الجمعية العامة للفاف.. دورة عادية بطابع استثنائي
يلتقي صبيحة اليوم، أعضاء الجمعية العامة للفاف بالمدرسة الوطنية للفندقة بعين البنيان في دورة عادية في شكلها، لكن في الواقع ستكون بطابع «استثنائي»، على اعتبار أنها جاءت في ظروف خاصّة، بعد حل المكتب الفيدرالي، منذ نحو شهر، وإعلان شرف الدين عمارة عن استقالته، الأمر الذي يضع حصيلة المكتب المنتهية عهدته «أوتوماتيكيا» على صفيح ساخن، لأن الحصول على شهادة «تبرئة الذمة» الرياضية، يمر عبر تزكية الأغلبية المطلقة من أعضاء الجمعية العامة على التقريرين المالي والأدبي لعمارة وطاقمه، في وجود جناح «معارض» كثّف من تحركاته في «الكواليس»، لتنفيذ المخطط الرامي إلى رفض المصادقة على الحصيلتين، وبالتالي إخراج أعضاء المكتب الفيدرالي السابق عبر أضيق الأبواب، بنية قطع الطريق أمام جميع أعضائه، للتواجد مرة أخرى في الهيئة التنفيذية للفاف.

دورة اليوم، تضع شرف الدين عمارة أمام أصعب امتحان، رغم أنه كان قد أعلن عن قرار رمي المنشقة بعد ساعات فقط من فشل المنتخب الوطني في التأهل إلى مونديال قطر، لكن تلك الاستقالة أخذت أبعادا مغايرة، على اعتبار أن عمارة كان يعتزم التراجع عن قراره، من خلال الإلقاء بالكرة في مرمى الجمعية العامة لمناقشة مستقبله على رأس الفاف، لتكون موجة الاستقالات التي تم تسجيلها داخل المكتب الفيدرالي، بمثابة القطرة التي أفضت الكأس، لأنها فجرت الوضع، وكانت وراء قرار «الحل» الآلي للمكتب، مع إجبار عمارة على الرحيل، إثر «الانقسام» الذي حدث داخل مكتبه، لأن التعليق المؤقت لعضوية الثنائي عمار بهلول والمولدي عيساوي كان قد أعقب بانسحاب الثلاثي ياسين بن حمزة، رشيد أوكالي والجيلالي طويل، وتفضيل العودة لرئاسة الرابطات، بعد قرابة 9 أشهر من التواجد في وضعية غير قانونية، ناتجة بالأساس عن عدم تطبيق المرسوم الوزاري الذي يمنع «ازدواجية» المناصب، ولو أن هذه الخطوة، والتي جاءت بنية التكيّف مع النصوص المعمول بها فجّرت الأوضاع داخل المكتب الفيدرالي، سيما وأنها عبّدت الطريق أمام الجناح «المنشق»، لتنفيذ مخطط الحل «القانوني» للمكتب الفيدرالي، وتعليق نشاط الهيئة التنفيذية بكامل التركيبة، وذلك بعد استقالة رشيد قاسمي والعربي أومعمر، لأن ارتفاع عدد المستقيلين بمحض إرادتهم ارتفع إلى 5، مما جعل أزيد من نصف التركيبة الاجمالية تفقد صفة العضوية، في ظل تواجد عيساوي وبهلول تحت طائلة قرار التعليق المؤقت، لتكون عواقب ذلك حل المكتب الفيدرالي، ووضع نقطة النهاية لعهدة عمارة وطاقمه بعد 380 يوما فقط على رأس الاتحادية.
شغور"الرئاسة" يضع حصيلة عمارة على المحك
تسبّب الانقسام الذي زعزع المكتب الفيدرالي في طفو صراعات «داخلية» على السطح بين الرئيس «المستقيل» وبعض الأعضاء الذين كانوا برفقته في نفس الهيئة، الأمر الذي فسح المجال لنشر الغسيل، مع تراشق بالتهم في العديد من الخرجات الإعلامية، خاصة وأن الثنائي بهلول وعيساوي كان قد سارع إلى الظهور في الساحة عبر بعض «البلاطوهات»، بمجرد إعلان عمارة عن استقالته أواخر شهر مارس الفارط، وهو من كان المسؤول الأول في الفاف قد اعتبره إخلالا بالنصوص القانونية، في ظل عدم التزام كل عضو بواجب التحفظ، فجاء التعليق المؤقت لعضوية هذا الثنائي، كإجراء عقابي اتخذه عمارة في حق بهلول وعيساوي، ليبلغ الصراع أروقة المحكمة الرياضية، فضلا عن وضع ملف ثقيل على طاولة اللجنة الفيدرالية لأخلاقيات الرياضة، لأن النزاع أخذا مسارا مغايرا، بعد الطعن في شرعية عمارة خلال العهدة الاستثنائية التي قضاها بعد إعلان انسحابه، والتي دامت شهرا، قبل أن يتم حل المكتب الفيدرالي، الأمر الذي يعني بأنه سيتكفل بعرض الحصيلتين، رغم أنه ليس رئيسا «فعليا» للاتحادية في الفترة الحالية.
