لا أمارس الفن من أجل المال وأطمح للشهرة عربيا
قال الممثل محمد الطاهر الزاوي، الفائز بجائزة أحسن دور رجالي في الطبعة 12 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف الذي احتضنه مؤخرا مسرح محي الدين بشطارزي بالعاصمة، بأن النصوص العالمية القوية  تغري أي فنان بتجسيدها بعد تكييفها مع واقع بلده،
حــاورتــه: إلهــام طالـب
مشيرا أن الاقتباس  ظاهرة متجذرة في تاريخ المسرح الجزائري و العالمي، لكن الأولوية، كما أكد ابن باتنة، يجب أن تكون دائما للنصوص المسرحية الجزائرية، معربا عن أسفه لأن ذات النوعية الجيدة قليلة،  رابطا الإقبال المحدود للجمهور الجزائري على المسرح،
إلى نقص أو انعدام الدعاية للعروض، و نقص الثقافة المسرحية و الفنية، كما تحدث في حواره مع النصر، عن آرائه حول اقتباس النصوص من الروايات الجزائرية، و الجائزة التي افتكها في مهرجان المسرح المحترف و رغبته في تحقيق النجاح و الشهرة في الوطن العربي، لإثراء مسار 27عاما، قضاها في المسرح و السينما و التلفزيون ببلادنا.
. النصر : حدثنا عن انطباعك عندما تم الإعلان عن فوزك بجائزة أحسن دور رجالي في الطبعة 12 لمهرجان المسرح المحترف..
ـ محمد الطاهر الزاوي : كنت سعيدا بالجائزة التي حصلت عليها في مهرجان يعتبر واجهة للمسرح الوطني، بصراحة لم أتوقع في البداية الفوز، و عندما استمعت إلى آراء الزملاء و المختصين و اقترب موعد الاختتام ، تمنيت بقوة افتكاك الجائزة، لأنني بذلت جهدا كبيرا في تقمص دوري في مسرحية «العطب»، الحمد لله تحققت أمنيتي.
. هل هذه أول جائزة تتوج بها في مهرجان المسرح المحترف؟
ـ لا.. إنها ثالث جائزة، فقد سبق لي و أن نلت جائزة أحسن دور رجالي، و كذا جائزة أحسن دور ثان في هذا المهرجان.
أفضل النص الجزائري على الاقتباس
. ما هو دورك في مسرحية "العطب" التي أنتجها مسرح باتنة؟
ـ قبل كل شيء أود أن أشير إلى أن «العطب» نص مسرحي للكاتب السويسري الألماني فريديريك ـ دورينمات، المعروف بكتابة الروايات و المسرحيات، و هو من اقتباس نوال كعباش و إخراج فوزي بن إبراهيم الذي أضفى عليه قراءة ركحية و إخراجية مميزة، أثريت بمهارة الممثلين، مع المحافظة على عنوان النص الأصلي، و الفلسفة الإنسانية التي يمررها.  دوري هو محرك الأحداث، فأنا رجل أصيبت سيارته بعطب ليلا، أثناء مروره بقرية نائية، و لم يجد مكانا يأويه سوى بيت أحد سكان القرية. و عندما توجه إليه، فوجئ بوجود ضيوف آخرين في البيت، و اكتشف بأن علاقة صداقة و زمالة تربطهم بصاحب البيت. و لم يلبثوا أن دعوه لمشاركتهم لعبة كانوا بصدد ممارستها هي عبارة عن محاكمة افتراضية، باعتبارهم قضاة و محامين متقاعدين، و اختاروه لأداء دور المتهم، فتنسج أحداث المسرحية من هذا المنطلق، و سرعان  ما يستغل القضاة خبرتهم ، لافتكاك اعترافات عديدة حول حياته الخاصة، و يستدرجونه إلى أن يعترف بأنه كان سائقا بسيطا في مجمع اقتصادي، و تزوج من ابنة مالك المجمع، ثم تسبب في مقتله ليستولي على المجمع و كل ثروته..
.هل اعتمدت على الارتجال في تقمص الشخصية؟
ـ النص اقتباس ركحي و يمكن للممثل أن يضيف للشخصية التي يتقمصها، بعد أن يدرسها جيدا، بعض الأشياء التي تخدمها ، و يكون ذلك أثناء التدريبات تحت إدارة المخرج و موافقته. إن العمل مع المخرج فوزي بن إبراهيم ممتع، فهو ديمقراطي، يستمع لآراء الممثلين و يتيح لهم الفرصة لإضفاء لمساتهم على الأدوار، من أجل إنجاح العمل. هذه ثاني مسرحية أقدم فيها عملا مع هذا المخرج الشاب بعد «مستنقع الذئاب» في 2011 من إنتاج مسرح باتنة و التي توجت بجائزة أحسن إخراج و نلت فيها جائزة أحسن دور رجالي.
