ليلة بيضاء تلك التي عاشتها مدينة خنشلة احتفالا بصعود فريقها الأول «الاتحاد» إلى بطولة الرابطة المحترفة  بعد 46 سنة من الغياب عن دوري الكبار. ورغم  تأخر  وصول وفد الفريق (لعب آخر مواجهة عنابة) إلى الساعة منتصف الليل، إلا أن حشودا بالمئات ومن كل الفئات أطفال، شباب، كهول وشيوخ ومن مختلف بلديات الولاية، كانوا في انتظارهم بكل مظاهر البهجة من رقص، منبهات السيارات ممزوجة بأغاني رياضية، ألعاب نارية وكذا ترديد هتافات الفرح للإنجاز الذي أثلج صدورهم.

ومع وصول الوفد  إلى مدينة خنشلة، جابت الحافلة المكشوفة التي خصصت للدورة الشرفية وامتطى سقفها اللاعبون والطاقم الفني معظم شوارع عاصمة الولاية والطرق الرئيسية للمدينة، وكانت الانطلاقة من جامعة عباس لغرور بخنشلة مرورا ببلدية الحامة إلى طريق باتنة ومنها طريق 40 سكنا، وصولا إلى ساحة النافورة، أين كان تجمع كبير للأنصار، حيث حيا اللاعبون محبي النادي من فوق الحافلة، وكلهم فرحة بالأجواء الخرافية التي لم تشهدها المدينة من قبل، في احتفالات تاريخية وليلة لا تنسى ستبقى دون شك عالقة في ذاكرة أبناء الولاية. وكان رئيس اتحاد خنشلة وليد بوكرومة أكبر الفرحين بما تحقق، حيث عبر في تصريح عن فرحته الكبيرة بهذا الإنجاز، أين أهدى هذا الفوز لكل أنصار الفريق الذين رافقوه في كل محطاته، مؤكدا أن تحقيق النجاح في هذا الموسم للصعود للمحترف الأول هو نتيجة جهد وعناء كبيرين بدأ قبل سنوات، ليكلل في النهاية بإنجاز سيذكره التاريخ.  

كلتوم رابية

الصعود الثاني يضع اتحاد خنشلة مع الكبار
ثمـــــــار عمـــــل 5 سنــوات تجسد حلــــم نصف قــرن
حقق اتحاد خنشلة الحلم الذي طالما راود أنصاره، وذلك باقتطاع تأشيرة الصعود إلى الرابطة المحترفة، ليعود الفريق إلى حظيرة «الكبار» بعد غياب دام 46 سنة، وتضمن الكرة الخنشلية تواجدها في الرابطة المحترفة بممثل الموسم القادم، في انجاز كان كافيا لتفجير أجواء «خرافية» بشوارع المدينة، التي عاشها ليلية بيضاء، حظي فيها الرئيس وليد بوكرومة وأشباله باستقبال «أسطوري»، يليق بمقام أبطال كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في تاريخ النادي، كيف لا والجيل الحالي بقيادة سامر، نجح في حجز مقعد للإتحاد في قسم «النخبة»، بعد «ملحمة» نفضت الغبار عن «أمجاد» الكرة بالولاية، والتي تعود إلى منتصف سبعينيات القرن الماضي، لما كان جيل خياري، بوفنارة وقاسمي قد صعد إلى الوطني الأول سنة 1974.