تشكيك أعضاء من المكتب التنفيذي في «شرعية» عمارة يضع حصيلته على المحك، لأن كل طرف يبحث عن السبل القانونية الكفيلة، بإخراجه من هذه الوضعية بأخف الأضرار، ولو أن شرف الدين عمارة عمد إلى إدراج قضية استقالته في جدول الأعمال المقترح لهذه الدورة، سعيا للحصول على تزكية تمنحه شهادة «التبرئة»، والتي سيحافظ بموجبها على صفة «العضوية» في الجمعية العامة للفاف ضمن كتلة الرؤساء السابقين للاتحادية، مادام أن قرار رحيله ترسّم، بينما يسعى جناح «المعارضة» إلى تنفيذ مخطط آخر، ينطلق من رفض الحصيلتين، لمنع كل من كان ضمن طاقم عمارة من التواجد مرة أخرى في المكتب الفيدرالي، خاصة وأن بعض الأعضاء، كانوا قد سارعوا إلى إبداء نواياهم في الترشح، رغم أن مصيرهم يبقى مرهونا بنتائج دورة اليوم.
نكسة "الخضر" في "الكان" وتصفيات المونديال خارج الحصيلة
واللافت للانتباه أن موعد هذه الصبيحة، سيكون مخصصا لمناقشة حصيلة نشاطات المكتب الفيدرالي خلال سنة 2021، وهذا وفقا لما هو منصوص عليه في القانون الأساسي، لأن الدورة العادية تعرف عرض التقريرين المالي والأدبي للسنة المنقضية، ولو أن الوضعية الحالية للفاف «استثنائية»، وكانت تستوجب تمديد الحصيلة المقدمة إلى غاية نهاية النشاط، بإضافة الأربعة أشهر الأولى من سنة 2022 إلى التقرير، وهذا لتجنب أي إشكال قانوني قد يطفو على السطح مجددا عن انتخاب رئيس جديد للفاف، خاصة في الشق المتعلق بالوضعية المالية.
على هذا الأساس، فإن عمارة ومن خلال التقرير المرسل إلى أعضاء الجمعية العامة، اكتفى بعرض حصيلة نشاطات المكتب الفيدرالي خلال الأشهر التسعة التي كانت له على رأس الاتحادية في سنة 2021، والتي كان فيها المنتخب الوطني قد نجح في التأهل إلى دورة «الكان»، وكذا بلوغ الدور الفاصل من تصفيات المونديال، ليبقى التتويج بكأس العرب التي نظمتها الفيفا لأول مرة بقطر، من أهم المكاسب المحققة، مما يعني بأن الحصيلة التي سيقدمها عمارة في دورة اليوم ستكون «إيجابية»، مادام أنها لم تتضمن مسيرة «الخضر» في سنة 2022، و«النكسة» التي كانت في نهائيات كأس أمم إفريقيا بالكاميرون، ثم الإخفاق في التأهل إلى نهائيات كأس العالم، و«السيناريو» القاتل الذي تلاعب بمشاعر الجزائريين، وهي أمور تحاشاها عمارة باستغلال النصوص القانونية، لأن المناقشة تنحصر في حصيلة سنة 2021، لكنها كانت السبب الرئيسي الذي دفع به إلى الاستقالة.
زوبعة "اللااستقرار" تعود بعد عقدين من الهدوء "الإداري"
الانقسامات داخل الفاف، أعادت حالة «اللااستقرار» إلى أعلى هيئة كروية وطنية، بعد هدوء «داخلي» امتد على مدار خمس عهدات متتالية، انطلاقا من نوفمبر 2001، لما اعتلى محمد رورارة كرسي رئاسة الاتحادية، وقد شغل هذا المنصب 3 عهدات، مرورا بعهدة حميد حداج، وصولا إلى خير الدين زطشي، ولو أن مؤشرات الأزمة كانت قد لاحت في الأفق، بمجرد تراجع نتائج المنتخب الوطني، بعد توقف المشوار دون هزيمة في دورة «الكان» بالكاميرون، ليكون «كابوس» الفشل في بلوغ مونديال قطر كافيا لتفجير الأوضاع، إلى درجة أن الزلزال «العنيف» الذي ضرب المنظومة الكروية الوطنية، عقب تلك «النكسة» أجبر عمارة على إعلان انتهاء عهدته.