. ما رأيك في الطبعة 12 من مهرجان المسرح المحترف؟
ـ أعتبر هذه الطبعة طبعة الممثلين بامتياز، فقد تألق فيها الكثير من الممثلين، سواء القدامى المعروفين أو الشباب الجدد. أما المسرحيات التي عرضت، فهي متباينة المستوى بشكل صارخ، فهناك مسرحيات جميلة من حيث الإخراج و الأداء و كل عناصر العرض، و أخرى تحسب على مسارح لها باع في المجال و مخرجين بارزين، لكنها فاشلة بكل المقاييس.
نقص الدعاية و الثقافة وراء عزوف الجمهور عن العروض
. ما رأيك في المسرحية المتوّجة في المهرجان «ما بقات هدرة» لمسرح سكيكدة ؟
ـ بصراحة ، لم أشاهدها، لأنني تغيبت يومين عن فعاليات المهرجان، لكنها جماهيريا لا بأس بها، رغم أنها أثارت الكثير من الجدل لدى المختصين، حيث سمعت أن شخصياتها الكاريكاتورية و طريقة كلامها و حركاتها فوق الركح، تكون قد «أخذت» من مسرحية روسية .
ـ هل الإقبال على اقتباس نصوص مسرحية أجنبية يعني أن هناك فقر في النصوص الجزائرية أم هو ركوب لموجة أو موضة؟
ـ الاقتباس من أعمال عالمية ليس جديدا، و هو رائج في مسارح مختلف الدول و ليس بلادنا فقط. إن النص العالمي المبني دراميا بشكل قوي،  يغري أي مخرج بتقديمه، طبعا مع الحرص على إسقاطه على المجتمع و تكييفه مع الواقع المعيش، لكي يرى المواطن فيه نفسه، بآماله و آلامه، لكنني ـ  شخصياـ  أفضل النص الجزائري، إذا كان جميلا ركحيا و قويا، عموما إشكالية الاقتباس طرحت في الكثير من الملتقيات، و قد أكد وزير الثقافة مؤخرا في ختام الطبعة 12 لمهرجان المسرح المحترف، بأن الأولوية في الإنتاج المسرحي ستعطى، من هنا فصاعدا، للنصوص المسرحية الجزائرية . هذا جيد،  لكن للأسف في الواقع نجد نصوصا كثيرة، لكن ذات النوعية المنشودة  قليلة، و لو أن مسرحا اختار نصا و اشتراه  من المؤلف لينتجه، فهذا يعني أنه سيصبح ملكه، و لا يستطيع أي مسرح آخر أن يشتريه أو يقدمه لأكثر من ثلاث سنوات قادمة، حسب القانون الساري المفعول. بالتالي لابد من النظر بعين الاعتبار لنقص النصوص الجيدة و التحفيز على التكوين و الإبداع في هذا المجال. من جهة أخرى، فإن الاقتباس المسرحي من روايات جزائرية ناجحة، يمكن أن يكون حلا آخر لإنقاذ المسرح من شح و ضعف النصوص المعروضة،  إذا تم الاقتباس على يد مختصين.
أفضل المسرح على السينما و التلفزيون
. هناك عزوف ملحوظ من الجمهور عن المسرح، فالعديد من العروض تقدم في قاعات شبه شاغرة، ما هو السبب في هذه الظاهرة التي تشمل أيضا نشاطات ثقافية و فنية أخرى؟
ـ بالنسبة للمهرجانات كمهرجان المسرح المحترف، فإنه حدث وطني كبير جلب الجمهور، و بعض المسرحيات كالعرض الفرجوي الممزوج بجرعة فكاهة لا بأس بها «طرشاقة» لأحمد رزاق ، جذب المتفرجين، لأنه قريب من المواطن العادي و رافقته دعاية كبيرة، فحققت المسرحية نجاحا جماهيريا كبيرا. و بالتالي فإن «الماركيتينغ» و الدعاية هامان لاستقطاب المتفرجين، لكن في الواقع نلاحظ أنهما ناقصان و يعتبران أكبر إعاقة أمام العديد من الأعمال،  بينما من السهل تعليق إعلانات في بوابة المسرح و وسط المدينة، أو نشرها عن طريق الإذاعة أو التلفزيون، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي فعالة في هذا المجال، و لابد من استغلالها في تمرير مثل هذه الرسائل، و تبقى الدعاية الأكبر هي الأحاديث المباشرة بين الناس حسب رأيي. هناك أمر آخر، لا بد من أخذه بعين الاعتبار، و هو أن تركيبة المجتمع تغيرت، و كذا قناعات أبنائه و علاقتهم بالمسرح، و يعود ذلك إلى نقص الثقافة و العزوف عن المطالعة، خاصة لدى الشباب، و لو تحدثنا إلى أي أحد في الشارع، فسنجد أن ثقافته المسرحية و السينمائية و الفنية عموما، بسيطة جدا. إن اهتمام الجمهور منصب في شؤون حياتية أخرى، لا علاقة لها بالثقافة و المسرح، إلا من رحم ربك، و الإشكالية مطروحة و لا بد أن ينظر إليها بجدية، لأنها تنعكس على أمور أخرى نفسية و أخلاقية و تربوية و اجتماعية و اقتصادية.