الاحتفالات العارمة التي عاشتها خنشلة، ستبقي أفراح الصعود متواصلة لبضعة أسابيع أخرى، لأن اللعب في الرابطة المحترفة كان بمثابة الحلم الذي راود أبناء «ماسكولا»، وأول خطوة في هذه الرحلة كانت قد انطلقت من اللبنة الأولى التي وضعت قبل 5 مواسم، عندما وافق وليد بوكرومة على تحمل مسؤولية رئاسة النادي، وهو الذي كان قبل ذلك ضمن المكتب المسير، لأن هذا القرار كان بمثابة نقطة التحوّل في مشوار الفريق، لأن اتحاد خنشلة أصبح يراهن على لعب ورقة الصعود من وطني الهواة، والفريق كان حينها ينشط في الدرجة الثالثة، وفق الهرم الذي كان معتمدا، وقد خسر الرهان لموسمين متتاليين، أمام اتحاد عنابة ثم جمعية الخروب، لكن ذلك لم يكن له تأثير كبير على وضعية الاتحاد وأهدافه، لأن استراتيجية العمل المنتهجة كانت واضحة المعالم، وذلك بالمراهنة دوما على ورقة الصعود.
وانتظر «الخناشلة» إلى غاية مارس 2020 لتحقيق حلم الصعود إلى الرابطة الثانية، بالاستفادة من التغيير الذي كان قد طرأ  على نظام المنافسة، لأن الاتحاد كان، عند توقف المنافسة بسبب جائحة كورونا، يحتل الصف السادس، وهي الخطوة التي فتحت باب الطموحات على مصراعيه، وجعلت الصعود إلى الرابطة المحترفة حلما مشروعا، وقد كان قريبا من التجسيد في ماي 2021، بعد ظهور الفريق كقوة ضاربة في البطولة، ليكون الموعد مع موسم استثنائي، كانت ثماره انتزاع ورقة العودة إلى حضيرة النخبة بتقدير ممتاز.
والملفت للإنتباه أن اتحاد خنشلة، كان قد مر بظروف عصيبة قبل انطلاق الموسم الجاري، لأن الرئيس بوكرومة كان قد ضبط التعداد، بالمراهنة على خبرة العديد من العناصر من أصحاب الخبرة، في صورة سامر، عثماني، زياد وعقيد، لكن الفريق لم يجر التحضيرات، ودخل مباشرة أجواء المنافسة الرسمية، بودية وحيدة مع وفاق تبسة، ولو أن ذلك لم يكن له انعكاس كبير على نتائج الاتحاد، رغم أن الرزنامة كانت «نارية»، بلعب 3 مباريات خارج الديار في الجولات الأربعة الأولى من الموسم، حيث أن «الخناشلة» لم ينهزموا إلى غاية الجولة الثامنة بسكيكدة، من ضربة جزاء، وهي المقابلة التي كانت التي أعطت تشكيلة الجنحاوي دفعا آخر، لترتسم آمال الصعود عند النجاح في فرض التعادل على شباب برج منايل، لأن تلك النتيجة أبقت على بصيص من الأمل في قلوب «سيسكاوة» لخطف تأشيرة الصعود.
حلم التتويج باللقب كبر لدى أبناء «ماسكولا» مع بداية مرحلة الإياب من البطولة، لأنهم كانوا قد أنهوا النصف الأول من الموسم في المركز الثالث، متأخرين بسبع خطوات عن شباب برج منايل، ليكون الزحف «الخنشلي» نحو الصدارة قويا، وبريتم «جنوني»، على وقع الانتصارات المتتالية، مما مكنهم من تدارك هذا الفارق، وقلب الموازين، باعتلاء الصدارة في الجولة 25، بفضل الانتصار المحقق في «النهائي» على برج منايل، لتكون الجولات الخمسة الأخيرة لترسيم الصعود، وصنع أجواء «خرافية» في معاقل «سيسكاوة»، الأمر الذي أعاد الحيوية إلى مدرجات ملعب حمّام عمار، فكان العرس الكبير أول أمس، عند عودة الأبطال من برحال، لأن الفريق حقق الصعود بتقدير ممتاز، بعد مشوار مراطوني، لم ينهزم فيه سوى في مباراة واحدة.
ص/ فرطــاس


رئيس النادي وليد بوكرومة للنصــر
الصنيـــــع تاريخـي وقدمنــــــا أغلــــــى هديـة لولايــة خنشلـــة
* كنا الأقوى ووفرنا مقومات النجاح فظفرنا بالصعود
اعتبر رئيس اتحاد خنشلة وليد بوكرومة  الصعود الذي حققه الفريق إلى الرابطة المحترفة، أغلى هدية يمكن تقديمها لسكان الولاية، وأكد بأن النجاح في تجسيد هذا الحلم كان ثمرة تظافر جهود الجميع، انطلاقا من اللاعبين ومختلف الطواقم، مرورا بالسلطات المحلية، التي قدمت الدعم اللازم، وصولا إلى الأنصار، الذين لعبوا دورا هاما في صنع هذه «الملحمة» العظيمة.

