ديــــون أنديــــة المحتــــرف أثقــل ملــف يواجــه زفيـــزف

تضع إشكالية الديون المقيّدة على النوادي المحترفة، بقرارات من الغرفة الفيدرالية للمنازعات، الرئيس الجديد للفاف جهيد زفيزف أمام واحد من أثقل الملفات، لأن الوضعية الراهنة تبقي أغلب أندية الرابطة المحترفة، تحت طائلة عقوبة المنع من الانتدابات، والأمر يمتد حتى إلى فرق الوطني الثالث، وهذه القضية كانت قد طرحت على زفيزف أثناء حملته الانتخابية، بحثا عن حل ناجع.

ولعّل ما يجعل هذا الملف متشعبا، تراكمات المواسم الفارطة والتي تكون لها دوما انعكاسات سلبية على انطلاقة الموسم، بالنسبة للكثير من النوادي التي تمسها عقوبات غرفة المنازعات، سيما وأن الأرقام فاقت درجة الخيال في عهدة تواجد شرف الدين عمارة على رأس الفاف، على اعتبار أنه كان قد عمد إلى انتهاج سياسة «مساعدة» الفرق، وذلك بخفض العتبة المطلوبة في التسديد إلى حدود 10 بالمئة من القيمة الاجمالية لكل ناد، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مؤشر الحصيلة الاجمالية للديون الناتجة عن قرارات غرفة المنازعات إلى ما يقارب 340 مليار سنتيم في نهاية «الميركاتو» الشتوي للموسم المنصرم، وذلك في جانفي 2022.
والملفت للانتباه أن الطريقة التي تعامل بها عمارة مع ملف ديون النوادي لدى الغرفة الفيدرالية للمنازعات، أثقل من المسؤولية التي أصبحت ملقاة على عاتق خليفته زفيزف، لأن «التساهل» الذي تم اعتماده الموسم الماضي أدى إلى تضاعف الأرقام، في غياب حلول ميدانية ناجعة كفيلة بالتخلص نهائيا من هذا الإرث، الذي جسد الفشل الذريع لتجربة الاحتراف في الجزائر، لأن حصيلة الموسم الماضي كانت ثقيلة، وتمثلت في معالجة الهيئة المختصة 450 ملفا، ناتجة عن شكاوى أودعها لاعبون ومدربون ضد الأندية، بسبب عدم تلقي المستحقات، وهي إجراءات قانونية معمول بها على الصعيد الدولي، تنفيذا لتوصيات الفيفا، لكن «استخفاف» عمارة بالملف لموسم واحد أدى إلى ارتفاع مؤشر الديون المقترنة بهذه القضايا من 70 مليار سنتيم في نهاية عهدة خير الدين زطشي إلى 340 مليون سنتيم بعد 14 شهرا قضاها عمارة على رأس الاتحادية، وذلك بعد لجوئه إلى اعتماد نسب لا تتجاوز 10 بالمئة من القيمة الاجمالية للديون، مما زاد في تعقيد الأوضاع، بسبب تراكم الملفات، لأن الهيئة الوصية تصدر قراراتها بتحديد المبلغ الاجمالي الواجب تسديده لرفع العقوبة، إلا أن مكتب عمارة فضل تسهيل المهمة للنوادي، في إجراء «ظرفي» مكن الفرق من استخراج الإجازات، غير أنه يبقى مجرد حل «ترقيعي»ّ، مادامت الإشكالية تتكرر في كل فترة من «الميركاتو».
11 ناديا محترفا و16 فريقا من الرابطة الثانية ضحايا قرارات الغرفة
وفي سياق متصل، فإن قرارات الغرفة الفيدرالية للمنازعات تبقى سارية المفعول لسنوات ومواسم عديدة، الأمر الذي أبقى عدة فرق تحت طائلة عقوبة المنع من الاستقدامات حتى بعد السقوط إلى الأقسام السفلى، والدليل على ذلك تواجد سريع المحمدية ضمن القائمة رغم تدحرجه إلى الجهوي الثاني، وهو الذي كان قد غادر الرابطة الثانية منذ 5 مواسم، وكذلك الحال بالنسبة لأولمبي أرزيو، هذا فضلا عن بقاء أهلي البرج، اتحاد بلعباس واتحاد البليدة تحت طائلة العقوبة بعد السقوط إلى قسم ما بين الرابطات،  والوضعية ذاتها تنطبق على شبيبة ومولودية بجاية، بصرف النظر عن تواجد 16 فريقا من الرابطة الثانية ضمن قائمة النوادي التي صدرت في حقها قرارات بالمنع من استقدام لاعبين تحسبا للموسم المقبل، وربط رفع العقوبة بضرورة تسديد المستحقات العالقة.  
إلى ذلك، فإن 11 ناديا من الرابطة المحترفة مستهم قرارات غرفة المنازعات، ولو بدرجات متفاوتة، على اعتبار أن فرق شباب قسنطينة، مولودية واتحاد الجزائر وكذا شباب بلوزداد، تبقى ديونهم المقيّدة لدى الغرفة المختصة «ضئيلة»، وبالإمكان تسويتها، كما أن هلال شلغوم العيد مازالت الشكاوى المودعة ضده قيد الدراسة، مما يرشحه للدخول إلى القائمة، في وجود الكثير من الملفات التي تقدم بها اللاعبون في نهاية الموسم المنصرم، للمطالبة بمستحقاتهم العالقة، في الوقت الذي يبقى فيه نادي بارادو وشبيبة الساورة يصنعان الاستثناء، بتفادي أي إشكال مقترن برواتب اللاعبين، ويجر إلى غرفة المنازعات، هذا فضلا عن الثنائي اتحاد خنشلة ومولودية البيض، والذي سيسجل حضوره لأول مرة في الرابطة المحترفة.
«سيناريو» دفاع تاجنانت يهدد عدة أندية
في الأقسام السفلى
من جهة أخرى، فإن «سيناريو» دفاع تاجنانت كان قد أثير خلال الحملة الانتخابية لزفيزف، وذلك بعد إلحاح الكثير من ممثلي النوادي والرابطات على ضرورة اتخاذ قرارات ناجعة، من شأنها أن تخفف من انعكاسات قرارات غرفة المنازعات على مستقبل الفرق في الساحة الكروية الوطنية، مادامت قرارات المنع من الاستقدامات تبقى سارية المفعول، مع عدم تعليقها بالتقادم، وانسحاب دفاع تاجنانت نهائيا من المنافسة، كان بسبب إرث الديون الناتج عن مستحقات اللاعبين، والوضع ذاته يهدد كل من اتحاد بلعباس، أهلي البرج، شبيبة ومولودية بجاية، لأن هذا الرباعي كان وإلى وقت ليس ببعيد ينشط في الرابطة المحترفة، لكن قرارات غرفة المنازعات كلفته السقوط الحر، بالتدحرج إلى الرابطة الثانية، ثم إلى قسم ما بين الرابطات، في غياب حلول ميدانية كفيلة باستئصال هذا «الورم الخبيث» الذي ما فتئ يهدد مستقبل النوادي في المنظومة الكروية الوطنية، مقابل تعالى أصوات مسيري أندية الرابطة المحترفة للمطالبة بتفعيل الصندوق الوطني، الذي يسمح بتوزيع الإعانات المالية بطريقة عادلة ومتساوية بين الفرق التي تنشط في كل نفس المستوى، مادام مشروع تعميم الشركات الوطنية لرعاية النوادي المحترفة، لم يجد طريقه إلى التجسيد الميداني.
شرعية الغرفة على المحك منذ نهاية مارس الفارط
جانب آخر، يزيد من ثقل ملف الغرفة الفيدرالية للمنازعات، ويضعه في صدارة أولويات زفيزف، ويتعلق بشرعية هذه الهيئة، لأن تركيبتها الحالية أصبحت مقتصرة على الطاقم الإداري، الذي يزاول مهامه وفقا لتعيينات من رئيس الفاف، ورحيل عمارة فتح الباب على مصراعيه بشأن هذه القضية، على اعتبار أن الغرفة الحالية كانت عهدتها قد انتهت يوم 31 أكتوبر 2021، لكن شرف الدين عمارة ارتأى تمديدها في إجراء استثنائي إلى غاية نهاية مارس 2022، ومنذ ذلك الحين أصبحت شرعية الغرفة على المحك، مع اكتفاء الطاقم الإداري بقيادة يوسف حمودة بتسجيل القضايا، ومنح المهلة القانونية للأندية، دون دراسة أي ملف، لأن حمودة يشغل منصب رئاسة الغرفة بتعيين إداري من رئيس الاتحادية، وهو الذي يحوز أيضا على صفة العضوية في غرفة المنازعات التابعة للفيفا، غير أن الإشكال يبقى قائما بخصوص تركيبة الغرفة، مادامت اللوائح المعمول بها دوليا توسع من دائرة العضوية إلى ممثلي اللاعبين وكذا ممثلي الفرق، والحسم في تمثيل الأندية يبقى من صلاحيات الرابطة المحترفة، بعد تلقي الضوء الأخضر من المكتب الفيدرالي، بينما تم تكليف ودادية قدماء اللاعبين باختيار ممثلين عنها للتواجد في هذه الهيئة، في ظل عدم وجود نقابة وطنية للاعبين من الجيل الحالي، وهي معطيات منحت صفة العضوية لكل من جمال عدلاني ومحمد خزروني في غرفة المنازعات عن ودادية اللاعبين، وكذا عبد الحفيظ بلعباس وأحمد سوليمان عن تمثيل الأندية، إلا أن التجديد أصبح حتميا تحسبا لعهدة جديدة.
صالح فرطــاس

الرجوع إلى الأعلى