دعت المنظمة الوطنية لحماية المستهلكين الجمعيات الخيرية والمتعاملين الاقتصاديين للقيام بمبادرات تضامنية لفائدة الأسر المعوزة، لإنجاح الدخول المدرسي المقبل، من خلال المساهمة في توفير المستلزمات الدراسية للتلاميذ المعوزين، ودعت من جهتها نقابات التربية الأساتذة لتفهم ظروف الأولياء وعدم الضغط على التلاميذ.  
أكد الناطق باسم المنظمة الوطنية لحماية المستهلكين فادي تميم بأن الدخول الاجتماعي القادم لن يكون سهلا على الأسر البسيطة التي تعيل أطفالا في سن الدراسة، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية، التي تفرض على الأسرة الواحدة تخصيص ميزانية لا تقل عن 60 ألف دج لاقتناء الأدوات المدرسية والملابس والمآزر، من أجل إعداد أبنائها للالتحاق بمقاعد الدراسة في ظروف لائقة.
وقال المتدخل في حديث معه، إن الدخول المدرسي لهذه السنة يتسم ببعض الصعوبة بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود، مما يتطلب ضرورة تعزيز التكافل الاجتماعي، بتجنيد الجمعيات الخيرية، وخاصة المتعاملين الاقتصاديين لتخفيف أعباء الدخول الاجتماعي على الفئات الهشة، عبر إطلاق مبادرات ذات طابع تضامني.
وأفاد المصدر بأن مساهمة رجال الأعمال في العمليات التكافلية التي تستهدف الأسر البسيطة في إطار الإعداد للدخول المدرسي القادم، سيكرس المعنى الحقيقي لشركات المواطنة، عبر تأكيد حضورها ومشاركتها في المناسبات الهامة، على غرار الدخول المدرسي.
ويرى ممثل المنظمة الجزائرية لحماية المستهلكين بأن القدرة الشرائية تراجعت بحوالي 50 بالمائة منذ بدأ جائحة كورونا، وأن توالي المناسبات الاجتماعية خلال فصل الصيف، فضلا عن الأعياد أثقل كاهل الأسر، لاسيما وأن الظرف تزامن أيضا مع موسم العطل الذي تخصص له الكثير من العائلات ميزانية معينة لقضاء فترات من الراحة بعد سنة كاملة من الكد والتعب.
الادخار لتغطية نفقات
 الدخول المدرسي
ولم يستبعد المتحدث لجوء بعض العائلات للاستدانة لتغطية هذه النفقات، لا سيما ذات الدخل المحدود، لكنه أكد بأن الادخار لمواجهة المصاريف الخاصة بفصل الصيف والدخول المدرسي أضحى ثقافة راسخة لدى الكثير من العائلات الجزائرية، التي تحرص على تقسيم مدخولها الشهري بطريقة تضمن تغطية مختلف المصاريف.
وجدد ممثل المنظمة الوطنية لحماية المستهلك التذكير بضرورة حرص الأساتذة على مراعاة ظروف الأسر بصفة عامة خلال بداية السنة الدراسية، وعدم الضغط على التلاميذ بإجبارهم على اقتناء مستلزمات دراسية إضافية، مقارنة بما يوجد بمدونة الأدوات المدرسية التي حددتها الوزارة، وسلمتها للأولياء مع كشوف النقاط الخاصة بالثلاثي الأخير للموسم الدراسي الماضي.
ويعتقد المصدر بأن تغطية مصاريف الدخول المدرسي يقتضي من كل أسرة إنفاق الراتب الشهري كله لاقتناء كل ما يلزم أبناءها من متطلبات، مؤكدا بأن الروح التضامنية التي يتميز بها المجتمع الجزائري سواء بين الأفراد، أو من خلال العمليات التضامنية التي تقوم بها مختلف الهيئات والمجتمع المدني، فضلا عن الدور الهام لوزارة التضامن لفائدة التلاميذ المعوزين، سيمكن من تجاوز العقبات وضمان دخول دراسي سلس وناجح.