بوكرومة، وفي حوار خص به النصر، أوضح بأن الانجاز المحقق لم يكن «هدية» تلقاها اتحاد خنشلة، بل من ثمار استراتيجية العمل المنتهجة، وأشار إلى أن التجنّد لتجسيد الصعود كان من جميع الأطراف، لتبقى الأجواء الخرافية التي عاشتها المدينة أغلى ذكرى، بعد تحقيق العودة إلى القسم الأول بعد غياب دام 46 سنة.
صراحة، هل كنتم تتوقعون النجاح في تحقيق الصعود إلى الرابطة المحترفة؟
كل المتتبعين يعترفون بأن اتحاد خنشلة يراهن دوما على ورقة الصعود، لأنني ومنذ أن توليت رئاسة النادي أضع الصعود في صدارة الأولويات، وعليه فإننا كنا من المرشحين للتنافس على تأشيرة الصعود، لكن طابع المنافسة في مجموعة «وسط- شرق»، يبقي باب الاحتمالات مفتوحا على مصراعيه، في وجود الكثير من الفرق العريقة، التي سبق لها اللعب في الرابطة المحترفة، فضلا عن طابع «الديربي» الذي تكتسيه أغلب المباريات، وبالتالي فقد كنا مجبرين على تسيير المشوار مرحلة بمرحلة، والتمسك دائما بحظوظنا في الصعود.
لكن من خلال مشوار الفريق، نلاحظ وأن حلم الصعود كبر في بداية مرحلة الإياب؟
لقد حاولنا خلال الصائفة الماضية، تشكيل فريق باستطاعته التنافس على ورقة الصعود، والتعداد كان محدودا من حيث التركيبة، لأننا لم نقم باستقدامات كثيرة، وسياستنا هذه المرة بنيت بالأساس على أبناء المنطقة، وذلك بإقناعهم بالعودة إلى الاتحاد، والعمل على توظيف خبرتهم سعيا للمساهمة في تقديم الإضافة المرجوة، ونتائج الفريق في مرحلة الذهاب كانت مقبولة إلى حد بعيد، لأن نقص التحضيرات جعل بعض العناصر تتسبب في طفو مشكل كثرة الإصابات لدى اللاعبين، مما قلص من الخيارات المتاحة للطاقم الفني، بدليل أننا لعبنا بعض المباريات بتشكيلة تضم 14 عنصرا فقط، ورغم ذلك فإننا لم ننهزم سوى مرة واحدة، لكن التعادلات المسجلة جعلتنا ننهي مرحلة الذهاب في المركز الثالث، متأخرين ب 7 نقاط عن شباب برج منايل، الذي كان قد توج باللقب الشتوي.
وما سر العودة القوية للفريق في النصف الثاني من الموسم؟
ليس هناك أي سر، وكل ما في الأمر أننا بقينا نؤمن بحظوظنا في الصعود، وذلك نتيجة الثقة الكبيرة التي وضعناها في المجموعة، لأن كل المتتبعين كانوا يعترفون بأن اتحاد خنشلة يعد أقوى فريق في الفوج، كما أن مقومات النجاح كانت متوفرة، لأننا بذلنا كل ما في وسعنا لتوفير كل الشروط، التي من شأنها أن تجعل اللاعبين يحصرون انشغالهم في العمل الميداني، فضلا عن حضورنا الدائم للتدريبات، والوقوف على كل صغيرة وكبيرة، دون تجاهل عامل آخر جد مهم، يتمثل في العلاقة الوطيدة التي تربطني شخصيا باللاعبين، لأنني كنت دوما برفقتهم، وكأنهم أصدقائي، والثقة التي وضعوها فينا لازمت في تلاحم وتآزر المجموعة، مما ساهم بشكل مباشر في جعل حلم الصعود يكبر تدريجيا مع تقدم المنافسة، سيما وأننا نجحنا في تحقيق سلسلة من الانتصارات المتتالية، وكل حساباتنا كانت مبنية على لقاء العودة مع شباب برج منايل لاعتلاء الصدارة، وهوة ما حصل، لنحتكر مشعل القيادة إلى غاية نهاية المشوار.
ألم يتسرب دابر الشك إلى قلوبكم في أي لحظة من الموسم؟