. إلى جانب أعمالك المسرحية، تألقت في السينما و التلفزيون في عدة أدوار هامة، مثل «عيسات إيدير»، «فرسان الأهقار» ، «الشتاء الأخير» ، «الأشقياء» و غيرها.. آخرها، كما أعتقد، دور والد العلامة عبد الحميد بن باديس في الفيلم الذي أخرجه باسل الخطيب، في أي نوع فني تشعر بالارتياح أكثـر؟
ـ  حاليا أجد راحتي في الأنواع الثلاثة، لكنني أعتبر المسرح هو الأم و المنبع الذي أعود إليه دائما، أفضله عن كل شيء آخر، و عندما  أقف فوق الركح  أستمتع كثيرا، لقد عدت إليه بفضل مسرحية «العطب» بعد غياب ثلاث سنوات. بداياتي في الفن كانت ركحية، و ذلك في سنة 1991 ، حيث قدمت أول دور مسرحي مع فرقة آفاق المسرح لمدينة باتنة، و بالموازاة مع المسرح، أتيحت لي لاحقا فرص المشاركة في أعمال تليفزيونية و سينمائية كثيرة.
. هل تختار أدوارك أم هي التي تختارك؟
ـ أكيد، هناك معايير لا أتنازل عنها مهما حدث، حفاظا على تاريخي و مكانتي. عندما أتلقى عرضا لا أوافق عليه مباشرة، أطلب السيناريو و أقرأه كاملا، و إذا أعجبني و وجدت أن الدور المقترح يناسبني و يتماشى مع مبادئي و يخدمني، أوافق و العكس صحيح، عموما 90 بالمئة من الأدوار التي عرضت علي محترمة و مناسبة.
تجسيد النصوص الجزائرية ركحيا يعيد الجمهور إلى أحضان أبي الفنون
. هل تدقق في اختيار أدوارك رغم أن الإنتاج عموما مناسباتي و شحيح؟
ـ الحمد لله أنا و العديد من زملائي لدينا مهنة أخرى، فأنا مهندس متخصص في الإعلام الآلي أعمل في الملاحة الجوية، و بالتالي لدي دخل أعيل به أسرتي و الفن ليس مصدر رزقي، ما يسمح لي بالتدقيق في انتقاء الأعمال، رغم قلتها. و بالتالي أختار أدواري بأريحية و ليس هي التي تختارني، و أمارس التمثيل عن حب و ليس من أجل المال. بصراحة أنا أشفق على زملائي الذين يسترزقون من الفن وحده و أول سؤال يطرحونه على من يعرض عليهم دورا ، كم يدفعون له كمقابل، و عندما أتحدث إليهم أعذرهم عندما لا يضعون بعين الاعتبار مستوى العمل و نوعيته، لأن الإنتاج قليل و لا دخل لهم سوى من الفن .

. تعاملت مع مخرجين عرب أخرجوا أفلاما و مسلسلات جزائرية، على غرار الأردنيين كمال اللحام و باسم المصري و السوريين هيثم الزرزوري و باسل الخطيب، هل عرضوا عليك المشاركة في أعمال ببلدانهم؟
ـ أتمنى فعلا المشاركة في أعمال عربية من إخراجهم ، كما وعدوني ، لكنني لحد اليوم لم أتلق أي عرض منهم.
. هل ستشارك في فيلم «أحمد باي» للمخرج جمال شرجة ؟
ـ التقيت بالمخرج الإيراني و المنتجة سميرة حاج جيلاني في الصيف بالعاصمة و تحدثنا عن الفيلم،  لحد الآن لم يتم الاتصال بي.
. مشاريعك..
ـ أكيد سنقدم عروضا أخرى لمسرحية «العطب» ربما خلال جولة عبر الوطن لأن أول عرض لها كان في مهرجان المسرح المحترف، بالنسبة للتلفزيون، تم الاتصال بي مؤخرا من أجل المشاركة في مسلسل، وسأسافر إلى العاصمة لأطلع عن قرب على العمل.      إ/ ط

         

 
              

الرجوع إلى الأعلى