنة، وهو توجه روجت له صفحات عالمية متخصصة، في إطار ما يعرف ب" الديكور الأخضر"، الأمر الذي انعكس بطريقة إيجابية على استخدامات الجزائريين لهذه النباتات، ففي قسنطينة عاد الطلب بشكل ملحوظ على بعض الأنواع التي كانت جزءا من زينة الشرفات و الحدائق، على غرار نبتتي الياسمين و مسك الليل العطريتين، و أعادت عائلات إحياء أغصان الليمون و السفرجل و اللارنج، كما قال أصحاب مشاتل للنصر، مؤكدين بأن مواقع التواصل أعادت مؤخرا النباتات إلى واجهة الاستخدام الداخلي بقوة، وبأن الطلب في تزايد مستمر، خصوصا على بعض الأنواع التي تكمل الديكور.

أنستغرام يحيي جذور النباتات الداخلية من جديد
بعد سنوات من تراجع استخدام النباتات و الزهور في المنازل، بسبب تراجع نشاط المشاتل و ارتفاع الأسعار و مشاكل الحساسية التي يعاني منها البعض، و انعدام ثقافة نباتات الزينة عند البعض الآخر، ناهيك عن نمط البناء و العيش في المدن الجديدة، التي تفتقر بالأساس إلى المساحات الخضراء، ما خلف نوعا من القطيعة بين الإنسان و الطبيعة،  عاد الطلب كبيرا هذه السنة على النباتات الداخلية المخصصة للزينة، و الفضل في ذلك راجع إلى موضة جديدة لاقت رواجا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، و تتمثل في أسلوب ديكورات يعتمد على دمج الطبيعة والضوء بشكل كبير في الفضاء الداخلي لغرف المنزل، حيث لا يقتصر توظيف النباتات على تزيين الشرفات فقط، بل تستخدم كقطعة أساسية لإكمال ديكور الصالون و غرف الجلوس و حتى الحمامات و المطابخ.
و بدأ هذا التوجه في البروز، مع ظهور الجائحة و تزايد حاجة الناس إلى مصادر جديدة للطاقة الإيجابية، هروبا من ضغط الحجر الصحي، و هكذا تحديدا، فرضت أهمية العودة إلى الطبيعة أو نقلها إلى الداخل من خلال ديكورات المنازل، ليتحول هذا الاهتمام إلى خط مستقل و موضة جد رائجة هذه السنة، روج لها بشكل كبير عبر تطبيقات التواصل، خصوصا انستغرام، لأنه أكثر منصة تعنى بالموضة والجمال و الديكورات و نمط العيش أو " اللايف ستايل"،  حيث نشر العديد من النجوم و المؤثرين، صورا لمنازلهم تبين المساحة المهمة التي تخصص للنباتات الداخلية، كما تشتمل كل صور الديكورات الحديثة على نبتة أو اثنتين، خصوصا النباتات كبيرة الحجم التي تعتبر الأكثر استخداما.
 حسب مواطنين قابلناهم بوسط مدينة قسنطينة، على هامش فعاليات معارض تجارية مقامة هناك، فإن النباتات أصبحت رفيقة للكثيرين، خصوصا السيدات اللواتي أكدن، بأن وجودها في المنزل يغير فعلا من طاقته، كما أن ألوانها تمنح الراحة للنفس.
 و قالت لنا سيدة ، بأنها أعادت زراعة شجرة الليمون في حديقة منزلها، بعدما كانت قد تركت الشجرة القديمة تجف و تتضرر و قالت أخرى، بأنها تبحث منذ مدة عن شتلات لأشجار الورد الجوري و اللوز و السفرجل، لتغرسها بحديقة بيتها، أما غالبية من سألناهم فقد اتفقوا على حب الياسمين، باعتبارها نبتة جميلة شكلا، إضافة إلى قوة عطرها، و حسب إحداهن، فإنها أفضل نبتة يمكن أن تزين الشرفة أو الحديقة، لأنها لا تستقطب الكثير من الحشرات، عكس نباتات أخرى، فضلا عن كونها من النباتات التي تميز منازل أهل المدينة، و كثيرا ما كان القسنطينيون يزينون سينية " قهوة العاصر" بأوراق الزهرة خلال جلساتهم، كما قالت .