الثقة التي اكتسبتها المجموعة مع تقدم البطولة كانت أهم سلاح في مشوارنا نحو منصة التتويج، لأننا كنا الأقوى ميدانيا، والنتائج المحققة كانت بمثابة أوراق اعتماد نقدمها كل جولة، في رحلة البحث عن تأشيرة الصعود، رغم أن المنافسة كانت شرسة مع شباب برج منايل، دون التقليل من قيمة ووزن باقي الفرق، في صورة اتحاد عنابة، شباب باتنة، نادي التلاغمة واتحاد الشاوية، لكن الحقيقة أننا كنا طيلة الموسم قد تمسكنا بحظوظنا في الصعود مع تقدم الجولات، الأمر الذي قطع طريق الشك، بدليل أننا تداركنا فارق 7 نقاط، وأنهينا البطولة بنقطتين كهامش مناورة.
وما تعليقكم على أجواء الفرحة التي عاشتها المدينة والاستقبال الأسطوري الذي حظيتم به؟
هذا الانجاز انتظرناه لمدة 46 سنة، وقد تحقق في الفترة التي توليت فيها رئاسة النادي، وبالتالي فإنني اعتبره أغلى هدية يمكن أن نقدمها للولاية، وعودة الاتحاد إلى القسم الأول فجرت فرحة عارمة في كل شبر من خنشلة، لأن الجميع إلتف حول الفريق في هذا المنعرج الحاسم، والسلطات قدمت الدعم اللازم، بينما أدى الأنصار دورا بارزا في هذه الملحمة، إذ كانوا بمثابة اللاعب رقم 12 في التشكيلة، بدليل أن كل مبارياتنا بملعب حمّام عمار جرت أمام مدرجات مكتظة عن آخرها، والسند الجماهيري للتشكيلة كان حتى في لقاءاتنا خارج القواعد، لأن حلم الصعود كبر، والجميع آمن بالحظوظ، فكان الإصرار على عدم تفويت الفرصة كبيرا، لتبقى الأجواء التي عشناها عند العودة من عنابة سهرة أول أمس أغلى محطة في مسيرتي مع النادي، لأن الاستقبال الذي حظينا به من طرف السلطات المحلية وكل سكان الولاية جعلني أذرف الدموع، كيف لا وقد نجحنا في تجسيد حلم راود كل «الخناشلة» لمدة تقارب نصف قرن من الزمن، كما أن فرحة الصعود أخرجت كل سكان الولاية إلى الشوارع للتعبير عن فرحتهم، وهذه الأجواء لا تقدر قيمتها بثمن، وستبقى راسخة في أذهان الجميع.
وكيف تنظرون إلى مستقبل الاتحاد بعد هذا الصعود؟
شخصيا، فإنني أفضل أن نعيش فرحة الصعود مع الأنصار واللاعبين ومختلف الطواقم، قبل الشروع في التفكير في الموسم القادم، لأن الانجاز المحقق لم يكن هدية تلقيناها، بل نتيجة عمل جبار قمنا به لعدة سنوات، كما أن صعوبة الطريق نحو منصة التتويج فرضت علينا ضغوطات نفسية رهيبة، ولم يكن من السهل الخروج من الكثير من المنعرجات بسلام، لكن النهاية كانت بتقديم أغلى هدية للأنصار، والتي تكفي لأن نعيش أجواء فرحة الصعود لأيام أخرى.
أما بخصوص المستقبل فإن اللعب في الرابطة المحترفة ليس سهلا، ويتطلب إمكانيات مادية معتبرة، وبالتالي فإننا سنحاول رسم تصوراتنا المستقبلية، وتقديمها كمشروع للسلطات المحلية، ومقومات الاحتراف مبنية بالأساس على الجانب المادي، لأننا نبقى مطالبين بالمحافظة على الانجاز المحقق، وضمان بقاء اتحاد خنشلة في الرابطة المحترفة، وهذا الأمر يستوجب تشريح الوضعية الراهنة للوضع اللبنة الأولى في مشروع الاحتراف، شريطة أن تكون على أسس صحيحة، لتفادي السقوط السريع.
حاوره: صالــح فـرطــاس

 

الرجوع إلى الأعلى