انسحـاب جمـاعـي مـن مشـاريـع سكنيـة و جـمعيـات للـدفـاع عـن حقـوق الـمكتتبيـن
يعيش عشرات المكتتبين في مشاريع سكنية تساهمية وترقوية بأم البواقي على وقع أحلام وصفوها بـ»الزائفة» وبعيدة التجسيد ميدانيا، نظير ما اعتبروه عمليات النصب والاحتيال الجماعية التي تعرضوا لها على امتداد أزيد من عقد من الزمن، فهم حسبهم انتظروا تجسيد مشاريع سكنية اكتتبوا فيها لسنوات ولم يتحقق حلمهم الذي بدأ يتلاشى شيئا فشيئا، وشرع العديد من المكتتبين الذين اعتبروا أنفسهم «ضحايا لأحلامهم» في تأسيس جمعيات للدفاع عن حقوقهم ومعها تحريك دعاوى قضائية ضد مرقين عقاريين اتهموهم بالنصب والاحتيال ، وامتدت مخاوف المكتتبين حتى للمشاريع ذات الطابع العمومي بعد تسجيل تأخر في المشاريع.
تحقيق وتصوير: أحمد ذيب
سكنات متوقفة وأخرى لم تنطلق بها الأشغال منذ سنة 2009
تشير أرقام وإحصائيات رسمية بحوزة النصر بأن ولاية أم البواقي استفادت منذ البرنامج الخماسي 1999 و2004 بأزيد من 15  ألف وحدة سكنية بصيغتي التساهمي والترقوي المدعم، غير أن الأرقام نفسها تكشف بأن 10603 وحدات سكنية انتهت بها الأشغال في الوقت الذي تبقى فيه 3564 وحدة في طور الإنجاز منذ سنة 2009، ومن خلال الإحصائيات التي بحوزتنا فـ635 سكنا توقفت وأغلب ورشاتها مهجورة بسبب مشاكل تقنية وأخرى إدارية ومادية يتخبط فيها المقاولون والمرقون العقاريون، وتذهب الأرقام نفسها للتأكيد بأن 254 سكنا لم تنطلق بها الأشغال أصلا، وتنوعت برامج الوحدات السكنية التي لم تنطلق بها الأشغال بين برامج خماسية وبرامج تكميلية وبرامج للترقوي المدعم لسنة 2011.
الأرقام التي نحوزها تشير إلى أن السكنات المتوقفة موزعة على مدن عين البيضاء بـ150 سكنا وعين مليلة بـ160 سكنا وأولاد حملة بـ110 سكنات وأم البواقي بـ60 سكنا وعين كرشة بـ30 سكنا وسيقوس بـ45 سكنا، أما السكنات التي لم تنطلق أصلا بها الأشغال فتتواجد بعين مليلة وكلف بإنجازها 5 مقاولين والذين لم ينطلقوا في الاشغال بسبب مشكل أرجعوه للأرضية التي اختيرت للسكنات بمخطط شغل الأراضي رقم 5.
تعطل مشاريع يدفع  للانسحاب الجماعي
المكتتبون في مختلف المشاريع السكنية سواء التساهمية أو بصيغة الترقوي المدعم كشفوا بأن عدم احترام مؤسسات الإنجاز والمرقين لآجال الإنجاز دفعهم للتفكير في الانسحاب الجماعي، وهو ما حدث مع صيغة الترقوي العمومي أين انسحب نحو 80 مكتتبا من المشروع بفعل التأخر الفادح في الإنجاز في الوقت الذي أمهل فيه بقية المكتتبين مؤسسة الترقية العقارية أشهرا للاطلاع على تقدم الأشغال أو الانسحاب والتوجه نحو صيغ أخرى.