البامبو آخر صيحات الموضة
 حسب طارق بوبربارة، صاحب مشتلة بقسنطينة، فإن للموضة  دورا كبيرا  في عودة العائلات إلى اقتناء النباتات، مشيرا إلى أن القسنطينيين يفضلون في العموم نبتتي الياسمين و مسلك الليل، نظرا لتوارث عادة زراعتهما و لكونهما من النباتات العطرية غير المكلفة، إلا أن الطلب بات واسعا و واضحا، لأن الموضة كثيرا ما تروج لنباتات معينة على حساب أخرى، و هو ما يزيد الإقبال عليها بشكل أكبر، و تعتبر نبتة البامبو، من أكثر النباتات طلبا في الفترة الأخيرة، لأنها شائعة الاستخدام، كقطعة ديكور داخلي، يقال بأنها جالبة للحظ و للطاقة الإيجابية، و رغم أن سعر الساق الواحد من النبتة يتراوح بين 800 إلى 1000دج، إلا أن الكثير من عشاقها، لا يجدون حرجا في جمع ثلاثة إلى أربعة سيقان في إناء واحد لأجل الحصول على المظهر المطلوب.
ومن النباتات الأخرى التي، تحظى بالاهتمام و يكثر الطلب عليها لأجل الزينة الداخلية، ذكر نبتة المطاط و نبتة "السنسيفيرا" أو "جلد الأفعى" و "الفوجير"، وكل أنواع الصباريات و"الـكروتون" الملون، و زنبق السلام و "البوتس" و "المونستيرا" و "الألوافيرا" و عصفور الجنّة و "الزاميا" و "الأريكا" و "الكلنكوة" و "الفيكس" و "الأوركايد" و "البونساي" و "الأنتوريوم"، وهي نباتات بينها ما هو مستورد، وبينها ما هو محلي، و تختلف أسعارها، حسب النوع و الحجم، و تنطلق بالعموم من 100دج إلى أزيد من 30 ألف دج، فما أكثر.
 مهدي بوناب، صاحب مشتلة بالخروب، قال بأن الاهتمام بالنباتات برز كثيرا هذه السنة، و ينعكس من خلال الإقبال الذي تضاعف هذا الموسم، مقارنة بالطبعات الماضية من المعرض السنوي، الذي يتزامن عادة مع حلول فصل الربيع و موسم تقطير الورد و الزهر.
 حسب محدثنا، فإن الطلب لا يقتصر على اقتناء النباتات الداخلية، بل يشمل الأشجار المثمرة التي كثيرا ما يتم توفيرها، بناء على طلبية مسبقة يحددها الزبون. كما أن هناك اهتماما غير مسبوق من قبل الكثيرين، بالأخص السيدات، بتعلم الطرق الصحيحة للعناية بالنباتات.
و بخصوص أسعار الأشجار المثمرة، أوضح المتحدث بأنها تتراوح بين 3 و 10 آلاف دج، و أكثر قليلا أحيانا، حسب نوعية الشتلة أو الغصن.
مشاتل تبحث عن زبائن في  الفضاء الافتراضي
 حسب مهدي بوناب، فإن زبائن النباتات لا يبحثون عنها في المعارض فقط، بل على الإنترنت أيضا، و ذلك لأن الكثيرين لا يعرفون عناوين المشاتل، كون غالبيتها تتواجد في بلديات بعيدة نوعا ما، وهو ما دفع ببعض الناشطين في هذا المجال، إلى نقل نشاطهم نحو العالم الافتراضي، لأجل التواصل مباشرة مع الزبون و التعريف بالمشتلة، و بما توفره من أصناف، على غرار ما قام به.
و أضاف بأن الطلب على الإنترنت لا يزال ضعيفا، كونها ثقافة جديدة نوعا ما، لكن الاهتمام بالتسويق الإلكتروني مهم جدا، كما قال، للخروج من الدائرة العائلية الضيقة لهذا النشاط، و توسيع سوقه أكثر، مع ضمان توفير خدمة التوصيل.
 هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى