عز الدين جلاوجي يقدم تجربة جديدة ركحا وكتابة
صدر منذ أيام للأديب والروائي عز الدين جلاوجي، كتاب «مسرح اللحظة/ مسرديات قصيرة جدا»، عن دار المنتهى بالجزائر، و قدم فيه خمسة عشر نصا  قصيرا ،لا يتجاوز كل نص  خمس صفحات، وقد طرح في هذه النصوص، قضايا تخص الإنسان والحياة، كالحنين والزمان والمكان والعلاقات الإنسانية.
 النصوص يمكن أن يستمتع القارئ بقراءتها، لأنّها مطعمة بالسرد ولذا سماها مسرديات قصيرة جدا، وهي شكل جديد في الكتابة، و في ذات الوقت، سماها مسرح اللحظة، وهو أيضا مصطلح جديد يؤسس لشكل جديد من المسرح، حاول الأديب في مقدمته النظرية أن يحدد بعض ملامحه، منها مثلا أنّه يتصف بالتكثيف في اللغة والحدث والشخصيات التي لا تتجاوز غالبا الثلاث تقدم في مشهد واحد قد لا يتجاوز عرضه ربع ساعة لذا سُميَّ «مسرح اللحظة»، وهو يتجاوز الخشبة فيمكن أن يقدم في أي مكان: الشوارع، المقاهي، الجامعات، المعابد وحتى القطارات، وكلّ تجمع بشري.
وقد ربط الأديب جلاوجي في مطلع كتابه، تجربته الجديدة بالحياة بقوله «وبمثل ما إن الحياة كلّها هي مسرحية كبرى، فإنّ كلّ لحظة فيها يمكن أن تكون مسرحية أيضا،.. إنّ الإنسان يفكر ويحلم ويندفع للفعل، وهو حينما يفعل فإنّما هو يمسرح أحلامه وأفكاره، وقد تقول اللحظة واللحظات القليلة ما لا يمكن أن تقوله الأزمنة الطويلة، كأنّ هذه مضغوطة في تلك، وكأنّ لا بلاغة إلاّ في الإيجاز على حد قول أسلافنا».يذكر أنّ الأديب جلاوجي قد أطلق قبل سنتين، مشروعا جديدا في كتابة المسرح، أطلق عليه اسم «المسردية»، وهو مصطلح نحته من كلمتين هما: «سرد+مسرح»، أسس به لشكلٍ جديد في كتابة المسرح بطعم السرد، مما يجعل النص بصريا سردا، يستفيد من تقنيات الوصف والسرد، ويتمرد على الإرشادات الإخراجية التي عادة ما تعيق قراءة النص، وتُحصر وظيفته في الخشبة، طبعا دون أن يفقد ابن الفنون المدلل - كما يسميه- خاصية التمسرح، بمعنى أنّ كلّ مشتغل على الخشبة،  يمكن أن يأخذ النص بيسر إلى التجسيد على الركح.وقد لقيّ هذا الكتاب احتفاء من النقاد والباحثين، فتفاعلوا معه، مصطلحا وتنظيرا ونصا، علما أنّ الأديب قد قدم للساحة ثماني مسرديات منّها «أحلام الغول الكبير»، «البحث عن الشمس»، «الأقنعة المثقوبة»، «هستيريا الدم»، «غنائية الحبّ والدم»، وغيرها. وقدم لها بتوطئة نظرية تُعرف بتجربته الجديدة، وفي الجزائر وربّما في دول عربية أخرى نُوقشت كثير من الرسائل الجامعية طبقت عن هذه النصوص، وقاربت هذا الشكل الجديد من الكتابات.
علما أنّ الدكتور عز الدين جلاوجي الذي يشتغل أستاذا جامعيا، يخوض غمار التجريب الأدبي عبر كلّ ما صدر له والذي بلغ أكثر من ثلاثين كتابا، في فنون مختلفة: النقد، الرواية، والمسرحية/المسردية، والقصة والكتابة للطفل: مسرحا وقصة. وهو في كلّ ذلك يرسم عالمه الخاص الذي يتميز به انطلاقا من اعتماده اللغة الشعرية واستلهام التراث والتنويع في الفنون والغزارة في الإنتاج ومعانقة الهم الإنساني.                       
نوّارة/ل

الرجوع إلى الأعلى