كشف وزير الاتصال حميد قرين، أمس الثلاثاء، بأن مشروع قانون سبر الآراء جاهز و سيقدم للبرلمان القادم لمناقشته و إثرائه و المصادقة عليه ليدخل حيز التنفيذ و يضع حدا للجدل القائم حوله منذ عدة سنوات.  
و أضاف الوزير خلال إشرافه على ندوة بجامعة 8 ماي 45 بقالمة حول حق المواطن في معلومة موثوقة، بأن طلبات كثيرة تصل الوزارة من طرف جزائريين و أجانب لإجراء سبر للآراء حول عدة قضايا وطنية لكن القانون المنظم للعملية غير موجود في الوقت الحالي و لا يمكن الترخيص لأي جهة كانت بإجراء هذا النوع من التحقيقات قبل صدور القانون الذي يضبط العملية و يعطيها المصداقية المبنية على شروط و مقاييس محددة، موضحا بأن بعض الأجانب يرون بأن الشعب الجزائري متعطش لسيل متدفق من المعلومات و عمليات كثيرة لسبر الآراء حول عدة قضايا و قطاعات حيوية و لذا فهم يصرون على إجراء تحقيقات حول هذه القضايا لكن التشريعات الحالية لا تسمح بهذا.   
و قلل حميد قرين من أهمية عمليات سبر الآراء و قال بأن النتائج التي تتوصل إليها ليست دائما صحيحة و واقعية بل هي مجرد تكهنات و آراء و استدل على ذلك بالانتخابات الرئاسية الأمريكية التي خالفت نتائج سبر الآراء عندما رشحت هيلاري كلينتون للفوز و الحقيقة كانت فوز دونالد ترامب.  

الإشهار لن يذهب مستقبلا لمؤسسات إعلامية لا تحترم قانون العمل

وعاد حميد قرين للحديث عن قضية الإشهار العمومي و الضغوطات التي تمارسها بعض وسائل الإعلام الوطنية الخاصة قائلا بأن بعض أعضاء الحكومة يتعرضون لهجوم و ضغوط و حملات مكثفة بسبب الإشهار العمومي، مضيفا بأن الإشهار لن يذهب مستقبلا لمؤسسات إعلامية لا تحترم قانون العمل و حقوق موظفيها و في مقدمتهم الصحافيون المحرومون من التصريح لدى صناديق الضمان الاجتماعي و محرومون أيضا من عقود العمل القانونية التي تسمح لهم بالحصول على بطاقة الصحفي المحترف.  
و قال وزير الاتصال بأنه لا يفرق بين المؤسسة الإعلامية العمومية و المؤسسة الإعلامية الخاصة في مجال الإشهار العمومي، لكنه من غير المقبول ترك مؤسسة إعلامية تحترم القانون تعاني أزمة مالية و ندعم مؤسسة أخرى لا تصرح بموظفيها و صحافييها و لا تعطيهم حقوقهم المهنية و الاجتماعية.  
و تحدث حميد قرين عن مؤسسة إعلامية خاصة لم يذكرها بالاسم عندما قال بأن المشرفين عليها تقدموا بطلب للحصول على الإشهار العمومي و بقائمة تضم أكثر من 100 صحفي لكن بعد التحقيق تبين بأن الصحافيين المصرح بهم و الحائزين على عقود عمل قانونية لا يتجاوز الخمسة صحافيين واصفا سلوك المشرفين على هذه المؤسسة بالمشين و المنافي للمبادئ و القيم.  

التكوين و الترويج لصورة الجزائر رهان يجب تحقيقه  

و شدّد وزير الاتصال على ضرورة مواصلة برنامج التكوين من خلال الدورات و الندوات المستمرة لتحسين قدرات العاملين في هذا القطاع الذي وصفه بالحيوي و الهام، مؤكدا بأن الوزارة وصلت اليوم إلى الندوة التكوينية رقم 17 بعد أول ندوة عقدت بقسنطينة في ديسمبر 2015 و تبعتها دورات و ندوات أخرى أشرف عليها متخصصون في الإعلام من داخل و خارج الوطن.  
وحسب المتحدث فإن برنامج التكوين المقترن بإجراءات تنظيم قطاع الإعلام بالجزائر أفرز نتائج إيجابية على أرض الواقع حيث بدأ الأداء المهني يتحسن و الشعور بالمسؤولية ينمو لدى الصحافيين و الاحترافية تتعزز باستمرار.  
وكشف حميد قرين عن مشروع مشترك مع وزارة التربية الوطنية لإدراج مادة الإعلام و الاتصال في برامج التعليم لتمكين التلاميذ من معرفة مبادئ الإعلام و نوع المعلومة و حتى يصبحوا قادرين على التفريق بين الخبر الموثق الصحيح و بين الإشاعة، مؤكدا بأن المجتمع الجزائري مازال متعطشا لمزيد من المعلومات، لكنه لم يعد قادرا على قبول المعلومة الإيجابية الهادئة و لم يعد يقرأها و أصبح يفضل المعلومة السيئة فقط و يتجاوب معها كما يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي التي قال بأن 70  بالمائة من محتوياتها مجرد إشاعات.  

هامش الحرية الذي يتمتع به الصحافيون في الجزائركبير جدا

و حث الوزير الصحافيين على بذل المزيد من الجهد و التحلي بالاحترافية و الحصول على تكوين جيد لتلبية حاجيات المواطنين من المعلومات الموثوقة، مؤكدا بأن هامش الحرية الذي يتمتع به الصحافيون في الجزائر كبير جدا حتى أن بعض الأجانب أصبحوا مندهشين من المجال الإعلامي المفتوح و حرية الرأي التي وصلت عندنا إلى حد القذف و المساس بحرية الأشخاص و المؤسسات دون عقوبات و حواجز مقيدة لهذه الحرية التي نادرا ما نجدها لدى شعوب أخرى، داعيا رجال الإعلام إلى عدم الانسياق وراء الإشاعات و المعلومات غير المؤكدة قائلا « عندما تأتيكم المعلومات الساخنة عليكم أن تكونوا أكثر برودة».     
و إلى جانب رهان التكوين و الانتقال بالصحافة الجزائرية إلى مصاف الاحترافية قال حميد قرين بأن هناك رهانا آخر يجب على الصحافة الوطنية عمومية و خاصة أن تتحمله و هو الترويج لصورة الجزائر في الخارج، مؤكدا بأن هذا المشروع جاهز لكن تطبيقه على أرض الواقع يحتاج إلى إمكانات مالية كبيرة و هياكل سياحية ضخمة ربما تكون متوفرة بعد سنتين أو ثلاث و عندها ستبدأ وزارة الاتصال في إنجاز مشروع الترويج الكبير بالتنسيق مع وزارة السياحة و قطاعات أخرى معنية بتحسين صورة الجزائر في الخارج و الدفاع عنها.  

  القمر الصناعي «آلكوم سات» سيطلق السنة القادمة بطاقة تصل إلى 50 قناة تلفزيونية  

و بخصوص البث الإذاعي و التلفزي بالجزائر و اعتماد القنوات الخاصة، قال حميد قرين بأنه سيتم إطلاق القمر الصناعي الجزائري للاتصالات «آلكوم سات» السنة القادمة و هو قمر يعمل بتقنية متطورة و قدرة بث عالية و يمكنه استقبال 50 قناة تليفزيونية.  
و يتوقع وزير الاتصال نهاية مشكل البث و القنوات الخاصة بالجزائر، مؤكدا بأن قطاعه مستعد لمنح الاعتماد لمزيد من القنوات الخاصة في المستقبل وفق دفتر شروط محدد فيه واجبات و حقوق كل الأطراف المعنية.       
و في رده على انشغالات الصحافيين بخصوص قانون التقاعد الجديد قال حميد قرين بأنه يستبعد إدراج مهنة الصحافة ضمن المهن الشاقة المستثناة من القانون المثير للجدل، مؤكدا بأن مهنة الصحافة تعد من أشرف و أرقى المهن في العالم و الصحافي له مكانة كبيرة ربما تضاهي مكانة رئيس الجمهورية و لا يمكن أن نقارنه بعامل البناء و عامل أفران الحديد و قطاعات مهنية أخرى أشد صعوبة.    
و بالرغم من ذلك يضيف وزير الاتصال، يجب الاعتراف بأن مهنة الصحافة بالفعل مهنة المتاعب و الضغوط النفسية و الفكرية المرهقة و المؤثرة على الصحة، لكن من المستبعد أن تدرجها اللجنة الخاصة بإعداد قائمة المهن الشاقة غير المعنية بقانون التقاعد الجديد الذي أثار موجة احتجاجات واسعة لكنه أصبح أمرا واقعا و دخل حيز التطبيق بداية السنة الجديدة و مازال العاملون في قطاع الصحافة يأملون في إدراج المهنة المتعبة ضمن المهن الشاقة بالنظر إلى المخاطر التي تواجه العاملين بالقطاع من الناحية الصحية.   

أدعو وسائل الإعلام إلى حث المواطنين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع

و في ختام مداخلته أمام طلبة الإعلام بجامعة قالمة، دعا وزير الاتصال حميد قرين وسائل الإعلام الوطنية العمومية و الخاصة إلى حث المواطنين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم 4 ماي 2017 للإدلاء بأصواتهم و المشاركة في الموعد الهام حتى و لو أدى بهم الأمر إلى وضع الأوراق البيضاء في الصناديق إذا لم يقتنعوا بالمرشحين.  
و قال حميد قرين، بأن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية سنة 2012 لم تتجاوز 40 بالمائة تقريبا لكن هذا لا يعني بأن النسبة المتبقية و المقدرة بنحو 60 بالمائة كانت رافضة للعملية و مقاطعة لها بل كانت نتيجة لسلوكات عفوية اعتاد عليها الجزائريون في المواعيد الانتخابية حيث يغتنمون هذه الفرصة للخروج في نزهة و زيارة الأقارب، و قدر المتحدث نسبة المقاطعة الإرادية سنة 2012 بنحو 5 بالمائة فقط، خلافا لما تم الترويج له آنذاك بخصوص ارتفاع نسبة المقاطعة و مدى تأثيرها على مصداقية الهيئة التشريعية.   

  فريد.غ   

الرجوع إلى الأعلى