مخاوف المكتتبين لم تتوقف عند المشاريع المسيرة من طرف مرقين خواص وامتدت بعد الترقوي العمومي لتشمل حتى مشاريع سكنات عدل بالولاية، فبعد فتح الاكتتاب سنة 2013 لم تنطلق الأشغال بالمشروع حتى قبل شهرين من اليوم، حيث أعطى الوالي إشارة انطلاق الأشغال، لكنها ظلت محتشمة على عكس الوتيرة التي انطلقت بها، كما  يتساءل المكتتبون في البلديات الصغيرة عن مصير سكناتهم على غرار 400 سكن الموزعة على بلديات عين ببوش وبسيقوس ومسكيانة وسوق نعمان، وكذا مصير 150 سكنا في كل من فكيرينة وقصر الصبيحي والضلعة، فالسكنات لم تنطلق بها الأشغال في الوقت الذي أثار عدد المكتتبين في المشروع مخاوف الكثيرين، فالحصة التي استفادت منها الولاية بلغت 2500 سكن أما عدد المكتتبين فتجاوز 2700 مكتتب.
 مرق يجمع أزيد من 5 ملايير سنتيم من مكتتبيه ويختفي وآخرون يغلقون مكاتبهم
من بين الأسباب التي أدت إلى تعطل وتوقف مشاريع سكنية هو أن البعض من المرقين رأوا حسب ما نقله مكتتبون، في إنجاز السكنات تجارة مربحة، فيكفيك بأم البواقي أن تنجز لوح إعلانات تضعه وسط المدينة وتفتح لك مكتبا ليتهافت عليك المكتتبون الذين يدفعون بكل الطرق سواء نقدا في المكتب أو على مستوى البنك، فهمّهم الوحيد الحصول على سكن يؤويهم وعائلاتهم بعد أن رفضت طلباتهم لسنوات عبر عديد الصيغ، ليصطدموا بعدها بفرار المرقي وغلق مرقين لمكاتبهم.
ومن خلال معاينتنا الميدانية فعشرات المكتتبين في مشروع وصفوه بالوهمي، ويتعلق بإنجاز 160 وحدة سكنية، باتوا يحتجون في كل مرة وكشفوا بأنهم اكتتبوا في مشروع على أساس سعيهم لإيجاد مكان مناسب يؤوي عائلاتهم، غير أنهم وبعد تسديدهم لمبالغ مالية متفاوتة تجاوزت حتى 300 مليون سنتيم للمكتتب الواحد، تفاجؤوا باختفاء المرقي الشاب الذي لم يتجاوز عمره 30 سنة، وباتوا بعد المطالبة بسكنات يطالبون باسترداد أموالهم، بعد توجههم لتقديم شكاوي جماعية للجهات القضائية، وهم اليوم يفكرون في تأسيس جمعية للدفاع عن حقوقهم أمام السلطات المعنية.
من جهته والد المرقي المختفي أكد بأنه يحوز توكيلا من ابنه لمتابعة سير العمل بالمؤسسة العقارية التي فتحها، وكشف الوالد مطمئنا المكتتبين الذين توجهوا للعدالة، بأنه سيعيد أموال المكتتبين بعد عرض القطعة الأرضية التي كان من المقرر لها أن تحتضن المشروع للبيع، وهو المخرج التوافقي الذي يرضي الجميع .
وفي مقابل ذلك لم يجد مكتتبون آخرون من يتحدث إليهم أو يعيد لهم أموالهم التي دفعوها لمرقين زج بهم رهن الحبس في قضايا نصب واحتيال، وأسسوا بذلك جمعيات يتواصلون بها مع مديرية السكن والسلطات الولائية.
مكتتبون انتظروا بلا جدوى لأزيد من عشرية
سارع مئات المكتتبين في مشاريع سكنية بمناطق مختلفة بالولاية لهيكلة أنفسهم في جمعيات ذات طابع بلدي سعيا لمتابعة وتيرة الأشغال في سكناتهم التي تحولت إلى ورشات مهجورة، ولم تبلغ نسبها ما علق عليه المعنيون طموحاتهم، وبقيت المشاريع معطلة لسنوات طويلة، ومن بين الجمعيات التي تنشط لاسترداد حقوق مكتتبيها في مشروع 120 سكنا تساهميا، جمعية المستقبل بعين البيضاء التي تترأسها هجريس سهام، وهي الجمعية التي رافقت المشروع منذ سنة 2009 حتى سجن المرقي الذي استفاد من المشروع، ليتم استخلافه بآخر والذي ذكرت بشأنه الجمعية أنه بات يطالب المكتتبين بدفع مبالغ إضافية دون تمكينهم من أي سند رسمي، وأجبرهم على تحرير تصريح شرفي وصفته الجمعية بغير القانوني إضافة إلى إدخال تعديلات على  المشروع بإضافة مكاتب لم تكن موجودة في المخطط الأول المتفق عليه مع مختلف الإدارات، وطالبت الجمعية بضرورة إبرام المرقي العقود مع المكتتبين وكذا الأخذ بعين الاعتبار التسبيقات المالية التي دفعها المكتتبون للمرقي السابق.