هذه الوضعية لم تشهدها الكرة الجزائرية منذ سنة 2001، وهي آخر مرة يستقيل فيه رئيس الاتحادية، وكان ذلك «السيناريو» بعد انهزام الخضر في القاهرة، في إطار تصفيات مونديال كوريا واليابان، لأن رئيس الاتحاد ـ آنذاك ـ المرحوم عمر كزال كان قد سارع إلى استدعاء أعضاء الجمعية العامة لنشر الغسيل وتشريح الوضعية، لكن رفض حصيلتيه أجبره على المغادرة بالدموع، وانسحاب عمارة بعد عهدة لم تدم أكثر من سنة، أعاد المنظومة الكروية الوطنية بعقدين من الزمن إلى الوراء.
تعليق "العضوية" يتسبّب في ظهور جناح "معارض"
إلى ذلك، فإن دورة اليوم من المنتظر أن تكون ساخنة في «الكواليس» قبل انطلاق الأشغال، على اعتبار أن الأمانة العامة للفاف، عمدت إلى القيام بعملية «غربلة» وسط الأعضاء المخوّل لهم قانونا الحضور، انطلاقا من أندية الرابطة الثانية، والتي تقرر تجريد 8 منها من صفة العضوية في الجمعية العامة للاتحادية، بحجة فقدان صفة «الاحتراف»، وذلك تطبيقا للقرار الذي تم اتخاذه من طرف أغلبية أعضاء الجمعية العامة في سبتمبر 2019، تزامنا مع المصادقة على نمط جديد للمنافسة، والقاضي بتمكين كل فريق «محترف» من المحافظة على هذه الصفة لمدة لا تتجاوز موسمين، في حال سقوط إلى وطني الهواة، وهي الفترة التي تخصص للتصفية المالية، وعليه فإن أندية اتحاد عنابة، مولودية قسنطينة، اتحاد الشاوية، مولودية العلمة، شباب باتنة، مولودية سعيدة واتحاد الحراش و اتحاد البليدة ليست معنية بالمشاركة في هذه الدورة، رغم الاحتجاج الكتابي الذي تم تقديمه إلى الأمين العام للاتحادية، كما أن الصاعدين الجديدين إلى الرابطة المحترفة اتحاد خنشلة ومولودية البيض لم يدرجا بعد ضمن قائمة أعضاء الجمعية العامة، بسبب عدم استكمال الاجراءات القانونية، لأن المادة 21 تضع الاحتراف كشرط، والمادة 71 من القانون الأساسي تحدد نهاية فيفري من كل سنة كآخر أجل لتسديد الاشتراكات.
وفي سياق ذي صلة، فإن قضية الثنائي عمار بهلول والمولدي عيساوي طفت على السطح منذ أسبوعين، بسبب تأكيد الأمانة العامة على عدم منحهما الترخيص للمشاركة في هذه الدورة، بداعي تواجدهما تحت طائلة العقوبة «المؤقتة»، والأمر ذاته ينطبق على رئيس شبيبة الساورة محمد زرواطي، الذي كان قد تعرض لعقوبة من لجنة الانضباط للرابطة المحترفة، امتد مفعولها إلى وضعيته في الجمعية العامة للفاف، وهي «شوائب» قانونية تبقي باب الخلافات مفتوحا على مصراعيه، في ظل إصرار كل طرف على التمسك بموقفه، وإلحاح كل من بهلول، عيساوي، وزرواطي وكذا رؤساء أندية الرابطة الثانية على الحضور.
من هذا المنطلق، فإن دورة اليوم، وبصرف النظر عن قرارها تجاه حصيلتي عمارة واستقالته التي لا مفر منها، فإنها ستعرف تشكيل اللجنة التي ستتولى الإشراف على الانتخابات، وكذا لجنة الطعون، تحسبا للموعد الانتخابي المزمع تنظيمه خلال النصف الأول من شهر جويلية القادم، لأن تجديد اللجنتين أمر حتمي، في ظل تجريد عبد المجيد ياحي آليا من صفة «العضوية»، وهو الذي كان قد ترأس لجنة الترشيحات عند انتخاب عمارة في أفريل 2021، وكذلك الشأن بالنسبة لمحمد زرواطي، الذي كان على رأس لجنة الطعون، والقوانين المعمول بها تبقي كل لجنة انتخابية في منصبها على امتداد عهدة، لكن الوضعية الراهنة تبقى استثنائية، وتنصيب أعضاء جدد سيكون حتميا.
صالح فرطــاس

الرجوع إلى الأعلى