توقع حركية اقتصادية واجتماعية لفائدة الفئات الهشة
وتوقع من جانبه الدكتور هواري تيغرسي خبير في الشؤون الاقتصادية والمالية وبرلماني سابق تسجيل حركية اقتصادية واجتماعية بالتزامن مع الدخول المدرسي المقبل، لتخفيف العبء على الأسر البسيطة، من خلال الحملات التضامنية للمجتمع المدني وكذا الهيئات الوزارية من بينها وزارة التضامن الوطني، في انتظار تطبيق قرار رئيس الجمهورية المتعلق بإدراج زيادات محترمة على الأجور لتحسين القدرة الشرائية للمواطن.
وأوضح الخبير الاقتصادي في تصريح «للنصر» بأن التضخم لا يخص الجزائر فقط، بل هو ظاهرة عالمية، تشمل جل الدول من بينها البلدان الأوروبية التي بلغت فيها نسبة التضخم 9 بالمائة، معتقدا بأن التضخم المسجل عندنا مستورد، بسبب ارتفاع أسعار المنتجات المختلفة التي نستقدمها من الخارج، في ظل عدم كفاية المنتوجات المحلية لتغطية الطلب على مختلف المواد الاستهلاكية.
ويتفق النائب البرلماني السابق مع المنظمة الجزائرية لحماية المستهلكين بخصوص صعوبة الدخول المدرسي المقبل على الأسر ذات الدخل المحدود، لا سيما العوائل الكبيرة التي لديها أبناء في سن الدراسة، متوقعا بأن تساهم الحركية الاجتماعية والاقتصادية التي تتزامن عادة مع الدخول المدرسي في مواجهة مختلف التحديات.
وأثنى الدكتور هواري تيغرسي على مبادرة افتتاح أسواق الرحمة للأدوات المدرسية، لكنه اقترح تعميمها على كافة البلديات حتى تشمل العملية كافة الأسر المعنية بالدخول المدرسي، مع ضرورة اعتمادها على أسعار منخفضة، و أن يساهم المتعاملون الاقتصاديون في تموينها، لا سيما أصحاب المصانع المختصة في إنتاج المستلزمات الدراسية.
كما ناشد المتدخل الأسر لترشيد الاستهلاك تماشيا مع طبيعة الظرف الاقتصادي، مع ضرورة صب الدعم الاجتماعي الموجه للفئات الهشة فيما يجب، داعيا أيضا وزارة التربية الوطنية لتقليص قائمة الأدوات المدرسية، لأنه كلما خفت المحفظة تقلصت مصاريف الدخول المدرسي.
دعوة الأساتذة لعدم الضغط
على التلاميذ
كما تستعد التنظيمات النقابية لتجنيد الأساتذة المنخرطين في صفوفها في إطار الحملات التضامنية التي تتزامن مع بداية السنة الدراسية، عبر حثهم على مراعاة ظروف الأولياء ذوي الدخل البسيط، وعدم الضغط على التلاميذ باقتناء كراريس من الحجم الكبير، أو إحضار كل المستلزمات خلال الأيام الأولى للدراسة. وأكد بهذا الخصوص مبارك بلعيدي عضو الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين «للنصر»، بأن جل الأساتذة يحترمون مدونة الأدوات المدرسية الخاصة بوزارة التربية الوطنية، لا سيما في ظل ارتفاع الأسعار، قائلا إن أبواب مدراء المؤسسات التعليمية ستكون مفتوحة للاستماع إلى مشاكل وانشغالات الأولياء، وللتواصل مع الأساتذة.
وأفاد الأستاذ بلعيدي بأن العمل التضامني أصبح من تقاليد الطواقم التربوية، التي تساهم سنويا في تزويد التلاميذ المعوزين بالأدوات المدرسية، كما يحرص أغلب الأساتذة على تخفيف ثقل الدخول المدرسي على الأولياء، بالترخيص للتلاميذ باستعمال كراس واحد في مادتين، وعدم إجبارهم على اقتناء كراريس من الحجم الكبير.
ويرى المتحدث بأن افتتاح السنة الدراسية الجديدة حدث اجتماعي و وطني هام، يتطلب مشاركة الجميع في إنجاحه، من خلال الانطلاق في الدروس بما هو موجود ومتوفر لدى التلاميذ، مع ترك الفرصة للأولياء لشراء ما يجب من مستلزمات لأبنائهم متى توفرت المبالغ المالية الكافية، حتى يكون الدخول المدرسي المرتقب سلسا وناجحا.
لطيفة بلحاج

الرجوع إلى الأعلى