وبمدينة أم البواقي أسست الجمركية حناشي فتيحة جمعية للمستفيدين من مشروع 70 سكنا تساهميا بالمدينة الجديدة، وهي التي رافقت المشروع منذ تأسيسه ووقفت على حجم الاحتيال الذي تعرض له المكتتبون، ووجهت عدة مراسلات للوصاية مطالبة التدخل لدفع وتيرة المشروع الذي تحول هو الآخر لورشة مهجورة، وبعد انقضاء المهلة القانونية للجمعية منحت الصلاحيات لأحد المكتتبين لتجديد المكتب في الوقت الذي يظل المشروع الذي كان مقررا أن ينطلق سنة 2009 في وضعية غامضة.
وكشف مصدر من مديرية التنظيم بأن الإدارة تقترح في كل مرة على المكتتبين أن يهيكلوا أنفسهم في جمعيات للدفاع عن حقوقهم، مضيفا بأن الأعضاء إذا كانوا في نفس البلدية فالجمعية يعتمدها “المير”، وبين المعني بأن أغلب الجمعيات التي تدافع عن حقوق المكتتبين ظرفية ومؤقتة وتزول مع زوال الهدف غير محدد الآجال.

مديـر السكن بن يونس فضيل
كل مرق يتلقى دفعات مالية قبل إبرام العقد هو يحتال
يكشف المدير الولائي للسكن بأم البواقي بأن أغلب حالات النصب يتعرض لها المكتتبون في صيغة الترقوي الحر، ومن خلاله فقائمة المكتتبين في هذه الصيغة لا تصل لمديرية السكن والصلة التي تربط المكتتب بالمرقي هو عقد الموثق، ودور المديرية هو أنها تتدخل في حال ارتباط المشروع بالدولة على غرار مشاريع التساهمي وعدل وغيرها، على أن يتم تحويل قوائم المكتتبين على البطاقية الوطنية، ويبين المتحدث بأن الدفعة المالية التي يسددها المكتتب تدفع عند إبرام العقد على أن يكون للمشروع رخصة وقرار ضمان، وقبل ذلك فلا يحق لأي مرق عقاري أن يتلقى أموالا من أي مكتتب ووصف المدير الذي يحصل بقوله “هذا نوع من الاحتيال”.
وفي هذا الشأن بين المتحدث بأن المكتتبين يسددون نسبة 20 بالمائة كدفعة أولى عند إمضائهم على العقد، والباقي بعد تقدم الأشغال، والعدالة هي الفيصل في حال استلام المرقين أموالا قبل بلوغ مشاريعهم نسبة 20 بالمائة، مشيرا بأن العقوبة تصل حد الحبس، “فالدفعات المالية مقننة في الجريدة الرسمية والذي لا يحترم فالعدالة هي الفاصل، وما يحدث اليوم هو تحايل “ مضيفا أن العلاقة التي تربط أحيانا بين المرقين والمكتتبين أساسها التحايل.
وأكد مدير السكن بأن المرقي العقاري وعند سحبه رخصة بناء مشروعه الحر من البلدية، تتدخل المديرية وتدقق في اعتماد المرقي، وفي حال عدم حيازته على اعتماد يتم الاتصال بالوزارة الوصية، وأشار المتحدث بأن المديرية تتابع مدى مطابقة مشاريع الترقوي الحر للشروط القانونية وآجال الإنجاز لا تعنيها.
وبخصوص قضية المرقي الذي حوله المكتتبون في مشروعه الواقع  بعين البيضاء وأم البواقي للعدالة، فكشف المتحدث بأن تعويضه بالمرقي الجديد تم بقرار لجنة تقنية ولائية، والمديرية عند توقف الأشغال توجه إعذارين ثم تعرض الملف على اللجنة التقنية، ليفسخ حينها العقد عن طريق العدالة، وعن تحويل طبيعة رخصة البناء من إنجاز سكنات إلى إضافة محلات تجارية بين المسؤول الأول على القطاع بأن المرقي المعني يحوز رخصة بناء بها محلات، وهي تتابع المشروع بحسب ما تتضمنه رخصة البناء.
