تعتـــــبر غيــر أتـــباعها "كـــــــفارا" و لا تــــؤمن بأن محمــــدا خاتـــــم الأنبـــــــياء
توالت مؤخرا أخبار أتباع الطائفة الأحمدية بالجزائر، و تبيّن أن نشاط هذه الفرقة الضالة بإجماع علماء الدين، امتد من المدن إلى القرى، ليجرف معه فلاحين و تجار و بطالين و حتى أساتذة أعلن بعضهم عن التوبة، لكن عددا منهم لا يزالون يتبعون طائفة تقوم على رفع رجل وُلد في الهند، قبل مئة سنة، إلى مقام الأنبياء، بل و يتخذّون لهم “أمير مؤمنين” باكستاني يقيم بلندن و لا يتكلم العربية، و هو ما يحيل إلى التساؤل، كيف استطاعت هذه الجماعة بأفكارها التي تتناقض بوضوح مع ثوابت الإسلام، أن تنتشر في بيئات محافظة و تتغذى بسهولة من الجهل.
إستطلاع : ياسمين بوالجدري
رغم غياب إحصائيات دقيقة حول عدد مريدي الطائفة الأحمدية في الجزائر، إلا أن الأكيد أنها لا تزال تحاول الامتداد و التغلغل أكثر في المجتمع، بدليل اكتشاف مصالح الأمن لأتباع جدد خلال الأشهر القليلة الماضية و خصوصا بالولايات الواقعة بالجهة الشرقية، فبعد قسنطينة و المسيلة و ميلة جاءت ولاية سكيكدة، التي تبيّن أنها تضم عدة أفراد من هذه الجماعة معظمهم فلاحون و بطالون بدأوا في الانضمام إليها منذ سنة 2001، و اتخذوا من إحدى قرى الولاية معقلا لهم، تحت إمرة كبيرهم المعروف بين السكان بمستواه التعليمي و المعرفي المحدود.
أفكار أحمدية تدخل بيوت الجزائريين عبر بوابة "النيلسات"
و تظهر تصريحات بعض التائبين أن العديد منهم غرّر بهم بسبب عدم الإلمام بتعاليم الدين الإسلامي، مثلما حصل لأستاذ فيزياء في الطور الثانوي من ولاية المسيلة، قال إنه انجرف خلف هذه الجماعة عن طريق قناة فضائية تسمى «أم.تي.أن»، و التي تروج لأفكار غريبة، اكتشف فيما بعد أنها تتناقض مع العقيدة الإسلامية، و تكمن خطورة هذه القناة في كونها متاحة دون تشفير عبر القمر الاصطناعي “نيلسات»، ما سهل دخول أفكار هذه الطائفة لبيوت الجزائريين، و قد اعترفت إحدى التائبات أنها شاهدت هذه الفضائية من باب الفضول في بداية الأمر، لكن الخطاب “الإسلامي” المستعمل في القناة جعلها تنجذب تدريجيا إليها، إلى أن بايعت “الخليفة الخامس” ميرزا أحمد مسرور الذي يتخذ من إنجلترا مقرا له.

كما تحولت شبكة الأنترنت إلى فضاء سهل لنشر أفكار هذه الطائفة، إذ يكفي الدخول إلى الموقع الالكتروني لما يسمى بـ “الجماعة الإسلامية الأحمدية»، للوقوف على تطور منهج عملها و مدى تنظيمه، فزيادة على احتوائه على عشرات الخطب و الفتاوى و “الحقائق” الغريبة، حول المسيح الدجال و الجن و الملائكة و غيرها من الغيبيات، يتضمن الموقع في نسخته العربية، ما يزعم الأحمديون أنها “دلائل” على أن الميزرا غلام أحمد هو «الإمام المهدي» و «المسيح الموعود»، كما يتيح للزوار، بعث رسائل إلكترونية إلى “أمير المؤمنين” المزعوم عبر “المكتب العربي” للطائفة.
و يظهر نشاط هذه الجماعة أيضا في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، الذي دعا عبره أحد أتباعها الجزائريين، إلى تفجير الملاعب، و هو ما جعل السلطات الأمنية تتنبه إلى خطورة طائفة الأحمدية التي تعتبر غير مريديها، كُفارا، حتى لو كانوا مسلمين، لذلك فهم لا يؤدون صلاة الجمعة خلف الإمام لأنهم يعتبرونه كافرا، إضافة إلى اعتقادات غريبة و دخيلة على المجتمع الجزائري، كُشف عنها خلال جلسات محاكمة مريدي الأحمدية.
و بالإطلاع على استمارات «المبايعة» الخاصة بالطائفة الأحمدية، يتضح أن هذه الأخيرة لا تستهدف الأفراد فحسب، بل العائلات، حيث صُممت في شكل استمارة مبايعة جماعية لأفراد الأسرة، تتضمن بياناتهم الشخصية و تفاصيل أخرى، كما تحتوي الوثيقة على ما يشبه التعهد الشرفي، الذي يلزم صاحبه باحترام تعاليم هذه الجماعة بعد التعهد بالعمل بعشرة شروط، من بينها إطاعة من يسمونه الإمام ميرزا غلام أحمد المولود في بداية القرن التاسع عشر بمنطقة البنجاب الهندية.
 و أمام هذه المعطيات الجديدة التي أصبحت مدعاة قلق للسلطات، انتقلت مصالح الأمن، مؤخرا، من مرحلة الترصد و المراقبة إلى التدخل، بتوقيف أتباع الأحمدية و تقديمهم أمام العدالة بتهمة جمع تبرعات دون رخصة و الانخراط في جمعية غير معتمدة، خصوصا أن هذه الطائفة تعتمد طريقة تسديد الاشتراكات و تقديم الأموال للمعوزين، فيما سبق لوزير الشؤون الدينية و الأوقاف محمد عيسى، أن أكد أن هذه الحركة دخيلة على الجزائر حتى و إن لم تكن ذات طابع خطير و قال إن  بلدا غربيا هو الذي يسيرها لحسابه، دون أن يذكر اسم هذا البلد.

المختص في مقارنة   الأديان الدكتور محمد بوالروايح للنصر
الأحمديـــة صنيعة الغرب  و أتباعهـــا يُبيحون المخــــدرات و يسيرون بقرآن مُحـــرّف
يؤكد الدكتور محمد بوالروايح أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، أن نشاط الطائفة الأحمدية بالجزائر بدأ يتراجع، لكنه أكد على وجوب التصدي لدعاتها و تطوير الخطاب الديني، إلى جانب حجب قناة فضائية كان لها دور كبير في التغرير بعشرات الجزائريين، مضيفا أن خطر هذه الطائفة لا يقتصر على المس بالعقيدة، بل يمتد إلى تأثيرات اجتماعية و سياسية أخرى.
و ذكر الدكتور بوالروايح الذي أعدّ أبحاثا عن الطائفة الأحمدية، أن منهج هذه الجماعة جاء في كتابات المرزا أحمد غلام و تحديدا في مؤلفه “حقيقة الوحي”، الذي يعتبر أن الأحمدية تمثل الإسلام «تمثيلا حقيقيا»، كما قال فيه إن النبوة الأحمدية هي الصحيحة، و هنا أكد الدكتور أنه ينبغي التفريق بين طائفتي الأحمدية القاديانية و الأحمدية اللاهورية التي تحمل بعض عقائد الأحمدية القاديانية، لكنها تختلف معها في أمور أخرى، كما أنها بقيت معزولة بالمناطق التي ظهرت فيها، عكس القاديانية التي انتشرت في دول العالم.
و يضيف الدكتور أن أهم ما تعتقد به الطائفة الأحمدية القاديانية، أن النبوة لم تنته، و هو أمر مخالف للعقيدة الإسلامية التي من أساسياتها أن محمد صلى الله عليه و سلم خاتم الأنبياء و الرسل، و الذي بمجيئه اكتمل الدين مصداقا لقول الله تعالى «اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا»، و الأدهى من ذلك، يؤكد المختص في مقارنة الأديان، أن المرزا أحمد غلام الذي عاش في الهند في القرن التاسع عشر و أسس هذه الجماعة انطلاقا من مدينة قاديان، يعتبر أن ختم النبوة كان به، و يدعي أن ذلك كان في تجليات يزعم أنها تدل على أنه “المسيح الموعود” و “الإمام المهدي”، حيث ادعى أن المسيح صُلب و لن يعود مرة أخرى، و ذلك تمهيدا لأن يُهيئ لنفسه البيئة للادعاء بكونه المسيح و بأن طائفته هي المذهب الإسلامي “البديل”، مخالفا بذلك لما جاء في القرآن و السنة، بأن المسيح عليه السلام سينزل في آخر الزمان ليحكم بشريعة الإسلام.
و ما يميز الطائفة الأحمدية القاديانية أيضا أنها نزلت في بيئة هندية ثم انتقلت إلى بيئات أخرى و استقرت في لندن عاصمة المملكة المتحدة، بعد أن أخذت مذهبها من مزيج من العقائد الإسلامية و الوثنية السائدة في الهند، و حتى من النصرانية، بإدعائه بأنه “المسيح الموعود” و “ابن الله”، كما أن أكثر ما يلفت الانتباه، برأي الدكتور بوالروايح، هو أن أتباع هذه الطائفة يكفرون الطوائف و المذاهب الأخرى و من بينهم المسلمون الذين لا يتبعون مذهبهم، بل أن الحج الذي يعتبر من أركان الإسلام الخمسة، لا يكتمل عندهم إلا بـ “الحج” إلى قرية قاديان الواقعة في منطقة البنجاب بالهند.
و الأدهى من ذلك كله، يضيف الأستاذ، أن هذه الطائفة تؤمن بـ “قرآن أحمدي” فيه إضافات على القرآن الكريم في شكل “آيات” يزعم مؤسس الطائقة المرزا أحمد أنه ألهم بها، بل أنه يدعي أن هناك آيات في القران تخاطبه هو و ليس محمد عليه الصلاة و السلام، بما يعد كفرا صريحا، حسب الأستاذ.
و أضاف الدكتور أنه من المعروف تاريخيا بأن الطائفة الأحمدية صنيعة الانجليز، فقد لقيت مباركة من الاحتلال البريطاني كونها تحرّم الجهاد بل و تعتبر المقاومة الفلسطينية غير شرعية و توجه الإطراء للكيان الصهيوني، حيث هيأ لها الانجليز منذ القرن التاسع عشر، فرص التوسع خارج الهند، بعدما لم تلق القبول داخله و حتى بقرية قاديان التي تأسست بها، لأن الطوائف الدينية البرهمية و المسلمين السنيين الوسطيين كانوا، حسب محدثنا، متمسكين بعقائدهم، و هي مفارقة لطائفة تدعي أنها حققت نجاحات خارج أرضها رغم أنها مهزومة داخلها.
و يحذر الأستاذ بأن الطائفة الأحمدية لا تشكل خطورة على العقيدة فحسب، بل تهديدا اجتماعيا و سياسيا، فهي تجيز تعاطي المخدرات و أكل لحم الخنزير، ما يجعل مواجهتها مبررا قانونا و شرعا، لأنها تهدد أيضا الوحدة العقدية و تستهدف، كما أكد، مختلف الطبقات الاجتماعية و المعرفية، حيث لا تزال تحاول الامتداد قدر الإمكان داخل المجتمع الجزائري، مستغلة جميع الوسائل، و لعل أخطرها القناة الفضائية «آم.تي.آن» بالعربية، التي دعا إلى حجبها، خاصة أن هذه الطائفة تركز على الإعلام و إظهار ما تعتبره نقاط قوة في مذهبها، مع توظيف المال الديني في إطار جمعيات خيرية. الأستاذ بوالروايح الذي يقوم حاليا بتأليف كتاب تحت عنوان “إعلام العوام بما في العقائد الأحمدية من أوهام»، دق ناقوس الخطر من أجل استنفار كل الهيئات الدينية و الثقافية و السياسية و التصدي للطائفة الأحمدية حفاظا على المرجعية الدينية، لكنه قال إن ذلك لا يتحقق إلا بتطوير الخطاب الديني و أيضا الإعلامي لينقل الرؤية الإسلامية الصحيحة، خاصة أن الأحمدية تعتمد على إعلام راق و خطاب إعلامي متوازن و متخصِّص، كان سببا مباشرا في تحقيق كثير من انتصاراتها و مكاسبها، رغم ذلك فإن الوجود الأحمدي في الجزائر بدأ يتراجع، يضيف الأستاذ، و أصبح أتباعها معزولين أكثر، مؤكدا أنه لن يكون لها وجود إذا تم تكثيف الجهود لمحاربتها.

الرجوع إلى الأعلى