في زيارتنا مساء أول أمس للقرية المتوسطية، زرنا خيم عرض الصناعات التقليدية، أين تجد الوفود الرياضية المتوسطية كل أنواع الحرف من ألبسة وحلي وأشغال يدوية أبدع صانعوها في ترقيتها لمستوى تنافسي عالمي.
ولفت انتباهنا خيمة خريص جمال القادم من ولاية تلمسان، وجدناه يتعامل مع حبيبات الرمل بلباقة وإتقان ليرسم بها لوحات فنية باهرة داخل قارورة زجاجية يحفظ بها ذاكرة الأمة وتاريخ بعض الأحداث الوطنية والعالمية.
ولم يتوقف خريص عن إتمام عمله توازيا ورده على أسئلة النصر، حيث أوضح أنه مختص في العلاج بالأشغال اليدوية، وهي طريقة لامتصاص القلق والاضطرابات النفسية عند الأشخاص، وهو أيضا مدير مدرسة المكفوفين بتلمسان، وفي الوقت نفسه فإنه يسعى للإبداع والابتكار أكثر في فن الرسم بالرمل، وهو الفن الذي بدأ يستهويه منذ 30 سنة حين تم إهداؤه ذات يوم قارورة رمل تحتضن لوحة فنية، وتعلمه مثلما قال على يد، مضيفا أن تطوير أفكار هذا الفن تبدأ من العمل أمام الناس حتى تستفيد من آرائهم ومقترحاتهم، فكل زبون يستطيع إحداث تغيير في طريقة العمل والتعامل مع الرمل، مبرزا أنه شارك في فعاليات سنة الجزائر بفرنسا، وأيضا في فعاليات أسبوع “بريتشيا” بإيطاليا، ولازال لحد اليوم يتواصل مع أصدقاء تعلموا عنه هذه الحرفة، وهم يمارسونها في أوروبا ويستدعونه للمشاركة في عدة تظاهرات ينظمونها هناك، حيث قال خريص: “الترويج وتجارة الحرف والصناعات التقليدية تعتمد على العلاقات الشخصية للحرفي خاصة خارج الوطن، لاقتناص الفرص للتعريف بالمنتوج الوطني، على أن يتم تطوير الإبداع ومواكبته مع التحولات في مختلف المجالات”، كما أفاد محدثنا أن المادة الأولية متوفرة ببلادنا بجودة عالية، وهو يختص في صبغها بعدة ألوان، حيث قال “رمال بلادنا لا مثيل لها من حيث الجودة “.مبرزا في ذات السياق، أن مشاركته في التظاهرة الثقافية الفنية بالقرية المتوسطية في إطار الطبعة 19 للألعاب، سمحت له باستقطاب العديد من الأجانب، الذين أبهرتهم النماذج المعروضة في هذا التخصص الفني الذي يبدع فيه الجزائريين أكثر من غيرهم، بدليل أن حتى الرياضيين من الدول العربية توافدوا عليه بكثرة، ومنهم من طلب منه تلقينه كيفية العمل بها، بينما الأجانب من الدول الأوروبية المتوسطية وفق السيد خريص، فكان الإيطاليون أكثر إقبالا من غيرهم واشتروا العديد من هذه التحف الرملية، وهنا قال جمال: “نحن هنا في القرية من واجبنا أن نمثل بلادنا أحسن تمثيل، من حيث استقبال الضيوف الأجانب، وأيضا تعريفهم بالصناعات التقليدية الجزائرية وأصالتها”، مردفا أنه يستوحي أعماله الفنية من كل ما يحيط به، وعليه فهو يتجاذب أطراف الحديث مع هؤلاء الرياضيين القادمين من 26 دولة، مشيرا أنه في إحدى القارورات استوحى منذ مدة رسما يبرز سيدة كرواتية تدعى “إيفيكا” تحمل العلم الجزائري، مردفا أن بعض الصعوبات لازالت تطرح أمام الحرفيين للمشاركة في تظاهرات وطنية أو عرض منتوجاتهم صيفا عبر شواطئ الوطن، وعلى رأس المشاكل هو التكفل بالحرفي  الذي يقطع مسافات طويلة، ويضطر لدفع مصاريف الإيواء والإطعام والتنقل مقابل حركية بيع بطيئة قد لا يجني منها ما يعوض له تلك النفقات، ولكن رغم هذا فالحرفيين يحرصون على إغتنام كل الفرص لإبراز الموروث الجزائري وإبداع الإنسان الجزائري خاصة للأجانب.
بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى