أجمع خبراء وأكاديمون بأن الجزائر تتوفر على كل المؤهلات والمقومات للانتقال الطاقوي نحو الطاقات المتجددة والنظيفة وتقليص الاعتماد على النفط، وأشاروا إلى أن الجزائر تتوفر على قدرات كبيرة في مجال الطاقة الشمسية خصوصا بالصحراء، كما أجمعوا على أن هناك تحديات داخلية وخارجية تفرض هذا التحول، ودعا هؤلاء في ندوة النصر على هامش ملتقى وطني حول الأمن الطاقوي نظمته كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة البليدة 2 إلى استغلال المتغيرات الجيوسياسية العالمية لتحقيق هذا الانتقال، والبحث عن شركاء استراتيجيين في هذا المجال.

الدكتور إلياس قسايسية أستاذ العلوم السياسية بجامعة البليدة 2 : ظروف نجاعة الانتقال إلى الطاقة الشمسية متوفرة


أكد الدكتور إلياس قسايسية أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة البليدة 2 بأن الاستثمار في الطاقات المتجددة يوفر مناصب شغل كبيرة تساهم في امتصاص البطالة في المجتمع، كما يساهم الانتقال الطاقوي حسبه في الحفاظ على البيئة، مشيرا إلى أن من بين الأسباب التي تدعو إلى تحقيق انتقال طاقوي هي مشاكل البيئة والاحترار الكوني، وارتفاع درجة حرارة، والاحتباس الحراري، وما صاحب ذلك من تغيرات مناخية كانت لها آثار كبيرة على الاقتصاد، و أوضح بأن الانتقال الطاقوي يساهم في التخفيف من حدة التغيرات المناخية.
وأضاف الدكتور قسايسية بأن الانتقال الطاقوي أثبت نجاعته في عدة دول منها فرنسا التي تعتمد اليوم على 70 بالمائة في إنتاج الكهرباء على محطات توليد الطاقة النووية، كما توفر الصين 30 بالمائة من الاحتياجات العالمية للكهرباء من الطاقة الشمسية، كما توفر أمريكا و اليابان نسبة معتبرة من الكهرباء عبر الطاقات النظيفة، في حين إنتاج الجزائر من الكهرباء بالطاقة الشمسية لا يمثل سوى 404 ألف ميقاواط، وهذه النسبة ضئيلة جدا، مشيرا إلى أن الجزائر تتوفر على كل الإمكانيات للانتقال الطاقوي، خاصة لما يتم الحديث عن جزئية أساسية وهي الانتقال نحو الطاقة الشمسية، بحيث الجزائر تتوفر على أكبر احترار، ونسبة تشمس تقدر بـ 13 ساعة يوميا، وبهذا فإن ظروف نجاعة الانتقال إلى الطاقة الشمسية حسب نفس المتحدث متوفرة وفق أخصائيي الأرصاد الجوية، كما تتوفر الجزائر حسب الدكتور قسايسية على موارد أخرى وبدائل متنوعة وكثيرة، ويمكن أن تحل محل بعضها، وإلى جانب الطاقة الشمسية تتوفر الجزائر على طاقة الرياح و طاقة المد والجزر و كذا الطاقة الهيدروليفية، كما يمكن وضع كل هذه الطاقات في مكان واحد، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما يجعلها تحقق أكبر عائد.

البروفيسور حكيم غريب أستاذ بالمدرسة العليا للعلوم السياسية: الجزائر تحوّلت إلى محور إقليمي في تحديد التوازنات في مجال الطاقة


أكد البروفيسور حكيم غريب أستاذ العلاقات الدولية بالمدرسة العليا للعلوم السياسية بالجزائر العاصمة بأن الجزائر تحولت إلى محور إقليمي في تحديد التوازنات فيما يخص الطاقة، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، مشيرا إلى أن الجزائر تبحث عن شركاء استراتيجيين في مجال تطوير ثرواتها وتحقيق الانتقال الطاقوي ما بعد البترول، وكذا الاستفادة من أسعار الغاز والنفط التي عرفت ارتفاعا، وقال بأن الجزائر مطالبة بتأمين مخزونها الطاقوي والبحث عن شركاء لتوريد الغاز للخارج وفتح قنوات دبلوماسية واقتصادية خاصة نحو إفريقيا وإيطاليا، مشيرا إلى أن الجزائر تملك نظرة تفاؤلية لتحقيق انتقال طاقوي والاعتماد على الطاقات المتجددة، في حين تحتاج هذه العملية حسبه لآليات أهمها المتابعة والتمويل والاستفادة من التكنولوجيات الحديثة، كما دعا نفس المتحدث إلى خلق معاهد مختصة في مجال الانتقال الطاقوي ليكون لها دور في تحقيق ما يسمى بالأمن الطاقوي الذي يتماشى مع الأمن الغذائي والمائي.  وأشار البروفيسور غريب إلى أن الانتقال الطاقوي تحول إلى موضوع الساعة خصوصا مع التقلبات الدولية، وأصبحت الجزائر حسبه محل اهتمام وزيارات لعدة وفود دولية، ومنها الشريك الإيطالي وزيارة رئيس الجمهورية لعدة دول، كما أن الطاقة أصبحت حسب نفس المتحدث هي المحرك الأساسي للاقتصاد الدولي خاصة بعد جائحة كورونا، مشيرا إلى أن الجزائر تعد أحد مخازن الطاقة الدولية، وبالتالي هي محل اهتمام في السوق الأوروبية والدولية، وكذا دورها الفعال في منظمة الأوبك.

الباحثة في العلاقات الدولية إيمان الطيب : التحديات الداخلية والخارجية تفرض الانتقال الطاقوي


قالت الباحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية إيمان الطيب بأن التحديات الداخلية والخارجية تفرض على الجزائر الانتقال الطاقوي، وأشارت إلى صراع القوى الكبرى على الطاقة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، مؤكدة بأن الجزائر بإمكانها كسب مكانتها في الساحة الدولية كدولة طاقوية منتجة في ظل المتغيرات الدولية، كما يمكن للجزائر حسبها أن تتحول إلى فاعل طاقوي بعد تخفيض الدول الأوروبية نسبة اعتمادها على الغاز الروسي.
وأشارت في السياق ذاته إلى أنه في ظل تهديدات الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الطاقوي، على الجزائر تحقيق انتقال طاقوي خاصة وأنها تزخر بموارد طاقوية كبيرة سواء في قطاع الطاقة المتجددة أو غير المتجددة .
أما بالنسبة للتحديات الداخلية التي تفرض على الجزائر انتقال طاقوي، أشارت نفس المتحدثة إلى نفاد مخزون الجزائر من النفط خلال سنة 2050 وفق توقعات الخبراء، وهذا ما يحتم عليها ضرورة تحقيق انتقال طاقوي نحو طاقات متجددة والأخذ بعين الاعتبار البعد البيئي والمائي والطاقوي.       

الدكتور عبد المالك بلغربي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3 : الصحراء الجزائرية من أحسن المناطق في العالم لمشاريع الطاقة الشمسية


قال الدكتور عبد المالك بلغربي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3 بأن الجزائر تتوفر على كل المؤهلات والمقومات للانتقال الطاقوي والخروج من الريع البترولي، وأشار إلى أن بلادنا تتوفر على قدرات كبيرة في الطاقة الشمسية، والصحراء الجزائرية تعتبر من أحسن المناطق لإنجاز مشاريع الطاقة الشمسية، مشيرا إلى أنها تحتل المرتبة الثالثة عالميا بعد منطقة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وتصنف الجزائر كقوة في هذا المجال وفق مراكز البحث والدراسات في الطاقة الشمسية.  وفي السياق ذاته تتوفر الجزائر حسب الدكتور بلغربي على موارد غير تقليدية كالغاز الصخري، وبالرغم مما قيل حول هذا المورد إلا أن الجزائر تبقى حسبه قوة في هذا المجال وفق تصنيف وكالة الطاقة الأمريكية، بحيث تتوفر الجزائر على احتياطي كبير جدا من الغاز الصخري بالصحراء بمخزون يقدر بـ 20 ترليون متر مكعب، وذلك بحوالي خمسة أضعاف عن ما تملكه من الغاز الطبيعي التقليدي، مؤكدا بأن الجزائر تمتلك كل المؤهلات والمقومات للانتقال إلى بدائل طاقوية تسمح لها بالحصول على موارد أخرى تستغلها في التنمية. وأضاف الدكتور بلغربي بأن المطلوب حاليا هو اختيار شركاء استراتيجيين جدد، لاسيما ألمانيا التي لديها باع كبير فيما يخص الطاقة الشمسية، ويمكن مع الشريك الألماني تحقيق طفرة في هذا المجال، إلى جانب دول الشرق وجنوب آسيا، بحيث يمكن الاستفادة حسبه من تجاربها فيما يخص طاقة الرياح والطاقة الشمسية، إلى جانب الغاز الصخري الذي يمكن استغلاله مع الحفاظ على البيئة من خلال عقد شراكة مع شركات دولية تمتلك تكنولوجيات حديثة وتقنيات عالية في هذا المجال، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية التي استغلت أول بئر للغاز الصخري في سنة 1821، ومنذ قرنين من الزمن لم يحدث أي عطب أو خلل بالرغم مما يقال حول هذا الملف.
وأضاف بلغربي بأن ما يقال حول التلوث والمياه الجوفية أثناء استخراج الغاز الصخري يمكن تجاوزه بعقد شراكة مع شركات لديها خبرة وباع كبير في هذا المجال.         

الدكتور محمد أمين سويعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزار 3 : يجــب استغـــلال التغيّــــرات الجيواستراتيجية لتحقــيق الانتقال الطاقـــوي


ذكر الدكتور محمد أمين سويعد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 3 بأن الانتقال الطاقوي أصبح حتمية وضرورة أكبر من أي وقت مضى، وعلى الجزائر استغلال التغيرات الجيواستراتيجية في العالم لتحقيق هذا الانتقال، مشيرا إلى أن هذه الضرورة مدفوعة بعاملين أساسين الأول عامل اقتصادي يتمثل في زيادة معدل السكان في الجزائر، وزيادة عدد الأنشطة الصناعية والتجارية، وأدى هذا إلى زيادة الاستهلاك المحلي من مصادر الطاقة، خاصة من الغاز الطبيعي أو النفط، مشيرا إلى أن الجزائر تستهلك حاليا نصف ما تنتجه من الغاز الطبيعي، كما تستهلك 540 ألف برميل من  النفط يوميا من مجموع 1.1 مليون برميل تنتجه، داعيا إلى ضرورة إيجاد بدائل أخرى تنوع من مزيجها الطاقوي من أجل الحيلولة دون الوصول إلى ما يسمى بالعجز الطاقوي. أما الدافع الثاني الذي يحتم على الجزائر تحقيق انتقال طاقوي، يقول الدكتور سويعد بأنه يتمثل في الدافع الاستراتييجي في ظل التحولات السياسية والجيواستراتيجية على المستوى العالمي، مشيرا إلى سعي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية إلى كسر تبعية الدول الأوروبية لروسيا في مجال الغاز، وبالتالي هم يبحثون عن بدائل جديدة، والجزائر من ضمن هذه البدائل، خاصة وأنها ثالث مورد للغاز إلى أوروبا، وإذا استطاعت الجزائر رفع حصتها في السوق الأوربية سواء من الغاز الطبيعي أو النفط سيسمح لها باحتلال مكانة ذات أهمية استراتيجية وجيوسياسية بالنسبة للدول الأوروبية، كما يمكن للجزائر حسبه كسب ورقة ضغط تستعملها في قضايا إقليمية ودولية على غرار الصحراء الغربية، وذلك بالضغط على الدول لتغير من مواقفها اتجاه قضية الصحراء الغربية. وفي السياق ذاته دعا الدكتور سويعد محمد أمين إلى استغلال الغاز الصخري الذي يعد من أهم الثروات المدفونة في باطن الأرض، مشيرا إلى وجود تكنولوجيات حديثة وتقنيات جديدة في استغلاله دون التأثير على المياه الجوفية أو البيئة، كما أن استغلاله لا يكون حسبه في المناطق الآهلة بالسكان، بل في مناطق بعيدة، وبهذا لن يؤثر استغلال الغاز الصخري على حياة السكان، مؤكدا بأن اللجوء إلى الغاز الصخري يتزامن مع تراجع القدرات الإنتاجية من الغاز الطبيعي. وفي السياق ذاته قال نفس المتحدث بأن الطاقات البديلة هي المستقبل للجزائر، وكل دول العالم تعيش تحولا نحو الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة النووية للتقليل من الاعتماد على الطاقات الأحفورية التي تؤثر على البيئة، وأشار إلى أن الجزائر تعتمد في إنتاجها للكهرباء على الغاز الطبيعي بنسبة 95 بالمائة، وتحدث عن مشروع بحلول 2030 لإنتاج 22 ألف ميقاواط من الكهرباء باستغلال الطاقات البديلة، وقال إن هذا المشروع هام ويندرج في إطار تحقيق الانتقال الطاقوي.                                                                

الرجوع إلى الأعلى