مديرة المؤسسة الولائية للترقية العقارية زروال نعيمة
80 مكتتبا انسحبوا من صيغة الترقوي العمومي
تكشف المديرة الولائية للمؤسسة الوطنية للترقية العقارية في ردها على التساؤلات التي نقلتها النصر على لسان المكتتبين في مشروع السكنات بصيغة الترقوي العمومي والذي لم تنطلق به الأشغال منذ سنة 2013، بأن نحو 80 مكتتبا انسحبوا من المشروع إلى جانب آخرين طلبوا تحويل ملفاتهم لولايات أخرى.
زروال نعيمة كشفت بأن الولاية برمجت بها سنة 2013 حصة تضم 1500 سكن بصيغة الترقوي العمومي، واصطدمت المؤسسة بمشكل الأرضيات وبعزوف المواطنين عن الاكتتاب بسبب شرط تجاوز الأجرة الشهرية للزوجين مبلغ 10.8 مليون سنتيم، ووصل العدد الإجمالي للمكتتبين في المرة الأولى 200 مكتتب، وعندما لم ينطلق المشروع انسحب 80 منهم إضافة إلى آخرين طلبوا تغيير وجهات اكتتابهم نحو ولايات أخرى، ليتم حصر التجربة في 50 سكنا، أين تم اختيار الأرضية بمخطط شغل الأراضي “ب” وهي اليوم في مرحلة إجراءات نقل الملكية.
وعن سبب الانسحاب من المشروع الذي ظل حلما يراود المكتتبين، كشفت المتحدثة بأن العديد من المكتتبين ملوا الانتظار بفعل عدم انطلاق الأشغال، وبعدها تم الشروع في وضع مخطط عمل يهدف إلى إنجاز 50 سكنا مع التركيز على الإشهار للحصة السكنية بتنظيم أبواب مفتوحة وتنقلات للتحسيس، فمن إجمالي حصة الولاية التي كانت مقدرة بـ1500 سكن انخفضت الحصة إلى 50 سكنا على أن تضاعف بعد الانطلاقة الفعلية للأشغال، وبينت المتحدثة بأن المؤسسة تعمل على أن تكون التجربة في الحصة التي ستنطلق بها الأشغال قريبا أفضل مما هي عليه في ولايات مجاورة.
مدير مشاريع وكالة عدل بأم البواقـي يطمئن
السكنات تم  اختيار أرضياتها وستنجز على 5 طوابق
 طمأن مدير مشاريع وكالة عدل بأم البواقي المكتتبين في البلديات الكبرى للولاية بأن كل المشاريع اختيرت الأرضيات لتشييدها، والمرحلة الحالية تتعلق بالإجراءات الإدارية وتسوية وضعية العمال على غرار مشروع 500 سكن بأم البواقي.
المتحدث أضاف بأنه وبمدينة أم البواقي تم تثبيت المقاولة المستفيدة من المشروع، ويتعلق الأمر بمؤسسة الإخوة ناصري التي استفادت كذلك من مشروع إنجاز 550 سكنا بعين البيضاء، كما تم إسناد  حصة 500 سكن بعين مليلة لمؤسسة بزالة من باتنة ، فيما أسند مشروع إنجاز 250 سكنا بعين فكرون للشركة الوطنية كونستروب أست بأم البواقي أما 200 سكن بعين كرشة فالمناقصة الأولى انتهت لعدم الجدوى وتم الإعلان عن إجراء مناقصة جديدة.
محدثنا الذي رفض الحديث عن الحصص الصغيرة لمختلف بلديات الولاية ، كشف بأن بمدينة أم البواقي اختيرت بها  أرضية لإنجاز 500 سكن أخرى إلى جانب حصة 500 سكن التي أحيطت بالسور الخارجي، كما تمت إحاطة موقع عين مليلة ، فيما تواجه أرضية موقع عين البيضاء مشاكل مع معارضين رفضوا إنجاز السور الخارجي.

الرجوع إلى الأعلى